أثارت قضية الفضائح الجنسية والمالية والأخلاقية التي كشفت عنها القناة العاشرة الإسرائيلية، زوبعة من ردود الأفعال التي توقعت أن تدخل حركة حماس في دوامتها، رغم محاولات بعض وكالات الأنباء زج اسم الحركة، لكنها فشلت أما المستوى الأخلاقي الذي يشهد به للحركة مقابل حالة السقوط المتواصل لحركة فتح من خلال قادتها الذين كشفت حقيقتهم علانية . وبالعودة في ذاكرة الإعلام الموثقة ففي تاريخ 24/12/2008، أي قبل عام ونصف أنذر محمد نزال سلطة عباس في رام الله خلال حلقة لبرنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة بأن الشريط الذي كشف عنه لرفيق الحسيني بحوزة الحركة وعليها التحرك لمحاسبة الفساد بداخلها قبل فوات الآوان .
تنبيهات بلا مجيبات لكن دعوة نزال التي رفض فيها الكشف عن الشريط وأكد أن الأخلاق التي تتمتع بها حماس أسمى من ذلك رغم أنه يورط قيادات كبيرة في فضائح لا تنتهي ، قابلتها حركة فتح بالهجوم والردح والشتم من خلال توفيق الطيرواي الذي كان مديرا لجهاز مخابرات الضفة سابقا قبل إقالته على خلفية هذا الشريط الفاضح، رغم أن كان يعلم حقيقة الأمر وصحة كلام القيادي نزال .
ومنذ الحسم العسكري بقطاع غزة نادت حركة حماس الشرفاء في فتح والسلطة بالعمل لتطهير حركتهم من قيادات باعتهم قبل أن تبيع الوطن، لكن ذلك كان ومازال يقابل أنه مزوادات سياسة، وفضلت الحركة رغم أن بحوزتها أرشيف لسلطة فتح البائدة عن القطاع أن تحتفظ به ولا تنشره علانية حتى لا يؤثر على نسيج العائلات وانطلاقا من أخلاقها العالية في التعامل مع الخصم السياسي .
ونجح قادة فتح الذين تسلقوا إلى أركان المقاطعة برام الله على أسوار المال والدم، في تضليل القاعدة الشعبية الفتحاوية بالعفة والطهارة، واتهام حركة حماس بتهم باطلة وطويلة دون سند، حتى بات الملتقى الرسمي لحركة فتح بوقا لكيل الاتهامات الأخلاقية بحق قادة وكوادر المقاومة من حركة حماس وذكر أسماء، والخوض في أعراض عائلات طاهرة عفيفة .
حالة الأخلاق التي تمتعت ومازالت بها الحركة الإسلامية شهد لها القاصي والداني، فنأت بنفسها عن دوامة الفضيحة التي عصفت بأركان حركة فتح وسلطتها الهزيلة أمام إعصار الفساد الذي لحق بها، ومن خلال أحد قادتها الأمنيين .
شهادة الصديق والعدو وشهد بذلك وكالة "معا" التي حاولت زج اسم الحركة لتبرير الفضيحة، لكن ما كشفته القناة العاشرة الإسرائيلية دمر كل ما خطط للإيقاع بالحركة، حتى أعلنها رئيس تحريرها في مقالة نشرت بقوله :" انا أكبر لحركة حماس تعاملها الناضج مع الفضيحة ولفت انتباهي اليوم ان صحيفة الرسالة وفلسطين وغيرها لم تتطرق الى الامر من باب الانتقام او التشفي " .
وجاء موقف حماس من خلال تصريح صحفي بثته وكالات الأنباء بقولها :" حذرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من استخدام العدو الصهيوني الفضائح الأخلاقية في ابتزاز رجالات السلطة وحركة فتح للعودة إلى طاولة المفاوضات والمساومات العبثية بدون شروط؛ معتبرة أن ذلك يعرض القضية الفلسطينية برمتها إلى التصفية ".
ودعت حركة فتح إلى إعادة حساباتها ووقف التعاون مع الاحتلال، كما دعتها إلى نبذ الساقطين من صفوفها والعودة إلى الصف الوطني بعيدًا عن الاحتماء بالاحتلال أو غيره من أعداء الشعب والقضية الفلسطينية.
موقف أخلاقي مشرف وقالت حماس في بيانها - تعقيبًا على ما نشرته القناة الإسرائيلية العاشرة وبعض وسائل الإعلام من فضائح ضد مكتب الرئيس المنتهية ولايته عباس- :"أنه برغم أن حماس لا تثق بدرجة كبيرة في الإعلام الصهيوني إلا أننا أكدنا عدة مرات أن لدينا وثائق خطيرة تثبت تورط قادة السلطة وفتح بفضائح عديدة ترفعنا عن نشرها ومازلنا لإعطاء فرصة لإعادة تقييم الأوضاع ومن أجل لملمة الصف الفلسطيني".
وأكدت حماس، إن ما نشرته القناة العاشرة الصهيونية يعد دليلاً كبيرًا على خسة دولة الاحتلال وعدم احترامها لمن يتعامل معها ويتعاون معها أمنيًا ضد شعبه وضد مقاومته ومن يساهم في الحصار والحرب على أهله.
وأضافت :" إن مثل هذه القيادات سواء التي وردت أسماؤها في التقرير أو التي لم يرد اسمها لا تمثل الشعب الفلسطيني، وهي تعمل لمصلحتها الشخصية ولنزواتها وهي التي تعطل المصالحة وتعطل مقاومة الاحتلال، ولا بد من عزلها ومحاكمتها".
صرخة أخوية واعتبرت حماس أن هذه الرواية الخطيرة التي قدمها السيد فهمي شبانة ضابط المخابرات الفلسطينية في الضفة، والتي كشف فيها أن فضائح مكتب الرئاسة في رام الله "ليست جديدة، وقد حصلنا على مقابلة شخصية مع نفس الضابط قبل فضح الأمر في القناة العاشرة، ورفضنا التعاطي معها لأهداف عليا".
وتعاملت وسائل إعلام الحركة الرسمية مع الخبر من ناحية إيجابية لعله يكون جرسا يوقظ الغافلين في فتح، ويكشف للشعب حقيقة لا بد من عرفتها، لكن ذلك بالتأكيد لا يكون على حساب سمعة الشعب الفلسطيني أو النيل من تاريخه أمام أخطاء قادة حركة لوثوا تاريخها النضالي بنزوات وشهوات الرذيلة .
وبذلك تسجل حماس في تاريخها المشرف نقطة في صفحة بيضاء ناصعة أثبتت أنها حركة سياسة بعيدة عن "قذارة" السياسة التي حاولت فتح ومازالت تستخدمها لابتزاز الحركة من خلال التعاون مع الاحتلال ودعم الحصار وقطع الكهرباء وملاحقة واعتقال أبنائها بالضفة. فلسطين الآن