ما يجري في رام الله يبعث على الأسى والحزن، فالسلطة الوطنية الفلسطينية ورجالاتها في أردى حال، هناك انهيار سياسي وأخلاقي وموقفي غير مسبوق، وصلت الأمور للفضائح الجنسية عند أدنى وأحط درجاتها، قبل ذلك وبعده فضائح المال التي لا تتوقف، فساد ينخر في الجسد الرسمي الفلسطيني، للدرجة التي تجعل من الصعب بمكان طرح استفتاء على مسؤول نزيه، لن تجد اللجنة المنظمة لجائزة كهذه من يستحقها في صفوف السلطة الفلسطينية، ستُصدم بالرجال الأكثر فسادا، والرجال الفاسدين، وآخرين أقل فسادا! بثت القناة الإسرائيلية العاشرة مؤخرا شريط فيديو لرئيس ديوان الرئيس الفلسطيني رفيق الحسيني عاريا في منزل امرأة، وقد حاول الحسيني - حسب الضابط الفلسطيني السابق فهمي شبانة - استغلال هذه المرأة جنسيا مقابل الموافقة على طلب توظيف تقدمت به للسلطة الفلسطينية، فكان أن تم تصويره من قبل جهاز المخابرات الفلسطيني!، وهنا أكثر من شبهة وفضيحة وليست فضيحة واحدة فقط، واضح جدا أولا أنها لم تكن المرة الأولى للرجل، بل يمكن الجزم أنه أمر تكرر كثيرا للدرجة التي سهلت معه عملية رصده وضبطه بهذه الصورة، كما أن مسألة ضبطه تمت بعناية روعي فيها التوقيت جيدا، هناك شك كبير أنها محاولة تشويه ضمن صراعات قادمة على السلطة استُثمر فيها الفساد عنوانا، حتى لو كانت نوايا المنفذين سليمة، فمن السهل عادة استثمار النوايا الحسنة كأدوات لأيادٍ تتقن هذه الفنون القذرة، ثم لماذا التصوير؟، لماذا يُصوّر مسؤول فلسطيني وهو عارٍ ويحفظ هذا الشريط ويستخدم بخلاف غرض إثبات الجرم أمام القضاء!؟ تمثل الحالة بذاتها مستوى من الانحطاط الكبير في النفوس الرسمية الفلسطينية، وهو انحطاط حظي برعاية إسرائيلية وأميركية وعربية بشكل ممتاز، المستوى الأهم يتمثل في ما قاله المجلس الثوري لحركة فتح عن الحادثة، وتخيلوا أن شيئا في "فتح" مازال يطلق عليه اسم المجلس الثوري!، وتخيلوا صورة الثائر الفلسطيني في وعينا وقارنوها بالصور الحالية – يمكن هنا استخدام نماذج كثيرة من المسؤولين القابعين في رام الله – النتيجة مؤلمة لوعينا بكل تأكيد، المهم أن هذا الشيء المسمى – المجلس الثوري - اعتبر أن ما نشرته القناة الإسرائيلية يهدف إلى "التشهير" بالرئيس الفلسطيني وسلطته بسبب رفضه استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل دون وقف الاستيطان!، والطيب عبدالرحيم أمين عام الرئاسة أكد أن التقرير "كاذب" والصور "مفبركة"!، النضالية السلطوية تدرج فعلا قبيحا كهذا في دائرة البطولة، كشف أية سرقة أو اختلاس أو فضيحة جنسية يندرج في دائرة الضغط على الرئيس المناضل!، هذا ما أنجزه العقل الثوري لنا، لم يقل لنا المناضلون أن رجلا يشغل منصب مدير مكتب الرئيس وعضو طاقم التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، يتعرى في منزل سيدة لقبض ثمن توظيفها مقدما، إنما هو عار على السلطة ومن فيها، لم يقل القابضون على "جمر السلطة" إنه نظرا لكون الحادثة ليست فردية أو نادرة، فنصف المواد التي وقعت عليها يد حركة حماس بعد طرد دحلان من غزة، ما هي إلا أشرطة جنسية لأعضاء في فتح والسلطة!، لذا نحتاج إلى فتح تحقيق جنس- نفساني في الموضوع، شرط أن يكون فرويد حاضرا في الجلسات، فمهما بلغت سوءات الحركة والسلطة الفلسطينية التي أفرزتها، لا يمكن القبول بهذا التفسخ الغرائزي الفج خاتمة للنضال الطويل!. لم يعد مقبولا ما يقوم به الممسكون بزمام السلطة في حركة فتح، ولم يعد مفيدا الحديث عن تاريخ الحركة ونضالها، فهؤلاء لصوص وغرائزيون سقطوا على هرم السلطة ففسدوا وأفسدوا كل شيء، وأصبحنا نتابع صفقاتهم التجارية والجنسية ولا نسمع شيئا عن نشاطهم السياسي، وفي الوقت الذي نشهد فيه واحدة من لحظات البيع التاريخية، بيع كل شيء، وتمر الأمة في نفق "اعتدالي" قادر على تمرير أسوأ التسويات، تكون الكروش التي ظهرت في شريط الفيديو - والتي لم تظهر بعد- قادرة على فعل هذا وأكثر، ما لم يتكرر في رام الله والضفة الغربية المشهد الذي حدث في غزة يوم 14 يونيو 2007، فهذا الأمر وحده كفيل بإيقاف أو تعطيل دفن القضية الفلسطينية وتشويهها، والانتقام من قتلة ناجي العلي. العرب القطرية 2010-02-14