الرباط - قضت محكمة مغربية بالسجن 4 سنوات مع وقف التنفيذ وغرامة على صحفي ورسام كاريكاتير بجريدة "أخبار اليوم" بتهمتي "الإخلال بالاحترام الواجب للأمير" و"إهانة العلم الوطني" على خلفية نشر رسم كاريكاتيري يخص حفل زواج أحد أفراد العائلة الملكية بالمغرب، وبهذا يرتفع عدد الصحفيين الصادرة بحقهم أحكام بتهم مماثلة في أقل من أسبوعين إلى 7 صحفيين ينتمون لثلاث صحف مستقلة بينهم 3 مديري تحرير. وصدر حكم الغرفة الجنحية بابتدائية الدارالبيضاء مساء الجمعة 30-10-2009 بالسجن 3 سنوات موقوفة التنفيذ لكل من توفيق بوعشرين مدير جريدة "أخبار اليوم" اليومية المستقلة، وخالد كدار، رسام الكاريكاتير بالجريدة ذاتها، مع دفع غرامة قدرها 50 ألف درهم (6.5 ألف دولار) لكل واحد منهما، ودفع غرامة تعرف باسم "عطل ضرر" وقدرها 3 ملايين درهم (392 ألف دولار) مناصفة بين المتهمين مع نشر منطوق الحكم بجريدتين وطنيتين بالعربية وجريدتين وطنيتين بالفرنسية على نفقة الاثنين وتحميلهما مصاريف الدعوة. طالع: * أحكام الحبس تعود بحق صحفيي المغرب * "أساليب ملتوية" لإسكات الصحفيين ب10 دول عربية * حرية الصحافة في المغرب (حوار مباشر) وجاء هذا الحكم بعد إدانة المذكورين بتهمة "الإخلال بالاحترام الواجب للأمير" على خلفية نشر رسم كاريكاتيري في الصحيفة يومي 26 و27 سبتمبر الماضيين حول "احتفال العائلة المالكة بحدث ذي طابع خاص" وهو زواج الأمير مولاي إسماعيل (ابن عم الملك) من أنيسة لهمكهول، وهي مواطنة ألمانية اعتنقت الإسلام، ويظهر الكاريكاتير الأمير إسماعيل تبعا للطريقة التقليدية المغربية في حفلات الزفاف على منصة خشبية عليها بعض النقوش على شكل نجمة داود، وفي الخلفية علم المغرب وجزء من نجمته الخضراء. كما قضت ذات المحكمة بسنة حبسا موقوفة التنفيذ لكل منهما، وغرامة مالية ب100 آلاف درهم (13 ألف دولار) مناصفة بينهما، وإخلاء مقر اليومية نهائيا بتهمة "المشاركة في إهانة العلم الوطني" مع تحميل المتهمين نفقات الدعوى، التي كانت قد رفعتها وزارة الداخلية ضدهما. النطق بالحكمين وقع بعد 3 أيام فقط من إصدار المحكمة الابتدائية بالرباط حكما بسنة حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة ب10 آلاف درهم (1.309 ألف دولار) في حق علي أنوزلا، مدير نشر صحيفة "الجريدة الأولى" المستقلة ب3 أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية ب5 آلاف درهم بحق الصحفية بوشرى الضوو بتهمة "نشر نبأ زائف بسوء نية وادعاءات ووقائع غير صحيحة والمشاركة في ذلك"، طبقا للفصلين 42 و68 من قانون الصحافة، على خلفية نشر الجريدة مقالا عن صحة الملك محمد السادس بعنوان "مرض الملك يؤجل الدروس الحسنية وانتقاله إلى الدارالبيضاء". وكان القصر الملكي أعلن في 26 أغسطس الماضي أن العاهل المغربي وضع في نقاهة لمدة 5 أيام بسبب إصابة "لا تثير أي قلق على صحته" بعد وصول فيروس إلى الجهاز الهضمي، دون مزيد من التفاصيل عن طبيعة المرض. وعلى نفس الخلفية قضت محكمة مغربية يوم 15-10-2009 بالسجن النافذ سنة ونصف على إدريس شحتان، مدير أسبوعية "المشعل"، وعلى الصحفيين مصطفى حيران ورشيد محاميد من الجريدة نفسها بالسجن النافذ 3 أشهر. ونشرت الصحيفة ملفا بالعدد 226 عن الحالة الصحية للملك تصدره عنوانا جاء فيه: "المشعل تكشف خلفيات بلاغ القصر حول مرض الملك الذي هز الرأي العام الوطني والعالمي.. هل يتعلق الأمر بمرض خطير أم بوعكة صحية عادية؟". اعتذار واعتراف ولم تشفع رسالة الاعتذار التي بعث بها توفيق بوعشرين للأمير لتبرئته من تهمة