القاهرة :منذ عشر سنوات ولجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى ترفض كل الطلبات التي يقدمها المهندس ابو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط، وفي كل مرة يتقدم بدعوى لمحكمة الأحزاب، ووصل عدد المحاولات الى أربع. وكلما حاول الحزب تطوير برنامجه لدرجة ضم أقباط، وعدد من النساء إليه، يؤكد للنظام أنه ليس واجهة للإخوان المسلمين، وهي الشكوك التي انتابته في البداية، لأن القادة المؤسسين كانوا من الجماعة وانشقوا عنها، والنظام نفسه اقتنع فعلا بأنهم شيء مختلف عن الإخوان، لكنه لا يزال مصرا على الرفض، مما طرح عدة اسئلة مثل: إذا كان النظام يريد القضاء على شعبية الإخوان، فلماذا لا يسمح بظهور من يسحبها منهم؟ أم أنه يخشى انضمام الجماعة الإسلامية والجهاد إليهم وتشكيل خطر عليه؟ وطالما أن النظام يريد تحجيم الإخوان وليس القضاء عليهم فلماذا لا يسمح لحزب الوسط بالظهور ربما يكون له دور كبير في تحجيم الإخوان وتفتيت جماهيرهم. يقول الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين: 'إن هذا النظام هش وضعيف وحزبه لا وجود له وليس له أي تأثير ولا يقدر على منافسة الآخرين منافسة شريفة وموضوعية وهو متفرد بالسلطة ومستأثر بالحكم وليس لديه اي استعداد لتداول السلطة لا اليوم أو غدا، او بعد غد، لذلك هو يخشى الإخوان وتأثيرهم وجماهيرهم، ويعمل على تحجيمهم وإضعافهم من خلال حملات الاعتقال المستمرة والمنظمة لأنه يشعر أنهم يمثلون خطرا حقيقيا عليه ويهددون بقاءه واستمراره في السلطة. والنظام إذا رأى أي حزب أو فصيل آخر سيكون له وجود أو تأثير فعلي أو انتشار كجماعة الإخوان فسيفعل معه نفس الإجراءات فلذلك هو يخشى من حزب الوسط ويحاربه ويمنع ظهوره. واشار الدكتور محمد حبيب الى ان المشكلة ليست في الإخوان لأنهم ملتزمون بالشرعية ولا يخرجون على القانون، وإنما المشكلة في النظام الذي يحاول ان يعزلهم عن الأحداث ويقطع الصلة بينهم وبين الأحزاب والقوى السياسية حتى لا تتحد مع الإخوان أو يتم التنسيق بينهم في العمل لأنهم بذلك يمثلون خطورة عليه. وعن موقف جماعة الإخوان المسلمين من حزب الوسط. يقول النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين: 'موقفنا من الوسط واضح وظاهر، فهم في مكان ونحن في مكان آخر، ونتمنى لهم التوفيق والسداد، والمسألة في تصورنا ليست في تشكيل حزب، وإنما في إضافة رقم الى الأرقام الموجودة حاليا، والمشكلة تكمن في المناخ السياسي السيئ والتضييق على الأحزاب، ولا أتكلم عن برامج الأحزاب وجديتها، وإنما عن القياد التي يضعها النظام على الأحزاب فيمنعها من التأثير، ونحن في مصر لدينا أحزاب ضعيفة لا يسمع بها أحد وليس لها أي تأثير، ورغم ذلك فالنظام لا يتركها بل يفتتحها ويفجرها من الداخل، فهو يعمل على تفتيت الأحزاب مثلما فعل مع حزب الوفد والغد والجبهة، فجميع القوى والأحزاب يمارس عليها ضغوطا حتى تقبل بما يلقي اليها من فتات، فضلا عن أنها لا تمثل معارضة حقيقية حتى تضمن أن تعيش بجانب النظام. وعن تأثير حزب الوسط إذا سمح له بالعمل على جماهير الإخوان وشعبتهم وهل من الممكن أن يستقطب جماهيرهم بعيدا عنهم؟ قال الدكتور محمد حبيب: حزب الوسط لن يكون له تأثير مطلقا على شعبية الإخوان وجماهيريتها. وعما إذا كان من الممكن أن يحاول الإخوان الاستيلاء على حزب الوسط؟ قال: ان الإخوان لا يفكرون في ذلك مطلقا وهذا أمر مستبعد جدا. وعن الاسباب التي جعلت النظام يصر على منع حزب الوسط من العمل وعدم تفكير النظام في محاربة الإخوان به: يقول ابو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط: إن فكرة التحول الجاد نحو الإصلاح السياسي غير موجودة لدى الدولة وقد تكون هناك أحزاب جادة وإصلاحية وستلتف حولها الجماهير، والنظام يرى ان هذا خطر عليه ويهدد بقاءه واستمراره في السلطة، وبالتالي فهم يمنعون قيامه من المنبع حتى لا يواجهوا مشاكل كبيرة في المستقبل، فهم ليسوا جادين في عملية الإصلاح السياسي. وعما إذا كان من الممكن ان يستقطب حزب الوسط جماهير الإخوان بعيدا عنهم؟ قال أبو العلا ماضي : 'نحن نرى أن جماهير الإخوان لا تصلح للعمل السياسي لأنهم يعدون كدعاة وليسوا كسياسيين، فليس لديهم الخبرة السياسية الكافية التي تؤهلهم للعمل السياسي. وعما إذا كان من الممكن أن يحاول الإخوان ان يستولوا على حزب الوسط قال، 'نحن لن نسمح ابدا ان يخترق الإخوان حزب الوسط أو أن يستولوا عليه'. وفي ظل منع الجماعة الإسلامية والجهاد من العمل السياسي والدعوي هل من الممكن أن ينضما الى حزب الوسط إذا ظهر ويعملا من خلاله؟ قال ابو العلا ماضي 'إذا كان الإخوان في أغلبهم وبخبرتهم لا يصلحون للعمل السياسي فما بالك بالجماعة الإسلامية والجهاد وهم دون الإخوان فهذا الأمر مستبعد أيضا'. وعن الاسباب التي تجعل النظام لا يفكر في خطط بديلة لتحجيم الإخوان بدلا من الاعتقالات مثل السماح لحزب الوسط بالعمل ومنافستهم: يقول الدكتور كمال حبيب الباحث في شؤون الحركة الإسلامية: 'إن النظام يفكر في خطط بديلة ولكنه من الواضح انه يخاف من أن يعمل الإسلاميون وفق قواعد اللعبة السياسية ومن ثم فهو متردد في اعطاء حزب للإسلاميين كما هو الحال بالنسبة لحزب الوسط رغم فكره المعتدل، ويمكن ان يسحب مساحة كبيرة من تحت اقدام الإخوان، ولا تزال آلة القمع هي الأهم، لأن الأمن هو الذي يتولى ملف الإخوان المسلمين، وباعتباره أحد مكونات البيروقراطية المصرية الأمنية فان عمله يستند إلى المواجهة والقمع وتلفيق القضايا والسجن والاعتقال. وأكد الدكتور كمال حبيب على أن 'ملف الإسلاميين لو كان يدار من جانب جهة سياسية لاختلف الأمر، كما ان النظام في حالة ارتباك شديد ولا يمكنه التفكير بروية لكي يخطط لعمل الإسلاميين'. وعما إذا كان حزب الوسط إذا ظهر من الممكن أن يكون منافسا قويا للإخوان ومن الممكن أن يستقطب جماهيرهم بعيدا عنهم: قال الدكتور كمال حبيب 'إذا ظهر حزب الوسط فانه يكون أحد المنافسين الكبار لجماعة الإخوان، وأعتقد ان قطاعا كبيرا من جماهير الإخوان من الممكن ان ينضموا الى حزب الوسط خاصة قطاع الشباب والطلاب وبعض قطاعات المرأة من الجامعات'. وعما إذا كان من الممكن أن يسيطر الإخوان على حزب الوسط إذا ظهر: قال الدكتور كمال 'لا أظن ان الإخوان يمكنهم ان يسيطروا على حزب الوسط لأن قادة الحزب تربوا في داخل الإخوان وأولاد مدرسة واحدة ويعرفون كيف يتعامل بعضهم مع بعض ولدى قادة الوسط تجارب مرئية من داخل الإخوان ستمكنهم من كف يدي الإخوان عن الحزب'. وهل من الممكن ان ينضم أعضاء الجماعة الإسلامية والجهاد الى حزب الوسط؟ قال 'مسألة انضمام الجماعة الإسلامية والجهاد الى حزب الوسط أراه أمرا مستبعدا لأن الجماعتين حتى بعد مراجعاتهما، لهما خط فكري اكثر تحفظا مما يقدمه حزب الوسط، فهم لا يزالون سلفيين بمعنى ما، بينما يتجه حزب الوسط بقوة نحو إسلام اكثر تكيفا مع الحالة المصرية ومع الواقع'. أما الشيخ عصام دربالة عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية وأحد قادتها التاريخيين فيقول عن عدم تفكير النظام في محاربة الإخوان بحزب الوسط: 'إن النظام لا يريد ان يكون التيار الإسلامي موجودا في الملعب السياسي، بل ويريد طرد الإخوان منه، وهذه وجهة نظر خاطئة لما تمثله من عدم الاستفادة من هذا التيار في تكوين مستقبل الوطن وهو ما لا يوفر عوامل استقرار مستمرة. وأشار دربالة إلى أن القائمين على النظام يرون في وجود التيار الإسلامي وأطروحاته خطورة على بقائهم واستمرارهم في السلطة لوجود شعبية كبيرة لهذا التيار وسط الشارع المصري. والبعض الآخر له رؤية اخرى، فهم يرون ان أطروحات التيار الإسلامي ستؤدي الى تفتيت الوطن وستشق وحدته وستكون لها اضرار بالغة وسلبية بشأن استقرار البلاد ووحدتها لما يرون من أطروحات التيار الإسلامي أو بعض فصائله بشأن الأقباط والأقليات وبعض القضايا الخارجية مثل القضية الفلسطينية وإسرائيل، وعلى التيار الإسلامي ان يبين أطروحاته التي تنفي مثل هذه الرؤية حتى يزيل تلك الشبهات من أذهان البعض. وعن احتمال ان يستقطب حزب الوسط جماهير الإخوان قال الشيخ عصام دربالة 'إن هذا الأمر مشكوك فيه وهذا يتوقف على أطروحات حزب الوسط وبرنامجه'. وعما إذا كان من الممكن ان يستولي الإخوان على حزب الوسط قال دربالة 'لا أظن ذلك لأن القائمين على حزب الوسط لا ينصاعون لحركة الإخوان'. وهل من الممكن أن تنضم الجماعة الإسلامية الى حزب الوسط في ظل منعهم من ممارسة أي نشاط سياسي؟ قال عضو مجلس شورى الجماعة 'المسألة بالنسبة للجماعة الإسلامية لا تنحصر في المشاركة في العمل السياسي من خلال حزب أو المشاركة في الانتخابات البرلمانية وغيرها، ولكن العمل السياسي أوسع وأشمل من ذلك والجماعة تمارس العمل السياسي بهذا المفهوم الواسع بما تراه مناسبا لهذا الأمر'. القدس العربي محمد نصر