وزير البيئة: مشروع مجلة البيئة جاهز في انتظار عرضه على السلطة التشريعية    تونس: تسوية 4000 عقّار من املاك الأجانب...الأولويّة لهؤلاء    تونس: كلّ التفاصيل عن أسعار ''العُمرة''    قبول زيت الزيتون من صغار الفلاحين بالمراكز الجهوية للديوان الوطني للزيت بداية من الاثنين 17 نوفمبر    سفارة تونس ببلجيكا تنظم تظاهرة ترويحية للتعريف بأهمية زيت الزيتون التونسي    عاجل: عودة هذا الاعب الى الترجي    عاجل: وزارة التربية تفتح مناظرة نارية...فرص محدودة    ردّا على برنامج أيام قرطاج المسرحية: الجمعيّة التّونسيّة للنّقّاد المسرحيّين غاضبة    رشفة واحدة ليلاً قد تكلفك صحتك: كوب الماء بجانب السرير خطر صامت!    إيصالات التسوق قاتلة بصمت: مواد كيميائية تهدد صحتك!    السكّر كيف يطيح ينجّم يتسبّب في الموت...كيفاش؟    أبطال إفريقيا: طاقم تحكيم تونسي يدير مواجهة الأهلي المصري وشبيبة القبائل الجزائري    نابل: 2940 زيارة مراقبة خلال الشهرين الاخيرين تسفر عن رصد 1070 مخالفة اقتصادية    7 سنوات سجناً لشاب ابتزّ فتاة ونشر صورها وفيديوهات خاصة    ثنائي يرفع راية تونس في نهائيات سباقات السيارات الإلكترونية    الكاف : إفتتاح موسم جني الزيتون    مباراة ودية: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الأردني    النادي الإفريقي: تتويج "علي يوسف" بدرع أفضل لاعب ينشط خارج ليبيا    محرز الغنوشي: عودة منتظرة للغيث النافع الأسبوع القادم    الحماية المدنية : 179 تدخلا للنجدة والإسعاف على الطرقات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    مونديال قطر 2025: المنتخب التونسي يواجه النمسا في ثمن النهائي..هذا الموعد    الجزائر: 22 حريق في يوم واحد    عاجل/ "الأونروا" تطلق صيحة فزع حول الوضع في غزة..    خطير/ قلة النوم تدمر الانسان..دراسة تكشف وتحذر..    النائب طارق المهدي: ضريبة على الثروة... ضريبة على النجاح    تصفيات مونديال 2026 : إيطاليا تنتظر للحظات الأخيرة لتفوز 2-صفر في مولدوفا    وزير البيئة: 10 آلاف طن نفايات يوميا وتجربة لإنتاج الكهرباء منها    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    محامي يتوفّى بعد مرافعته مباشرة..رئيس المحامين يكشف السبب    رعب في طريق العودة: رشق حافلات مدرسية بالحجارة أمام التلاميذ في جندوبة!    تاكر كارلسون ينتقد انشغال واشنطن ب"إسرائيل" على حساب القضايا الداخلية    مصرع 8 إيرانيين في حادث اصطدام خلال تهريب وقود    رونالدو يرتكب المحظور والبرتغال تتكبد خسارة قاسية تهدد تأهلها المباشر إلى مونديال 2026    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 26 للمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية    حفل تسليم جائزة العويس الثقافية/ المؤرخ عبد الجليل التميمي ل"وات" : تتويجي هو دليل على مواكبة ذكية لمسيرتي    فرنسا تهزم أوكرانيا وتحسم تأهلها رسميا إلى كأس العالم 2026    البيت الأبيض: الحزب الديمقراطي الأمريكي يتحول إلى حزب شيوعي    واشنطن تدرج 4 كيانات أوروبية في قائمة الإرهاب العالمي    اتحاد الشغل بصفاقس: إضراب ال68 مؤسسة "خيار نضالي مشروع" وسط تعطل المفاوضات الاجتماعية    روسيا تعلن إحباط اغتيال "أحد كبار مسؤولي الدولة"    الجمعة: الحرارة في ارتفاع طفيف    لطيفة العرفاوي في الشارقة لدعم مبادرة "أطفال يقرؤون" لصالح مكتبات تونس    الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم سنّة إلهية    أيام قرطاج المسرحية ..يحيى الفخراني نجم الدورة و«حلم» الجعايبي يتحقّق    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    على مدار السنة وخاصة التمور وزيت الزيتون ..وزير التجارة يؤكد دور البنوك في تمويل الصادرات    خطبة الجمعة ...استغفروا ربّكم إنه كان غفّارا    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل: للتوانسة... ديوان الافتاء يحدد مقدار زكاة الزيتون والتمر لسنة 1447 ه    عاجل/ اتحاد الفلاحة يحذّر التونسيين من استهلاك هذه المادة..    السخيري: 9 بالمائة من التونسيين مصابون بأمراض الكلى    اتّحاد الفلاحة يطالب بتخفيض أسعار الأجبان لحماية صحة المواطن    عاجل/ السجن لموظف بقباضة استولى على 20 ألف دينار..وهذه التفاصيل..    انطلاق مناقشة مشروع ميزانية مهمّة أملاك الدولة والشؤون العقارية لسنة 2026    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة المستقبل/حتمية التفاؤل: بحري العرفاوي *
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 05 - 2010

"الحياة" ليست مجرد عيش تحققه المواد الإستهلاكية إنما هي حضور فاعل في التاريخ وقدرة على التجدد والتساؤل باستمرار ...
