لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    برشلونة يقلب الطاولة على بلد الوليد ويبتعد بصدارة "الليغا"    ربيع الفنون بالقيروان يُنشد شعرا    في لقائه بوزراء .. الرئيس يأمر بإيجاد حلول لمنشآت معطّلة    الدوري الفرنسي.. باريس سان جيرمان يتلقى خسارته الثانية تواليًا    غدا: حرارة في مستويات صيفية    منير بن صالحة: ''منوّبي بريء من جريمة قتل المحامية منجية''    مؤشر إيجابي بخصوص مخزون السدود    عاجل/ قضية منتحل صفة مدير بديوان رئاسة الحكومة..السجن لهؤولاء..    صفاقس : المسرح البلدي يحتضن حفل الصالون العائلي للكتاب تحت شعار "بيتنا يقرأ"    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاواسط والوسطيات    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصيبنا من المصارحة و المنا صحة(مرّة ثانية) مصطفى عبدالله ونيسي


تقديم :
( نصيبنا من المصارحة و المنا صحة) هو تعليق كنتُ قد قمت به منذ سنة و نصف تفاعلا مع ورقة تقدّم بها مجموعة من أعضاء حركة النهضة سمّوها ( مذّكرة مصارحة و منا صحة ) لطرحها على قواعدهم من أجل بلورتها والإقناع بها، ولكنّها وقع الالتفاف عليها ، فبقيت حبيسة الكواليس الحزبية و لم تر النُّور حتّى السّاعة كما كنّا توقعنا. و لا يزال مسلسل هذه المذّكرات مستمرا ولكن دائما تحت إمرة التنظيم وشروطه، فَيُستبعدُ من غَضِبَ عليه التنظيمُ و لو من دون وجه حقّ ، ويُقَّرَبُ مَنْ رضِي عنه التنظيم . و في تقديري أن هذه المبادرات ستبقى مُتَسِّمة بعدم الجدّية طالما بقيت خاضعة لإملاءات وشروط خارجة عن إرادة الإصلاح والتفكير الحرّ. وإيمانا منّا بضرورة الإصلاح ، نحاول أن نساهم في إثراء هذا الحوار، ولو عن بُعْدٍ وذلك لسببين : أوّلا لأننا استُبْعِدنا من هذا الحوار قسرا ، ولا ندري لماذا ؟ ، وثانيا لأن الملاحظات التي أبديناها في حقِّ المذكرة الأولى ينسحب أيضا على غيرها من المذكرات طالما أنّ الإطار لم يتغير ، والهدف هو نفسه.
السبت 13فيفري2010

------------------------------------------------------------------------
نصيبنا من المصارحة و المنا صحة.
------------------------------------------------------------------------
الحمد لله كثيرا فقد وفقني الله تعالى أخيرا أن اطلع على مذكرتكم( مصارحة و منا صحة) . وكان ذلك بعد إصرار منّي وإلحاح وأشكر لكم جهدكم الطيب أن شاء الله ، بل وأتفق مع جُلِّ ما ورد فيه من نصح ومصارحة. ولكُمْ أن تتساءلوا لماذا كل هذا الحرص و الإلحاح ؟ فأجيب أن مبعث هذا الحرص هو حُبّي واحترامي الكبير لكم من ناحية ، فجهدكم هذا أفتخر به، و ما يشغلكم أيضا يشغلني وأغلبكم يعرف ذلك.المهم عندي هو أنكم وُفِقتم في ملامسة واقع الحركة و تشخيصه ، كما وُفقتم أيضا في طرح جُملة من الأفكار الجديرة بإمعان النظر فيها وأخذها بعين الاعتبار في محاولة معالجة الأمور و إصلاحها. أسأل الله أن يُبارك جُهدكم ، فيرى هذا المجهود النور فلا تقفون عند هذه الخطوة بل تُتبعونها بخطوات عملية ميدانية جريئة لا تخافون في الله لوْمة لائم عسانا َنُدْرِك ُ إصلاح ما يمكن إصلاحه والله المستعان على ما تصفون.
