اثارني خبر طلب نظام طهران لعضوية مجلس حقوق الانسان في جنيف ففيه شيئا من الصلافة والوقاحة.. وكذلك تعجبت لتراجعه فهل يعقل انه تحلى بشيء من الخجل والحياء وتراجع بسبب سجله الخالي من نقطة بيضاء واحدة ام خوفه وتأكده من انه غير مرحب به وغير مقبول في هذا المجلس.. ولكن كان لهذا الخبر المثير زاوية مضيئة فقد عاد بذاكرتي الى الوراء ليذكرني بايراني غيور حمل معه هموم الشعب الايراني واخلاق وثقافة حقوق الانسان الى جنيف وكنت التقيت بالبروفيسور المرحوم كاظم رجوي في جنيف في نهاية مارس 1982 ووجدته رجلا متحمسا رائعا ومحبوبا عاشقا ومحبا لوطنه وشعبه وكان في حينها يحاول تمرير وانزال قرار ادانة يدين انتهاكات حقوق الانسان في ايران في المقر الأوربي للأمم المتحدة في جنيف و كان يمثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في هذا المقر. ومنذ ذلك اليوم والى يومنا هذا أصدرت المنظمة الدولية 56 قرارا ضد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. وكان البرفسور كاظم أشهر شخصية مدافعة عن حقوق الإنسان في إيران وأول سفير إيراني لدى المقر الاوربي للامم المتحدة بعد الثورة الإيرانية قبل أن يتم إقالته لكونه الشقيق الأكبر لمسعود رجوي قائد المقاومة الإيرانية ولمواقفه المناهضة لديكتاتورية الملالي في إيران. وعندما ذهبت إليه في بيته في ضاحية جنيف طلب مني أن أزور سرداب المنزل حيث كان مليئا بنشاطاته قبل عشرة اعوام لإنقاذ شقيقه مسعود رجوي والذي كان آنذاك الوحيد من قادة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذي نجى من الاعدام. وهنا عرفت السبب، نعم في عام 1971 كان البرفسور كاظم يمارس حياته العلمية وفي مسؤولياته الرسمية العادية في الجامعة، وفجأة هبت عاصفة من الشرق وغيرت هذه الحياة. كان سجناء إيران السياسيون في قبضة السافاك (مخابرات الشاه) وكان شقيقه مسعود قد حكم عليه بالإعدام. فبادر كاظم إلى ترك مناصبه ومشاغله وتفرغ إلى تنظيم حملة دولية كبرى للدفاع عن السجناء السياسيين في إيران وإنقاذ حياة شقيقه. ونجحت الحملة في الضغط على الشاه وتخفيض حكم الإعدام على شقيقه بالسجن مدى الحياة. ويكتب كاظم حول هذا الموضوع في مذكراته ما نصه: «إنني لم أهدأ إلا عندما احتضت شقيقي». واغتيل هذا الرجل الحبيب المتحمس العاشق لشعبه ووطنه في مثل هذا الأيام قبل عشرين عاما بالقرب من منزله في كوبيه في جنيف برصاص رشاشات الإرهابيين المرسلين من طهران. واليوم نفس الارهابيين الحاكمين في إيران الذين يقع نظامهم متوجا على رأس قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان يطلبون في الوقت الذي طافت فيه جرائمهم كل بقعة في العالم يطلبون العضوية في مجلس حقوق الإنسان! ويالها من وقاحة! وأخيرا وبعد محاولات حثيثة وصرف كميات هائلة من أموال الشعب الإيراني كرشاوى من أجل الفوز في الترشيح في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, وفي تراجع ذليل أعلنت الديكتاتورية الفاشية الدينية الحاكمة في إيران في يوم 24 من أبريل سحب ترشيحها للعضوية في المجلس. ويا للصدفة! وهو نفس اليوم الذي تم فيه اغتيال البروفسور كاظم رجوي واستشهاده قبل عشرين عاما ..نعم انها صدفة يجب ان تثار وانه دم انسان بريء وعالم مبجل مؤدب سفكوه في نفس اليوم ... وجاء هذا القرار بعد أن كانت إيران قد تحدثت في دعاياتها الغوبلزية خلال الأيام القليلة الماضية عن «عضويتها المرتقبة» في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «باعتبارها, تأييدا دوليا لتمسك إيران بقضايا حقوق الإنسان» وتحظى بغطاء جديد لجرائمها وخروقاتها وعار كبير على العالم ان حدث ذلك الامر المشين. ومنذ فترة كانت الفاشية الدينية الحاكمة في إيران وفي إطار اساليب الدجل المفرط فيه وبالاعتماد على الدول التي تعد من الدول المنتهكة لحقوق الإنسان أو مع بعض شركائها التجاريين, قد تقدمت للترشيح في مجلس حقوق الإنسان الذي يضم في عضويته 47 بلدًا وقد بادرت بإعطاء رشاوى طائلة وتقديم هدايا من خلال صفقات مربحة جدا لمختلف الدول من أجل الحصول على الأصوات اللازمة لمثل هذا الترشيح. ولمواجهة ذلك, قامت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان وممثلون عن المقاومة الإيرانية في جنيف وفي نيويورك وفي عدد كبير من عواصم العالم فضلا عن جمعيات أنصار المقاومة في أرجاء العالم وفي معظم البلدان الأعضاء في الأممالمتحدة بحملة واسعة للحيلولة دون اختيار النظام الإيراني عضوا في هذا المجلس. وبعد أن تأكد الولي الفقيه وأحمدي نجاد ووزير خارجيته خلال الأسابيع الأخيرة أي قبل عملية التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة من ان أغلبية دول العالم سوف ترفض ترشيح إيران في مجلس حقوق الإنسان, وكي لا يواجهوا فضحية كبرى قاموا بسحب ترشيح إيران للعضوية في المجلس. يذكر أن إيران كانت إحدى الدول الخمس المرشحة للعضوية في مجلس حقوق الإنسان وكان من المزمع أن تختار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 مايس القادم اربعة دول منها. والأربعة الأخرى من الدول الخمس هي ماليزيا وتايلند ومالديف ودولة قطر. وهذا الانسحاب إن دل على شيء لا يدل الاّ على عزلة هذا النظام على الصعيد الدولي وكونه نظاما غير شرعي أكثر من أي وقت مضى ..ومن يقتل ناشطي حقوق الانسان لايستحق ان يكون ضمن عضوية حقوق الانسان وإن طلب ذلك أو كان له فهذا استخفافا منه بالمجتمع الدولي وعلة في طريقة قراءة وفهم هذا النظام. كان البروفيسور كاظم رجوي يقول ”نحن نكتب حقوق الإنسان بدمائنا” واثبت هذا ودفع حياته من أجل حقوق الإنسان وقد حان الوقت الان ليطرد هذا النظام من الهيئات والمنظمات الدولية الأخرى أيضًا خاصة تلك الهيئات المختصة بحقوق الإنسان والقضايا الإنسانية. إن هذا النظام لا يمثل الشعب الإيراني فحسب وإنما يمثل صفحة سوداء في تاريخ الإنسانية المعاصرة لاقترافه جرائم بحق الإنسانية ومنها قتل وإعدام 120 ألفا من السجناء السياسيين غالبيتهم منتمين لمجاهدي خلق الإيرانية ولإثارته للفتن والحروب وتصدير الإرهاب إلى البلدان العربية والمنطقة والعالم وقتل الأبرياء في مختلف مناطق العالم ،ويجب طرده من المجتمع الدولي. * كاتب سياسي إيراني