قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    وزير السياحة يؤكد ادماج جميع خريجي الوكالة الوطنية للتكوين في مهن السياحة والحاجة الى رفع طاقة استيعاب وحدات التكوين    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    رسمي : محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    ميناء جرجيس… رصيد عقاري هام غير مستغل ومطالب باستقطاب استثمارات جديدة    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    7 مؤسسات ستنتفع بامتياز تكفل الدولة بفارق الفائدة على قروض الاستثمار..وهذه التفاصيل..    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    جندوبة: وزير السياحة يتابع استعدادات الجهة للموسم السياحي ومدى تقدّم عدد من المشاريع السياحية والحرفية    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    إيران تقدم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    صدمة في قطاع الهندسة: 95% من مهندسي الإعلامية يغادرون تونس بحثًا عن فرص أفضل!    اكتمال النصاب القانوني وانطلاق أشغال الجلسة العامة الإنتخابية    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فخ المفاوضات يحاصر الفلسطينيين : نقولا ناصر*

لقد كان خيار "المفاوضات فقط" الذي اختارته قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لاسترجاع الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف في الأرض والعودة إليها وتقرير المصير فوقها خطيئة مميتة منذ البداية، أولا لأنها اختارتها وهي في أضعف حالاتها، وثانيا لأنها اختارتها مقابل التخلي عن كل أشكال المقاومة الأخرى، وثالثا لأنها اختارتها وعدو شعبها منتصر عليها وعلى ظهيرها العربي عسكريا، ورابعا لأنها اختارت أن تفاوض بعد موافقتها على الانتقال إلى حضن الاحتلال المباشر يتحكم في تفاصيل حركاتها وسكناتها، وخامسا لأنها باختيارها للتفاوض قد اختارت أن تلعب لعبة اختارها العدو نفسه وحدد توقيتها وقوانينها ومرجعياتها، وسادسا لأنها باختيارها خالفت ما هو متعارف عليه دوليا من أن التفاوض يصبح ممكنا عندما تتعادل موازين القوى فيستحيل حسم الصراع عسكريا لكنها اختارت أن تفاوض بعد أن اختل ميزان الصراع تماما لصالح عدوها، مما حول المفاوضات عمليا إلى تفاوض على شروط العدو للاستسلام، بشروط العدو نفسه، كما تثبت شروط اللجنة الرباعية الدولية الحالية.

ولأن الشعب العربي الفلسطيني يرفض الاستسلام، وبالتالي فإنه رفض هذه المفاوضات منذ بدايتها، لم يكن أمام قيادة المنظمة ليتسنى لها الاستمرار في التفاوض سوى تغييب الشعب ومؤسساته التمثيلية منذ بدأت المفاوضات قبل حوالي عقدين من الزمن. وإذا استطاعت قيادة المنظمة أن تحاصر الرفض الشعبي للمفاوضات لبعض الوقت كي يظل رفضا سلبيا، فإن الاقتتال الفلسطيني ثم الانقسام الحالي الذي تمخض عنه أكدا بما لا يدع مجالا للشك في أن هذا الرفض ما كان له أن يستمر سلبيا إلى ما لانهاية، وأن انفجاره اقتتالا كان مسألة وقت فقط كنتيجة حتمية لإصرار قيادة المنظمة على استمرار المفاوضات العقيمة.

والقيادة المفاوضة تحاول التغطية على هذه الحقيقة التاريخية للرفض الشعبي الواسع للمفاوضات بخلط أوراقها إعلاميا مع أوراق الانقسام الفلسطيني الراهن، لتوحي بأن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" – قطب الانقسام الآخر -- هي فقط الرافضة لمفاوضاتها، يساعدها في ذلك الموقف المتناقض بين القول وبين الفعل لائتلاف الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير. لكن المطالبة بوقف المفاوضات أوسع كثيرا من رفض حماس لها ولاستئنافها، لا بل إن هذه المطالبة وصلت إلى الحاشية المباشرة للقيادة المفاوضة وإلى منظرين لخيار التفاوض بل ومشاركين في المفاوضات.

