الجزائر:فصلت أعلى هيئة دينية في الجزائر في جدل حاد حول إلغاء عقوبة الإعدام، وقال رئيسها إن الأمر متروك للقضاء ليقدر ما إذا كانت الجريمة تستحق تطبيق هذه العقوبة أم لا.وقال بوعمران الشيخ، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، في مؤتمر صحافي أمس، إن عقوبة الإعدام «لا يمكن إلغاؤها في كل الظروف، إذ ينبغي أن نترك المحاكم تقرر ما إذا كانت الجريمة تستحق تطبيق هذه العقوبة أم لا». وأوضح بوعمران ردا على دعوات تنظيمات وأحزاب وجمعيات حقوقية إلغاء أحكام الإعدام من المنظومة القانونية والقضائية، بأن «القصاص من صميم الدين الإسلامي، وإلغاء هذه العقوبة من عدمه يعتبر من صلاحيات المحاكم التي يعود إليها تقدير ظروف وملابسات وقوع الجريمة». وتحت إلحاح الكثير من الأشخاص الذين اتصلوا ب«المجلس الإسلامي الأعلى» طلبا لرأيه في إلغاء الإعدام، قال بوعمران: «إن العقوبة من جنس الجريمة، فالمجرم الذي يقتل طفلا ويبيع أعضاءه مثلا، لا يمكن أن نلغي تطبيق حكم الإعدام عليه. لذلك وجب ترك الأمر للقضاء ليقدر ما إذا كانت الجريمة مع سبق الإصرار والترصد، وفي كل الأحوال لا يمكن أن نلغي إحدى مواد الشريعة الإسلامية». واقترح برلمانيو حزب التجمع من أجل الثقافة العلماني، العام الماضي، مشروعا يقترح شطب المواد التي تنص على الإعدام من قانون العقوبات. وقال رئيس الحزب، سعيد سعدي، متهجما على رجال الدين الذين يتمسكون بإبقاء العقوبة: «لا أريد أن أدخل في جدل ديني حول هذه القضية، لكن أقول إن هذا النوع من الردع لجأت إليه مجتمعات في فترات محددة من التاريخ، ولمعالجة مشكلات معينة. وقد ثبت أن رجال الدين الذين دافعوا عنه، إنما كان ذلك اجتهادا منهم يعكس طقوسا يمارسونها». وعارضت الأحزاب الإسلامية الموجودة في البرلمان بشدة، مقترح «التجمع» على أساس أنه «يمس بمبدأ من مبادئ التشريع في الإسلام»، ورفضت رئاسة البرلمان مشروع الحزب في النهاية. وصرح المحامي فاروق قسنطيني، رئيس لجنة حماية حقوق الإنسان الحكومية، أن الجزئية المتعلقة بفرض عقوبة الإعدام في قانون العقوبات «تجاوزها الزمن»، داعيا إلى استبدال عقوبة أخرى بها. ويعد قسنطيني من أشد المدافعين عن فكرة إلغاء الإعدام. وأثار هذا التصريح حفيظة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الشيخ عبد الرحمن شيبان، حيث قال: «أيسمح العاقل لنفسه بأن يتصور ويعلن أن عقوبة بشرية أرضية قد تكون أردع للقتلة السفاكين وأنسب لحقوق الإنسان من الآية القرآنية التي تجاوزها الزمان؟ كلا والله فلا يصدر مثل هذا القول من عقل واع وقلب مؤمن يعلم أن الزمان مخلوق لا يتجاوز أحكام خالقه، فنرجو أن يكون هذا التصريح من الأستاذ قسنطيني زلة لسان، لا لوثة جنان». وأوقفت السلطات تنفيذ عقوبة الإعدام منذ 15 سنة، لكن اللافت أن قانون العقوبات ما زال ينص عليها، والقضاة ما زالوا يصدرونها في أحكامهم بالمحاكم الجنائية، حيث تعرض لها العشرات من المتهمين بالإرهاب في السنوات الماضية. وغالبا ما تتحول العقوبة إلى السجن مدى الحياة. وكان آخر من خضعوا لعقوبة الإعدام رميا بالرصاص، ثلاثة إسلاميين أدانهم القضاء في 1993 بتهمة تفجير مطار العاصمة الدولي في 1992، الذي خلف 20 قتيلا. الشرق الاوسط