ولكن بدوري لا أستطيع أن لا أصارحكم بما يخْتَلج في صدري أيها الأحبّة ما دمتم مُستعدين للمصارحة و المناصحة. إنّ مذكرتكم هذه ، بقدر ما أثارت في نفسي قدرا من الرّاحة و الاطمئنان، فهي خُطوة طالما انتظرناها ، بقدر ما أثارت في نفسي أيضا أقدارا من الشعور بالمرارة والتردد في مصارحتكم و التفاعل معكم، بل والشك في قدرتكم على تحمل مسؤولياتكم التاريخية حتى النهاية ،سائلا الله أن لا يكون شعوري هذا في محله، و سأبدي رأي في ذلك و أبين لماذا؟.
و ما سأبديه من ملاحظات ليس المقصود منه هو إحباطكم أو التشكيك في نواياكم ، و إنّما القصد منه هو النصح و المصارحة و التذكير ببعض المعاني التي قد تغيب عنكم وقد لا يشعر بها إلا من ظُلم و لم يجد أحدا من أقرب إخوانه ليذّب عن عرضه و عن حقه في إبداء الرأي حتى و لو كان مخالفا للأكثرية. لا شك أن العمل معكم شرف لي وأنا مستعد لذلك رغم هذا التجاهل الذي أبديتموه تُجاهي ولا أدري ما سببه؟ الحمد لله على كل حال،ولا يهم كثيرا معرفة السبب،المهم أني من جانبي سأوطن نفسي و أدربها و أذكرها بأن لا تعيش على ردود الأفعال، ففي ذلك ذهاب للريح والتعاون دائما خير، و الوحدة أوصانا بها الله في كتابه العزيز و جعلها مقصدا من مقاصد تشريعنا. و في كل الأحوال لا ضير أن يُخطئ إخواني في حقي أحيانا و أخطأ في حقهم أحيانا أخرى فيصبرون عليّ و أصبر عليهم، و نحن جميعا مأجورين ، خير لي ألف مرة من أن أصبر على غيرهم من خصوم المشروع الإسلامي صبرا مُذِلا قد يكون سببه ردود الأفعال والتوتر و حُبُّ الانتصار للذّات. وبناء على ما تقدم اسمحوا لي أيها الأحبة أن أبدي لكم ملاحظاتي على غير ترتيب راجيا منكم أن تقبلوها بصدر رحب، و ما هي في الأخير إلا رأي شخصي إن حالفني فيها التوفيق فذاك من فضل الله تعالى ، و إن كان الحال على غير ذلك فلا ألوم إلاّ نفسي وعزائي في كل ذلك أني ما أردت إلاّ النّصْحُ و المصارحة و التّذكير ببعض المعطيات حتى لا تكون ذاكرتنا ضعيفة، فلا نستفيد و لا نفيد ونبقى نراوح مكاننا. وبناء عليه فإنّ من جملة هذه الملاحظات أذكر:
1) أنّ مُذّكرتكم وردت فيها جملة من الأفكار القيّمة و المفيدة كما أشرت سابقا، و لكنّها إحقاقا للحق لم يكن ما ورد فيها من أفكار في أغلبه اكتشافا جديدا، بل قد سبقتها نداءات كانت قد رُفعت منذ وقت طويل في مناسبات كثيرة من قِبَل أفراد و مجموعات صغيرة كان هدفها الأوحد فيما أعلم، هو رفع لواء الإصلاح و التجديد في وقت نحسبه كان مناسبا للضغط من أجل الإصلاح الحقيقي.
2) وكان يكفي في هذا المقام أن نعود إلى تلك الورقات التي أ ُعدت من طرف مجموعة من الإخوة الكرام منذ اثنا عشر سنة الآن فنقرأها بكل موضوعية وعندها سنقف وتقفون على حقيقة ما نقول، بل قد نجد فيها أحيانا ما هو أبلغ و أشمل مما تكرمتم بطرحه علينا. وأمانة و خدمة للتاريخ قد ننشر هذه الورقات ليطلع عليها الإخوة وكل التونسيين في الداخل و الخارج فيطلعوا على جملة أراء كنّا قد رفعناها منذ ثماني سنوات الآن،وعندها قد يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، فيحكموا لنا أو علينا. وما يحز في النّفسِ اليوم هو أنّه رغم هذا المجهود المُضني حقيقة، فلا أحد من هؤلاء الإخوة الممضين عن المذكرة استجاب لهذه النداءات المتكررة و لو على استحياء، بل العكس تماما هو الذّي حصل من إخوة كنا ننتظر منهم ولو المساندة الجزئية و الرّمزية أو على الأقل أن يتقمصوا دور الحكم لا أكثر فيحصل لهم شرف محاولة التوحيد و الإنقاذ و الدفاع عن الضعيف حتى يأخذ حقه. و حتى لا نُعمّم فإن هذا العتاب يعني إخوة باريس بصفة خاصة. إنّه انطباع قد حصل عند هؤلاء الإخوة الذّين سبقوكم بمثل هذا النوع من المناصحة و المصارحة، وأنا واحد منهم ، و هو انطباع وللأسف لا يعزز مسألة الثقة المتبادلة فيما بيننا و التي هي ضرورية لكل عمل إنساني جادّ و ذلك رغم التوافق الكامل تقريبا على جملة ما ناديتم به في مذكرتكم.