الإساءة في رسم الكاريكاتير، الذي أعادت نشره صحيفة "لوموند" الفرنسية يوم 23-10-2009. ونفى بوعشرين، في رسالة عممها على وسائل الإعلام، أي نية لديه كمدير للجريدة أو لدى الصحفي خالد كدار، رسام الكاريكاتير، للإساءة إلى الأمير إسماعيل كواحد من أفراد الأسرة الملكية، أو للعلم الوطني الذي يوجد بطبيعته كرمز للأمة خارج أي مجال إعلامي أو سياسي. وقال بوعشرين: إن "خط تحرير جريدة أخبار اليوم التي أشرف على إداراتها، كان حريصا دائما على الابتعاد عن القذف أو التشهير أو الإساءة لأي أحد"، آملا في أن يقبل "سمو الأمير هذا الاعتذار من أجل طي هذه الصفحة المؤلمة نهائيا، مع التأكيد مرة أخرى على الاحترام الواجب الذي نكنه لجميع أفراد الأسرة الملكية، وكذا التزاماتي الأخلاقية تجاه المهمة التي ننتمي إليها واتجاه ضميرنا المهني، واتجاه جميع قرائنا". كما لم يشفع اعتراف أنوزلا، مدير نشر صحيفة "الجريدة الأولى"، بالخطأ في نشر خبر عن صحة الملك بعد الوعكة الصحية، التي صدر بشأنها بلاغ رسمي، يؤكد أنها "لا تدعو إلى القلق" لتبرئته أيضا. ونفى "أنوزلا" كذلك وجود سوء النية أو أي خلفية أخرى وراء ما كتب، وقال إن الاعتبارات المهنية هي التي تحكمت في كتابة الموضوع، كما أن كل المهن معرضة للخطأ. "لا رجعة" وتعقيبا على هذه التطورات حذرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية من أن الاستمرار في "نهج التضييق على الصحافة والمتابعات القضائية يشكل تهديدا للمكتسبات التي جعلت بلادنا تحظى بموقع متميز في لائحة البلدان التي تسير ضمن الديمقراطية وحقوق الإنسان". وأضافت في بيان صدر بهذا الخصوص أنه "حان الوقت لفتح ورش وطني (نقاش عام) من أجل وضع برنامج شامل لاحترام أخلاقيات المهنة وتطوير آليات التنظيم الداخلي لمراجعة وتقييم الأداء المهني في كل مؤسسات الصحافة والإعلام"، وأعلنت النقابة إطلاق حملة وطنية تحت شعار "لا رجعة عن حرية الصحافة، نعم لأخلاقيات المهنة". منظمة "مراسلون بلا حدود" (منظمة دولية غير حكومية تعني بشئون الصحفيين وحرية الصحافة) عقدت من جانبها مؤتمرا صحافيا الأربعاء 28-10-2009 في باحة فندق رويال المنصور بالدارالبيضاء للتنديد بهذه الأحكام المتعاقبة. وقال جان فرانسوا جوليار، أمين عام المنظمة، خلال المؤتمر: "حضرت مراسلون بلا حدود لتعبّر عن دعمها للصحفيين المغاربة الذين يواجهون اليوم وابلا من القضايا وتضامنها مع إدريس شحتان، مدير النشر في جريدة المشعل، القابع في السجن حاليًّا". وهدد جوليار برفع الأمر إلى وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون قبل زيارتها الرسمية الأولى إلى المغرب للمشاركة في منتدى المستقبل في مدينة مراكش يومي 2 و3 نوفمبر المقبل بغية إطلاعها على "الصعوبات التي يواجهها الإعلام في المغرب". وكانت مراسلون بلا حدود قد صنفت المغرب في تقرير جديد لها في الرتبة 127 من بين الدول التي لا تحترم حرية الصحافة. وبنبرة شديد اللهجة، رد خالد الناصري، وزير الاتصال المغربي على انتقادات منظمة "صحفيون بلا حدود"، معتبرا أنها تخص المغرب بمعاملة "مسيئة"، وأنها تركز على "الطمس الممنهج لكل إيجابياتنا، وهو الأمر الذي لا يمت لأخلاقيات المهنة بصلة". وأضاف أن المغرب "دولة مؤسسات وقوانين، ويعد من أكثر البلدان العربية والإسلامية والإفريقية في مستوى حرية التعبير والصحافة"، مستدلا على ذلك بوجود 1200 جريدة أجنبية يتم بيعها بكل حرية بالمملكة؛ "حيث يمكن طبع الجرائد الأجنبية فيه بلا مشاكل". إسلام أون لاين.نت السبت. أكتوبر. 31, 2009