فشل عبدالباسط المقرحي، الليبي المدان في تفجير طائرة الركاب الأميركية فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية العام 1988، في محاولته ارغام الحكومة البريطانية على كشف وثائق يقول محاموه إنها قد تساعد في تبرئته . وعللت الحكومة البريطانية رفضها كشف السرية عنها بحاجتها إلى ضمان تعاون الدولة التي سلّمتها إياها في مجال مكافحة الإرهاب. والوثائق المطلوبة ذات أهمية خاصة للدفاع عن المقرحي. إذ أن لندن تسلّمتها من جهاز تابع لدولة أجنبية ونقلتها، العام 1996، إلى الإدعاء الاسكتلندي الذي كان يحضّر آنذاك ملف قضية تفجير طائرة «بان أميركان» فوق لوكربي، ما أدى إلى مقتل 270 شخصاً. لكن الإدعاء الاسكتلندي لم يكشف هذه الوثائق لمحامي المقرحي عندما حوكم أمام قضاة اسكتلنديين في كامب زايست (هولندا) العام 2000. ودانه القضاة بتفجير الطائرة في كانون الثاني (يناير) 2001 وحكموا عليه بالسجن المؤبد، وهي عقوبة يقضيها حالياً في اسكتلندا. لكن محامي الليبي اكتشفوا في إطار استئنافهم الحكم ضده وجود وثائق لدى الإدعاء لم يُتح لهم الإطلاع عليها، وهو أمر يشكل خللاً جوهرياً في أي قضية قضائية. وعند عرض الموضوع على لجنة خاصة بمراجعة الأحكام الجنائية في اسكتلندا اعتبر القضاة أن عدم اطلاع محاميه على الوثائق يُشكل فعلاً خللاً خطيراً قد يكون نجم عنه عدم تحقق العدالة في مجرى محاكمته. ودار جدل قانوني منذ العام الماضي أمام المحكمة العليا في اسكتلندا في شأن كشف هذه الوثائق للدفاع عن الليبي. لكن قضاة المحكمة رفضوا أمس هذا الطلب، مع إقرارهم بأن الموضوع يستحق دراسة معمقة أكثر. وقدّم القضاة في حيثيات حكمهم شرحاً مطولاً للدفوع التي قدمها محامو المقرحي وردود الإدعاء. ففي حين أصر الطرف الأول على ضرورة كشف الوثائق، خصوصا وثيقة تردد أنها من جهاز استخباراتي أميركي يُشكك في مدى صلابة الأدلة ضد المقرحي، رد المحامي العام في المملكة المتحدة (برتبة وزير) بأن كشفها قد يؤدي إلى فقدان الحكومة ثقة دول العالم بقدرتها على الحفاظ على الأسرار التي تحصل عليها من أجهزة خارجية، وقد يضر بالتعاون الخارجي معها في مجال مكافحة الإرهاب. وطلب بالتالي «حصانة» من منطلق «المصلحة العامة» ضد أي قرار برفع السرية عن الوثائق. ووافق محامي التاج في اسكتلندا، من جهته، على أن كشف الوثائق المطلوبة أمر مناسب، لكنه أقر بأن المحامي العام في المملكة المتحدة له الحق في طلب «الحصانة». ومعلوم أن اسكتلندا نالت نوعاً من الاستقلال عن لندن في نهاية التسعينات وصار لها حكومتها وبرلمانها، شرط أن تبقى تحت التاج البريطاني وتبقى السياسة الخارجية والدفاع في يدي الحكومة المركزية في لندن. ووافق قضاة المحكمة العليا الاسكتلندية، أمس، على أن المحامي العام في المملكة المتحدة يحق له التعلل ب «الحصانة من أجل المصلحة العامة» لابقاء الوثائق سرية. لكنهم، في المقابل، قرروا ابقاء هذه القضية مفتوحة للنظر أكثر في مسألة «الحصانة من أجل المصلحة العامة». وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أعلن سابقاً أن كشف الوثائق لدفاع المقرحي يهدد الأمن البريطاني.