الفجر نيوز :اجتمع مؤخرا في الغابات الهولندية في محمية "دي فيليوا" الطبيعية مجموعة من الأئمة ومسئولو المساجد للتباحث حول دور لأئمة في المجتمع الأوربي. يرى المراقبون أن هذه إشارة على أن المسلمين الهولنديين بدؤوا في العمل على التحكم في مصيرهم. "كيف يمكن جعل مهنة الإمام جذابة لشبابنا؟" الهيئة الخارجية لإبراهيم موغرا تكفي للجواب على سؤاله. هذا الإمام البريطاني الباكستاني القصير القامة يمزج المظهر الخارجي لابن لادن بعمامته، ولحيته الطويلة، وهندامه، مع شخصيته الحاضرة، ونظرته لدينه المسايرة للعصر. ربطة عنق موغرا هو أحد المدعوين لحضور ندوة في قرية سبيت بمنطقة دي فيليوا حول دور ومهمة الإمام في المجتمع الأوربي. وتعتبر هيئته المثيرة للانتباه حالة شاذة، لأن أغلبية المشاركين من أصول تركية أو مغربية، يلبسون بذلة عصرية أنيقة وربطة عنق. نظم الندوة المركز الإسلامي الهولندي، وهي مؤسسة وطنية للمسلمين الأتراك. يقول الباحث في الشئون نيكو لاندمان من جامعة أوتريخت "طرح المركز الإسلامي الهولندي لهذا الموضوع بهذا الشكل المفتوح، يعتبر إنجازا في حد ذاته." اتفقت الحكومة الهولندية والمنظمات الإسلامية الوطنية مثل المركز الإسلامي الهولندي، منذ سنوات حول ضرورة تأهيل الأئمة في هولندا. أسست 3 مراكز لتدريب ألائمة منذ 2006 في كل من المدرسة العليا انهولند، والجامعة الحرة بأمستردام، وجامعة ليدن. ولكن لم يتفق المعنيون بالأمر بعد حول المحتوى التفصيلي لبرامج مراكز التكوين، فالمسلمون الهولنديون لا يتوجسون من تدخل الحكومة لتدريب أئمة يؤمنون بإسلام "أوربي" معاصر. يسود اوساط الحكومة الهولندية نظرة جد سلبية حول الأئمة المحافظين القادمين من المغرب أو تركيا. فهؤلاء قد يشكلون عقبة أمام الاندماج، لعدم تمكنهم من اللغة الهولندية، وعدم معرفتهم بالمجتمع الهولندي، ونشرهم لآراء تتناقض مع المبادئ وقيم الديموقراطية الغربية. بالعكس من ألائمة المستوردين يتوقع أن يقوم ألائمة المدربون في هولندا بدور ايجابي في تشجيع الاندماج، ومساعدة الشباب المسلم في تشكيل هويتهم الدينية، ووقايتهم من الإجرام والتطرف. خصائص الامام الاوربي يشخص إبراهيم مورغا الكثير من خصائص الإمام الأوربي المعاصر. يقول "نحن بحاجة إلى إمام، بوسعه التواصل مع شبابنا، ويدعوهم للاعتزاز بهويتهم الإسلامية، دون الاستعلاء على معتنقي الديانات الأخرى." يجب على الإمام الجيد كما يراه موغرا أن يؤدي وظيفته في المسجد، ويجب أن يتوفر على معرفة كافية بالإسلام. ولكن يجب عليه أيضا أن يتواصل مع العالم الخارجي، مع رجال الدين من ديانات أخرى ومع الحكومة ووسائل الإعلام. على الإمام في نظره أن يكون ناطقا باسم الجالية الإسلامية ولا يخشى من أن يعبر عن رأيه في القضايا غير الواضحة لدى المواطنين. "لا يمكن لنا أن نبقى بعيدين عن القضايا التي تثير النقاش في المجتمع، يجب على الإمام أن يعبر بوضوح عن رأيه حول الإرهاب، ولكن أيضا حول قضية المعلمة البريطانية في السودان التي لوحقت بسبب تسميتها ب "محمد" للدب تيدي" حسب عالم الإسلاميات نيكو لاندمان، ينتظر الكثير من الأئمة الذين تعلموا وتلقوا تدريبهم في هولندا "هنالك بالطبع حدود لسلطة الإمام، فهو يعبر عن الآراء الدينية للمسلمين الهولنديين، وهي آراء تقليدية إلي حد كبير جدا. وإذا حاول تجاوزها، فلن يتعامل الناس معه بشكل جدي." تغيير العقليات حسب لاندمان، تحتاج إلى وقت طويل، وستكون بطيئة ونتيجة لتراكم التجارب العملية. في هذا الجانب، ينتظر الكثير من الأئمة الذين يعملون كمرشدين روحيين في السجون، والمستشفيات، والجيش. يقول: "هؤلاء يصطدمون في المجتمع الهولندي بقضايا أخلاقيات المهنة، ويعملون يوميا يومي مع ممثلي الديانات الأخرى." المسلم الهولندي المشهور عبد الواحد فان بومل، الذي عمل لمدة طويلة كمرشد روحي في المستشفيات يمكن له أن يؤكد ذلك "إذا عملت في فريق من المساعدين الروحانيين مع زميل هندي، مسيحي أو يهودي، تدخل دائما في حوار معهم. هذا الحوار مهم جدا لأنك تكون مجبرا على تقبل الآخر كما هو." ويعترف فان بومل أن ذلك ليس سهلا على المسلمين: "نسأل أنفسنا دائما: هل يمكن لنا العمل في غرفة ترى فيها الصليب معلقا على الحائط؟ هل يجب علي أن أغتسل حين أرجع إلى البيت؟ ... ولكن إذا كنا واثقين من أنفسنا ومن إيماننا الديني، فسيكون الأمر أسهل."