أقدمت السلطات البلجيكية علي حل الهيئة التنفيذية للمسلمين لأسباب إدارية محضة بعيدة عن ظاهرة الإرهاب، ويبدو أنها ستفتح تأطير الجالية المسلمة التي تشكل قرابة 9% من مجموع سكان هذا البلد أمام حكومات دول الأصل، وخاصة تركيا والمغرب، رغم ما يثيره هذا من احتجاج وتحفظ الاتحاد الأوروبي الذي يرغب في إنشاء ما يعرف ب إسلام اوروبي . ضمن مساعيها لمعالجة ملف الدين الاسلامي، نهجت بلجيكا أسلوبا رزينا لمعالجة مشكل التمثيلية لدي مسلميها، حاولت من خلاله تنظيم الجاليات المسلمة في إطار هيئة سميت ب الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا ، وخصصت لها ميزانية كبيرة وقررت اعتماد الديمقراطية في تسييرها من خلال تنظيم انتخابات مفتوحة للجميع ووفق شروط محددة. وبالفعل، فبعد مشاورات مع المساجد المؤثرة وبعض الشخصيات السياسية والدينية الاسلامية، فتحت لوائح انتخابية لكل مسلم أراد الانخراط في هذا المسلسل، شريطة أن يكون مقيما سنتين بشكل قانوني فوق الأراضي البلجيكية، ونظمت دورتان انتخابيتان الأولي سنة 1999 والثانية في آذار/مارس 2004. تميزت التجربة الأولي بنوع من الحماس، وكانت نسبة المشاركة مرتفعة مما أدي الي انخراط نسبة عالية من المغاربة في هذه الانتخابات وفوز محمد بوليف، المغربي الأصل، برئاسة هذه الهيئة. لكن سوء التدبير من جهة والتدخل الفج للسلطات البلجيكية، وخاصة وزيرة العدل السابقة أغيت أونكلينكس، في شؤون الهيئة تحت ذرائع شتي، أدي الي ارتباك واضح في معالجات الملفات، مما انعكس سلبا علي النتائج المتوخاة من هذه التجربة والدعوة لانتخابات جديدة في اذار/مارس 2004. ومرت انتخابات الهيئة الثانية في أجواء من اللامبالاة من طرف ممثلي الجاليات الاسلامية ما عدا الجالية التركية التي حظيت بدعم من دولتها وأصبحت الهيئة تركية محضة باستثناء تمثيلية ضعيفة لأطراف أخري. لكن حدثت المفاجأة خلال الأيام الماضية، فبعد تحقيق دام سنة حول شبهات بوجود اختلاسات مالية في الهيئة، قرر القضاء البلجيكي بتاريخ 23 شباط/فبراير الماضي حل هذه المؤسسة وتسريح موظفيها مع ضمان حقوقهم واستقالة رئيس الهيئة التركي كوسكون بيازغول. وبهذا لم تعمّر الهيئة التنفيذية للمسلمين التي شكلتها الدولة البلجيكية اكثر من تسع سنوات حتي قرر القضاء حلها لأسباب بعيدة عن اتهامات الإرهاب هذه المرة ولكن مرتبطة بسوء التدبير وعدم الفعالية. وعلي الرغم من أن بلجيكا منشغلة هذه الأيام بالنقاشات الدائرة حول تشكيل الحكومة الجديدة، لأن الحالية مؤقتة، إلا ان حل الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا وتفكيك خلية بلعيرج في المغرب التي تورط فيها مواطنون مغاربة يحملون الجنسية البلجيكية خاصة الزعيم المفترض لهذه الخلية طرح النقاش مجددا حول الدين الاسلامي في هذا البلد. وعلي ضوء هذه التطورات، يري المهتمون أن بلجيكا تجد نفسها أمام ثلاثة سيناريوهات: الأول: التشبت بالهيئة وتنظيم انتخابات جديدة أو خلق اخري بديلة في أسرع وقت ممكن. وحسب تصريح وزير العدل يوبان دوروزن المنشور في جريدة المترو يوم الاثنين 25 شباط/فبراير 2008 الذي قال انه حدد هدفين الأول يكمن في حل المشكل المالي وتنظيم انتخابات جديدة والثاني هو فتح مفاوضات مع مختلف مكونات الجالية المسلمة في الأسابيع القليلة المقبلة. الثاني: ترك المجال الديني لأصحاب فتاوي العنف والتكفير وترك الشباب تحت تأثير القنوات الفضائية الدينية بشقيها المعتدل والمتطرف. ويبقي السيناريو الثالث والأخير هو دعوة الدول التي تملك جاليات مهمة في المهجر، الي المساهمة في التأطير الديني لمواطنيها. هذه التجربة موجودة اصلا مع المغرب، في إطار التعاون الثنائي والقاضية بالسماح لمدرسين قادمين من المغرب لتدريس اللغة والثقافة العربية، بالرغم من الانتقادات الموجهة لهذه التجربة والمشاكل التي يمكن أن تفرزها لا سيما في ظل رهان الاتحاد الأوروبي علي ما يسميه الاسلام الأوروبي أي انشاء مدارس خاصة بتكوين الأئمة المسلمين.