ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    دعوة الى تظاهرات تساند الشعب الفلسطيني    هيئة الأرصاد: هذه المنطقة مهدّدة ب ''صيف حارق''    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    عاجل/ خبير تركي يُحذّر من زلازل مدمّرة في إسطنبول..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقلال وماحقّق للشعب التونسي ...(الجزء الاخير)
نشر في الفجر نيوز يوم 27 - 03 - 2008

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
بسم الله الرحمان الرّحيم
الاستقلال وماحقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية و كيف الاحتفال به
وضع النقاط على الحروف للمحافظة على حقوق المواطنة للجميع
في ضلّ الهوية العربية الاسلامية والحريات الشخصية
الحق في الاختلاف واجب واحترام المصالح العليا للبلاد والعباد. ضرورة.
أيجوزللمسلم المغلوب ان يهاجرمن وطنه؟
لا تقدم بدون ضمان حرية التفكير والتعبير..
ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون حد ادني من الحريات والتنمية السياسية..
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
(الجزء الاخير)
باريس في 28 مارس 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
الاسلام يتحدّى الاستبداد : ومن هنا فان التحدي القادم بالنسبة للاسلام غير مرتبط لا بوجود هذا الاسلام او بشكل وجوده او بمدى ارتباط الشعوب الاسلامية به، بل بهويته السياسية بين اسلام وطني ومناضل وبين اسلام عميل للاجنبي ومدافع عن مصالح طبقة الحكم. وذلك مثلما هو الوضع الآن في ما يتعلق بالنخب العلمانية بين نخب وطنية مناضلة وبين نخب عميلة للاجنبي ومدافعة عن مصالح الطبقات الحاكمة عدوة لمصالح ومطامح الجماهير.
أما على المستوى السياسي والأمني فالأمر يبدو أخطر من ذلك، وهو لا نفصل عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي. فقد انتهت السنة الماضية بمواجهة مفجعة بين قوات الأمن ومجموعة "أسد بن الفرات" في سليمان، ومازالت آثارها الأمنية والسياسية والقضائية متواصلة. وقد أعقبت هذه المواجهة النادرة حملة شعواء من الإيقافت المتواصلة إلى اليوم طالت قطاعات كبيرة من الشباب، شملت كل جهات الجمهورية من بنزرت حتى بنقردان.
ويستحق هذا الحدث من الجميع وقفة تأمل، من الحكومة ومن المعارضة ومن النخبة ومن الشباب المتدين، الذي اختار نهج التشدد، لما في ذلك من أهمية قصوى في قراءتنا للمشهد التونسي وللتخطيط لمستقبل آمن للبلاد.
وفي ندوة صحفية عقدها احمد نجيب الشابي يوم الثلاثاء 25 مارس 2008 بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي قال أنه "سيتمسك بحقه في الترشح "ولو ضرب عنقه".وأضاف "أخوتي في الحزب وأعضاء لجنة المساندة والنداء الوطني من أجل بديل ديمقراطي يساندون ترشحي لهذا المنصب لذلك لن أتخلى عن حقي أبدا ".
وهاجم الشابي ما أسماه "الأسلوب السياسي المتبع في تونس والذي ينتمي إلى العهد الحجري" معتبرا أنه لا يحق للرئيس بن علي تحديد منافسيه للانتخابات المقبلة.ودعا الشابي الرئيس التونسي إلى إجراء مناظرة تلفزيونية مباشرة "لتقييم تجربة حكمه وما أنجزه في التنمية السياسية التي وعد الشعب التونسي بها".
ورغم ما في المشهد السياسي من قتامة، وخاصة مع تواصل الانغلاق والحصار المضروب من السلطة على قوى المجتمع المدني، وتواصل معاناة السجناء السياسيين، وعائلاتهم ، فإن المشهد فيه الكثير من الحركية التي تنبئ بقدرة المجتمع التونسي على التحرر من ربقة الشمولية والاستغلال الاجتماعي، ومحاولة الالتفاف على نضالات الشعب التونسي.
هذا وقد أعلنت السلطات المغربية عن تفكيكها في الأشهر الماضية عن شبكة، لها علاقة بأجهزة المخابرات البلجيكية، حسبما ذكرت مصادر إعلامية في بروكسل. فصحيفة «لوسوار» البلجيكية ذكرت أن هذا المهاجر المغربي والحامل لجنسية مزدوجة كان يعمل مخبرا لدى أجهزة الأمن البلجيكية، وهو ما رفضت السلطات البلجيكية إثباته أو نفيه. وهذا الأمر إن دلّ على شيئ و ان تأكَّد فإنه يدلّ بعض الاطراف التي تريد خيرا للمنطقة تعمل على زعزعة الامن والاستقرار وهويطرح أكثر من سؤال، ويدفع إلى إعادة النظر في جوانب رئيسية تتعلق بظاهرة شبكات العنف التي تعددت وتنوعت خلال السنوات الأخيرة.
ان علاقة التنظيمات اي كان توّجهها ذات الدوافع السياسية و المربطة بأجهزة المخابرات اي كانت جنسيتها ليست مسألة جديدة، وإنما لها تاريخ طويل و إنها لعبة الوجوه والأقنعة التي يلجأ إليها الطرفان ضمن صراع قد تتعدد أطرافه داخل حدود الوطن وخارجه.
لهذا، كان الخيار المسلح ضد الأنظمة ولايزال خيارا غير مضمون العواقب، مهما كانت درجة حسن نوايا أصحابه فهو يبدأ بفكرة ورغبة في مقاومة جهة سياسية محددة لأسباب متعددة قد يبدو بعضها مشروعا، لكن سرعان ما يكتشف أصحاب المبادرة أنهم دخلوا في متاهة لها عشرات الأبواب، وكل باب يفتح على نوعية مختلفة من التحديات والمخاطر والمزالق.
فقد شهدت البلاد العديد من النضالات المشهودة على المستوى الاجتماعي، والتي تعكس بشكل واضح تبرم الناس من السياسة الحكومية، التي لا تراعي مصالح المواطن، الذي طال انتظاره للفرج. وكانت بعض المحطات كالعادة بإمضاء النقابيين أو رابطات العاطلين عن العمل والمحامين والجمعيات الحقوقية.
وكان إضراب أساتذة التعليم الثانوي لمدة يومين، والذي حقق نجاحا يصل إلى 70% على المستوى الوطني. وسبق هذا الإضراب تحركات عديدة شهدتها ساحة محمد علي، ومن أهمها إضراب الجوع الذي خاضه الأساتذة المطرودون ، والذي وجد التفافا كبيرا من قبل النقابيين في مختلف جهات الجمهورية.
كما شهدت منطقة الحوض المنجمي بجهة قفصة تحركات شعبية نادرة، وصلت إلى حدّ التخييم ومنع النشاط المنجمي، احتجاجا على نتائج مناظرة دخول إلى شركة فسفاط قفصة، والتي شابتها العديد من التجاوزات. ويكشف هذا الحدث حجم البطالة، الذي تعاني منه الجهة والغضب الدفين من تصرفات السلطة الجهوية والبيروقراطية النقابية الموالية لها، والتي تقتسم المغانم وتبيع الوظائف للموالين ولمن يدفع أكثر.
الحريات محور النضال: لم يتغير المشهد السياسي التونسي كثيرا، ولكن كثرة الملفات السياسية والحقوقية المطروحة، والتي تلتف حولها اليوم العديد من القوى والأحزاب، يجعل من المرحلة الراهنة، مرحلة انتقالية يحاول فيها النظام كسب الوقت، وتحاول فيها قوى المجتمع المدني، على ضعفها، تحقيق مكاسب حقيقية للشعب التونسي طال انتظارها.
