طارق ذياب يغادر بين سبور نحو وجهة جديدة    كؤوس أفريقيا للأندية : على أي القنوات وفي أي وقت يمكن مشاهدة القرعة ؟    أخبار النادي الإفريقي... الصرارفي يعود وشواط يقود الهجوم    احذر البطاطا المقلية: خطر الإصابة بالسكري يرتفع بنسبة 20%    وزيرا السياحة والتجارة يفتتحان الدورة 18 لمعرض الصناعات التقليدية بنابل الذي يتواصل من 8 الى    عاجل: وزارة التجهيز تعلن غلقًا جزئيًا للطريق بين باب عليوة والمخرج الجنوبي للعاصمة    أحمد الجوادي: هدفي القادم تحطيم رقم قياسي عالمي والتتويج الأولمبي    مهرجان الكراكة – المتوسط يحتفل بخمسين سنة من الفن في حلق الوادي والكرم    وزيرة الشؤون الثقافية تدعو إلى اعتماد رؤية إبداعية متجددة تراعي التقاليد العريقة لدورتي أيام قرطاج السينمائية والمسرحية    الاتحاد الجهوي للشغل بالكاف يدعو إلى تجمع نقابي    حجز كميات كبيرة من الأجبان والبيض والمثلجات في 3 ولايات: تفاصيل المحجوز    عاجل: سوسة: الاحتفاظ بشخص اعتدى على كلب بآلة حادّة    وزيرة الصناعة تؤدي زيارة عمل الى المركز الوطني لقيادة النظام الكهربائي    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    عاجل/ مصر: "المنطقة لن تنعم بالأمن"..    نحو إحداث مركز إقليمي للتكوين في البيوتكنولوجيا يجمع الكفاءات ويجذب الاستثمار    عاجل/ تكوين لجنة ميدانية لرصد سكب المياه المستعملة في الأودية والبحر بهذه الولاية    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    سوسة: يعتدي على كلب جاره مسبّبا له شللا كاملا ومواطنون يتمسّكون بتقديم شكاية    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    عاجل: فتح باب التسجيل في حركة النقل الوطنية للمديرين والنظار حتى هذا التاريخ    بسبب المحتوى الخادش للحياء: أحكام سجنية ضد مشاهير على "تيك توك".. #خبر_عاجل    عادات يومية بسيطة تنجم تقصّر عمرك ما غير ما تحس..شنيا هي؟    أحزاب سياسية ومنظمات تدين "الاعتداء" على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل    مجلس هيئة الانتخابات يناقش القائمات المالية للهيئة بعنوان سنة 2024    تأجيل محاكمة مسؤولة سابقة بشركة السكك الحديدية ورفض الإفراج عنها    كلغ لحم العلوش يتجاوز 60 دينارا..!    افتتاح المهرجان الصيفي بأريانة في دورته 19 بعرض " الربوخ"    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 601 تدخلا منها 140 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ ردود أفعال دولية على قرار إسرائيل احتلال غزة..    حماس: قرار إسرائيل احتلال غزة يؤكد أن نتنياهو وحكومته لا يكترثون لمصير أسراهم    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    محكمة رابعة تمنع أمر ترامب حظر منح الجنسية بالولادة    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    وفاة الممثل المصري سيد صادق عن عمر ناهز 80 عامًا    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الدكتورة لينا الطبال تكتب ل«الشروق» : هذا السلاح لا يمكن أن يُسلّم    الفنانة أحلام: سأغني في قرطاج ولا أريد أجرا ولن أستلم مقابلا من تونس    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وأصبح لنا جدار!!!:د.خالد الطراولي
نشر في الفجر نيوز يوم 30 - 12 - 2009

كنا نظن وكان كل العالم يظن أن الجدار العازل عنوانا للاستبداد والدكتاتورية والعنصرية والجريمة الأخلاقية...كنا نظن أننا، نحن القادمين من تاريخ حافل بالقيم، حافل بالعبر، حافل بالفضائل والمكارم، والحاملين إلى يوم الناس هذا ولو بكثير من العثرات لشارة أخلاقية ومنظومة عالية من القيم...كنا نظن أنه ليس لنا جدار!!!
جدار برلين كان اغتصابا للحقوق وعدوانا على الحريات وتفريقا بين أمة واحدة، وكان منزله أوروبا القرن الماضي حيث فقد الإنسان إنسانيته من قبل على وقع طبول حربين، حملتا شعار النازية والفاشستية والعنصرية، فجاء جدار برلين ليؤكد واقع القيم المهزوزة والمداسة تحت أحذية السياسة والأيديولوجية...ثم سقط الجدار بعد عودة الوعي!
