أخبار المال والأعمال    ينتظم الأسبوع القادم بحضور رئيس الحكومة منتدى تونس للاستثمار تحت شعار «تونس، حيث تلتقي الاستدامة والفرص»    أسعار بيع الحبوب المزارعون ينتظرون التسعيرة الجديدة ويأملون الترفيع فيها    تونس صقلية منتدى حول فرص الاستثمار والتبادل في مجال الصناعات الغذائية    طاقة مستقبلية واعدة ..الهيدروجين الأخضر .. طريق تونس لتفادي العجز الطاقي    مرابيح البريد التونسي تفوق 203 ملايين دينار سنة 2023..    زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب هذه المنطقة..    أخبار النادي الإفريقي: تأجيل الجلسة الانتخابية ومسؤولية تاريخية للحكماء والسوسيوس    كيف سيكون طقس اليوم؟    وفاة شاب بصعقة كهربائية في سليمان..    تقرير: علامات التقدم في السن تظهر على بايدن في الاجتماعات الخاصة مع قادة الكونغرس    عاجل/ إطلاق نار في محيط السفارة الأمريكية ببيروت..    هام/ انطلاق الدورة الرئيسية لامتحانات البكالوريا..عدد المترشحين وسن أكبر مترشح..    بين القيروان وسوسة: وفاة شخصين في اصطدام لواج بشاحنة ثقيلة    بالفيديو: عراك تحت قبة البرلمان التركي بين نواب حزبين    بطولة رولان غاروس للتنس: سينر وألكاراز يضربان موعدا في نصف النهائي    تزامنا مع الحج.. طلاء أبيض لتبريد محيط مسجد نمرة    اليوم: انطلاق الدورة الرئيسية لامتحان الباكالوريا    الكونغرس الأمريكي يوافق على مشروع قانون لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية    لشبهات غسيل الأموال ..الاحتفاظ برجل الأعمال حاتم الشعبوني    لقاء يجمع وزير الصّحة بنظيره المصري    وفد صيني يزور مستشفى الرّابطة ويتعرف على التّجربة التّونسية في مجال طب وجراحة القلب والشّرايين    المنستير ..7463 مترشّحا للباكالوريا    وزارة التربية حسمت الجدل ..منع الكوفية لا يستهدف القضية الفلسطينية    السّواسي... كان عائدا بعد صلاة الصّبح ..وفاة مؤذن نهشته كلاب سائبة    مبابي يستعد لمقاضاة باريس سان جيرمان    بورتريه .. جو بايدين... الضّائع    استفسار حول تأثير التطعيم    حصة تونس السنوية من صيد التن الاحمر تقدّر ب3 آلاف طن    سيول .. رئيس الحكومة يلتقي رئيس موريتانيا    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بالكريب    تأخير النظر في القضية المرفوعة ضدّ البحيري مع رفض الإفراج عنه    رئيس الجمهورية يهتم بمشروع تنقيح عدد من فصول المجلة التجارية المتعلقة بنظام التعامل بالشيك    بوادر صابة القمح الصلب واللين محور لقاء رئيس الدولة بوزير الفلاحة و كاتب الدولة    تصفيات مونديال 2026 - المنتخب التونسي من اجل الفوز الثالث على التوالي والمحافظة على الصدارة    الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف: مشاركة 4 أفلام تونسية 2 منها في المسابقة الرسمية    تونس الثقافة والأدب والموسيقى تشع في الصين من خلال زيارة رئيس الجمهورية    في ندوة حول الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي: "ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي يشرّع لانتهاك حقوق التأليف"    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    رولان غاروس: انس جابر تودع البطولة بخسارتها امام الامريكية كوكو غوف 1-2    نجم المتلوي يطالب بطاقم تحكيم اجنبي واستعمال الفار في لقائه ضد مستقبل سليمان    إصدار سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية حول النظم الغذائية المبتكرة    تفاصيل الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي: انماط متنوّعة في دورة التأكيد    عاجل/ إعلان سعر الأضاحي بشركة اللحوم وموعد انطلاق البيع    هذا موعد رصد هلال شهر ذو الحجة    4 نصائح لمحبي اللحوم    عاجل/ هذا موعد رصد هلال ذو الحجة..    مُشاركة 4 أفلام تونسية في الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف    درّة زرّوق تطلق علامة أزياء مستوحاة من جدّتها    رئيس الحكومة يلقي كلمة تونس في افتتاح أشغال القمة الأولى الكورية الافريقية    عاجل : اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور    انطلاق أشغال الجلسة العامة للنظر في مقترح القانون عدد 30 لسنة 2023 بمجلس النواب    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    ديوكوفيتش غير متأكد من استمراره في فرنسا المفتوحة بعد إصابته في ركبته    مدرسة الصفايا بالسعيدة والقضية الفلسطينية ... إبداعات تلمذية ومبادرات تنشيطية    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفاوضات.. الموعودة دون وعد والمأمولة دون أمل!: ماجد الشّيخ