أن ما تبديه حركة النهضة من مقاومة مدنية سلمية وشرعية مستمرة ومن صمود وثبات ومن استماتة في قضايا الحريات والمشاركة السياسية الحقيقية و من ممانعة في القضايا الاجتماعية والسياسية ان كل هذا الجهد الوطني والمعارض الممانع يمثل في تقديرنا صمام الأمان في وجه دولة تريد أن تلتهم كل الفضاء العمومي وتجرد المجتمع من حقوقه المشروعة في الدفاع عن مصالحه ومصالح مواطنيه , ومن ثمة فان من واجبنا وان اختلفت تقديراتنا واجتهاداتنا أن نعمل على تماسك أطراف هذا المشهد وعلى تقارب مكوناته وعلى تذويب فوارقه في اطار حفظ المصالح الشعبية والوطنية والسيادية العليا .
ان كل مناضل في هذه المكونات وان كل وطني غيور على مستقبل تونس لابد أن يعمل على اسناد موقع أحرار هذه البلاد , حتى تعرف طريقها نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وترسيخ دولة الحق والقانون دون اقصاء او تهميش على حساب الحريات الفردية و العامة .
ومن ثمة فان الوقوف مع حركة النهضة وحزبها في وجه من يناوئها رغبة في تفريغ الساحة من المناضلين والمناضلات من اجل الرفع من شأن هذا الشعب وكرامته واستقلاله , ان الوقوف معها في هذا الظرف التاريخي نضالا ومؤازرة يعد واجبا وطنيا مقدسا حتى وان اختار البعض الحفاظ على مسافة سياسية نحترم فيها رغبة الكثيرين في الاختلاف أو الاستقلالية عن الفضاء الحزبي دون نكران الواجب الوطني بالدفاع عن كرامة شعب يتعرض الى مخاطر الالتهام من قبل الدولة.
بعض المقترحات من اجل تونس :فأني أتقدم ببعض المقترحات عسى أن تجد آذان صاغية من اجل تعزز مكانة الاستقلال الثقافي وتجعل من هذه الذكرى عيد وطني للجميع بدون استثناء وفرحة عارمة للجميع ولا يكون ذلك إلا بتحقيق مايلي :
بداية باستصدارعفو تشريعي عام يستفيد منه الجميع بدون استثناء سواء المساجين والمهاجرين والمغتربين والمحرومون من العودة الى الوطن.
مع العلم فان المساجين الذين حكم عليهم الاستعمار الفرنسي في مظاهرات 9 أفريل 1938 والذين حكم عليهم أيضا في معركة 18 جانفي 1952 في عهد الثورة الوطنية وقع سراحهم في 20 مارس 1956 وأفرغت السجون بمناسبة عيد الاستقلال 1956 . واليوم نقترح أن تفرغ السجون من المساجين التونسيين في هذه الذكرى المجيدة العزيزة على كل التونسيين. عملا بما قال الله تعالى من سورةالنحل اذ قال: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" (النحل 90) صدق الله العظيم.
العدل في المعاملة واسترداد الحقوق :السعي لاسترداد حقوق الإنسان ورفع بعض المظالم سواء في المكاسب أو الشغل أو المعنويات الأدبية. ولا نريد ان ندخل في التفاصيل جملة وتفصيلا.. وخاصة حقوق الحصول على جوازات السفر واسترجاع الحقوق المدنية في ابانها ودون تأخير عن مواعيدها التي نص عليها قانون استرجاع حقوق دون استثناء. وأن تصان المرأة المسلمة في حقّها في طلب العلم مع العلم أن أغالبية النساء يرتدين في البلاد الحجاب وتشير استطلاعات الرأي الي أن الأغالبية يؤيدون تخفيف الحظر المفروض علي ارتداء الحجاب في الجامعات. تصديقا لقوله تعالى اذ قال في سورة الرعد: "والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب"(الرعد 41 ) صدق الله العظيم.
التعويض المادي و المعنوي : التأكيد على ضرورة التعويض المادي والمعنوي للذين وقع الضرر بهم وبمكاسبهم المادية والعقارية. لنستحظر قوله تعالى في كتابه العزيز اذ قال الله تعالى: "إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" (الاسراء 14) صدق الله العظيم. قال الله تعالى: "وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما" (طه 111) صدق الله العظيم.
العناية ببيوت الله و عدم اغلاقها: ان فتح الجوامع والمساجد المغلقة سواءا بالمركب الجامعي بتونس أو محطة الرتل بتونس وغيرها في المؤسسات ضرورة قصوى. مع العلم أن بعض التجاوزات الفردية في النطاق المحلي والجهوي بخصوص مراقبة الشبان المصلين المستقيمين والأبرياء وهذا من شأنه يبعث في نفوسهم الاشمئزاز وربما فيه استفزاز لمشاعرهم وهم على غاية من الاستقامة والاعتدال الخلقي و السلوكي وهم من عائلات محترمة. قال الله تعالى: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال.." (النور 36) صدق الله العظيم.
العناية بالاخلاق العامة: التركيز على دعم الجانب الأخلاقي في المجتمع وفي أوساط الشباب بالخصوص. فالأمر بلغ درجة من الخطورة لا يمكن السكوت عنه خاصة في المدن الكبرى. سواء الانحراف الأخلاقي والكلام البذيء الذي أصبح منتشرا حتى في الأوساط الشعبية. والتلفزة لها ضلع في برامجها المائعة والسخيفة. قال الله تعالى: "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسا شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حسيبا"(الانبياء47) صدق الله العظيم.
تشغيل الشباب و لا سيما اصحاب الشهادات العليا:مزيد العناية بموضوع التشغيل خاصة لحاملي الشهائد العليا. وتخصيص صندوق اجتماعي للعاطلين عن العمل في انتظار إيجاد الشغل المحترم لهذا الصنف من الشباب المثقف الذي لا يجد الآن ما يكفيه وما يغطي مصاريفه الخاصة وقد أصبح حملا ثقيلا على والديه.
الاهتمام بمناطق الظلّ:ضرورة دعم موارد الرزق لشباب مناطق الظل الذين هم في حاجة إلى موارد رزق قارة في مناطقهم بصفة دائمة وتحفظ كرامتهم وتغنيهم عن الخصاصة والحرمان، قال الله تعالى: "تحسبهم أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا"(البقرة 273) صدق الله العظيم.
بلاد الاسلام التي نريد : الجمهورية التي نريد ، هي التي يشعر فيها كل مواطن بالأمن و بالآمان في رزقه وماله ومتاعه ويشعر فيها كل مواطن بعزة النفس وأن لا يهان في مراكز البوليس ،ولا يتعرض للتعذيب في مخافر الشرطة بسبب انتماء سياسي أو فكري مهما كان .
جمهورية الغد التي نريد هي أن يكون الشعب سيد نفسه ،وأن ترفع الوصاية عليه وأن يترك له مطلق الحرية في اختيار من يسوس مصالحه في الداخل و الخارج باسمه ،ولا يحكمه باسمه.
جمهورية الغد التي نريد ، جمهورية لا تنسب فيها الانجازات إلى شخص أو حزب ، لتكريس الوصاية على الناس . بل تنسب الانجازات للشعب ،وتحاسب فيها الحكومة والحزب الحاكم على الاخفاقات والتجاوزات إذا ما حصلت في فترة حكمها مثل ما هو حاصل في البلاد الديمقراطية التي تنشد الغد الافضل حقيقة.
فخلال 52 عاما من الاستقال و الجمهورية، لم تعرف تونس الا رئيسين قضى الأول وهو 30 عاما في الحكم، بينما أكمل خلفه الرئيس ابن علي 20 عاما وهو يتجه للاستمرار في الحكم، إلى وقت غير معلوم، بينما يسيطر الحزب الحاكم، منذ الاستقلال على الحياة السياسية، ويبسط نفوذه على جميع مؤسسات الدولة و المجتمع المدني، إلا هامش ضئيل متروك لمنظمات لا تختلف معه كثيرا.