ويكفي لإثبات ذلك استعراض أسماء الموقعين على البيان الأخير المعنون "لنقف أمام استئناف المفاوضات بلا مرجعية ملزمة"، مثل د. غسان الخطيب (مدير مكتب إعلام حكومة سلطة الحكم الذاتي في رام الله) الذي عليه أن يفسر التناقض بين منصبه الرسمي كمدير لمكتب إعلام حكومة سلطة الحكم الذاتي في رام الله وبين توقيعه على البيان الذي ينسجم مضمونه مع موقف حزب الشعب الذي يشغل الخطيب موقعا قياديا فيه، مع أن الحزب لم يترك مجالا للتناقض بين موقف الحزب الرافض لاستئناف المفاوضات وبين منصب الخطيب عندما جمد دوره القيادي في الحزب بسبب قبوله للمنصب المذكور، ومثل د.نبيل قسيس (المفاوض السابق) وإبراهيم أبراش (الوزير السابق في السلطة) وجميل هلال (أحد منظري "حل الدولتين" الذي يميل اليوم إل "حل الدولة الواحدة")، وغيرهم من الموقعين على البيان الذي اعتبر "ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وتوحيد شطري الوطن" هو "الأولوية الوطنية القصوى في الوقت الراهن"، واعتبر استئناف المفاوضات "خطراً على القضية الفلسطينية"، و"خطرا على فرص نجاح المصالحة الوطنية"، واعتبر استئنافها "بشكل مباشر أو غير مباشر و على أي مستوى سيشكل غطاء لسياسة الاحتلال ... بينما يستمر الحصار الخانق على قطاع غزة". أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -- الحليف اللدود للقيادة المفاوضة – فإنها اعتبرت في تصريح مكتوب الاثنين الماضي "المفاوضات غير المباشرة تغطية على نهب الأرض الفلسطينية وتهويد مدينة القدس وفرض سياسة الاحتلال على الأرض". وقس على ذلك من بيانات وتصريحات المؤتلفين مع القيادة المفاوضة التي تتناقض مع استمرار اصطفافهم إلى جانب هذه القيادة.

وما زالت القيادة المفاوضة تستثمر هذا التناقض بين بيانات المؤتلفين معها وبين اصطفافهم السياسي احتياطيا جاهزا دائما للادعاء بديموقراطية وتعددية تستخدمهما للتغطية على الرفض الشعبي الواسع للمفاوضات، المباشر وغير المباشر منها وسواء علنية كانت أم سرية، وللتغطية على حقيقة أن المفاوضات والاتصالات مع دولة الاحتلال لم تنقطع لحظة واحدة بالرغم من الصخب الإعلامي الحالي حول الضغوط الدولية والعربية على القيادة المفاوضة لاستئناف المفاوضات والاتصالات "علنا" وبصفة رسمية، ف"الاتصالات غير المباشرة قائمة حاليا مع اسرائيل" وواشنطن تسعى إلى "تكثيفها" فقط (أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه)، والمبعوث الرئاسي الأميركي جورج "ميتشل جاء للمنطقة ثلاثة عشر مرة لإجراء محادثات معنا ونحن ذهبنا إلى واشنطن إحدى عشرة مرة في مباحثات مباشرة مع اسرائيل" حسب كبير المفاوضين صائب عريقات الذي قال رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريس مؤخرا إنه يلتقيه كل بضعة أسابيع، بينما تفاوض مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز أثناء زيارته الأخيرة -- مصحوبا بالمفاوض الأميركي المخضرم دنيس روس الذي يعمل حاليا مستشارا للرئيس باراك أوباما -- مع الجانبين حول ترتيبات الضمانات الأمنية لدولة الاحتلال على الحدود التي تعلن الإدارة الأميركية أنها تريد للمفاوضات المستأنفة علنا أن تتركز عليها، في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات السرية غير المباشرة عبر القناة المصرية بزيارات عوزي أراد، نظير جيمس، وإيهود باراك وزير الحرب الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو نفسه رئيس وزراء دولة الاحتلال، بينما كان الرفض العلني القاطع بلسان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لأي دور للأردن في الضفة الفلسطينية المحتلة لنهر الأردن دليلا على أن المفاوضات السرية غير المباشرة قد شملت المملكة أيضا.