نشر في الفجر نيوز يوم 04 - 11 - 2009

هل بات تكريس الأمر الواقع هو الأجدى للأطراف المعنية كافة، أو لبعضها؟ كالولايات المتحدة التي جربت وفشلت في خلق واقع جديد، بل عادت تجرجر أذيال الخيبة من "معركة الاستيطان" التي خسرتها على مذبح العناد والصلف الإسرائيلي. بينما تستمر حكومة نتانياهو في تكريس وقائعها الاحتلالية للضفة الغربية والقدس، بل وتصعّد من ممارساتها العدوانية فيها، دون خشية من ضغوط أميركية – أوروبية أصبحت من الماضي، على ما يبدو، خاصة وأن تقرير غولدستون، وبعد التصويت عليه في مجلس حقوق الإنسان، لم يعد يشكل أداة ضغط على ما راهن ويراهن البعض، بل إن توافقا في شأنه، قد يصبح كاملا بين الأطراف المعنية بالتصويت عليه في مجلس الأمن الدولي. أما الفلسطينيون فهم بين حجري الرحى لا يستطيعون حراكا، إلاّ في المساحات المحددة لهم وفق أوسلو، والتفاهمات التي أعقبته، وكرست أمرا واقعا متجددا، وهي مساحات لم تمنع استيطانا ولم تستطع إيقاف تمدده، فضلا عن عدم استطاعتها تجميده؛ حتى عند نقاط كانت تؤيدها الإدارة الأميركية في بداية "معركتها" مع حكومة نتانياهو. فيما البناء الاستيطاني يتمدد في كل الاتجاهات، مكرسا واقعا إحتلاليا جديدا، يراد المصادقة عليه كحل قائم ومتوافر بشروطه على الأرض، كل محاولات العملية السياسية التفاوضية الجارية فصولا تؤكد على استمراره وتواصله كحل دائم. فأين هي جهود ميتشل غير المثمرة، وهي التي اتضح أنها لم تكن أكثر من مجرد سياسات ومحاولات شراكة عبثية، تعقبها الآن جهود كلينتون الاستفزازية، التي وضعت عقبات مضاعفة أمام البدء بمفاوضات في ظل تواصل وتمدد عمليات الاستيطان.
لهذا ما كان باستطاعة مباحثات واشنطن التي رعاها ميتشل في عقر دار الإدارة، أن تغير من الواقع شيئا، فالوفد الإسرائيلي لم يعط سوى "موافقة مبدئية" على وقف الاستيطان، إنما غير كامل ويتضمن استثناءات في القدس الشرقية. وفي ما يتعلق بما يسمى "النمو الطبيعي"، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني الذي يصر على تجميد كامل طبقا لالتزامات "خريطة الطريق" وقبل استئناف المفاوضات، وهذا هو فحوى لقاءات ميتشل الأخيرة في المنطقة، فماذا تغيّر على طاولة المباحثات وتبادل الآراء وتحديد المواقف؟
عمليا ها هنا لم يتغير شئ، ولكن التغير الجاري هو على الأرض، تكريسا لواقع بات الإسرائيليون، وربما الأميركيون من خلفهم، "يستصعبون" تغييره، أو العمل باتجاه إحداث تغيير، ولو شكليا فيه. وهم لهذا يحاولون إقناع الفلسطينيين بالقبول بما تصرّ عليه حكومة نتانياهو، وترفض التخلي عن "الأمر الواقع" الذي تحدثه يوميا وباتجاهات قصدية ومتعمدة، لتكريس واقع الاستشراء والتمدد الاستيطاني في الضفة الغربية، كما في القدس الشرقية، حيث أكدت أوساط أمنية إسرائيلية لصحيفة هآرتس (23/10) أن النشاط الاستيطاني بدأ يتسارع في الآونة الأخيرة بوتيرة عالية، وأن البناء بدأ يشهد في الأشهر الأخيرة نشاطا مكثفا في مستوطنات وبؤر عشوائية غير قانونية، وينفذه المستوطنون استباقا لإمكان إعلان الحكومة الإسرائيلية تعليقا – ولو مؤقتا ولأشهر عدة – البناء في المستوطنات، حيث أكدت المصادر للصحيفة أن البناء يتواصل في وحدات سكنية، غير تلك التي أعلنت إسرائيل أنها ستواصل بناءها (2500 وحدة) وعدا الشقق ال 450 التي أعلنت أنها ستقيمها قبل أي تعليق للبناء، ما يعني أن المستوطنين يريدون فرض أقصى ما يمكن من "الأمر الواقع الاستيطاني" على الأرض، قبل أي اتفاق أو قبل استئناف المفاوضات المقررة وفقا لجدول أعمال أميركي غائم وغير محدد.