يرى القاضي مختار اليحياوي ([1])أنّه ليس من السهل اليوم الحديث عن دلالة الاستقلال والتعبير عن المعاني التي تثيرها الذكرى 52 لاستقلال البلاد، ويعود ذلك حسب رأيه إلى سببين "فالمجتمع التونسي اليوم لم تشهد أغلبيته غياب الاستقلال حتى تدرك قيمة الحصول عليه. كما يعود ذلك أيضا لسبب واقعي ناجم عن تغير القيم حيث أصبحت الهجرة لبلاد المستعمر السابق و الحصول على جنسيته أهم حلم يراود التونسي و يشعره باستكمال مقومات ذاته و خاصة لدى الشباب حتى أن مجتمعنا أصبح اليوم في نسبة هامة منه مزدوج الجنسية".
وقال " إنّ "الاستعمار الذي نحتفل بمرور أكثر من نصف قرن على التخلص منه عندما حل ببلادنا إنما جاء للقضاء على المشروع التحديثي الذي بدأ يتبلور في بلادنا في ذلك الوقت. فالاستقلال ليس كسبا في حد ذاته بقدر ما هو نجاح في التخلص من عائق كان يرمي إلى حرمان بلادنا من إبراز طاقتها و ووجهها الحضاري بين الأمم". ويضيف اليحياوي "إن الوضع لم يتغير و لا يزال نفس المشروع الوطني تحديا قائما على مختلف الأجيال إنجازه و لا بد من الوقوف أمام كل من يحاول تعطيله أو تهميش المجتمع عن دوره في تحقيقه حتى يتم إنجازه ويستعيد التونسي فخره بالانتماء إلى وطنه".
ويشير القاضي مختار اليحياوي إلى قدرة المجتمع على صنع المستقبل قائلا "إنّ مجتمعنا خرج فعلا من حالة بؤس مادي ولكن إلى حالة بؤس معنوي أفقدتنا و خاصة شبابنا- تلك الشعلة المشحونة بالآمال والمشاريع التي أجبرت المستعمر على الرحيل وجعلتنا نمسك بناصية مصيرنا- إلى حالة سلبية من الإحباط والتهميش واهتزاز القيم والمبادئ حكمت على الأغلبية بشعور الأسر في قيود مشروع لم يعد يراهن عليه ولا يشعر بأنه مشروعه ولا يتمنى غير فرصة الفرار من كابوسه".
ويعتقد مختار اليحياوي "أن أهم مغزى لذكرى الاستقلال اليوم هو الوعي بحتمية إدخال تعديلات جوهرية على المشروع الوطني الذي انبثق عنه من خلال الجمهورية بإعادة الثقة في عدالته وفتح مجال الحرية للجميع في إطاره و التصدي لكل الانحرافات التي أوصلتنا للوضع الذي نحن فيه".
وفي هذا الصدد أكّد المحامي نورالدين البحيري ([2]) "رغم ما تحقق من مكاسب في العديد من المجالات وعلى مستويات متعددة، فإنّ استمرار هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية وأجهزة الدولة، وغياب حياة برلمانية تعددية حقيقية معبّرة عن التوازنات القائمة في المجتمع وممثلة لمكوناته الفاعلة واستمرار بعض مظاهر مصادمة الهوية والسياسات الداعمة للتغريب في العديد من المواقع والمجالات.
والتراجعات المسجلة في ما تحقق من مكاسب في خصوص ضمان مجانية التعليم والعلاج واستفحال ظاهرة التفاوت الطبقي والتمايز بين الجهات كلّها وغيرها مظاهر تدل على أنّه ما زال يفصلنا الكثير على تحقيق طموحات أبناء شعبنا وتجسيد أمل الشهداء والمقاومين في السيادة الوطنية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية". وحذر البحيري من "أنّ ما تعيشه بلادنا من انغلاق سياسي ومظاهر تمييز وتفاوت يهدد الوحدة الوطنية والاستقلال الوطني في الصميم ويمثل خير أرضية لاتساع مظاهر الرفض والغضب وتنامي ظاهرة العنف الفردي والمنظم التي من شأنها لو استفحلت أن تعصف بكل ما تحقق من مكاسب".
و يرى البحيري أنّه "متى وعينا بأنّ الانغلاق والظلم السياسي والاجتماعي ومعاداة الثوابت الوطنية أيسر السبل لتوفير أرضية خصبة لنموّ التطرف والإرهاب فإنّ الطريق الوحيد لحماية البلاد من آثاره المدمرة وتأهيلها لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة يمر حتما عبر الوفاء لدماء الشهداء وتحقيق مطامح شعبنا القديمة الجديدة في حماية السيادة الوطنية والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية وحماية واحترام ثوابت الأمة ومقدساتها".
وعتبر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الدكتور مصطفى بن جعفر ([3])أنّ أزمة النظام السياسي التونسي مرشحة وفق المعطيات الحالية إلى الاستمرار وقال "إن ما يعانيه النظام السياسي التونسي منذ البداية، من طابع رئاسوي، ازداد خطورة إثر التحويرات التي أدخلت عام 1988 و2002 على الدستور حيث جعلت من رئيس الدولة شخصا يمسك بكل السلطات ولكنه في نفس الوقت محصن عدليا ولا يسأله أحد في أمر. فنظام تونس اليوم بات نظام حكم مطلق". وإنّ من مخلفات هذا النظام "انتشار الفساد في عديد المجالات منها النظام البنكي الذي أصبح محل نقد من طرف صندوق النقد الدولي نتيجة لتفاقم حجم الديون المشبوهة وتعكر مناخ المعاملات وغياب الشفافية والاستقرار اللازمين في مجال التصرف والتسيير".
ورغم حصول أزمات فإنّ النظام "خيّر في كل الحالات الحلّّّّ القمعي على حساب الحلول السياسية التي تفرض القطع مع الحزب الواحد والرأي الواحد، وتقر بضرورة وجود "سلطة مضادة"، وبمبدأ تشريك المواطن في الشأن العام. فكانت جل الأزمات بمثابة الفرص المهدورة والمحطات الحالكة التي ترمز إلى تعطل التنمية السياسية"،
ويعتبر ابن جعفر أنّه "لم يعد للترميم أي جدوى بل أصبح من المتأكد النضال من أجل تغيير جذري لعلاقة الدولة بالمجتمع وللخروج من دولة التعليمات إلى دولة القانون، ومن قاعدة الولاء مقابل الامتيازات إلى قاعدة الحقوق مقابل الواجبات ومن الزبائنية إلى المواطنة، ومن القمع إلى الحرية. ذاك هو بديلنا الذي حلم به شهداء 9 أفريل 1938 والذي سنحققه لا محالة".حسب الدكتور بن جعفر.
ويشترك كثير من المنتقدين للنظام التونسي في اعتبار أنّ الدولة هي سبب وجود أزمة عنوانها الاستبداد وغياب الحريات واحتكار السلطة والفساد والضعف الاقتصادي. كما يحذّر البعض من عواقب استمرار هذه الحالة. جميع الأنظمة الديكتاتورية تتحدث عن انجازاتها العملاقة الحقيقية والوهمية ،وتصف ساسة النظام بأوصاف العظمة والحكمة ،بينما البلاد تنهب لصالح الاجانب أمنيا واقتصاديا . لو حققت هذه الأنظمة قدرا من الاستقلال الاقتصادي يعفها عن قبول المساعدات المشروطة ، أو الابتزازت المعروفة التي تنهب الثروات حينا و تسلب السيادة حينا آخر أو كلاهما معا. والحال كما نرى ليس سوى زبد يذهب جفاء ،وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض .هذه بعض المقترحات أرجوا أن يقع الاهتمام بها وتحقيقها. قال الله تعالى: "لا نريد منكم جزاء ولا شكورا.. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا" (الانسان9) صدق الله العظيم.
