من كينيا: يتعرض الشبان الصوماليون في معسكرات اللاجئين في كينيا إلى الإغراءات والضغوط لتجنيدهم من قبل السلطات الكينية.. ولكن ما إن يكملوا تدريباتهم العسكرية حتى تتوالى عليهم العروض من قبل الجماعات المسلحة المتحاربة. "نحن نستفيد من الحرب في الصومال." هذا ما يقوله رجل الأعمال، عبد الله، من بلدة غاريسا، شمال شرق كينيا، ويوضح "الكثير من الأموال والبضائع تنتقل من الصومال إلى غاريسا. وقد انتعشت المدينة لهذا السبب." لكن خطيب المسجد، حسين ماحات، يشير إلى مخاطر التورط الكيني في الصراع الصومالي: "تجنيد المقاتلين على الأراضي الكينية من قبل القوى الصومالية يجعلنا نفقد حيادنا. لقد أصبحت كينيا دولة مواجهة. نحن المنحدرين من أصول صومالية نعامل أصلاً كمواطنين من الدرجة الثانية. وهذه الأنشطة تزيد وضعنا سوءاً. أحياناً أتساءل: لماذا لا أذهب للعيش في الصومال إذن؟" أبقار وجمال منطقة الشمال الشرقي الكينية تشبه الصومال إلى حد بعيد: جافة ومغبرة، وحارة. وهناك بالطبع الأبقار والجمال. يمكنك رؤية الكثير منها في سوق غاريسا، الذي يعتبره كثيرون أكبر سوق للماشية في شرق أفريقيا. معظم البضائع في هذا السوق تأتي من كيسمايو، الميناء الصومالي. في الآونة الأخيرة بدأ سكان غاريسا يشعرون بأن العلاقات الوثيقة مع جيرانهم الصوماليين قد أصبحت عبئاً عليهم. فقد شهدت المنطقة في الشهور الأخيرة محاولات حثيثة لتجنيد المقاتلين الشبان في كينيا، سواء لصالح الحكومة الصومالية أو لصالح مجموعة "الشباب" الإسلامية المتطرفة. ولنأخذ على سبيل المثال أحمد، وإن كان هذا الاسم ليس اسمه الحقيقي: "إنهم جندونا أولاً للجيش الكيني، ثم طلبوا منا أن ننضم إلى قوات الحكومة الصومالية. والآن يحاول تنظيم الشباب أن يكسبنا إلى صفوفه." تابع أحمد تدريباً عسكرياً لمدة أربعة شهور. في البداية في مخيم كيني، ثم في الغابة البرية تسافو، إلى جانب حوالي تسعين شاباً آخرين، تم تجنيدهم من معسكرات اللاجئين الصوماليين التابعة للأمم المتحدة في كينيا. توقف أحمد عن متابعة التدريبات بضغوط من والديه. العمدة المعارض مدينة غاريسا لديها عمدة قوي الشخصية: محمد غابو. يدعم غابو مواقف الأهالي المعارضين لممارسات التجنيد غير المشروعة التي تقوم بها السلطات الكينية، وتأتي المعارضة بالدرجة الأولى من أهالي الشباب الذين يتم تجنيدهم. يصر غابو على موقفه ويتحدى السلطات الأعلى في البلاد، ويقول: "حين يبدأ طرف ما بتجنيد المقاتلين، فإنه يعطي الذريعة للطرف الآخر لفعل الشيء نفسه." هذا هو ما حصل بالفعل، بعد عودة المجندين من بلدة مانياني، وبعد أن قام العمدة بنشر تجاربهم في وسائل الإعلام. التدريبات العسكرية التي حصل عليها أحمد ورفاقه، جعلتهم مطلوبين أكثر من قبل مختلف المجموعات المسلحة في الصومال. وحين يذهب هؤلاء الشبان الآن إلى السوق في مدينة غاريسا فإن أعضاء الجماعات الصومالية المسلحة بانتظارهم ليعرضوا عليهم الانضمام إلى هذه الجهة أو تلك. "جماعة الشباب عرضت علينا مبلغ ألفي دولار." يقول أحمد. الجهات الرسمية في غاريسا تلتزم الصمت التام، لكن جميع الأهالي يعرفون إن جماعة الشباب تجند مقاتليها هنا. أفكار متطرفة يقول المطلعون إن نشاط جماعة الشباب المتطرفة لا يقتصر على منطقة الشمال الشرقي في كينيا، بل يمتد إلى حي إيست ليه، في العاصمة نيروبي، والذي تسكنه جالية صومالية كبيرة. يقول الصحفي الصومالي عبد الكريم جيماله في حي إيست ليه: ""يأتي مقاتلو حركة الشباب بانتظام إلى هذا الحي للاستراحة. الجرحى منهم يتلقون العلاج بشكل غير قانوني في المستشفيات الكينية. كما يحاول أعضاء الجماعة التأثير على أئمة المساجد لنشر الأفكار المتطرفة في المساجد الكينية." لا تبدو الحياة سيئة في إيست ليه. الأسواق الحديثة والشقق الفاخرة بدأت تتكاثر في شوارع الحي المهملة، وبين الدكاكين الفقيرة القديمة. بين جبال من النفايات ترى أيضاً مصارف ومكاتب لتحويل الأموال، ومطاعم وفنادق راقية. الكثير من هذه المشاريع تبنى بأموال اللاجئين الصوماليين. ثراء ظاهر هذا الثراء الظاهر، والأنباء حول نشاط جماعة الشباب، هو ما يقلق الكثير من الكينيين. تقول إحدى البائعات في السوق، في وسط العاصمة نيروبي: "الصوماليون يجتاحون كينيا ويسيطرون على بلادنا." ويجيبها رجل عجوز: "يريدون أن يدمروا كينيا مثلما دمروا بلادهم." من السهل أن يجعل الكينيون من الصوماليين كبش الفداء. فهم مسلمون، بدو، أجلاف. وهكذا يتحول الخوف من التطرف الإسلامي إلى مشاعر عداء تجاه شعب بأكمله. وهو ما يثير غضب صوماليين كثيرين، مثل محمد علي، وهو شيخ قبيلة يسكن حالياً في إيست ليه: "كيف ندعم جماعة الشباب؟ لقد هربنا من بلادنا بسبب هؤلاء المتطرفين." كورت لايندر- إذاعة هولندا العالمية