تمكن الحزب الاشتراكي الحاكم في اسبانيا من البقاء في السلطة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت أول أمس الأحد والتي تميزت بتراجع كبير للأحزاب القومية والصغيرة، لكن المشاركة كانت مرتفعة ووصلت الي 75% ، في حين يسيطر الارتياح في صفوف الجالية العربية وخاصة المغربية بعد هذه النتائج. وبعد فرز جميع الأصوات، حصل الحزب الاشتراكي بزعامة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو علي 169 مقعدا بمعدل 43.63 متبوعا بالحزب الشعبي المحافظ ب153 مقعدا ب40.12% ، وحصل الأول علي 11 مليونا و63 ألف صوت، بينما نال الثاني عشرة ملايين و169 ألف صوت. وحقق الاشتراكي تقدما بخمسة مقاعد عن انتخابات 2004 وبزيادة 30 ألف صوت، والحزب الشعبي بخمسة مقاعد لكنه تقدم ب 400 ألف صوت عن انتخابات 2004، وهو تقدم ملحوظ لم يترجم علي مستوي المقاعد. واعتبر سبتيرو هذه النتيجة مشرفة للغاية وتعني تجديد الشعب الاسباني الثقة فيه وفتح مرحلة جديدة من التفاهم بعيدا عن التوتر الذي ميز الولايات التشريعية المنتهية، بينما اعتبر زعيم المعارضة ماريانو راخوي أن حزبه تقدم في الأصوات ولكن لم تكن كافية للفوز. ولم يحصل حزب اليسار الموحد الذي يعتبر تشكيلة سياسية علي المستوي الوطني سوي علي مقعدين فقط رغم أن قرابة مليون شخص صوتوا عليه، وندد هذا الحزب بالقانون الانتخابي وطالب بتغييره لأنه قانون غير منصف، وهدد زعيمه غاسبار جاماساريث بالعمل في الشارع السياسي أكثر من المؤسسات طالما لم يتم تغيير القانون الانتخابي. واحتل حزب التجمع والوفاق الكاتالاني المركز الثالث ب11 مقعدا، وهو حزب تقدم فقط في اقليم كاتالونيا، بينما حصل الحزب القومي الباسكي علي ستة مقاعد واليسار الجمهوري الكاتالاني علي ثلاثة مقاعد والائتلاف الكاناري بمقعدين والتكتل الغاليسي بمقعدين وتجمع الشعب بمقعد واحد ونفاباي بمقعد واحد. وكشفت هذه الانتخابات عن نزوح الخريطة الانتخابية الاسبانية نحو حزبين كبيرين، الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي المحافظ بينما تراجعت التشكيلات السياسية الأخري وخاصة القومية في كاتالونيا وبلد الباسك وغاليسيا. ويري المراقبون أن هذه الانتخابات قد تدفع الأحزاب القومية الي مزيد من التصلب مستقبلا خاصة اليسار الجمهوري الكاتالاني الذي فقد ستة مقاعد وذهبت الي الحزب الاشتراكي. وساد ارتياح كبير في أوساط الجالية المسلمة وخاصة المغربية منها التي تشكل قرابة 80% ، ويعود السبب الي عدم فوز الحزب الشعبي الذي حمل مشروعا متطرفا في ملف الهجرة من خلال طرحه عقد الاندماج الذي استهدف الحجاب أساسا، في حين يسود الاعتقاد أن حكومة سبتيرو المقبلة ستكون أكثر اعتدالا في ملف الهجرة وستعمل علي مزيد من إدماجها. ورغم ضعف الهجرة الاسلامية في اسبانيا، فقد منحت الأغلبية منها أصواتها للحزب الاشتراكي الحاكم. ومن ضمن العوامل الأخري التي جعلت الجالية العربية الاسلامية تتعاطف كثيرا مع الحزب الاشتراكي موقفه من القضايا العربية، فالمهاجرون لم ينسوا صورة سبتيرو بالكوفية الفلسطينية خلال الشهر الماضي، ويعتبرون أن الدبلوماسية الاسبانية عملت الكثير من أجل الحوار بين الديانات والثقافات من خلال مشروع تحالف الحضارات الذي تبنته الأممالمتحدة وعارضه الحزب الشعبي وقلل من أهميته.