فهل من مجيب لدعاء الاموات بلا اكفان و بلا قبور؟
بمناسبة المولد النبوي الشريف وقع العفو في المغرب الشقيق عن 566 سجين . لما يحصل هناك و لا في بلادنا ؟ لقد طالت المحنة شريحة واسعة من أبناء تونس، ونقدّر أنّ الضّحايا بالآلاف من مستويات مختلفة (مهندسون وأطبّاء، أساتذة تعليم ثانوي ومعلّمون، خبراء، فنّيون وطلبة...) يخضع جلهم إلى المراقبة اليوميّة، والتّهديد واستعمال العائلة والأبناء أداة ضغط عليهم لتحطيم معنوياتهم.
أكثر من 17 سنة وهو في السجن ...ألا يكفي؟
منذ أكثر من سبعة عشر سنة يقبع الدكتور الصادق شورو في السجن وهي أطول مدة يقضيها سجين سياسي في تونس لم يرتكب جرما في حق تونس ولا شعبها...
لم يحمل السلاح ولم يعتدي على احد... كل مافي الأمر أن الرجل كان رئيسا لحركة سياسية ضلت تطرق أبواب التقنين منذ سنة 1981.ضلت تطالب بحقها في الوجود وحق التونسيين في المواطنة.التزم بالنضال من اجل الحرية واعتبرها المعركة الأساسية والأولوية المطلقة متسلحا بالوسائل السلمية...
فكانت الضريبة في مستوى لايمكن لعاقل أن يتصوره.17 عشر سنة من العذاب والقتل البطيء...يحتار العاقل حينما يعرف شخصية هذا الرجل الهادئ . الذي لايملك طموحا ولامجرد رغبة شخصية في أن يكون يوما ما في السلطة وإنما رغبته الأساسية هي سيادة قيم الحرية والكرامة في وطنه وفقا للقيم الإسلامية التى امن بها والتزم بها في سلوكه وعلاقته بالآخرين انها ولاشك اكبر ضريبة من اجل الحرية في هذا العهد يدفعها مناضل سياسي في تونس.
من هو الدكتور الصادق شورو: الصادق بن حمزة بن حمودة شورو من مواليد 10 فيفري 1947 بجربة حاصل على دكتوراء في الكيمياء من كلية العلوم بتونس، ومدرس بكلية الطب في مادة الكيمياء إلى حدود اعتقاله سنة 1991 وعضو بلجنة البحث العلمي في تخصصه بالمركز الجامعي للبحث العلمي بمنطقة برج السدرية في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، وعضو بنقابة التعليم للاتحاد العام التونسي للشغل.
عرف الدكتور شورو بتأييده للنضال الطلابي. وحضر المؤتمر التأسيسي للاتحاد العم التونسي للطلبة. كان "الأمير" الصادق شورو الذي خلف راشد الغنوشي في ربيع 1989 عندما اختار هذا الأخير تلقائيا المنفى. وكان الصادق شورو يدرس بعض الوقت بالأكاديمية العسكرية في فندق الجديد.
انضمّ الدكتور شورو لعضوية مجلس الشورى المركزي للحركة الإسلامية منذ بداية الثمانينات، وانتخب في مؤتمر 1988 رئيسا للحركة وواصل القيام على مهامه حتى 23 فيفري 1991 تاريخ اعتقاله.
لم يبق له من سلاح إلا الموت البطيء بجسده من خلال إضرابات الجوع...فإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام... إن إضراب الجوع يكاد يكون الوسيلة الوحيدة التي يلجأ إليها المقهورين في سجون تونس ولكن أنى لأصواتهم أن تسمع. لأنهم لابواكي لهم.
تعددت صرخات الدكتور الصادق شورو صرخات احتجاج من خلال إضرابات الجوع والادهي ان إضراباته كان اغلبها احتجاجا على الضريبة التي يدفعها أقربائه وعائلته من اجل زوجته وابناؤه وبناته المتابعون من طرف البوليس باستمرار
احتجاجا على الاستيلاء على أملاكه سيارة وأموال.من طرف البوليس السياسي وكذالك جواز سفر زوجته وحرمان أخيه عباس شوروا من التدريس رغم الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لفائدته وهو يطالب البوليس بإرجاع ممتلكاته دون جدوى إن هذه الهموم كلها مسجلة في تقارير المنظمات الإنسانية والحقوقية وان ساعة الحقيقة سوف تأتي في هذا الزمن أو غيره
فهذا ابنه وجيه عرف اضطرابات نفسية ووقعت معالجته من مرض الأعصاب وهو في عز الشباب مما اضطره إلى الانقطاع عن الدراسة وآخر أبنائه وهو إسلام محروم من والده منذ أن كان عمره ثلاث سنوات.وابنته ألكبري أسماء وهي متزوجة وهاجر التى كانت طالبة في المرحلة الثالثة فقد لقيتا من العنت الكثير.
وزوجته السيدة امنة شورو اضطرت لمغادرة منزلها في المروج لتعيش مع أهلها على مايو فره كراء منزلها ولكن احد المسئولين الحزبيين الذي اكترى المنزل... لم يمكنها من معلوم الكراء طيلة ثمانية أشهر إلا بعد صدور حكم قضائي
واخته السيدة زهرة شورو وقع افتكاك جواز سفرها وفرض عليها عدم التنقل خارج البلاد.أخوه عباس شوروا وهو دكتور في الفيزياء ممنوع من التدريس في الجامعة رغم الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لفائدته.
طوبى للسابقين الأولين ، طوبى للفقراء المهاجرين ، طوبى لمن آووا و نصروا ، طوبى للذين تبوّؤوا الدار و الإيمان ، طوبى للذين قالواربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنّك رؤوف رحيم. (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)( الأحزاب 23) اللهم ارحم شهداءنا الأبرار و أصلح حال عبادك الأحرار .آمين
الايام تتوالى ولا تتشابه و الاحبة يغادروننا بلا استئذان ولا ندري متى نرحل للالتحاق بهم . هم السابقون ونحن اللاحقون نسأل الله لنا ولهم العافية ان قلوبنا تخشع و اعيننا تدمع ولا حول ولا قوّة الا بالله العلي العظيم.
غدا من سيكون التالي في القائمة ، ترجل فرسان كُثر و سيبقى الفرسان يترجلون الواحد تلو الآخر إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ، هذه سنّة الله في خلقه لا نحيد عنها و لن نحيد.
الموت آت لا محالة وكأسه دوّارة نتذوقه تباعا و رحًاه تدور تطحن كل واقف ، تكلم فيها كثيرون فأجادوا ، أحبها القليل كل حسب نيته ، منهم من رأى فيها خلاصا و منهم من رأى فيها مغامرة ، و لكن كرهها السواد الأعظم من الخلق فما استطاعوا لها دواءً و ما اسطاعوا لها صرفًا. فهل لنا ان نتدبّر ونستعدّ لقدر الله المحتوم بالعمل واخلاص النية لله وحده و نجلنا لنا شعار " نعمل جميعا فيما نتّفق عليه ويعذر بعضنا بعضا عما فيه نختلف".
إنّ الإقصاء الفكري أوالسّياسي أوالاجتماعي أو جميعهم لن يُولّد إلاّ مزيدا من الاحتقان... ونحن ندعو الجميع الى التدخل حتّى يُوضع حدّ لهذه المحنة التي طال امدها وما قد يؤول إليه الوضع في وطننا، ونَهيب باكل قوى الحيّة في البلاد سواء الأحزاب السّياسية أوالمنظّمات الحقوقية أوالإطارات الادارية ، أو الجامعيّين، الإصداع بالحقّ والمساندة في هذه المحنة حتّى يُوضع حدّ للإقصاء والتهميش، والترويع ، للمساجين السياسيين السابقين وتهديد أبناءهم وحرمانهم من حقوقهم في وطنهم الّذي أصبحوا فيه غرباء.