ثم كان جدار الخزي والعار، جدار فلسطين الحبيبة ففرق بين القرى ودخل البيوت والغرف وقسّم الأحياء وداس على المعتقدات والأحلام والذكريات..والعالم ينظر من ثقبة باب أسقطت من يافطته عناوين حقوق الإنسان ومواطنته واستقراره وأمنه...كان الجدار الجديد موقعه فلسطين على جرح ينزف في أجسادنا، كنا نهوّن آثاره وندعي أنه وسيلة من وسائل الحرب المعلنة ضدنا، فالعدو أنشأه والعدو أقامه والعدو يبقى العدو!
وبقينا بين الأمم بدون جدار، فرغم انتكاستنا الحضارية والتي ولّدت تخلفا في كل المستويات، فإننا لا زلنا نتمسك ببعض التلابيب الأخلاقية التي أورثها لنا الأجداد، ونقبض ببعض الحياء على خيوط رفيعة لا تزال تربطنا إلى مقدس جميل...ومرت الأيام...
فرغم هذا السقوط الحضاري التي تعيشه أوطاننا بقيت هذه الورقة الأخلاقية رغم ذبول أطرافها أحيانا في سلوكياتنا، إلا أن البعض من حكامنا أبى إلا أن يسقط ورقة التوت الأخيرة التي يحملها، لتصبح الصورة عارية تماما دون رتوش أو مساحيق...لقد قررت مصر السلطة والحكم أن تبني جدارا عله يلحقنا بركب حضارة الجدران!
لقد أصبح لنا جدار! ولكننا أردنا أن نتميز، لم يكن جدارا بين جنسين مختلفين، ولا بين أيديولوجيتين، ولا بين ديانتين، ولا بين ثقافتين...إنه جدار عازل بين الأخ وأخيه، بين الأم وحفيدها، بين أسر وأصهار، بين أناس يحملون نفس الهم، نفس المشروع، نفس الهوية، نفس الثقافة، نفس اللغة، نفس التاريخ، نفس الجغرافيا وإن غلبت على بعضها التضاريس، ولعله نفس المصير!!!
كان الجدار العنصري الذي أقامته إسرائيل على الأرض المحتلة مجلبة للعار والخزي لكيانها، ولم تجد لا في الشرق ولا في الغرب من يدعم بصدق وخلق هذا الجدار. كان الجدار الإسرائيلي هزيمة أخلاقية وقيمية لم تفلح إسرائيل في رأب صدعها لدى المواطن البسيط والرأي العالمي، وقد ساهم بناءه في انحدار صورتها وانتقالها من منزلة الضحية التي بنت أطرافها على ذكرى المذابح النازية، إلى منزلة المغتصب والمعتدي التي أورثها إقامة هذا الجدار العنصري.
وجاءت مصر الحكم والسلطة لتسحب هذه الصفة اللا أخلاقية وهذه الهزيمة القيمية، فللعرب جدارهم اليوم ولإسرائيل جدارها...جدار أسقط جدارا، أسقط حاجزا نفسيا رهيبا لم تكن إسرائيل قادرة على الإتيان عليه بهذه السرعة. فهنيئا لنا فقد أصبح لنا جدار وهنيئا لمصر السلطة بهذه القفزة الحضارية والإنسانية، وصبرا مضاعفا لأهل غزة، فالجدار والحصار والأنفاق ليسوا إلا قصة قصيرة وإن كُتبت بالآلام والدموع والدماء وسُطّرت تحت عناوين الامبالاة والشماتة، إلا أنها تمثل ساعة من نهار، ساعة في مسار طويل نحو الانعتاق والنصر والتحرر.
لقد أفلحت غزة من جديد، كما عودتنا دائما رغم وعورة الطريق ورمادية المشهد، عبر أنفاقها وحصارها وجدارها، بدمعة أطفالها وصبر نسائها وشجاعة رجالها، إلى تعرية النظام العربي إجمالا إلا من رحم ربك، حيث لم يعد يخفى على أحد حتى وإن أغمض العين وسد الأذن، أنه من أجل بقاء هذا النظام الرسمي واستمرار وجوده مستعد أن يخدم أجندات الغير على حساب أجندته، وأن يحصن مصالح الآخر على حساب مصلحة الوطن والأمة، وأن يلبي مطالب الخارج ولو كانت تدوس حاجات قومه وشرفهم ومنظومة قيمهم. ولم يبق بعد هذه التعرية الجديدة والمتواصلة مثقال ذرة من دعوة الجهل أو اللامبالاة، فلن يقول أحد أو يزعم أنه لم يكن يعلم أو لم يكن يعي، فمشوار الاستبداد والجور مر من غزة ويمر من فلسطين، ولعله لن يمر انعتاق كل الأمة وتحررها وعودة وعيها إلا عبر هذه البوابة الصغيرة حجما والكبيرة تأثيرا ووقعا.
د.خالد الطراولي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.