تقول القيادة الفلسطينية المفاوضة إن لديها خطة: فهي أولا لا ترفض من حيث المبدأ الخطة الأميركية لإجراء مباحثات غير مباشرة حول إجراء مفاوضات مباشرة لاحقة حول الوضع النهائي، وأنها "تبقي الباب مفتوحا أمام المقترح الأميركي" لكن لديها ثلاث استيضاحات من واشنطن تنتظر أن يعود ميتشل بأجوبة أميركية عليها "بعد أسبوع"، وأنها بعد ذلك سوف "تتشاور مع قادة عرب آخرين" ثم تطرحها "على أشقائنا في جامعة الدول العربية ونطلب رأيهم في موضوع السير في المفاوضات" و"تتخذ قرارا" بعد ذلك، كما قال عباس في طوكيو مؤخرا، وعلى الأرجح أنها ستحمل هذا القرار إلى مؤتمر القمة العربي في ليبيا للمصادقة عليه. و" في حال أغلقت الأبواب"، كما أضاف عباس، سيتم الذهاب إلى مجلس الأمن لتحديد حدود دولة فلسطين، موضحا أن "الذهاب إلى مجلس الأمن ليس عملية أحادية الطرف وقد اتفقنا مع إخوتنا في الجامعة العربية على أن نذهب بالتشاور مع كل دول العالم إلى مجلس الأمن عندما نشعر بأن الطريق أصبح مقفلا".

وهذه خطة إلى طريق مجرب يعرف عباس قبل غيره أن نهايته مسدودة، لسببين رئيسيين، فمجلس الأمن الدولي، أولا، أبوابه مغلقة إذا انغلقت أبواب البيت الأبيض الأميركي -- كما أثبتت تجربة "تقرير لجنة غولدستون" الشهير مؤخرا وكما أثبت "الفيتو" الأميركي طوال أكثر من ستين عاما منذ النكبة الفلسطينية عام 1948. أما السبب الثاني فأوضحه وزير خارجية سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية د. رياض المالكي الذي يرافق عباس في جولته الدولية الحالية عندما أعلن في طوكيو بأن أحد الاستيضاحات الثلاث من واشنطن هو ما إذا كانت "خريطة الطريق" هي أساس "المحددات" للمباحثات غير المباشرة المقترحة. ومن المعروف أن هذه الخريطة تنص على ثلاثة مراحل، يفخر المفاوض الفلسطيني بتكرار الإشارة إلى وفائه بالالتزامات الفلسطينية بموجب المرحلة الأولى منها المتمثلة بتفكيك "البنية التحتية للإرهاب" ويسجل تكرارا كذلك على خصمه التفاوضي عدم وفائه بالتزاماته بموجبها المتمثلة بوقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات (التي توصف بال"عشوائية")التي أقيمت دون موافقة الحكومة الإسرائيلية على إقامتها كما تدعي هذه الحكومة. لكن المرحلة الثانية من هذه الخريطة تنص على إقامة دولة فلسطينية مؤقتة على مساحة (42%) من الضفة الغربية مع قطاع غزة يقود تنفيذها إلى الاتفاق على الوضع النهائي للأراضي المحتلة عام 1967 في المرحلة الثالثة. ورفض المفاوض الفلسطيني وما زال يرفض الدولة المؤقتة ويسعى حاليا إلى الانتقال مباشرة إلى التفاوض على الوضع النهائي طبقا للمرحلة الثالثة من الخريطة، مما يناقض دعوته المتكررة إلى اعتماد "خريطة الطريق" مرجعية لأي مفاوضات مستأنفة، وبالتالي فإن طريق خريطة الطريق يبدو مسدودا بدوره.