هؤلاء الصامدون المحتسبون الصابرون طوال السنين الطوال‘ نسال الله العلي القدير ان يفرّج عليهم قريبا‘ انه سميع عليم‘ ولا ننسى اخواننا المسرّحين الممنوعين من العمل او من السفر ولا المشردون في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘. وإنّهم مهما تحلّوْا بالصّبر والثّبات ، إلاّ أنّهم مع مرور الوقت وتعاقب السّنين دون انفراج لوضعهم، خاصّة عندما يُمنع بعضهم من جوازات سفرهم، ويُقصى العديد منهم من المناظرات الوطنية وهو ما يمكن أن يُمثّل - مع شعورهم باليأس والإحباط - خطرا حقيقيا على تفكيرهم.
حان الوقت لتجديد الخطاب :لقد تعوّدنا ان نجعل من خطابنا وسيلة لنقل الفكرة ومخاطبة النّاس بها و لا تركّز على الاشكاليات والصعوبات التي تتولّد عن الاوضاع الاجتماعية والسلوكية و النفسية للمجتمع .
لقد غلب على خطابنا في الماضي عند صراعنا مع الفكر اليساري و العلماني والعروبي في رفع التحدّي و العودة بالدولة الى موقع الاستقلالية والمقاومة الفكرية والايديولوجية من قضايا حقوق الانسان و الحريات و الشورى وحقّ التملّك و مقاومة الاستبداد والحكم الفردي و بذلك انصرفنا عن هموم الامة الكبرى لان خطابنا كان مغلّف بالبعد العاطفي و الوجداني و هذا مطلوب ولكنّه غير كاف.
وأهم ما يمكن استخلاصه من خلال تتبع هذه المسألة وانعكاساتها على واقع المسلمين، اذ أن هذا النزاع ذو طبيعة منهجية يعود أساسا إلى منطلقات فُهمت فهما مغلوطا، فاتخذت صبغة دينية لدى أصحابها، ولم يعد بالإمكان مراجعتها لذلك السبب. وأن مظاهر النزاع قد تغلغلت لأسباب تاريخية أمدته بنفَس الدوام، فرسّخت عقلية اعتبار المخالف في المنهج العقدي أو الفقهي خارجا من حظيرة العقيدة والشريعة، وبالتالي محَلاًّ للاستعداء.
أن هذه الصبغة المنهجية في الخلاف قد انعكست على النشاط الاجتهادي الفقهي، وجرّت وراءها علماء الشريعة والفقهاء منهم خصوصا، فانقسمت الساحة الإسلامية بسبب ذلك إلى تيارين متنازعين على الدوام وأن الفقهاء من مختلف الفصائل قد اشتركوا في مظاهر ذلك التنازع بشكل فعال، بل وقادوه في مواجهة المخالفين داخل الساحة الإسلامية، جارّين وراءهم أنصارهم من الشباب المتحمس المخلص للعمل الإسلامي، فاستحكم بذلك العداء بين الدعاة والفقاء أنفسهم، وكذلك بين الأتباع الذين رُبّوا على التشدد وعدم التسامح مع المخالف وعلى الانفعال وردود الأفعال التي من شأنها إذكاء النزاع.أن ساحة العمل الإسلامي، مع كثافة فصائلها، فإن فصيلين منها فقط منتشران وهما الاتجاه السلفي التقليدي والاتجاه الوسطي التجديدي.
المحاولات التوفيقية بين الاتجاه السلفي التقليدي والاتجاه الوسطي التجديدي باءت بالفشل، ولا يُرجى أمل في نجاحها ، لطبيعة النزاع المستحكم، ولأن طبيعة المحاولات اقتصرت على الحلول الجانبية مع العلم أن منطلقات الاتجاهين المتنازعيْن الموجِّهين للحركة الاسلامية المعاصرة لا يمكن بحال التشكيك في أصالتها. بل لابد من استحضار عامل تغير الزمن الذي لم يعد يسمح بتقبل الفقيه المعاصرعلى شاكلته التقليدية الموروثة. مع أن ساحة الاجتهاد الفقهي قد شهدت تطورا ملحوظا في هذا العصر، من خلال قيام مجامع الاجتهاد الفقهي الجماعي، وتقدَّم خطوةً أكبر بتشريكه لبعض المتخصصين في العلوم التجريبية مع الفقهاء في جلسات مداولات النظر في المسائل الفقهية المستجدة. لابد من إقرار تشريك طائفة من العلماء في مختلف الاختصاصات المعرفية مع فقهاء الشريعة بصورة فعلية متكافئة.
الدعوة إلى تحديد دائرة اجتهاد الفقيه المعاصر في باب معين من أبواب الفقه يختاره بنفسه ويتخصص فيه دون غيره، ولا يتعداه في اجتهاده. ليتمكن بذلك من التعمق فيه وبالتالي إفادة الأمة باجتهاداته في حدوده. لأن زمن المجتهد المطلق قد ولى، ولم يعد بإمكان الفقيه المعاصر الإلمام بمختلف أبواب الفقه وما يتطلبه كل منها من معارف معاصرة، وإلا ضاع جهده بين المسائل المتباعدة، وظل نظره الاجتهادي سطحيا. ومن ثَم فلا مناص من العمل على تكوين الفقيه المتخصص.
ضرورة العمل على تنشئة جيل جديد من المنتمين للحركة الاسلامية الذين يتمكنون بفضل تكوينهم المتميز من القيام بمهمة تجديد أصول الفقه بما يتجاوز به مرحلة العقم الذي هو عليه منذ قرون طويلة، لغرض استثماره في النشاط الاجتهادي، وتفادي سلبيات الحركة الفقهية الحالية التي اتسمت في جانب منها بالحرفية المستغنية عن ضوابط هذا العلم، وفي جانبها الآخر بضعف قدرتها على استثمار قواعده وضوابطه الموروثة.
ولا يخفى أن من أغراض تكوين الفقهيه المتخصص والمتمكن تجنب سلبيات العلماء المعاصرين، لتتأهل الأجيال القادمة منهم لقيادة هذه الأمة لما فيه صالحها، وتجنيبها أسباب ومظاهر الخلافات والمنازعات والفتن المشتتة لجهود الأمة ووحدتها والمهددة لمستقبلها ومصير أبنائها.
إننّا واعون بالمستجدّات والمتغيّرات والّتي مع الأسف الشديد يُغالب البعض القفز عليها وتجاهلها خدمة لمصالح ضيّقة واهيّة وخدمة لأجندات خارجيّة مشبوهة.
ونحن، لا نرى أن من مهمّات المعارضة الوطنيّة القطيعة مع السلطة السياسيّة وأجهزة الدولة ، بل نرى الصواب في التفاعل مع المكاسب ونقدا للأخطاء وكشفا للثغرات ومُطالبة لا تنقطع بإقرار المزيد من المبادرات لتعميق الإصلاح ، وهذا ما يمكن أن نُساهم في الارتقاء بالعلاقة بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي إلى علاقة الشراكة والجهد الموحّد خدمة للمصالح العليا للبلاد وللشعب.
إنّ المجال اليوم هوللعمل والاشتغال بصدق ودونما شعارات فضفاضة وخادعة، هذه الشعارات الّتي خلناها قد اندثرت من القاموس السياسي بسقوط حائط برلين وتهاوي أكبر الإيديولوجيّات في العصر الحديث ، لكنّ إفلاس بعض الأطروحات يبدو أنّه أعادها إلى الواجهة كشمّاعة لتعليق حالتي الإحباط والتخبّط .
