اعتبرت الولاياتالمتحدة أن قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيطان في القدسالشرقية إهانة لها ويتعارض مع روح زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، في حين قالت السلطة الفلسطينية إنها تنتظر رد واشنطن على طلب وقف الاستيطان ورحبت بموقف الرباعية المندد بالقرارات الإسرائيلية.واعترضت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس على قرار إسرائيل بناء مستوطنات جديدة في القدسالمحتلة، وأبلغته بأن الموافقة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على ذلك "إشارة سلبية للغاية بشأن نهج إسرائيل تجاه العلاقات الثنائية وقوضت الثقة في عملية السلام".
وقال مسؤول أميركي إن ما أقدمت عليه حكومة نتنياهو يضعها في وضع خطر. ومن جهتها تمسكت السلطة الفلسطينية بمطالبة واشنطن بضمان وقف الاستيطان شرطا لبدء مفاوضات غير مباشرة. وخلال مقابلة في نيويورك مع شبكة سي أن أن، اعتبرت كلينتون أن هذه التطورات لا تضع العلاقات الأميركية الإسرائيلية في خطر واصفة إياها بأنها "دائمة وقوية"، ولكنها أضافت أن "إعلان بناء المستوطنات في نفس يوم وجود نائب الرئيس هناك أمر مهين".
وضع خطر من جهة أخرى قال مسؤول في البيت الأبيض إن ما أقدم عليه نتنياهو من إعلان بناء 1600 وحدة سكنية وقت وصول بايدن إلى إسرائيل يضع ائتلاف حكومته في وضع خطر، وإن العلاقة بينه وبين واشنطن ستمر بفترة غير مأمونة في المرحلة المقبلة.
وأوضح أن مستقبل حكومة نتنياهو "محفوف بالمخاطر" بسبب الانقسامات داخل ائتلافه بشأن جهود متابعة إحلال السلام مع الفلسطينيين. وقال المسؤول الرفيع بإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إعلان إسرائيل الموافقة على التوسع الاستيطاني "الإسرائيليون يدركون أن الطريقة الوحيدة للبقاء على الجانب الإيجابي دوليا ومعنا تتمثل في عدم تكرار" مثل هذه القرارات. وتكهن طالبا عدم نشر اسمه بسبب حساسية الأمر بأن إسرائيل ستمر "بفترة غير مأمونة خلال اليومين أو الأسبوعين المقبلين" وفق وكالة رويترز.
علاقة راسخة وقال مدير مكتب الجزيرة في رام الله وليد العمري إن العلاقة الأميركية الإسرائيلية لا يمكن أن تصل إلى التأزم أو القطيعة، مشيرا إلى أن حكومة نتنياهو حاولت أن توهم الجمهور الإسرائيلي بأن أزمة إحراج بايدن قد انتهت، وهو ما تناقضه تصريحات كلينتون. ولفت إلى أن التصريحات الأميركية ستفرض تفاعلات داخل الحكومة الإسرائيلية خصوصا بين صفوف وزراء حزب العمل الغاضبين الذين قد يسعون إلى الضغط على نتنياهو، مشيرا إلى أن وزراء اليمين المتطرف سيمارسون ضغطا مضادا. وقال العمري إن التوتر داخل حكومة إسرائيل قد يتطور إلى حدوث تغييرات خصوصا إذا ما تم تقديم وزير الخارجية المتشدد أفيغدور ليبرمان إلى المحاكمة بسبب الفساد، مما قد يدفع نتنياهو إلى محاولة إدخال حزب كاديما إلى صفوف حكومته. السلطة تنتظر على صعيد متصل، قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات السبت إن السلطة الفلسطينية تنتظر الرد الأميركي بشأن طلب إلغاء القرارات الاستيطانية الأخيرة لإسرائيل لحسم موقفها بشأن المفاوضات والذي يتوقع أن يحمله المبعوث الأميركي للسلام جورج ميتشل. وقال عريقات في بيان صحفي إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغ واشنطن أنه سيكون من الصعب جدا التوجه لأي محادثات دون إلغاء القرار الإسرائيلي ببناء 1600 وحدة استيطانية في القدسالشرقية والتعهد بعدم القيام بأي عطاءات أو نشاطات استيطانية في المستقبل. ورحب عريقات ببيان اللجنة الرباعية الدولية الذي أدان القرارات الاستيطانية الإسرائيلية، ودعاها إلى إلزام الحكومة الإسرائيلية بإلغاء هذا القرار. وكانت اللجنة التي تضم الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد أصدرت بيانا الجمعة قالت فيه إنها "تدين قرار إسرائيل السماح ببناء وحدات سكنية جديدة في القدسالشرقية". ودعت اللجنة "جميع المعنيين إلى دعم استئناف سريع للحوار". مبادرة أوروبية ومن جهتها صرحت الممثلة الأعلى للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون السبت بأنها ستسعى لاستئناف محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين عندما تتوجه إلى المنطقة في الأيام المقبلة، على الرغم من أنها أقرت بصعوبة ذلك بسبب التوتر الحاصل بين طرفي التفاوض. يذكر أن إطار المحادثات الذي تقترحه واشنطن يتيح لنتنياهو أن ينقل مواقفه فيما يتعلق بالقضايا الحساسة للوسيط الأميركي بدلا من إبلاغها للفلسطينيين مباشرة، ولكن مسؤولين إسرائيليين يقولون إن نتنياهو يقاوم ضم القضايا الأساسية لمرحلة المحادثات غير المباشرة، الأمر الذي يلقي بظلاله على المحادثات برمتها.