الجزائر:أعادت محكمة جنايات العاصمة الجزائرية، ظهر أمس، النظر في أشهر ملف ضمن ما يعرف ب «العنصر الأجنبي» في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بمثول ثلاثة شبان ينحدرون من المملكة المغربية في تهم محاولة الالتحاق بالتنظيم المسلح. وخاض الشبان الثلاثة في تفسيرات لم تُقنع القاضي على ما يبدو في شأن السبب من دخولهم الجزائر، إذ برروا ذلك بمحاولتهم «الهجرة السرية إلى إيطاليا».وانتظرت النيابة العامة إلى ما بعد الظهر للشروع في محاكمة المغاربة الثلاثة (من أصل خمسة متهمين) أُلقي القبض عليهم في بداية سنة 2009 بتهمة الانتماء إلى تنظيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي تحولت إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». ولا تتخطى أعمار المتهمين الثلاثة «ياسين بوحليت» و «بلال العبدي» و «محمد الحمدي» 24 سنة، ويبلغ أصغرهم 20 سنة. وتقول أجهزة الأمن التي تتبعت أثرهم بعد دخولهم الجزائر إلى غاية منطقة القبائل شرق العاصمة، إنهم تسللوا عبر الحدود الجزائرية - المغربية بهدف الانضمام إلى «الجماعات الإرهابية بغرض التجنيد والذهاب للقتال في العراق». وتعتقد أجهزة الأمن أن ثمة مؤشرات عديدة تؤكد الاشتباه في تورط الثلاثة بالتهم الموجهة إليهم، في حين أن الاثنين الآخرين - «عبدالغني شبة» و «صلاح الدين» - اللذين أُرجئت محاكمتها ليست لهما علاقة بالمجموعة الأولى. واشتهر الملف أولاً بصفة «المغاربة الخمسة» قبل فصله إلى مجموعتين. وعرف ملف الموقوفين بعض الغموض وأدَّى إلى تأجيلات متكررة للقضية خلال العام الحالي، بعد تصريحات أدلى بها أحد المتهمين أمام قاضي التحقيق ومفادها أن عميل اشتغل لمصلحة أجهزة الأمن المغربية، وأنه دخل الجزائر لتتبع ونقل أخبار المتهمين المغاربة الذين تسللوا إلى الجزائر بهدف الالتحاق بمعاقل «الجماعات الإرهابية»، في إشارة إلى «القاعدة». وتمكن «العميل» المغربي، كما نعت نفسه، من التسلل برفقة شخصين إلى مدينة مغنية بعد اتفاق مع عناصر جزائرية من تنظيم «القاعدة»، لكن أجهزة الأمن الجزائرية تعقّبت تحركاتهم وألقت عليهم القبض بعد مدة من دخولهم الجزائر. وقال للمحققين إن نشاطه لمصلحة الأمن المغربي كان بمثابة «صفقة»، تم بموجبها إطلاقه بعد اعتقاله في مقابل أن يكون «عيناً» على أشخاص يشتبه الأمن المغربي في وجود صلة بينهم وبين التنظيمات الإرهابية. وتابع أنه كان على اتصال مع قريب له يدعى عبدالقادر، وهو عضو في الجماعات في الجزائر، التحق بها عام 2005. ولفتت تحركات المشبوهين المغاربة قبل إلقاء القبض عليهم انتباه الأمن بحكم توجههم إلى عدد من المساجد وقضاء بعض الليالي فيها بدل فنادق. وزاد من الشبهة في أفراد المجموعة تنقلهم من بومرداس إلى تيزي وزو، ثم إلى بجاية وبعدها عادوا إلى تيزي وزو، حيث قُبض عليهم. وأفيد من التحقيقات أن رحلة المغاربة عبر الولايات الثلاث كانت بحثاً عن «موقع الجماعات الجهادية»، على حد وصفهم لإمام أحد المساجد طالبوه، كما شهد، بدلّهم على طريقة للوصول إلى معاقل «القاعدة». لكن التحقيق مع المشبوهين جعلهم يقدمون رواية أخرى تتعلق بأن مقصدهم من دخول الجزائر هو الوصول إلى الولاياتالشرقية بغرض الهجرة السرية إلى إيطاليا. وشكك المحققون في تصريحات المتهمين على أساس تفضيلهم قطع آلاف الكيلومترات براً نحو الشرق الجزائري بدل التوجه مباشرة إلى إسبانيا من الأراضي المغربية القريبة من هناك. وفسّر المغاربة توجههم إلى تيزي وزو برغبة من منظم عملية الهجرة السرية، وهو أحد أعضاء شبكة ترتبط مع أخرى في الأراضي المغربية، في نقل عدد من الشباب من المنطقة دفعوا أقساطاً للرحلة في المغرب. - الحياة