الإنسان الحي ليس مجرد كتلة بيولوجية تجري عليها قوانين الطبيعة كما تجري على غيرها من بقية الكائنات وليس مجرد رقم في قائمة «الدّابين» على الأرض... تمسك «الدواب» المعاصرة بأدوات صناعة المشهد العام دوليا ، تسفك دماء وتلوي أعناقا وتعلي من شأن حفاري القبور... بل وتجرأ على أعظم «وظيفة» إذ تدعي قدرة على تأهيل الآدميين «للحياة» تمارس عليهم إكراهات «ثقافية» تدمر الأعصاب وتغيظ الصدور وتدوخ النشء تدفع به إلى الهيستيريا الجماعية وإلى التشرد في غير وجهة وغير قرار... تريد له أن يتحول إلى مجرد كائنات استهلاكية يُسهم في تنمية رأس مال «الدابة الكونية» المعاصرة... تريد لهُ الإستفراغ من المعاني الإنسانية ومن القيم المعيارية ومن دفق الحب والشوق والأمل ليظل مسكونا فقط بطاقة التذاذية وشهوانية محمومة ... يُرادُ ل «الإنسان» أن يُدفن في الأجساد المجففة ، أجساد كما القبور المتحركة أو كما الخُشب المُسنّدة أو كما أعجاز نخلٍ خاويةٍ ! «الدواب» المعاصرة تضربُ بأكرُعها في كل مجرى تعكر ماءه وتدق قرونها في كل مرآة تهشيما للصفاء وهروبا من الحقيقة وتخويفا لكل ذي رأي وذي بصيرة ولكل المُنشدين للحياة .
هل أنت متشائمٌ يا أخي؟
سؤال يستله الواقفون على التشريح الموجع للجسد المجفف ... هل أنت متشائمٌ إذ ترى أقداما من صلصال تتعالى كالأبراج في كل منبت زرع أو مهبط ماء ؟ هل أنت متشائم إذ ترى العلماء والمثقفين والأسوياء والمحبين والحالمين يصطفون جميعا على حافة المشهد كما لو أنهم فضوليون غير مرغوب في حضورهم ويشرّدون إذا ما لامسوا المشهد ذاك بفكرة أو نقد أو سؤال.
هل أنت متشائمٌ أمام عروض التجريب السياسي طويلة الأمد في مختبرات الجغرافيا وعلى شعوب ذات حضارة وتاريخ وعقيدة تُساق معصوبة البصائر والأبصار إلى نهايات دموية وإلى ظلمات تدك فيها النجومُ وتمزق السماوات بشواظ من نار؟
هل أنت متشائم إذ ترى الدولار يستطيل على الأفكار والأحذية على الأدمغة والفارغين على العارفين والخاطفين على المتعففين؟
هل أنت متشائم إذ ترى جيلا عالميا من فتيات وفتيان في عمر الماء ينجرفون إلى صحار يشربهم شجر الزقوم وتمورُ فيهم عواصفُ القلق والحيرة؟
وهل أنت متفائلٌ يا أخي رغم المختبرات السرية يتجند فيها «خبراءُ» صناعة اليأس والحمق والأمراض العصبية ورغم كل فنون تدمير الأعصاب وتخليط الطبائع وتعكير الأمزجة وتدويخ العقول وترهيب الأنفس؟
الهزائم ترقد داخل الذوات حين تزين لها الإستقالة والصمت ومجاراة وقع الواقع وحين يستنبط المرءُ لنفسه مبرراتٍ لإسكات ضميره وحين تصبح الواقعية من مشتقات الوقيعة والوقوع وتصبح العقلانية من مشتقات العُقال والعقلة/عقلة على «الحقيقة» وعلى المصلحة!
تبدأ المعركة داخل الذات للتحرر من الوعي الزائف والمبررات الخادعة والتفاؤل الواهم ... تبدأ بطرح الأسئلة الحقيقية الجريئة الهادئة حول طبيعة المشهد وأسراره,
والأيادي التي تحركه وحول مآلاته المرتقبة منطقيا وحول مدى مسؤوليتى أنا الصامتة وأنا الناطقة في صناعته وحول الواجب التاريخي الذي يتحتم علي آداؤه ، تمتد المسؤولية إلى ما حولنا ممن نخاطبهم يوميا ونتعامل معهم حين نتحرر من عيب المجاملة والإستحياء من الحق وحين نقف الموقف الذي يجب وكما يجب وحين لا نزين للخاطئين خطأهم حتى لا يتمادوا فيه ولا يغتروا بما هم عليه من أوهام وأخطاء ، وحين نستجمع إرادتنا وهمتنا فنتحررمن الجبن والطمع والتردد,
والبرود وحين لا ترتخي لنا قامة أمام أقدام الصلصال وأعمدة الدخان وحين لا ينتابنا شك في «جوهر الإنسان» وفي صوابية الذهاب إلى "الحياة" .
الذهاب إلى المستقبل يحتاج طاقة روحانية ووقودا تفاؤليا ودرجة من الشجاعة المتبصرة وقدرا من الإستهزاء بمكر حفاري القبور وصًناع أقبية الظلام، يحتاج قدرة على النسيان حتى لا يسكننا حقد ولا تتداخل روح المنافسة بنوازع الثأر.
* كاتب وشاعر تونسي
الصباح التونسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.