الرباط:في وقت أعلنت إسبانيا أنها لم تتخل عن جهودها لإعادة الناشطة المؤيدة لجبهة «بوليساريو» أمينة (أميناتو) حيدر المضربة عن الطعام منذ 25 يوماً إلى مدينة العيون في الصحراء الغربية بعدما رحّلتها السلطات المغربية منها، دعت الأممالمتحدة أطراف نزاع الصحراء إلى «تجاوز حال الجمود والانتقال إلى طور جديد من المفاوضات المكثّفة». وتبنت الجمعية العامة قراراً جديداً، من دون اللجوء إلى التصويت، تدعم من خلاله عملية المفاوضات، وحضت «جميع الأطراف ودول المنطقة على التعاون في شكل كامل مع الأمين العام بان كي مون ومبعوثه الشخصي كريستوفر روس ومع بعضها بعضاً». وتبنّت الجمعية القرار الجديد في سياق توجّه وفاقي ساد المواقف أخيراً، بخاصة عبر القرارات التي كانت اتخذتها اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مستندة في ذلك على القرارات ذات الصلة التي تبناها مجلس الأمن وتحديداً القرارات الرقم 1754 و1783 و1813 التي حضت على إجراء مفاوضات بحسن نيّة ومن دون شروط مسبقة. وعبّرت الجمعية العامة عن ارتياحها إزاء «التزام الطرفين مواصلة إبداء الإرادة السياسية والعمل في مناخ ملائم للحوار من أجل الانتقال إلى طور جديد من المفاوضات» بين المغرب وجبهة «بوليساريو». ويعكس هذا التطور وفاقاً في التوجهات بين مجلس الأمن والجمعية العامة، لكنه على الصعيد الميداني يواجه صعوبات ليس أقلها التداعيات المحتملة لانفراط عقد المفاوضات بخاصة في ضوء مضاعفات الناشطة أمينة (أميناتو) حيدر التي باتت تهدد المسار برمته. وتنفّذ حيدر إضراباً عن الطعام في جزيرة لانثاروتي (جزر لاس بالماس الإسبانية) بعد إبعادها من العيون كبرى حواضر الصحراء الغربية لرفضها الاعتراف بهويتها المغربية. وفي هذا الإطار، نُقل عن الرئيس السابق لحكومة لاس بالماس لورينزو أولارتي قوله في مؤتمر صحافي في اختتام محادثات أجراها مع قياديين في حزب الأصالة والمعاصرة المغربي إن الجزائر «حريصة على إقامة دولة دمية تمكّنها من منفذ بحري على الساحل الأطلسي». وشدد على «مسؤولية الجزائر في نزاع الصحراء»، مؤكداً أنها «أكبر خصم للمغرب». وذهب أبعد من ذلك متهماً الجزائر بأنها «دعمت في وقت سابق تنظيماً إرهابياً في إسبانيا»، في إشارة إلى علاقات محتملة مزعومة مع منظمة ايتا الانفصالية في إقليم الباسك. وطلب المسؤول الإسباني السابق من الناشطة حيدر «تغيير موقفها والتفكير في شكل جديد، وأن تضع جانباً الإكراهات الخارجية المفروضة عليها». ورأى أن «من الخطأ منح الجنسية الإسبانية للسيدة حيدر». أما الوزير المغربي السابق في الداخلية فؤاد عالي الهمة، المسؤول في حزب الأصالة والمعاصرة، فقال إن «البترول والغاز الجزائري لا يمكن أن يستمر استخدامه كسلاح في مواجهة المشروع الديموقراطي في منطقة حوض البحر المتوسط»، ودعا الجزائر إلى الكف عن معاكسة المغرب، قائلاً: «يتعيّن على الجزائر أن تدع الصحراويين يختارون مصيرهم». في غضون ذلك، قال وزير العدل المغربي عبدالواحد الراضي، زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي، إن الناشطة حيدر «ليست ضحية» وإنها «تنكرت بمحض إرادتها لجنسيتها المغربية». وأضاف بعد محادثات مع نائب رئيس الحكومة الإسبانية وزير السياسة الترابية: «نحن واعون بالصعوبات التي تواجهها إسبانيا بسبب هذه المشكلة»، مضيفاً أن المغرب وإسبانيا لديهما «الحكمة اللازمة لتجاوز الحادث