بيروت:أكد مصدر مطلع في حركة فتح أن اجتماعا عقد في سفارة فلسطين في بيروت في الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر أمس، بلغ خلاله أمين سر حركة فتح الجديد في لبنان، فتحي أبو العردات، المجتمعين بالمرسوم الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتم بموجبه تعيين هيئة جديدة لقيادة فتح في لبنان طالت المواقع التنظيمية والعسكرية. وأبرز ما في الهيئة الجديدة، هو إزاحة العقيد منير المقدح، مسؤول الكفاح المسلح في لبنان من منصبه ومن مجمل التشكيلة الجديدة. وجدير بالذكر أن المقدح رجل قوي وله مسلحوه في أكثر من مخيم وبشكل خاص مخيم «عين الحلوة» الذي يعتبر بؤرة توتر مقلقة للسلطات اللبنانية. وحل مكان المقدح العميد أحمد صالح، المحسوب على سلطان أبو العينين، الذي كان يشغل منصب أمين سر حركة فتح في لبنان حتى 22 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وكانت علاقته قد ساءت إلى حد كبير مع المقدح. وفي اتصال ل«الشرق الأوسط» مع العقيد منير المقدح، رفض التعليق على استبعاده، واتهامه بأنه ناصر عصبة الأنصار بدلا من مناصرة فتح في المعارك الأخيرة في مخيم «عين الحلوة»، وقال: «إنه في طور إجراء اجتماعات مكثفة مع ضباط ومسؤولين في فتح وأفراد وأيضا مع الجماهير لتدارس الوضع، واتخاذ القرار المناسب». وأضاف: «لم أبلغ الخبر بشكل رسمي بعد، انتظر تبليغي وبعدها نتكلم في الموضوع». وشرح أكثر من مصدر في «عين الحلوة» ل«الشرق الأوسط» ما مفاده أن ردود الفعل الشعبية على التشكيلة الجديدة سيئة، وهناك عدم رضا من الناس. فمنير المقدح في المخيم قوي وله رجاله على الأرض، وفي حال حدوث خلل أمني له قدرة كبيرة على تهدئة الأوضاع، خاصة أن المخيمات تعيش في وضع حساس وهي بحاجة إلى من يكون فاعلا يؤمن حياة الناس على الأرض. قرار التعيينات الذي اتخذه أبو مازن جاء بعد توصيات رفعتها لجنة عسكرية برئاسة اللواء يونس العاص، زارت لبنان في أواخر العام الماضي. وكانت اللجنة قد جالت على المخيمات وتفقدت الأوضاع، وتشاورت مع المسؤولين. ونتيجة هذه التوصيات أصبح فتحي أبو العردات هو أمين سر حركة فتح في لبنان خلفا لسلطان أبو العينين، الذي عين مستشارا للرئيس لشؤون اللاجئين برتبة وزير، ويعني ذلك اللاجئين في لبنان والشتات وداخل مناطق السلطة في الضفة والقطاع· وبذلك تكون صلاحيات أبو العينين قد انتهت عمليا في لبنان، وبات عمله مباشرا مع أبو مازن. وقال المصدر المطلع من فتح ل«الشرق الأوسط»: «إن الجميع في فتح يلتزم عند صدور تعيينات، والضباط الذين تمت تسميتهم أو تنحيتهم جميعهم ملتزمون. وفتحي أبو العردات بات الرجل الأول لفتح في لبنان، وهو خلوق وواقعي ويتمتع بمحبة من الجميع. لكن المشكلة الأساسية التي أرجو ألا تحدث أزمة كبيرة هي تنحية المقدح وإبعاده كليا عن التعيينات. وأعتقد أنه ما هكذا كان يجب أن يتم التعامل معه». ويضيف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: «العيون مفتحة على مخيم (عين الحلوة) الذي هو عاصمة الشتات الفلسطيني، والمقدح له قوة هناك. لو كانت قوته في البداوي أو مخيم (البص)، لما شكل الأمر أزمة»، وشرح المصدر «أن منير المقدح شكل أثناء الانتفاضة الأولى والثانية ما يسمى بالجيش الشعبي، وهذا ما منحه امتدادا في كل المخيمات تقريبا، وقوى من نفوذه». مسؤول فلسطيني معارض لفتح رفض الكشف عن اسمه، هو الآخر عبر عن مخاوفه من استبعاد المقدح، وقال إن الرجل أعطى تعليمات لبعض من رجاله، بمجرد أن عرف بخبر التشكيلة الجديدة، بعدم أخذ الأوامر إلا منه، وإنه على الأرجح لن يسكت على استبعاده بهذا الشكل». ويرجح المسؤول المعارض أن «فتح، في حال ما أبقت الوضع على ما هو عليه، ستعاني من مزيد من الانقسامات». وتخوف هذا المسؤول من أن يكون الفلسطينيون في لبنان قد دخلوا في لعبة تجاذبات إقليمية ليست في مصلحتهم. إذ ثمة من يقول إن المقدح استبعد لقربه من سورية بعد أن رفض السوريون تحديد موعد لمحمود عباس، رافضين استقباله قبل حل المشكلة مع حماس، وقد رد لهم الصاع باستبعاد الرجل الأقرب لهم في فتح. فيما نرى من جانب آخر - يقول المسؤول - أن مسؤول «فتح - الانتفاضة» أبو موسى، من مكان إقامته في سورية يطالب بأن يصبح السلاح الفلسطيني خارج المخيمات في لبنان جزءا من المقاومة والاستراتيجية الدفاعية. وهو مطلب عاد وكرره النائب سليمان فرنجية، المعروف بقربه من سورية، مع العلم مسبقا أنه لا حزب الله ولا أي جهة لبنانية من الأكثرية تستطيع أن تقبل بهذا الاقتراح. لذلك أخشى أن تكون التعيينات الأخيرة جزءا من لعبة شد حبال بين أطراف لبنانية وسورية لا مصلحة للفلسطينيين فيها. سوسن الأبطح الشرق الاوسط