باريس: يشعر المسلمون في فرنسا ان نقاشا يجري حاليا لمحاولة تحديد ماهية المواطن الفرنسي يستهدفهم دون غيرهم. ماذا يعني ان تكون فرنسيا؟ قبل شهر اطلقت حكومة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليمينية نقاشا من أجل الإجابة على هذا السؤال. ودعي الجمهور إلى الحديث خلال اجتماعات في انحاء فرنسا وفي منتديات على الانترنت ايضا. لكن ذلك النقاش يثير انتقادات متزايدة.وتضم فرنسا أكبر جالية اسلامية في اوروبا لأسباب عديدة منها سياساتها خلال القرن الاخير بخصوص الهجرة. واتهم المعارضون السياسيون ساركوزي بطرح ذلك النقاش قبيل انتخابات محلية حاسمة، من أجل سحب الاصوات من حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف. لكن وزير الهجرة الفرنسي ايريك بيسون يرى أن النقاش بخصوص الهوية الوطنية مطلب مشروع تحتاج إليه فرنسا. وقال بيسون لمحطة 'بي.إف.إم' التلفزيونية يوم الخميس (17 ديسمبر) 'هم (الفرنسيون) يتساءلون عن استمرار قدرة فرنسا على استيعاب ودمج المهاجرين. مسألة العيش معا التي تحظى بحفاوة كبيرة تعني أمرين. يجب أن تظل فرنسا ارضا مرحبة (بالمهاجرين) ويجب أن يظهر الذين يأتون الى هنا او يحصلون على الجنسية الفرنسية رغبتهم في الاندماج. انها عملية تبادلية'. وكانت قضايا الهجرة والهوية من الموضوعات الاثيرة لدى حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بزعامة جان ماري لوبان على مدى تاريخه منذ تأسيسه. وكانت اخر مرة شعر المسلمون الفرنسيون فيها انهم مستهدفون عندما صوت النواب الفرنسيون ضد ارتداء الحجاب او النقاب في المدارس العامة. وقالت فرنسية من اصل اسباني تدعى ماري كارمن ارديريو في سوق باحد الاحياء التي يسكنها خليط من الأعراق في باريس، 'نقاش اليوم يتحول الى نقاش عنصري ولا يخدم سوى هدف انتخابي لجذب الناخبين من (حزب) الجبهة الوطنية. اعتقد بالفعل اننا نحتاج نقاشا عن الهوية الوطنية لتحديد ماهيتها. لانها هوية بلد يبني نفسه من خلال ثرائه بالثقافات المختلفة للشعب الذي يعيش في هذا البلد سواء كان من المهاجرين ام لا'. ونشرت صحيفة 'ليبيراسيون' الفرنسية في عددها الصادر يوم الاربعاء (16 ديسمبر) بعض التعليقات التي أثارت جدلا. ومن هذه التعليقات تصريح أدلى به اندريه فالنتان رئيس بلدية قرية صغيرة يسكنها 37 شخصا في شمال فرنسا. ونقلت الصحيفة عن فالنتان قوله 'حان الوقت للتحرك لاننا في طريقنا لان نلتهم.. هناك بالفعل عشرة ملايين منهم.. عشرة ملايين يحصلون على رواتب لكي لا يفعلوا شيئا' . من ناحية اخرى يرى المسلمون في ضاحية ايفري بجنوب باريس أن النقاش بخصوص الهوية يثير الخلاف. وقال مسلم فرنسي يدعى امين 'اعتقد انه نقاش زائف. نحن نتحدث عن الهوية الوطنية.. هوية فرنسا. لكني ولدت في فرنسا وانا فرنسي وأحمل جنسية مزدوجة فأنا جزائري وفرنسي. لا يمكنني التخلي عن أصلي لأن لي تقاليد.. اجداد واجداد اجداد.' وتابع 'ان تكون فرنسيا يعني ان تحترم القوانين والقواعد في فرنسا ولدي انطباع انه عندما تتحدث وسائل الاعلام عن ذلك (تحديد الهوية) لا تسأل فيما يبدو سوى جماعة واحدة.. او لنقل تستهدف.. وهم المتحدرون من المغرب العربي. في حين ان الهوية الوطنية (الفرنسية) تخص الجميع.. جميع الفرنسيين.' لكن عبد الحق الفرنسي الذي يتحدر من اصل مغربي لا يفهم على ما يبدو الحاجة لهذا النقاش من الاساس. قال عبد الحق 'اذا سألت طفلي عن هويته فسيجيب انه فرنسي. لقد ولد في فرنسا وأصله مغربي وعربي وافريقي واسلامي ايضا. لكنه فرنسي ولد في فرنسا ولا يفهم هذا السؤال. وجه إليه هذا السؤال بضع مرات ولا يستطيع الاجابة عليه لانه واضح جدا انه لا يستطيع ان يجد اجابة.' اما خليل ميرون رئيس المركز الثقافي الاسلامي ومدير مسجد ايفري فقد ذكر ان المسلمين يشعرون دائما بأنهم مستهدفون، وحثهم على اظهار الجانب الايجابي الحقيقي لعقيدتهم. وقال 'نحن المسلمين تعودنا ان كل واحد يأتي ويعض فينا. ولكن يتبين لي أنه بعد الاستفتاء الذي أجراه الحزب المتطرف في سويسرا على المآذن تبين لنا من الإحصائيات التي أجرتها فرنسا.. الصحف الفرنسية.. أن هناك 57 في المئة من الفرنسيين ليسوا ضد الإسلام والمسلمين. ولكن هناك 43 في المئة.. هذا عدد كبير. يبدو لي أن المسلمين يجب عليهم أن يعملوا بكل جد. والواجب علينا نحن المسلمين أن نفتح آذاننا وكذلك عيوننا لأن المواطن الفرنسي غير المسلم ليس له فرصة أن يقرأ القرآن أو يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.' كما أوضح ان الممارسة الصحيحة للاسلام ليست مجرد أداء العبادات وان على المسلمين السعي بجد لتغيير سلوكهم. وقال 'من هنا ليس الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج. هذه هي الانطلاقة في الحياة الدينية ولكن هناك بنود أخرى هي الدين المعاملة. لا بد أن نكون سفراء لهذا الدين. وكذلك الواجب على السلطة الفرنسية أنها تحترم أولا نفسها وتحترم العلمانية وتحترم المسلمين. هذا من واجبها وسيكون الأمر في حسن.. نرجو أن يكون ما نقوله في حسن ظن الذين نعيش معهم'. ومن المقرر ان ينتهي النقاش في الرابع من شباط/فبراير بعقد مؤتمر وطني.