القاهرة :خيمت على أهالي منطقة وسط القاهرة والمترددين عليها أمس الإثنين حالة من الدهشة وهم يرون أصحاب العمائم الدينية يرفعون أصواتهم مرددين بالهتافات ضد النظام والمؤسسة الدينية. وأحاطت قوات شرطة بالمظاهرة لمنع المواطنين الذين يكنون وافر الإحترام لرجال الدين من الإنضمام اليهم في مطالبهم الملحة.إستمرت المظاهرة التي شارك فيها مئات من أئمة وزارة الأوقاف ما يقرب من ساعتين أمام مجلس الشعب للمطالبة بإقرار كادرٍ خاص لهم، ليساعدهم على مواجهة ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة وللتفرغ الكامل لشؤون الدعوة وتلبية متطلباتها. وقد تعاطف عدد كبير من نواب البرلمان مع الدعاة وعبروا عن غضبهم بسبب إهمال النظام لتلك النخبة التي تمثل وسطية الإسلام وتحول دون دعاوى التطرف والغلو لكن أفرادها يعيشون في ظروف مأساوية. وطالب الائمة في وقفتهم بإنشاء نقابة للدعاة للحفاظ على حقوقهم، وصرف معاش متميز لهم مثل غيرهم من الفئات المهنية والعمالية الأخرى. وشددوا على ضرورة منحهم حصانة فوق منابرهم ضد التدخلات الأمنية في عملهم الدعوي والتعليمي، مطالبين بتوفير مساكن مدعومة من قِبل الدولة لهم، فضلاً عن توفير مكتباتٍ سمعية وكتب بالمساجد للمساعدة في شؤون الدعوة وإيصال الدين الإسلامي الحنيف المعتدل. وفي تصريحات خاصة ل'القدس العربي' أكد النائب حمدي حسن عن جماعة الأخوان إلى أن الظروف التي يضع فيها النظام الدعاة مهينة وتلحق العار أولاً بحزب الأغلبية الذي يدعي دعمه لرجال الدين في كافة المناسبات. وقال حمدي حسن إنه من المؤسف أن تفرغ الحكومة والنظام قدراتها وثرواتها من أجل دعم لاعبي الكرة بينما رجال الدين لا يجدون قوت يومهم. واتهم حسن أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الحاكم وصديق جمال مبارك المقرب بالمسؤولية في عدم صدور كادر للدعاة. وأشار النائب يحيى المسيري عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين انه سوف يتقدم في الجلسة الأولى (امس الإثنين) ببيانٍ عاجلٍ إلى رئيس الوزراء ووزير الأوقاف؛ لبحث أزمة الأئمة وإيصال صوتهم للمسؤولين، وأكد أنه سلَّم مطالب الأئمة إلى لجنة المقترحات والشكاوى لبحثها. وفي تصريحات خاصة أكد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت على تلك الأوضاع القاسية التي يعيش فيها ذلك الفصيل، مذكراً بأن ظلم العلماء يجلب على الأمة غضب السماء. وهاجم النائب حمدين صباحي مؤسس حزب الكرامة إهتمام الحكومة بلاعبي الكرة وغض الطرف عن المطالب المشروعة للأئمة الذين يواجهون أحلك الظروف. وتقدم به علم الدين السخاوي عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين حول أهمية إنشاء كادر خاص للدعاة أسوةً بإنشاء كادر خاص بالمعلِّمين التابعين لوزارة التربية والتعليم. وأكد النائب أن الموافقة تمت في وجود ممثلَين لوزارتَي الأوقاف والمالية، استعرضا فيها أهمية هذا الكادر بالنسبة للدعاة والأئمة. وأشار النائب إلى أن مشروع القانون هو الأول من نوعه الذي تقدَّم به من قبل د. أحمد عمر هاشم رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف ورئيس جامعة الأزهر السابق، وتحديدا في 14 /12/2008 في شكل اقتراح برغبة، ثم تم تعديله بناءً على رغبة اللجنة إلى مشروع قانون، واصفا هذا الأمر بأنه إنجاز للكتلة البرلمانية للإخوان ولمجلس الشعب وللأئمة والدعاة على مستوى الجمهورية. وكان السخاوي قد توقع من قبل أن يتم إدراج هذا الأمر بعد موافقة مجلس الشعب على خطة مالية في المرحلة القادمة لإنقاذ الدعاة والأئمة من ظروف الحياة الصعبة والحفاظ على الدعوة ومكانة الدعاة في المجتمع غير أن الشهور مضت تلو الشهور من غير أن تتم الموافقة على تلك المطالب الملحة لرجال الدين. وكان السخاوي قد التقى مؤخرا بعددٍ من الأئمة والخطباء والوعاظ في العديد من القرى التابعة لمحافظات الدلتا لمناقشتهم في مشروع القانون الذي تقدَّم به للمطالبة بكادر خاص لهم أسوةً بغيرهم من أصحاب المهن الأخرى وفي مقدمتها المدرسون. وأكد الأئمة أن وزارة الأوقاف من أغنى الوزارات، وتملك موارد كثيرة ومتنوعة، مشيرين إلى أنه إذا تم الصرف منها على الأئمة والمشايخ والعمال والمساجد لكَفَتهم، ولن يحتاج الأئمة إلى كادر خاص. واستنكروا تصرف الحكومة في الوزارة وأموالها كيفما تشاء، والتدخل في شؤونها بشكل يُوحي بأنها تهدر أموال الأوقاف. وأكد المسيري أن الأئمة هم الذين يقودون مسيرة الإصلاح، فلا بد لهم من توافر الحياة الكريمة التي تساعدهم على إكمال مسيرتهم التربوية والدعوية من أجل مستقبل مصر والأمة، مطالبا برفع الوصاية الأمنية وتقديم كافة المخالفين للتحقيق والتأديب. وكان نواب الأغلبية بمجلس الشعب قد رفضوا بناء على ضغوط من عزالطلب الذي تقدَّم به أكثر من 20 عضوا باستعجال مناقشة تقرير اللجنة المشتركة بمنح كادر خاص للدعاة، وتدخَّل امين التنظيم بالحزب الحاكم أحمد عز رافضا عرض التقرير، وأشار إلى أن الكادر يحتاج إلى مبالغ طائلة ليست موجودة بالموازنة الحالية. وتجاهل عز عرض التقرير، وقال إن لجنة الخطة والموازنة اعتمدت هذا العام 200 مليون لتحسين أحوال الدعاة؛ ولكن الكادر يحتاج إلى دراسة خاصة ويحتاج إلى المليارات، وهي غير موجودة بالموازنة. وعبر النائب الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق عن صدمته بسبب رفض البرلمان الإستجابة للمطالب العادلة للدعاة وقال حجج عز غير مقنعة لأن الأموال موجودة، والموافقة موجودة من جميع الجهات المعنية. ودعا لإنهاء تلك المشكلة في أقرب وقت من أجل أن يحصل الدعاة والوُعَّاظ ومقيمو الشعائر على كامل حقوقهم. غير أن الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب دافع عن عز قائلاً: المجلس لم يرفض إنشاء كادر للدعاة ولكنه طلب مزيدا من الدراسة خلال المرحلة القادمة. وفي ذات السياق شدد د. عبد الأحد جمال الدين رئيس الأغلبية في المجلس في تصريحات خاصة على أن الرئيس مبارك حريص على دعم تلك النخبة من رجال الدين بسبب قيمتهم والدور الحيوي الذي يقومون به. 'القدس العربي' من حسام أبو طالب