وإن كنا لا نريد فتح ملفات الماضي فإنّه لا يتجاهل المعرفة الحاصلة بتاريخ التجربة السياسيّة المُتداخلة التي لم تقف بعدُ بوصلته عن الدوران في كلّ الاتجاهات والمناحي شرقا وغربا ، يمينا ويسارا ، بحثا عن دعم وسند لمشروع قوامه الوهم والتخيّل والزعامة ، مشروع مُنقطع وبعيد عن واقع البلاد ومنشدّ أكثر ممّا هو منشدّ إلى إيماءات من خارج حدود الوطن.
إنّه بقدر استغرابنا من المسلك الّذي ينهجُهُ هذا او في إثارة الضغائن والأحقاد ومحاولات الركوب علي أهواء الزعامة والمجد السياسي المفقود. غير أنّ الانقطاع عن الهموم الحقيقيّة للبلاد وحاجتها المتأكّدة إلى إثراء روح التواصل بين كلّ الفاعلين في الحقل السياسي الوطني وتحقيق انسجام جديد يتوافق مع طبيعة المرحلة الانتقاليّة الّتي تمرّ بها التجربة الديمقراطيّة التونسيّة يحثّ البعض على انتهاج مسلك المغالطة الّتي لم تعُد تنطلي على أحد اليوم، فمن كان سبّاقا إلى عقد الموالاة ثمّ الإعلان عن القطيعة ثمّ العودة عنها ثمّ الرجوع إليها وهكذا دواليك ، لا يستقيم حال من لا يرغب في استقامة حاله.
كما نرى أنّ الإصلاح الحقيقيّ ليس في رفع سقف المطالب إلى السماء، كما أنّها ليست في تجريم الآخرين والحطّ من منزلتهم واتهامهم بما ليس فيهم والنبش في نواياهم أو في تلقّي الأجندات الخارجيّة والارتماء في أحضان الأجانب والمستعمرين ، إنّما هي تلك الّتي تجتهد يوميّا في الالتصاق إلى مشاغل وهموم المواطنين والاقتراب من رصد تطلّعاتهم وطموحاتهم والكشف عن حاجاتهم الأساسيّة والّتي من أبرزهاالتعليم والصحة و الشغل ولُقمة العيش الكريم وإيجاد المزيد من الفضاءات والفرص للحوار والجدل وتبليغ الآراء والمواقف في أجواء من التعايش والألفة والمحبّة.
وإنناّ على قناعة بأنّ من المهمّات الأساسيّة لنا في الوقت الراهن هو تأطير المناضلين والحرص على فتح الطريق أمامهم للمشاركة في الشأن العام بعيدا عن منطق الإثارة والفوضى والارتماء في أحضان المجهول،ناهيك وأنّ العالم بأسره يشهد اليوم عزوفا غير مألوف ومن الشباب خاصّة في الالتفات إلى الشأن العام.
إنّ المهمة الاساسيّة التي هي من أولوياتنا هي المهمة الاجتماعيّة والثقافيّة والتربويّة وهي أولوياتنا المُطلقة في هذه المرحلة ولا يُمكن أن تكون مواعيد انتخابيّة لم يحن موعدها بعد مشغلة تقتضي القفز على واقع المواطن وتطلّعاته ، كما أنّ إعلان الترشّح وإن كانت سابقة لأوانها و لا يُمكن للحملات الانتخابيّة أن تجري خارج حدود الوطن .
إنّ الإدعاء بالتحكّم في قلاع النضال السياسي وحسن إدارتها من أشدّ أوجه المغالطة ومن أبرز تجلّيات الممارسة السياسيّة الخاطئة وهو يُخفي في باطنه عجزا في فهم حدود المسؤوليّة وفشلا في إدراك حقيقة الصراع الدائر اليوم وتكاد تعصف بخيرة أبنائنا من الشباب .
من المسائل التي يجب عليها اعطائها اكثر قدر من الاهمية هي القضايا ذات البعد الوطني الموافقة والمنسجمة مع البعد العلمي للأمة الاسلامية وكيقية ترجيح العملية السياسية القطرية.
و في الاخير ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم ‘‘ (آل عمران 172 ) " من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد" (فصلت 46)
خيارنا الدعوي السلمي :ونحن اذ نعتزّ بمشروعنا الحضاري وخطّنا الدعوي السّلمي ندعو اخواننا بالتمسّك بوحدة الصفّ و الدعوة للتصالح فيما بين شعبنا بجميع فؤاته و مكوّناته بدون اقصاء لأننا نؤمن بأن أمل شعوبنا فينا كبيرما دمنا متمسّكين بديننا و قيمنا و هويتنا و هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا. فالتغيير السلمي لا يمكن الجمع بينه وبين راديكالية العنف
فالموضوع هو رفع التحديات وقبول الصعاب ، لإنجاز الهدف القابل للتحقيق وأن الصعاب عندما لا تدمّرالشخص ترفعه وما يجعلنا على ثقة بأن رهاننا معقول و هو أنه ليس وليد حسابات أوردود فعل ظرفية أوبحث عن مواقع في السلطة.
ان المجتمع التونسي عرف كيف يتعامل مع الواقع منذ النصف الثاني من التسعينات اذ انتج موجة جديدة من التدين لدى الشعب التونسي اللأبي وهي في تزايد و تناسق تام مع اتساع و امتداد المد الاسلامي الذي عم العالم الغربي والاسلامي على السواء وربّ ضارة نافعة. تصديقا لقوله تعالى في سورة البقرة اذ قال : " وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم و عسى ان تحبّوا شيئا وهو شرّ لكم والله يعلم و أنتم لا تعلمون" (البقرة 216)
كما فشلت خطة السلطة في دفع اتباع هذه الحركة الاسلامية المباركة الى انتهاج العنف او الى التخلي عن معارضتهم السياسية وفشل في فل عزيمة المساجين او ارهابهم من اجل ان يتخلوا عن قضيتهم او موقفهم المعارض لقمع السلطة واستبدادها بالسلطة وهم في سبيل ذلك قدموا الكثير من التضحيات وهو ثمن باهض وصل في بعض الحالات الى الموت ودفع الكثير منهم بصحتهم فداءا من اجل وطنهم و قضيتهم.
وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ الا وانتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاولا تفرّقوا و اذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداءا فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا" (آل عمران 103)
فالشخص الملتزم عندنا، هو مثل الشّجرة الطيّبة الثّابت أصلُها و المعانقُ فرعُها عنانَ السّماء القادرة على التخلّص من أوراقها الصّفراء و أغصانها اليابسة لتثمر من جديد، وهو مطالب بالمراهنة على طول النفس والقبول بأن علينا أن نزرع لكي يأكل شعبنا مثلما زرعوا فأكلنا . اذ كان جامع الزيتونة أسبق المعاهد التّعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التّاريخ عهدا حمل مشعل الثّقافة العربيّة 12 قرنا ونصف بلا انقطاع وكان لرجال الزيتونة وعلمائها دوركبيرفي النهضة والإصلاح.
وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: أن الطوائف المحتسبة من أهل العلم ما قامت على سلطان عادل أو ظالم إلا كانت الدائرة على تلك الطائفة؛ لأنها جهلت المنهج النبوي: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». فلا مساومة في الحقوق الغير قابلة للتصرف ولا التخلي عن الأهداف التي ضحت من أجلها الأجيال. أمّا العناصر التي اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار فكلّ ريح تعصف بها وتحيلها إلى أعجازمنقعر.
طاقات بشرية ومادية عظيمة أهدرت وحولت عن موضوعات البناء والتنمية والنهوض العلمي والتقني والوحدة الوطنية والتصدي للتحديات الخارجية الى موضوعات تقسيم الصف الوطني وانهاكه في تحديات سياسية وأمنية داخلية على حساب التشييد والاعمار والانماء ورص الصفوف في قضايا الاستعمار والتخلف المادي والمعرفي في زمن العولمة وأن الإسلاميون في تونس هم واقع بشري و سياسي لا يمكن بأيّ حال من الأحوال تجاهله مهما كان التقيم للظّاهرة الإسلاميّة أو أداء المنتمين إليها طيلة العشرينّات الفارطة...
