تونس نورالدين المباركي:في عدد من منتديات الحوار تحدث بعض الشباب عن مبادرة دعوة فرنسا للاعتذار .. البعض ثمّن المبادرة والبعض الآخر عبّر عن استغرابه ، أحدهم قال " فرنسا تركت لنا كل شيء ايجابي " وبقطع النظر عن خلفية هذا الموقف ودوافعه ..فان فرنسا المستعمرة لم تترك لنا " كل شيء ايجابي" بل تركت مخلفات مازالت تحصد الضحايا إلى حد الآن ، ومن هذه المخلفات المتفجرات في عدد من مناطق البلاد. وفي هذا الصدد ذكر تقرير صادر عن "مصدر الألغام الأرضية" أنّ عدد حوادث المتفجّرات من مخلفات الحرب في تونس بلغ في الفترة المتراوحة من 2000 إلى 2005 نحو 13 حادثا (قتيل و12جريحا) وأنّ هذه الحوادث حصلت في ولايات تونس والقيروان وصفاقس والقصرين والكاف. وتمثّل الألغام الأرضيّة والمتفجّرات من مخلفات الحرب (الحرب العالمية الثانية وفترة الاستعمار الفرنسي) أحد الملفات التي تشتغل عليها الحكومة التونسية وعدّة منظّمات دولية، لما لها من خطورة على حياة المواطنين، خاصّة في المناطق التي كانت مسرحا للمواجهات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية. وحسب تقرير "مرصد الألغام الأرضية" فإنّ تونس "تأثّرت تأثرا معتدلا بالألغام والمتفجرات من مخلفات الحروب وفي المقام الأول القذائف الغير منفجرة(...) وبالرّغم من ذلك فقد حدّد مسؤولون تونسيون وخدمة مكافحة الألغام التابعة للأمم المتحدة بأن التلوّث نتيجة الألغام له تأثير منخفض نسبيا. هو موروث من الحرب العالمية الثانية.."(تقرير مرصد الألغام 2006 – ص 727). وقد شهدت تونس منذ الاستقلال عدّة حوادث مصدرها الألغام الأرضية والمتفجّرات من مخلّفات الحرب، تسبّبت في مقتل عدد من المواطنين وإعاقة البعض الآخر (في أفريل 2006 شهدت إحدى المناطق الرّيفيّة بالشمال الغربي جرح فلاّح بسبب قذيفة غير متفجّرة). ويقول تقرير "مصدر الألغام الأرضيّة" إنّه يوجد مناطق في الجنوب التونسي مشتبه في احتوائها على قذائف غير منفجرة وقليل من الألغام المعزولة مثل مناطق" مارث" و"مطماطة" و"الحامّة" و"القصرين" و"الوطن القبلي" وبعض مناطق الشمال الغربي. لقد خلّفت الحرب العالمية الثانية وفرنسا عدّة كوارث في البلدان التي استعمرتها منها الألغام الأرضية التي تسببت في مقتل عديد المدنيين والمواطنين وإعاقتهم.. وهي حوادث مازالت مستمرّة.. ولهذا فإنّها مطالبة بتحمل مسؤولياتها في هذا الاتجاه ومساعدة الدول على إزالة هذه الألغام ماديّا.