3) علمتنا التجربة أن مقولة الإصلاح من الدّاخل و المبالغة في ذلك ليست دائما مفيدة، بل هي أحيانا تخدم السائد من الأفكار و العقليات أكثر مما تخدم البعد الإصلاحي و التجديدي في حدّ ذاته إن لم تُدّعم بِجُرعة من الضغط الخارجي. فالتنظيم رغم ضروريته وحاجتنا إليه ، فإنّ من مساوئه القُدرة العجيبة على إفراغ المبادرات التجديدية من مضامينها و احتواءها بالكامل أحيانا ولكن بشكل مُشوه في مرحلة أولى، ثُمّ ينفرد بأصحابها ليجعل منهم كبش فداء و سببا لكل داء في مرحلة لاحقة. وهو ما حصل و يحصل منذ زمن طويل. فالتنظيم بما يشتمل عليه من ميكانيزم و منطقِ دّاخلي خاص به، ومن وسائل و امكانيات دفاعية ذاتية هو بطبيعته آلية تدفع نحو المحافظة والاستقرار ولا تطيق التغيير و التجديد، و هو ما ينبغي أن يأخذه المجدّد أو المصلح بعين الاعتبار. وكسرا لهذه الهيمنة الداخلية للتنظيم أو إن شئتم للحزب فلابد من اللجوء و الاستعانة بالضغط الخارجي على التنظيم للحدّ من هيمنته و ضمان شيء من التوازن والتطور. فممارسة الضغط الخارجي على التنظيم متى كان مُقننا و مُنضبطا هو شرط من شروط العمل الحزبي العصري،و عامل من عوامل التطور. فالإصلاح الدّاخلي ،حتى و لو كان شأنا حزبيا خاصا،إذا أردناه أن يكون فعالا و سريعا ينبغي أن يمر أيضا، إلى جانب التوعية و الحوار الداخلي ، بالضغط والتحديات الخارجية. فالآلة التنظيمية لا تستجيب بسهولة للنداءات الإصلاحية الدّاخلية مهما كانت هذه النداءات قوية ومشروعة،كما يتوهم البعض، بقدر ما تستجيب وتخشى الضغط الخارجي وخاصة بالنسبة لحركة سياسية قاعدتها الشعبية عريضة ، كما هو الحال بالنسبة لحركتنا سابقا. فالإصلاح السياسي لم يكن شأنا حزبيا ضيّقا و حسب، وإنما هو شأن وطنيّ جامع قبل كل شيء، عليه أن يجعل المصلحة العامة والعليا فوق كل اعتبار،و ما الإصلاح التنظيمي و الحزبي إلا مدخلا لتحقيق هذه المصلحة الأشمل ، و كُلَّما كانت المصلحة أعَمُّ تكون أولى بالاعتبار و التقدير. فترتيب البيت الدّاخلي ما يزيده الضغط الخارجي، بشرط ألاّ نسقط في عمليات جلد للذّات،إلا ترتيبا على ترتيب وجمالا على جمال، ألا ترى إلى الواحد منّا عندما يستضيف أحدا فإنّ انتباهه لترتيب بيته و نظافته و جماليته يتضاعف وقد يكون ذلك بدافع الحياء أحيانا أو بدافع احترام الضيف أحيانا أخري أو بدافع كليهما، المهم هو أن النتيجة النهائية لهذا النوع من الضغط لن تكون إلاّ خيرا أن شاء الله تعالى. هذا بالنسبة للضّيف والصّديق، فما بالك بالمنافس؟ لا شك أن الحفاظ على وحدة التنظيم و تلاحم صفوفه ، هي شرط آخر من شروط الإصلاح ، لكن دون أن يكون ذلك على حساب الحريات، التي هي مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية،أو على حساب وأد الإضافات التجديدية لأن ذلك صمام تطورنا و تقدمنا وازدهارنا، بل وحياتنا الحرّة التي نحن بها جديرون. فالاستعانة بجُرْعة من الضغط الخارجي لفرض الإصلاحات المطلوبة، و خاصة إذا ما أعيتنا الوسائل الداخلية ،هي أمر مطلوب وليست عيبا كما يريد أن يصَّور لنا ذلك أصحاب التنظيمات الاستبدادية و القهريّة بكل أشكالها و ألوانها. وفي هذا المقام يحضرني مثال الزعيمة الفرنسية مُرشحة الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة (سيقولان روايال )،( و المقارنة هنا هي في وجه دون وجه أو في بُعد دون سائر الأبعاد، وهو ما يعني أن المقارنة لا تتجاوز نقطة الاستعانة بالضغط الخارجي )، التّي ما كانت لتفرض نفسها على الحزب و باروناته الرّسمية والطّبيعية حتّى و لو كانت هي الأكفأ و الأولى لو لم تستعن على الآلة التنظيمية بالمناضلين القاعديين والرأي العام عن طريق "ديمقراطية المُشاركة" (1)الشعبية و المدنيّة و غير ذلك من الأشكال النضاليّة النَّوعية. فبفضل هذه الآلية الدّيمقراطيّة انتصرت هذه الأخيرة على رموز مُختلف اتجاهات الحزب الإشتراكي،ابتداء من( دومينيك ستروس كان) الذي تحالف معه الوزير الأوّل والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية للحزب لسنة 2002م(ليونال جوسبان) وأنصاره ،وانتهاء ب(لوران فابيس) ومن تحالف معه من مثل (جون ليك ميلونشون) إلى (هونري إيمانيالي) زعيمي أقصى اليسار في الحزب الإشتراكي(2)، انتصارا ساحقا في انتخابات أولية داخل أنصار الحزب وأتباعه . وفي رأي الخاص ما كانت (روايال) لتخسر الانتخابات الرئاسية لولا خيانة زعماء الحزب لها . و بناء على ما تقدم، واستفادة من بعض التجارب و الشواهد، فقد نادينا بالشفافية والعلنية والضغط المدني و السّلْمي بكل أشكاله و ألوانه. و نادينا،أيضا، بالقطع النِّهائي مع الازدواجية في الخطاب و الممارسة على المستوى الدّاخلي و الخارجي مهما كانت الدّواعي و الأسباب. نادينا بذلك كمنهج ثابت في التغيير و الإصلاح، و ليس كتكتيك ظرفي أو مناورة عابرة لتحقيق بعض المكاسب السياسية العابرة . وانطلاقا من هذه المقدمة فلا ينبغي أن يخيفنا أبدا الضغط الخارجي بل إنّ ذلك سيُقوينا ويُكسبنا المناعة و القدرة على التطور الدائم والمستمر،إذا ما تعاملنا معه بهذه الخلفية ، واعتبرناه مقدمة من مقدمات النجاح والتألق.
4) إنّ من شروط النجاح،أيضا ،اختيار الوقت المناسب الذي يساعد ويُهيء لهذا النَّجاح، وكذلك هو الشأن بالنسبة للإصلاح. وأعتقد أنّ ما تفضلتم بطرحه و عرضه ،لو قمتم به في فترة سابقة لكان أجدى وأنفع ، ولأنقذتم عددا مهما من أخلص إخواننا للمشروع من التهميش والاستقالة.