فلماذا يصر عباس على أن يلدغ من الجحر نفسه مرات وليس مرتين فقط ! لقد كانت المفاوضات فخا إسرائيليا – أميركيا منذ البداية، والجولة الدولية الحالية لل"رئيس" محمود عباس التي ستقوده إلى قصر الأليزيه بباريس في الثاني والعشرين من الشهر الجاري تستهدف حشد الدعم لاستئناف "محادثات غير مباشرة" مع دولة الاحتلال من أجل إنجاح الجهود "لبدء مفاوضات حقيقية وجادة"، مما يثير سؤالا مشروعا عن طبيعة المفاوضات طوال السنوات الماضية، وتؤكد إصرار القيادة المفاوضة على عدم الخروج من هذا الفخ.

يقول عباس ومفاوضوه إنهم لا يضعون شروطا لاستئناف المفاوضات غير المباشرة علنا. لكن الرفض الشعبي الواسع لاستئنافها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهو يجد نفسه محاصرا بالفخ التاريخي الذي نصب له، قد بلور شروطا يكاد يوجد إجماع وطني عليه لاستئنافها إذا كان لا مناص من استئنافها:

أولها وقف المفاوضات إلى ما بعد تفعيل منظمة التحرير.

وثانيها إجراء مراجعة وطنية نقدية شاملة لمسيرة التفاوض ومرجعياتها ومفاوضيها ونتائجها.

وثالثها التوافق الوطني على مرجعيات أي استراتيجية جديدة للتفاوض تعتمد رفع الحصار، وإنهاء عزل القدس عن بقية الأراضي المحتلة عام 1967 وفتحها أمام المواطنين الفلسطينيين، والوقف الكامل للاستيطان الاستعماري، وإطلاق سراح الأسرى، ووقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، والوقف الكامل لكل عمليات الاجتياح العسكري والمداهمات والاعتقالات التي تقوم بها قوات الاحتلال كشروط مسبقة للتفاوض.

ورابعها اعتماد القانون الدولي والشرعية الدولية ممثلة في قرارات الأمم المتحدة كاملة دون أي انتقائية – كما هو الحال في المفاوضات الجارية -- كمرجعية حد أدنى لها.

وخامسها أن تكون المفاوضات علنية لا سرية وخاضعة لمراقبة مؤسسات منظمة التحرير بعد تفعيلها ومساءلة مفاوضيها والمصادقة على كل مرحلة منها.

وسادسها حصر أي تفاوض في المستقبل في قيادات المنظمة المقيمة خارج الوطن المحتل، كي تكون متحررة تماما من قيود الاحتلال.

وسابعها عزل سلطة الحكم الذاتي ومسؤوليها عن أي عملية للتفاوض، واختيار المفاوضين من غير العاملين فيها حاليا أو سابقا.

وثامنها ألا يكون رأس المقاومة هو ثمن موافقة الطرف الآخر على التفاوض، فانتهاء المقاومة يجب ن يكون مرتبطا بانتهاء الاحتلال فقط.

وتاسعها إلغاء "خريطة الطريق" كمرجعية للمفاوضات.

وعاشرها وأهمها هو إلغاء الاتفاقيات الموقعة كمرجعية للتفاوض وإعلان هذه الاتفاقيات لاغية وباطلة، ليس فقط لإجحافها بالحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، ونتائجها المدمرة على حركة التحرر الوطني الفلسطيني، واستخدامها غطاء لتهويد القدس وبقية الأراضي المحتلة عام 1967، بل أيضا بسبب عدم احترام دولة الاحتلال لتوقيعها عليها.
* كاتب عربي من فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.