العارض». ورهن إيجاد حل للمأزق بممارسة جبهة «بوليساريو» والجزائر ضغوطاً على الناشطة حيدر لتعليق إضرابها عن الطعام. وقال: «إن الذين يخشون على حياتها يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم في حضها على وقف الإضراب عن الطعام»، مؤكداً أن الرباط مارست دوراً سيادياً في ترحيل سيدة رفضت جنسيتها المغربية «فاضطرت السلطات إلى إعادتها إلى مركز انطلاقها». ونقلت وكالة «فرانس برس» من مدريد عن نائبة رئيس الحكومة الإسبانية ماريا تيريسا فرنانديث دي لا فيغا قولها أمس الجمعة إن الحكومة الاسبانية الاشتراكية لم تتخل عن مساعيها إلى إعادة الناشطة حيدر إلى الصحراء الغربية. وصرّحت لا فيغا عقب مجلس الوزراء بأن «الهدف الأساسي هو أن تعود السيدة حيدر إلى منزلها (...) إننا لم نعدل ولن نعدل» عن ذلك. وبدأت أمينة حيدر إضراباً عن الطعام في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) بعد يومين من وصولها الى اسبانيا بعدما أبعدتها السلطات المغربية من العيون، متهمة المغرب بسحب جواز سفرها. وقالت دي لا فيغا إن هذا الوضع يُحرج الحكومة الإسبانية التي «تقوم بمساع لدى المجتمع الدولي». وقد يتطرق وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس لهذه القضية مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون الاثنين في واشنطن. وذكرت دي لا فيغا أيضاً أن الحكومة ستبذل كل ما في وسعها كي لا تموت حيدر على أراضيها. وقالت: «إننا نسعى أيضاً إلى أن تصون السيدة حيدر صحتها ونلح في مساعينا على إقناعها بالتخلي عن قرارها (الإضراب عن الطعام) وهو قرار شرعي لكننا نعتقد أنه مضر بصحتها». ويعتبر المغرب الصحراء الغربية، المستعمرة الاسبانية سابقاً التي ضمها منذ 1975، جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، بينما تطالب جبهة «بوليساريو» المدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء حول تقرير المصير. وفي الجزائر (أ ف ب)، ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن رئيس جبهة «بوليساريو» محمد عبدالعزيز دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى «التدخل سريعاً لإنقاذ حياة» الناشطة حيدر المضربة عن الطعام منذ 25 يوماً في مطار لانثاروتي. وقال عبدالعزيز في رسالته الى بان كي مون إن أمينة حيدر «تنتظر تدخلاً عاجلاً لوضع حد للظلم الذي تتعرض له»، مشيراً إلى أن «الحالة الصحية لأمينة حيدر تدهورت وإن حياتها في خطر». وأضاف أن «موقف المغرب تجاه مواطنة تقطن في أرض تشرف عليها الأممالمتحدة هو سابقة خطيرة». واتهم المغرب بأنه «حاول عبثاً تبرير جريمة نكراء بحق سيدة معروفة بنشاطها السلمي والمتمدن (...)». وكان الأمين العام للأمم المتحدة أجرى الخميس اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الاسباني موراتينوس تناول مصير أمينة حيدر. وقال ناطق باسم الأمين العام إن بان «قدم بعض الاقتراحات لحل المسألة»، رافضاً كشف هذه المقترحات. وفي بروكسيل (أ ف ب)، قالت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي في بيان الخميس إن «رئاسة الاتحاد الأوروبي تعرب عن قلقها إزاء صحة (أمينة حيدر) وتدعو السلطات المغربية الى احترام التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والى التعاون مع السلطات الاسبانية من أجل التوصل الى حل إيجابي بخصوص وضعها». الحياة محمد الأشهب