5) الإصلاح الحقيقي أن يكون خالصا لله ومرتبطا أساسا بالأفكار و المشاريع وليس بالأجندات التنظيمية الظرفية أو الأشخاص مهما كان وزن هؤلاء الأشخاص. لا ننكرُ ما لنوعية الأفراد من وزن في إحداث التغيير ولكن ليس إلى درجة أن يُصبح الشخص هو الفكرة و الفكرة هي الشخص. هذا ما ينبغي أن نقاومه جميعا في المستقبل لأن أمتنا في حاجة إلى فكر أصلاحي نهضوي مؤسس، وليست في حاجة ماسة إلى هذه الحدِّ، كما يعكس ذلك سلوكنا وخطابنا وخاصة المقروء منه، إلى ولاية فقيه من الفقهاء مهما كان هذا الفقيه على درجة من العلم والتّقوى. هذا البعد في عملية الإصلاح لا بد من الانتباه إليه وإلاّ فإنّ احتمال تحول عملية الإصلاح على المدى البعيد إلى فكر استبدادي تبقى قائمة، حفظنا الله وإياكم من كل ظالم غاشم مستبد لا يرعى لله ولا لرسوله ولا للمؤمنين ذمة ولا حرمة. لهذه الأسباب وغيرها أوجه عتابي لكم ما دمتم تشاركوننا الرأي في ضرورة الإصلاح والحال أننا أعضاء في نفس الحركة على قدم المساواة على الأقل من الناحية النظرية. فلماذا لم تقفوا إلى جانبنا وتدافعوا عن حقنا في عرض أراء نا بشكل يتوفر فيه قدر من العدل و تكافوء الفرص. ولنفرض أننا ،كما تُرَّوِجُون، كُنّا متشنجين و متوترين و متهورين، فهل يكفي ذلك مبررا لتستخفوا بنا وأنتم تشهدون عملية إقصاءنا و تهميشنا،لا لكبير ذنب اقترفناه ،اللهم إلاّ بعض المناوشات التي كان مبعثها ردود أفعال طائشة والتي لم يسلم منها أي طرف من الأطراف سواء كان قاعديا أم قياديا؟ لماذا لم تساهموا في ترشيد أفكارنا وسلوكنا وتأخذوا بأيدينا وتعينوننا على الحقّ ما دمتم تؤمنون بنفس الأفكار؟ لماذا لم تدخلوا على الخط ،فنُسّلم لكم،حينئذ، المبادرة و نحن على غاية السرور لأن الذّي كان يهمنا هو الإصلاح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لا غير؟ والذي نفسي بيده لو كنت مكانكم لدافعت عن حقكم في إبداء رأيكم على قدم المساواة مع غيركم ما استطعت إلى ذلك سبيلا. ومع كل هذا فسأساندكم في مسعاكم بدون تحفظ و لا تردد.
ولقائل منكم أن يقول : (ومن طلب منك أن تؤيد هذه المبادرة أو تباركها أو تنخرط فيها؟). وعندها أجيب: ( أنا اليوم رجل أشعر بقدر كبير من الحرّية والرّاحة النّفسية رغم التجميد المسلط عليّ في الخفاء،وأحمد الله على كل ذلك، وما هذا الذي عبرت عنه إلاّ جزءا بسيطا من حقي في المصارحة والنصح لأئمة المسلمين وعامتهم و كما يقول الرّسول صلى الله عليه و سلم :( لا تُحقرّن من المعروف شيئا) سواء كان صادرا عني أو من إخواني ( ولو أن تلق أخاك بوجه طلق أو كما قال صلى الله عليه و سلم).
وفي الأخير،لا أ ُخفيكم سعادتي بهذا التقدم العلمي الرهيب وخاصة في مجال التواصل والإعلامية الذّي بفضله أصبح الإنسان قادرا أن يُبلغ صوته عاليا وهو في بيته ،فلا يستطيع مخالفوه في الرّأي أن يحجبوا عن النّاس رأيه ولو كان مخالفا لما هو سائد كما كان الحال في الثمانينات من القرن الماضي. والعولمة،إن كان لها من حسنات،فهي لا تتجاوز هذا المجال. هذا نصيبي من المصارحة والنصيحة، إخوة الدرب المبارك، إن أحببتم أضيفوه إلى مصارحتكم و مناصحتكم وإن أبيتم فاطرحوه أرضا والأيّام دول،فلا سلطان لي عليكم وإنّما أنا مُذكِر . إخوة الدِّين والوطن أسأل الله أن ينفع بكم وأن يسخركم لخدمة دينه، ويُخلص أعمالنا جميعا لوجهه الكريم، أنه سميع مجيب

أخوكم مصطفى عبدالله ونيسي
ليلة الإربعاء 4جوان2008
1+2) كنت سأوضح بعض الحيثيات عن هامشي 1و2باللغة الفرنسية ككتابة الأسماء مثلا ولكن ما استطعت أن أتحول من اللغة العربية إلى الفرنسية رغم كل ما بذلته، فالحاسوب لم يسمح بذلك، وسأضيف ذلك في صفحة مستقلة وأرسلها إليكم لاحقا، إن شاء الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.