غزة:يشعر الأسير العراقي المحرر علي عباس البياتي (55 عاما) من أسرى الدوريات العرب بالحنين إلى العراق وذويه، بعد سنوات من الحرمان التي أعقبت الإفراج عنه عام 1999 وإقامته وزواجه في غزة.ويتذكر البياتي طفولته في العراق وأن 90% من أصدقاء الطفولة قد استشهدوا هناك، ويحن إلى أن يقضي يوماً واحداً مع أهله ووالدته خاصة في العراق بعد سحب الجنسية منه ورفضه التخلي عن جواز سفره الفلسطيني الذي منحته إياه السلطة الفلسطينية.
وأسرى الدوريات العرب هم أسرى من جنسيات عربية اعتقلتهم إسرائيل أثناء مشاركتهم في عمليات عسكرية بعد احتلال فلسطين، ويصادف يوم 22 أبريل/نيسان من كل عام يوم الأسير العربي، وهو يوم تاريخ اعتقال الأسير اللبناني المحرر سمير القنطار. غربة وذكرى يحكي البياتي الذي قضى عشرين عاما بالسجون الإسرائيلية للجزيرة نت كيف أنه لا يعرف الكثير من أقاربه نتيجة تعاقب الأجيال وغيابه الطويل عن العراق منذ العام 1979.
ويسرد البياتي قصة لا تزال عالقة في مخيلته، إذ يتذكر حين نقل بتحويلة خاصة وبتنسيق عالي المستوى إلى الأردن لتلقي العلاج من سرطان الدم عام 2008، أن شقيقته حضرت إلى المستشفى ومرت بجواره وسألت طبيباً هل وصل علي البياتي من فلسطينالمحتلة، فنادى عليها شقيقها وقال أنا هو.
ويضيف البياتي "ظننت أنها والدتي في البداية، لكنها كانت شقيقتي.. والله لم أعرفها لأني غبت عنهم كثيراً"، معرباً عن أمله في أن يلتقي بأهله ووالدته المريضة بالعراق ولو ليوم واحد وتكتحل عيناه برؤيتهم.
ويوضح أنه يحمل شهادة ميلاد عراقية لكنه لا يحمل الجنسية العراقية، مشيراً إلى أن أسئلة أطفاله الأربعة تضعه في موقف تذكر دائم لمعاناته، فأطفاله يسألونه "أين كنت تعيش يا بابا؟ ونريد رؤية جدتي وأعمامي وعماتي".
ضيوف بغزة ولا تختلف معاناة البياتي عن معاناة الأسير المحرر جمال مكحل من الأردن الذي أفرج عنه عام 1999.
يقول مكحل للجزيرة نت إن "أهلي موجودون بالأردن وأصبحتُ لا أعرف الكثير منهم"، وفوجئت خلال دخولي على الفيس بوك أن شابة أضافتني وتحدثت معي، وكانت المفاجأة أنها ابنة شقيقي المرحوم!".
ويضيف "أحمل شهادة ميلاد أردنية، وتوجهت للسفارة الأردنية في غزة التي أغلقت عقب الأحداث عام 2007 وطلبت منهم إرجاع جنسيتي الأردنية ولكني لم أوفق خلال المرتين"، مشيراً إلى أن والدته حصلت على تصريح لزيارته في غزة عام 2000 ومن ثم لم يرها، ويتواصل مع ذويه في الأردن عبر الانترنت والهاتف.
وبين مكحل أنهم رغم الحفاوة الكبيرة في غزة فإنهم يشعرون بأنفسهم "كضيوف على غزة وأهلها"، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية لم تعمل على حل مشاكلهم الاجتماعية والحصول على لم شمل لهم. جنسيات مختلفة بدوره يشير الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة إلى أن قرابة 35 أسيرا عربيا يقبعون بالسجون الإسرائيلية، مؤكداً أنهم يحملون الجنسيات الأردنية والمصرية والسورية وأسير واحد من السعودية.
وذكر فروانة للجزيرة نت أن أقدم أسير من أسرى الدوريات العرب مضى على اعتقاله 21 عاما، وهو الأسير السوري صدقي المقت من الجولان المحتل، مؤكداً أن معاناة الأسرى المحررين والباقين منهم متساوية.
ففي السجن "يعانون الكثير لأنهم لم يسمحوا لذويهم بزيارتهم باستثناء الأاردنيين كل عدة أعوام- إضافة إلى الضغوط النفسية نتيجة إهمال حكوماتهم لأوضاعهم".
أما في خارج السجن فيشير فروانة إلى أنهم تشتتوا، إذ عاد بعضهم إلى وطنه في حين تستمر معاناة الآخرين الذين لا يسمح لهم بالعودة. المصدر: الجزيرة