كنا قبل المحنة العظمى وهي محنة تهجير قيادة الحركة نتجشم الصعاب الأمنية للإلتقاء مرة في الأسبوع في مكان آمن لنتدارس ديننا أو نستمع لشريط نخفيه.
أيجوزللمسلم المغلوب ان يهاجرمن وطنه؟
للاجابة على هذا السؤال نجد وثيقتين مهمّتين صدرت واحدة في رسالة بعنوان «حسام الدين بقطع شُبَه المرتدّين» للأمير عبد القادر الجزائري الذي توفي سنة 1300ه/1883م، أما الثانية فهي في «رسالة محمد بن الشاهد» مفتي عاصمة الجزائر الذي توفي سنة 1253ه/1837م.
يذهب الأمير عبد القادر الجزائري في رسالته إلى أن كلّ مَن بقي بدار الحرب أو نزح إليها من دار الإسلام كافرٌ مرتدّ. أما في رسالة محمد ابن الشاهد مفتي عاصمة الجزائر ، نجد رأيا مختلفا لا يقول بوجوب الهجرة على الإطلاق، إنما تصبح عنده واجبة إن لم يتمكّن المسلم من إقامة دينه. وفي شرح رأيه يقول: «هل وقعت منّا فتنة في الدين؟ وهل بطلت من المساجد الباقية الصلوات والتأذين؟... وهل الذبائح والأنكحة والمواريث بأيدينا على العهد القديم بحيث لم يتسلّط على شيء من تلك هذا الكافر اللئيم؟».
ما يعنينا تحديدا في هذين النصّين هو أنّهما ظلاّ متّفقَيْن في تصورهما المرجعي. لذلك كان تشخيص الوضع الاستعماري على فداحته عند الرجلين من زاوية واحدة هي زاوية الهجرة: أهي واجبة أم لا؟ لقد ظل النصّان بعيدين عن إدراك كاملِ أبعاد الغزو الاستعماري، فبقيت المواجهة قائمة مع المستعمِر لكن بعُدّةٍ فكريّة وخلفية تصوريّة مختلّفة. فكما أن ما خسره المسلمون من قبل بسقوط الأندلس لم يُفْضِ إلى مراجعات حقيقية أو تقويم يُدخل ضمن الاجتهاد الفقهي اعتباراتٍ وقيما جديدة، كذلك لم تتّسع الرؤية لدى علماء الجزائر في ذلك الطور لتستخلص كل الدروس من هذا الانقلاب في طبيعة العلاقات بين المجتمعات المختلفة.
إنّها معضلة حسّ تاريخي ضعيف لا يستشعر كلّ ما تعنيه التحديات المُنبَرية إليهم من خارج عالَمهم. لذلك ظلت خطوات وعيهم التاريخي وئيدة رغم السنين والمخاطر.
توالت سنوات القهر والرعب على المسلمين في الجزائرمن سنة 1830م إ لى سنة 1930م بعد ذلك كشف الاستعمار كامل دلالاته من الغزو الاستعماري. وّقد حقّق ذلك مع مراراته تراكما لتجارب أدّت إلى الوقوف على حقائق تتعلّق بالبناء الحضاري في شروط رؤية جديدة للعالَم.
فلم تؤد مائة سنة من الاحتلال إلى الانسلاخ عن الإسلام أو القضاء على الشخصية الوطنيّة، كما كان يسعى إلى ذلك الاستعمار. على العكس، توفرت شروط آلية ثقافية أتاحت درجة لافتة من تطوّر منهج التفكير والعمل لدى المجتمع والنخب. برز ذلك مع إنشاء جمعية العلماء المسلمين في الجزائر عام 1931 إ لى جانب جمعيات وأحزاب مختلفة. كل هذا الحراك كان سعيا إلى تركيب نسقّ متناسب مع مقتضيات العصر وقادر على استيعاب حداثة أوروبية اقتحمت عالَم المسلمين.
هذا التحوّل في وعي النخب الجزائرية رغم فداحة الهيمنة الفرنسية جعل من العلماء المسلمين من يدرك أن مباشرة الهويّة الإسلامية تكون وفق قواعد فكرية وثقافية جديدة، تعبّر عن تمثّل العالِم والفقيه لتحديات التفوق الحضاري الأوروبي. هو وعي يعيد بناء الذات بالتخلّص من النظرة التقليدية.
نجد هذا واضحا عند عدد من علماء الجزائر ومفكريهم. ولعل أفضل شاهد على ذلك ما كتبه ابن باديس الذي توفي سنة 1940م في نصوص عديدة من أهمها نص «الإسلام الذاتي والإسلام الوراثي: أيهما ينهض بالأمم؟»، ونص: «أيها المسلم الجزائري» الذي يقول فيه: هاك وصايا نافعة «حافظ على عقلك فهو النور الإلهي الذي مُنِحتَه لتهتدي به إلى طريق السعادة... واحذر كل متريبط (طُرُقِيّ مُشعوذ) يريد أن يقف بينك وبين ربك. احذر من التوحّش فإن المتوحش في عصر المدنية محكوم عليه بالتناقض ثم الفناء والاضمحلال كما فنيت جميع الأمم المتباعدة عن التمدّن والرقي... وكن عصريا في فكرك وفي عملك».
هذا التوجّه ذاتّه نجده عند علماء الإصلاح في تونس والمغرب فيما قبل الحرب العالمية الثانية. لقد تأكد تجاوز ثنائية دار الإسلام ودار الكفر ببروز مقولة «التمدّن» التي أصبحت قيمةً يُحتَكَم إليها في العلاقة بالآخرو هو ما ثبته أحد علماء تونس متدبرا ما آل إليه شأن المسلمين في الجزائر نهايةَ القرن التاسع عشر حين كتب عن «أقوم المسالك» بقوله: إذا اعتبرنا تسابقَ الأمم في ميدان التمدّن وتحزّب عزائمهم على فعل ما هو أَعْوَدُ نفعا لا يتهيأ لنا أن نميز ما يليق بالمسلمين إلا بمعرفة أحوال من ليس منهم.
وأن النزبف لازال مستمرا و لم يتعظ الكثير من القادة من تجارب فاشلة على الصعيد السياسي , ولقد كان أحرى وأجدر أن يمتلك القائمون عليها شجاعة المراجعة والتقويم بدل الاصرار على المغامرة بأجيال جديدة أوشحذ الهمم باتجاه فكرة الصراع والمواجهة مع أبناء الوطن الواحد والمصير المشترك بفك الاشتباك وتطبيع العلاقات بين قوى المجتمع والحكومات الذي بات ضرورة لاتحتمل التأخير...
مجتمعات مدنية اسلامية لابد أن تتمايز عن أجندات مجتمعات مدنية وهبت مفاتيح تصرفها ومساهمتها وترشحها واشتباكها وصراعها وخصومتها لقوى خارجية تسندها ماديا وسياسيا وأدبيا واعلاميا في مقابل طموحات مخفية لاعادة رسم خرائط المنطقة ...
