لو سمعت طرقا على الباب وقلت من الطارق... فقال...أنا! لو سمعت نداء باسمك وقلت من المنادي...فقال...أنا! لو استيقظت ذات صباح فوجدته أمامك وقلت من أنت...قال...أنا! لو رفعت السماعة وقلت من المتحدث...فقال...أنا! لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا وقال ها أنا فكيف حالك؟ هذه الخاطرة وقعت في قلبي موقع الماء البارد على عطش الصحراء، كانت خاطرة تتسع وتتسع وعجز صدري عن حملها ورفض وجداني حبسها، خرجت دون وعي تتمدد خارج الزمان والمكان تبحث عن مأوى آخر يسعها، أردت مشاركتها مع القارئ العزيز لعله يحمل معي قسطا من هذا الثقل، وجزء من هذا الشيء الذي سميته حبا... انطلقت الخاطرة من مشهد تلفزي جميل..، كان لقاء مع شخصين...كان الأول تاجرا بسيطا، توجه إليه المقدم وقال له لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامك ماذا كنت فاعلا؟ صمت الرجل وبهت...استعظم الموقف... خاف اللقاء ثم قال بصوت يبكي أنا لا أصلي ثم سكت واجما... وتوقف معه كل شيء... فأعاد المقدم : لو كان رسول الله أمامك...تواصل الصمت ثم أجهش بالبكاء وقال أقبل رجليه حبا له... وكثر النحيب... اللقاء الثاني كان مع تاجر آخر، شاب في مقتبل العمر، وكان نفس السؤال...لم يجب الرجل الذي كانت تظهر عليه علامات التدين...ثم أجهش بالبكاء... تصور الحدث فلم يسعه عقله، فغاب الصوت إلا من حشرجة غير مفهومة إلا بصعوبة... أمنيتي في الحياة أن أزور قبره في الحج لكن اليد قصيرة ولا أظنني فاعلا لا أظني فاعلا طال الزمان أو قصر.. وعلا الصوت بالبكاء... توقف الزمن لحظة وتوقفت الشاشة وتوقف ذهني وغلبتني العبرات...ماذا كنت فاعلا لو كان الرسول أمامك... قلت دون ترو كثير: لا أستطيع الإجابة... هل اتبعت هديه كما أراد؟ هل حملت هموم أمته كما دعا ؟ هل نصرت المظلوم وبخست الظالم كما نادى أم كنت لشهادة الزور أقرب؟ هل أخلصت هل أخلصت هل أخلصت؟؟؟ سوف أستحي.. لعلي أخاف.. لعلي أهرب.. لعلي أرتمي في الأحضان أعانق وأقبل... نعم أحب محمدا صلى الله عليه وسلم وأعشقه لأنه كان حبا خالصا ورحمة خالصة وتفان في خدمة الناس من أجل سعادتهم في الدارين... نعم أحمد الله أنه كان النموذج حيث سقطت كل النماذج الكاذبة والمرجعيات المغشوشة والقيادات الزائفة والمزيفة، كانت لحظات غريبة وعجيبة، دخلت دون استئذان ولا حتى معقولية، نسيت فيها نفسي ونسيت العالم من حولي نسيت الأهل والعشيرة والولد... بعيدا عن الكذب، عن الافتراء، عن مشاهد العقم والبؤس والفساد وسقوط القيم، كل شيء كان ساكنا أو يكاد.. كنت ذرة في فلك يسبح كله عاليا دون وجل : صلى الله على محمد.. كلنا يحمل جزء من محمد مهما تعددت المرجعيات والرؤى البعيدة والقريبة... كلنا يربطه خيط حريري رفيع مع هذا الرسول الكريم...كلي كنت محمدا...صلى الله عليه وسلم أكتوبر 2009 د.خالد الطراولي [email protected]