إلى أي درجة تساهم هذه المشاريع في خدمة عملية التنمية العربية التي يفترض أن تتمحور حول المجتمعات العربية والإنسان العربي؟!??تشهد?البلاد العربية نهماً غير مسبوق للاقتراض. فقد تجاوز اقتراض العرب عام 2007 مبلغ 150 مليار دولار، أي بزيادة نسبتها 65% عن العام الذي سبقه! يذهب جزءٌ كبيرٌ طبعاً من هذه القروض للشركات التي يبدو أنها تتسابق على المشاريع الضخمة. فقد ارتفع عدد الشركات التي طرحت أسهما للاكتتاب العام في الأسواق العربية العام الماضي إلى 52 شركة بعائد أكثر من 8 مليارات دولار.?لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: إلى أي درجة تساهم هذه المشاريع في خدمة عملية التنمية العربية التي يُفترض أن تتمحور حول المجتمعات العربية والإنسان العربي؟ إليكم ما يساعد على الإجابة:?فحسب مجلة بيزنس ويك التي تنقل الخبر عن مؤسسة عالمية محترمة سيبلغ الإنفاق على المشاريع الترفيهية في العالم العربي قرابة تريليون دولار! هذا المبلغ الذي يساوي ألف مليار دولار يساوي أيضا حجم الناتج المحلي لدولة عظمى مثل الهند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار ومائة مليون إنسان! والمبلغ نفسه بالمناسبة أقل من معدل الناتج المحلي لجميع الدول العربية دون استثناء حسب التقديرات العالمية!?أكثر من هذا، أكدت المؤسسة المذكورة أن ذلك المبلغ هو جزء من أصل 3 تريليونات دولار مخصصة لمشاريع في قطاعي السفر والسياحة في العالم العربي خلال العقد المقبل، منها على سبيل المثال لا الحصر 171 ملياراً للمشاريع الترفيهية البحتة، و218 ملياراً لمنتجعات ترفيهية؟..? وفي نفس الاتجاه نقلت مجلة بيزنس أرابيا تصريح الدكتور عبد الله فخرو رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أن دول المجلس تخصص 380 مليار دولار للمشاريع السياحية حتى علم 2018!..?وهناك خطط لاستثمار 580 مليار دولار في أكثر من 900 فندق ومنتجع حتى العام 2020 في العالم العربي . بالتزامن مع أكثر من 200 مشروع هي حاليا قيد الإنشاء في الخليج العربي وبقيمة 23 مليار دولار!..?لاشك أن هناك خطأً ما يجري فيما يتعلق بالاقتصاد في هذا الجزء من العالم. لن نقف عند المشاعر والأحاسيس ولكن لندع الأرقام تكمل الحديث:?في مقابل تلك المشاريع تؤكد التقارير المحلية والعالمية أن العجز الغذائي في البلدان العربية بشكل إجمالي تصاعد بشكل غير مسبوق، وقد تراوح بين 30 – 50% عام 2004 حسب دراسة للدكتور أحمد العثيم الخبير الاقتصادي العربي. وبلدان الخليج بالذات لاتزال تعتمد على الاستيراد لتوفير 90% من احتياجاتها الغذائية؟!?من هنا قد لا تكون الظواهر التالية غريبة.?فمصر تشهد أزمات في مياه الشرب وزيادة في أسعار السكر والملابس وغيرها من السلع الضرورية للحياة. وكشف تقرير أصدرته الغرفة التجارية بالقاهرة أن أسعار 144 سلعة زادت بنسبة 40% خلال ثلاثة أشهر فقط!.. ?وقد أعلن وزير المالية في البرلمان بصراحة: «انتهى عصر المواد الغذائية الرخيصة والأسعار لن تهبط..». ?في مقابل هذا، ورداً على تقرير السفارة الأمريكية الذي حدد نسبة الفقر في مصر بأكثر من 52% قال وزير التنمية الاقتصادية إنها فقط 20%!..?وفي الكويت ارتفعت أسعار بعض السلع والأغذية بشكل جنوني وصل أحيانا إلى 200% خلال العام الماضي..?أما في المملكة فقد ارتفعت الأسعار الأساسية لبعض السلع مثل البيض والأرز بشكل كبير يتراوح بين 40 – 60%، وأصبحت الشكوى من غلاء المعيشة شائعة إلى درجة دفعت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لمخاطبة وزارة التجارة بهذا الخصوص منذ أسابيع كما صرح بهذا لجريدة الرياض نائب رئيسها مفلح بن ربيعان القحطاني..?وفي الأردن جاء قرار رفع الدعم عن المحروقات في ميزانية عام 2008 ليصب الزيت على نار الأسعار الملتهبة أصلا..?وفي سورية ارتفعت أسعار اللحوم والخضروات والزيوت والألبان والمعجنات بنسب تتراوح بين 30 – 60% خلال العام الماضي فقط!.. ?وقد أجرى برنامج الأممالمتحدة الإنمائي دراسة في بالتعاون مع المكتب المركزي للإحصاء و هيئة تخطيط الدولة، قدّرت عدد الفقراء في سورية بنحو خمسة ملايين شخص أي قرابة ثلث السكان، منهم 2.2 مليون شخص تحت خط الفقر والباقي ضمن خط الفقر الأعلى!..?أما في الإمارات فقد ارتفعت الأسعار بشكل تفاوت بين 50 – 100% لكثير من السلع والمنتجات إلى درجة دفعت جمعية حماية المستهلك للمطالبة بإعادة إصدار البطاقة التموينية، كما طالبت بإعادة الدعم إلى المحروقات وإلى السلع الرئيسة الأخرى وإلى تجميد كامل لمدة عامين للإيجارات!.. ?عودة إلى موضوع القروض، يجب أن نعرف أن جزءاً منها يذهب إلى الناس العاديين. ?فقد أثبتت الدراسات في المملكة مثلا أن بعض البنوك تقرض مبالغ وصلت إلى 30 ضعف الراتب الشهري للموظفين! ?وكذلك الأمر في باقي دول الخليج وإن بنسب متفاوتة. فلماذا يقترض هؤلاء؟ ?إما أنهم يقترضون هرباً من الجوع أو أنهم يقترضون هذه المبالغ رغبةً في أن يصبحوا جزءاً من منظومة مشاريع الترفيه والسياحة الضخمة المذكورة أعلاه. ?نحن ياسادة أمام اقتصاد عربي من نوع غريب إما من خلال التمتع بها حتى ولو بالدين، أو أملاً في عائد مادي لم يعد يبدو أن بالإمكان الحصول عليه إلا من خلال هذا النوع من الاقتصاد الذي يبدو أنه أصبح مع أسواق الأسهم الاقتصاد العربي الوحيد.. فلا مشاريع زراعية ولا مشاريع صناعية ولا مشاريع إنتاجية في مجالات أخرى.? وائل مرزا المدينة