ردة فعل القيادة السياسية الفلسطينية بكل مستوياتها على فضيحة أشرطة العار التي صورها "فهمي شبانة" لصالح الأجهزة الأمنية، واحتفظ بنسخ منها، لا تبشر بخير، ولا تشير إلى قيادة مؤتمنة على مصير شعب يتوجع من الاحتلال، ويئن من الحصار، وإنما تعكس موقفاً قيادياً متخبطاً، وحائراً، يخشى مما سيلاحقه من فضائح في المستقبل، قيادة أسيرة للخطايا التي غطتها من رأسها حتى أخمص قدميها، وعليه يمكن استنتاج التالي: إن قيادة سياسية تهزم أمام رجل واحد اسمه "فهمي شبانة" بالضربة القاضية، وتستسلم له، وتخضع لشروطه، وتلتزم بأوامره بإقالة رفيق الحسيني، وتخشى مما لديه من معلومات، لهي قيادة سياسية غير مؤهلة لقيادة شعب فلسطين، وهي قيادة ضعيفة، ومرتبكة، ومرعوبة، وجاهزة للتنازل في المفاوضات أمام القاتل "نتانياهو" وأمام الوحش "ليبرمان" عما هو أكبر بكثير مما تنازلت عنه أمام الفرد "فهمي شبانة". إن كانت فضيحة تعري السيد رفيق الحسيني تخصه شخصياً، فإن يده التي صافح فيها يد القاتلة اليهودية الصهيونية "تسفي لفني" في المغرب بتاريخ 20 نوفمبر 2009، كانت يد مسئول في السلطة، وفضيحة الأموال المسروقة التي بلغت 700 مليون دولار تخص كل الفلسطينيين، ولا يصير التغطية بعورة الحسيني على عورة الآخرين. إن توفيق الطيراوي هو المسئول الأول عن فهمي شبانة، وعليه يتوجب مسائلة الطيراوي، وأمثاله عن الأشرطة المماثلة، وعن مصيرها؟ وعن الشخصيات السياسية التي تم ابتزازها، ولصالح من؟ وعن عدد البيوت المستورة التي تم انتهاك حرمتها!؟. إن أولاد السيد عباس قد ورد ذكرهم في اتهامات الفساد، وكذلك عزام الأحمد الذي عين في لجنة التحقيق، هو وأخيه علام متهمان بسرقة مليون و950 ألف دولار، كما تدعي وثائق "فهمي شبانة"، فكيف يكون الأحمد خصماً وحكماً في لجنة عينها والد متهمين؟ هو متهم بالتسويف في عرض تقرير غولدستون من لجنة تحقيق مماثلة. إن التعري الكامل لمدير مكتب الرئيس عباس قد جاء مكملاً للتعري الجزئي الذي خرجت فيه قيادات عسكرية وسياسية فلسطينية من سجن أريحا، بعد أن تخلت عنهم السلطة الفلسطينية، ورمتهم في السجن، ليقعوا فريسة ليهود إسرائيل. إن قضية سياسية عادلة، وواضحة كالشمس، لتفرض على الشعب الفلسطيني أن يختار قيادته التي تنسجم مع تضحياته، وعدد أسراه، وشهدائه، وجرحاه. ولتفرض على الأمة العربية والإسلامية أن تدعم قيادة فلسطينية على مستوى قداسة القضية.
إذا كانت اتفاقية أوسلو للمرحلة الانتقالية قد قدمت للعالم كل هذا المستوى من التعري، والفساد، فكيف سيكون مستوى التعري، والفساد بعد التوقيع على الاتفاق النهائي؟ وإذا اعترفت السلطة بالخطأ بعد التأكد من مؤخرة الحسيني على الفضائيات، فمتى يتم التأكد أن مؤخرة القضية الفلسطينية هي التي تعرض على طاولة المفاوضات؟!.