أن خلافاتنا ومهما بلغت مع الاخر ومهما بلغت درجة التقصير فان ذلك لن يبرر الخروج عليه بمنطق السلاح أو الجلوس مع أعدائه وأعداء الأمة إذ لا يمرّ أسبوع واحد تقريبا إلاّ ونسمع أنّ السّفيرالأمريكي أو أحد معاونيه أو "الخبراء" القادمين من الولايات المتّحدة الأمريكيّة للتقابل مع أمين عامّ حزب معترف به أو قيادي من حزب غير معترف به أوشخصيّة تونسيّة مرموقة تنشط في الحقل السّياسيّ أو الحقوقيّ أو الجمعويّ
لماذا كلّ هذا الصمت و من المستفيد ؟
لماذا لا تفتح السّلطة حوارا جديّا وبنّاءا مع مكوّنات المجتمع المدنيّ والأطراف السّياسيّة التي قبلت بالعمل في إطار القانونيّة وعلى أسس مدنيّة حول جميع الأوضاع والقضايا التي تعيشها البلاد؟
أن سياسة الإنغلاق ورفض الحوار تؤدّي حتما إلى تشجيع التدخّل الأجنبيّ في الشّأن الوطنيّ وهذه السّياسة تدفع إلى ألإحباط وانعدام الأمل في أيّ التغيير بالإعتماد على الشّعب ونخبه المناضلة والمتمسّكة بالثّوابت هذا النهج يؤدّي حتما إلى نتائج كارثيّة على الجميع على البلاد وشعبها وسوف لاتخرج منه الا الدّوائر الإستعمارية المستفيدة الوحيدة في النّهاية.
نحن مدعوون اليوم أكثر من اي وقت مضى الى أن نكون في مواجهة كل أشكال الارهاب المادي والفكري الذي يروج له البعض دون الوقوف على حقيقة الاسلام كدين علم وحضارة وتسامح مع الأقليات والمدارس الفكرية والسياسية المخالفة ...
نحن اليوم ندعو أصحاب القناعة الاسلامية الوطنية الصادقة أن لا يكونوا جسرا للاخر ليبرر تدخله في تفاصيل مشهدنا الوطني ونحن ندعو اخواننا للتفرغ للحقل الدّعوي والاجتماعي و اعطائهما المكانة التي يستحقّانهما و هذا اولى من المجالس التي لا تقرّبنا الى الله تعالى و كذلك تكوين الشباب على هذا النهج الخالد الذي كان عليه أسلافنا الكرام.
توظيف الطاقات :لقدغرست الزيتونة في تونس عام 114 ه لتكون مثابة أمن وعلم وتقدم في القارة السمراء فكانت كذلك حتى فاض خيرها على الأزهر ذاته وهوالذي وقع تشييده بعدها حتى تحالفت العلمانية مع الإستبداد في تونس في عهد بورقيبة وأول ضحاياه كان جامع الزيتونة الأعظم
ولقد ظلت الزيتونة ترعى أهلها وبلادها حتى طمس الإستبداد نورها وقبرها حية فأضحى الناس من حولها كاليتامى وخاصة المرأة التونسية التي لم يجرؤ ظالم على نزع خمارها من فوق رأسها حتى نزعت منارة الزيتونة وسيق رجالها إلى المشانق والسجون وشرد في الأرض من شرد وضرب الصمت على فقهائها.
منذ أواخر الخمسينات وخروج الحظور العسكري الاجنبي إلى حدود بداية الثمانينيات، كان الفكر الماركسي في تونس وفي العالم العربي هو الأداة لتحليل الواقع ونقده، للمنهج المعتمد لدى الشباب الحالم بالمشروع الاشتراكي القائم والمعتمد على ومجتمع بلا ظلم ولا استغلال ولا طبقات. لكن سرعان ما تهاوى الحلم وبانهيار الاتحاد السوفياتي و ما يدور في فلكه من تجارب، الواحدة تلو الأخرى. ورغم محاولات الفصل بين الفكرة وتطبيقاتها، فإن ذلك لم يضع حدا لانحسار اليسار وتراجعه التاريخي وفقدان جزء مهم من جمهوره.
لقد تتراجعت الأفكار والقيم الأخلاقية في البلاد التونسية وغيرها أمام مفاهيم اقتصاد السوق وتكنولوجيات العولمة، لكن هذه المفاهيم والتكنولوجية سرعان ما تُشعر الأفراد والمجتمعات بضرورة البحث عن معنى حقيقي للحياة الجديدة، وهذا ما يعيد الانسان من جديد إلى عالم الغيب والمرجعيات الاسلامية والتمسك بما يعتبرمن الثوابت والمقدسات التي لا تقبل التقاش. فالأحلام و المثل ضرورة من ضرورات الحياة الفردية والجماعية .
ان انتشارالخطاب السلفي بعد احداث سبتمبر 2001 جاء تعبيرا عن حالة رفض واحتجاج على ما هو سائد في البلاد ، ليست السجون والأحكام القضائية الثقيلة انّهم في حاجة إلى الحوار لفهم الأسباب العميقة التي أدت بهم إلى تبني هذا النمط من الخطاب. كما يتطلب أن تعيد بقية الأطراف النظر في دورها وفي علاقاتها مع بقية الشرائح الخائفة من المستقبل،الشاعرة بعدم القدرة على التحكم في المتغيرات. هذه المتغيرات التي تحدث من دون أن يكون هؤلاء شركاء فاعلين في صنعها، أو التحكم في نتائجها ومضاعفاتها المباشرة على مستقبلهم ووجودهم.
ولقد أصدرت «الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين» تقريرا تضمَّن تحليلا لما تضمنته ملفات 1208 من المعتقلين في قضايا أحيل أصحابها إلى القضاء تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب الذي بدأ العمل به منذ العام 2003. وضحايا هذا القانون هم بالأساس من أبناء التيار السلفي. ولقد كشفت هذه الدراسة أن الشريحة العمرية الرئيسة لهؤلاء تتراوح بين 25 و30 عاما قد تنخفض أحيانا لتصل حدود 19 عاما.
ان الاستنتاج الذي نخرج به هو انّ أنين الزيتونة لن يعمّر طويلا إن شاء الله سبحانه وقوافل الصحوة الإسلامية المتجددة جيلا بعد جيل تملأ الوهاد والنجاد وصدى الرجوع من حولها يتردد فان للزيتونة ودينها في تونس رجال ورب يحميها فهو الذي حمى بيته الشريف وكعبته الكريمة من أبرهة بطير أبابيل. فاعتبروا أيها الاخوة الكرام في الدّاخل و المهجر وأعيدوا القراءة من جديد وهذه نصيحة من أخ ناصح محب (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب).(هود 88) وهذا يؤكد أن حركة النهضة لا يمكن أن تكون عودتها إلا عودة تجديدية.
وفي الختام أقول هذا وأنا أتذكر الاستاذ الفاضل صادق شورو ورفاقه المجاهدين القابعين وراء القضبان منذ ما يقارب العقدين وأتحدى أيا كان إذا وجد في تاريخنا أطول من هذا السجن. ومن المنطق السليم أنني صاحب حق ومعي الحق ويوم يعلى صوت الحق فيك ياخضراء سأقاضي من يريد قتل الحق , وإلى ذاك الزمان المنظور سأصارع البؤس والحرمان والظلم مع إخواني وزملائي صادق شورو وعباس شورو ومحمود الدقي ومحمد غرائبة ومنصف المرزوقي و احمد نجيب الشابي ومصطفى بن جعفر، الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ومنجي الخماسي، الأمين العام لحزب الخضر للتقدم، مع كثير من أبناء تونس الخضراء. نعم أقول هذا وأنا أتذكر معاناة الدكتور منصف بن سالم و الصحافي سليم بوخذير والسجين السياسي رضا بوكادي وبقية إخوانه داخل السجون والمنافي ولا سيما الحالات الخاصة مثل وضع الصحافي عبدالله الزواري. ونجدّد الطلب بوضح حد للمضايقات للمساجين القدامى وتمكينهم من حقوق مواطنتهم الكاملة المكفولة دستوريا. "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين َتَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِك َلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "( آل عمران 104.105)
باريس في 28 مارس 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - ".(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 21 مارس 2008)
[2] - ".(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 21 مارس 2008)
[3] - ".(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 21 مارس 2008)
-------------
طالع أيضا :
الاستقلال وماحقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية و كيف الاحتفال به (الجزء الاوّل من ثلاثة اجزاء)
(الجزء الثاني)
الاستقلال وماحقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية و كيف الاحتفال به(الجزء الثالث)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.