باختصار. هناك ما تبحث عنه واشنطن كذريعة تسوغ استئناف المفاوضات، وجر الطرف الفلسطيني إلى مصيدة جديدة، أو إيقاعه في فخ جديد عنوانه تجاوز ما كان وما يكون – وربما ما سيكون – على صعيد الاستيطان، أو حتى قضايا المفاوضات الخمس الأخرى، التي أصبح بعضها أمرا واقعا، جراء الجمود والمراوحة التفاوضية، بعد أن استطاعت حكومة نتانياهو وعبر مواقفها المتصلبة وقف "معركة الاستيطان" الأميركية التي قادها ميتشل ميدانيا، وها هو يسلم الراية من جديد لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي يبدو أنها بدأت بتهيئة مسرح اللقاءات الثنائية والثلاثية لجولة أو جولات تفاوضية لم تنضج ظروفها بعد، في وقت أمسى واضحا فيه أن لا وجود لخطة أميركية (خطة أوباما) جرى الحديث عنها في وقت سابق، قبل خوض واشنطن "معركة الاستيطان" وفشلها فيها، لتعلن الآن أن لا خطة لديها، وكل ما هنالك محادثات مكثفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين للبدء بالمفاوضات، مجرد البدء بها، دون تصورات مسبقة لا لمرجعياتها ولا لسقوفها المبدئية أو الزمنية، وهل هي لهدف إيجاد الأرضية المناسبة لتسوية مؤقتة، أم لتسوية دائمة، حيث الشروط الإسرائيلية – ومن خلفها الأميركية – ما برحت تمنع الوصول إلى فهم مشترك لطبيعة المفاوضات أو التسوية المقبلة، الموعودة دون وعد، والمأمولة دون أمل؟.
هكذا.. تمضي الأمور دون أفق، فلا ميتشل ولا كلينتون، ولا اللقاء المزمع انعقاده ربما بين نتانياهو وأوباما في واشنطن على هامش المؤتمر العام لاتحاد الجاليات اليهودية في أميركا الشمالية بعد أيام، يمكن أن يساهم في ردم الفجوات القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، أو بين واشنطن والفلسطينيين الذين لا يجدون مفرا من البحث عن المدخل المناسب لاستئناف المفاوضات دون جدوى، ولعل تململ السلطة وما قيل عن تهديد الرئيس محمود عباس بالاستقالة، وعدم الترشح للانتخابات؛ ما يفيد بوجود مصاعب جمة، بدأت تكتنف العلاقات الفلسطينية – الأميركية تباعدا ويأسا، وبعد أن بلغت التدخلات الأميركية في الشأن الداخلي الفلسطيني، حد تهديد ميتشل السلطة والرئيس عباس فرض عقوبات اقتصادية عليها في حال توقيعها الورقة المصرية ل "المصالحة"، فما يمكن أن يفعله العرب، أو وزراء خارجيتهم إزاء معضلة أخرى، تضاف اليوم إلى المعضلات القائمة، أمام مسيرة مفاوضات التسوية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.