الجزائر:دخلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية أزمة غير معلنة، في أعقاب التطورات التي شهدها محور الجزائر- باريس، خاصة في ظل التسريبات التي تتحدث عن إلغاء الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، جميع الزيارات الرسمية للديبلوماسيين الجزائريين إلى فرنسا، وكذا ابلاغ وزارة الخارجية الجزائرية، نظيرتها الفرنسية، برفض السلطات العليا في الجزائر، زيارة وزير الداخلية الفرنسي بريس هورتوفو، الذي كان قد قدم طلبا للقيام بزيارة عمل إلى الجزائر، الأمر الذي يوحي بالتوتر الشديد الذي يميز علاقات البلدين في الآونة الأخيرة، على خلفية عدم رضا بوتفليقة عن سياسة ومواقف فرنسا ازاء بلده، لا سيما وأن ملف علاقات البلدين يضطلع به شخصيا نظرا لحساسيته. وتمر الجزائروفرنسا حاليا بأزمة ديبلوماسية صامتة، بدأت بوادرها بعد إلغاء لقاء هام بين وزير الخارجية مراد مدلسي، ونظيره الفرنسي برنارد كوشنير، كان مبرمجا على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الشهر الماضي، حيث كان ينتظر أن يتناول موضوع التوتر القائم في العلاقات بين البلدين، وكذا مناقشة إمكانية إعادة برمجة الزيارة المرتقبة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى باريس، ولم يصدر حينها أي إعلان رسمي يشرح أسباب أو حيثيات إلغاء اللقاء الثنائي. ويعتبر إلغاء اللقاء بين كوشنير ومدلسي مفاجأة، برأي المتابعين للشأن الديبلوماسي، على اعتبار أن الكثيرين كانوا يعولون عليه لإذابة الجليد المترسب على محور الجزائر- باريس، وحل المشاكل العالقة التي تدفع على التوتر، وكذا العودة إلى الديناميكية التي عرفتها العلاقات سواء في عهد الرئيس السابق جاك شيراك، أو خلال السنة الأولى من حكم الرئيس نيكولا ساركوزي، وكان السفير الفرنسي في الجزائر اكزافييه دريانكور هو من أعلن عن هذا اللقاء قبل عدة أيام خلال زيارة قام بها إلى غرب البلاد. واعتبر مصدر سياسي جزائري مطلع، أن صفقة الفرقاطات التي ألغتها الجزائر مع فرنسا وتفضيلها اقتناء فرقاطات من إيطاليا، لا سيما أن الصفقة المذكورة بإمكانها الحفاظ على حوالي 40 ألف منصب شغل في الورشات البحرية لمدة سنتين، يعتبر أحد أهم الأسباب الكامنة وراء الفتور الفرنسي، علاوة على الإجراءات التي أقرتها حكومة أويحي من أجل الحد من تنامي نشاط الاستيراد، مما انعكس سلبا على النشاط التجاري الفرنسي تجاه الجزائر، ودفع وزير التجارة الفرنسي لانتقاد اجراءات الحكومة الجزائرية. وذكر نفس المصدر أن الصفقات الكبيرة التي بإمكان دول الجنوب التي تعيش وضعا ماليا مريحا من إبرامها، تعد احدى الأوراق الرابحة لأي مرشح في انتخابات قادمة في الدول المتطورة صناعيا واقتصاديا، والتي لا تزال تعاني وضعا صعبا بسبب الأزمة المالية العالمية. و أضاف المصدر أن الشركات الفرنسية العاملة في السوق الجزائري لا تعمل على نقل التكنولوجيا، كما أنها تقوم باستيراد كل ما تحتاجه من فرنسا، سواء تعلق الأمر بتجهيزات أو بخبرة. وكان الرئيس بوتفليقة منذ مجيئه الى قصر المرادية في العام 1999، قد سعى لتقديم امتيازات عديدة للفرنسيين، من أجل ربح استثماراتهم وتكنولوجيتهم، حيث تمكنت العديد من المؤسسات الفرنسية كانت على حافة الافلاس، من الفوز بمشاريع مغرية في الجزائر، مكنتها من النهوض مجددا، على غرار مؤسسة السكك الحديدية. الا ان ما سماها منتقدو بوتفليقة ب"التنازلات" لاسيما في المجال اللغوي، لم يجد نفعا وتحول بوتفليقة الذي يصفه البعض بصديق الفرنسيين الى أول خصم لهم.