القلق الذي أبداه رئيس أجهزة مكافحة التجسس الألمانية أهولرو من تعزيز حضور جماعات مسلحة علي علاقة بتنظيم القاعدة في المغرب العربي لن يكون الوحيد علي الأغلب بين زملائه في الأجهزة الأمنية الأوروبية، فقد ذكر المسؤول الأمني الألماني في مقابلة مع أسبوعية دير شبيغل أمس الثلاثاء أن مجموعات إرهابية تمكنت دون أن تلفت الانتباه إليها من تعزيز تنظيم أسامة بن لادن من التمركز في المغرب العربي بحيث أصبحت هذه المنطقة أحد أعمدة الجهاد ، وذلك قبل أن يضيف أن هذا الوضع المتابع بقلق يكتسي طابعا جديدا ويأتي بالجهاد إلي أمام بابنا في إشارة منه إلي القرب الجغرافي بين الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط والمجموعة الأوروبية. ويعيد بعض المحللين ظاهرة هذا التمكن التدريجي للقاعدة في المغرب العربي وتوسع عمل الحركات المسلحة العنيفة ذات المرجعيات الإسلامية المتشددة إلي أن الاستهداف المباشر لحركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان طوال السنوات الماضية أفرز سلبيات كثيرة لم يخطط لمواجهتها وعمل علي تشظي هذه الحركات لتنتشر في أصقاع مختلفة كالعراق والصومال والمغرب العربي في محاولة لإعادة تنظيم جديدة لاسيما عندما تكون هناك أصلا تنظيمات علي شاكلتها مستعدة لاحتضانها ومساعدة عناصرها وقياداتها علي غرار ما حصل في الجزائر، حيث وصل الإعجاب والدعم حد التماهي وتغيير اسم الحركة الجهادية هناك من الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وإعلان الولاء الكامل ل القاعدة الأم . ويصل بعض الخبراء والباحثين إلي حد ذهب فيه الأستاذ الجامعي التونسي في الولاياتالمتحدة نورالدين جبنون إلي التساؤل في دراسة حول الحركة الجهادية السلفية في الجزائر عما إذا كانت منطقة المغرب العربي مهيأة لأن تصبح في المستقبل أفغانستان جديدة . آخر الحلقات في تحركات القاعدة هذه الأيام هو اختطاف السائحين النمساويين من صحراء تونس واللجوء بهما إلي شمال مالي الذي تحول تدريجيا في السنوات القليلة الماضية إلي ملجأ آمن رغم كل الجهود المبذولة أمريكيا هناك والتي من أبرزها تدريب الولاياتالمتحدة ومنذ خمس سنوات لجنود ماليين علي مكافحة الإرهاب لاسيما بعد إعلان الرئيس بوش في شباط (فبراير) العام الماضي إنشاء قيادة عسكرية لإفريقيا تسمي أفريكوم بقيادة الجنرال ولبام وارد ومقرها ألمانيا وهو ما قد يكون عزز بالمناسبة التخوفات الألمانية التي عبر عنها المسؤول الأمني الألماني البارز. ويعتبر اختطاف السائحين النمساويين من أخطر ما جري علي المدي القريب والبعيد في آن فالموسم السياحي الصيفي الكبير علي الأبواب ودول مثل تونس والمغرب يشكل فيهما هذا القطاع أحد أعمدة الاقتصاد الرئيسية وأحد أهم مصادر الدخل الحكومي بحيث أن أي استهداف لهذا القطاع والشركات السياحية الكبري بصدد ترتيب أفواجها الصيفية إلي هناك قد يشكل ضربة قاسية ليس فقط لاقتصاد هذين البلدين المغاربيين وإنما لمئات الآلاف من العائلات التي تعيش سنويا علي هذا الموسم الذي ينتظره الجميع. التحدي الأبرز الآن هو كيفية الاستفادة من كل الأخطاء المميتة التي جرت في مقاومة هذه الحركات في أفغانستان وغيرها حتي لا تشهد منطقة المغرب العربي إعادة إنتاج نفس الكوارث خاصة وأنها قد لا تكون لها نفس القدرة علي التحمل مما قد يفتح المجال واسعا لتشظ من نوع آخر في منطقة ظلت الحكومات فيها علي مر السنوات لا تجيد أكثر من تأجيل المراجعات وطمس التناقضات وقمع الكثير من التطلعات.