عاجل/ انهاء مهام هذه المسؤولة..    سوسة: تسجيل 14 مخالفة خلال عملية مراقبة اقتصادية مشتركة    عاجل/ في بلاغ رسمي: وزارة الداخلية تعلن ايقاف هذه الأطراف..    عاجل: قمة عربية إسلامية في الدوحة...شنيا ينجم يصير؟    عاجل/ الكشف عن الأسرار المظلمة.. من وراء اغتيال الناشط الأمريكي "شارلي كيرك"؟    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة الافتتاحية    البطولة الإسبانية : برشلونة يفوز على فالنسيا 6-صفر    القبض على المتورط في عملية السطو على فرع بنكي في بومهل    عاجل/ وفاة عامل وإصابة آخريْن في حادث بمصنع في هذه الجهة..وهذه التفاصيل..    كفاش تتعامل العائلة مع نفسية التلميذ في أول يوم دراسة؟    لمستعملي الطريق : شوف دليلك المروري قبل ''ما تغرق في الامبوتياج'' ليوم ؟    الاحتلال يعيق وصول المعلمين إلى مدارسهم بسبب إغلاق الحواجز    بطولة سانت تروبي للتنس: معز الشرقي يستهل مشواره بملاقاة المصنف 175 عالميا    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    عاجل/ سفارة تونس بالقاهرة تعلن عن تسهيل إجراءات حصول المصريين على تأشيرات دخول إلى تونس..    أكثر من 2 مليون تلميذ يرجعوا اليوم للقراية    سفينتا 'فاميلي' و'ألما' تُبحران فجرا من بنزرت نحو غ...زة    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب هذه المنطقة.. #خبر_عاجل    طقس اليوم.. انخفاض طفيف في درجات الحرارة    قصف متواصل يستهدف المنازل وخيام النازحين في قطاع غزة    اضراب التاكسي تأجل ...في بالك علاش ؟    هل كل من دخل للوظيفة العمومية بدون مناظرة هو بالضرورة فاسد؟    وزارة الداخلية: تواصل عمليات مكافحة الاحتكار والمضاربة    القمة الطارئة في الدوحة وسيناريوهات الرد على إسرائيل    من حريق الأقصى إلى هجوم الدوحة.. تساؤلات حول جدوى القمم الإسلامية الطارئة    المنتخب يشرع في تحضيراته لكأس افريقيا    من مملكة النمل إلى هند رجب ...السينما التونسية والقضية الفلسطينية... حكاية نضال    الكاف: مساعدات مدرسية لفائدة ابناء العائلات المعوزة    "دار الكاملة" بالمرسى تفتح أبوابها للجمهور يومي 20 و 21 سبتمبر    القيروان .. تقديرات بإنتاج 52 ألف طن من زيت الزيتون    بطاقة إيداع بالسجن ضد شاب هدّد دورية أمنية بسلاح وهمي: التفاصيل    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    سوق المحرس العتيق...نبض المدينة وروح التاريخ    تونس تروّج لوجهتها السياحية في الصين: حضور قوي في كبرى التظاهرات الدولية    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    كرة اليد – بطولة النخبة : النتائج الكاملة للجولة الخامسة (فيديو)    لماذا يرتفع ضغط الدم صباحًا؟ إليك الأسباب والحلول    بطولة النخبة لكرة اليد: الترجي والنادي الإفريقي يتقاسمان الصدارة بعد الجولة الخامسة    بنزرت: حرفة صناعة الفخّار بسجنان تسري في عروق النساء وتصون ذكرى الأجداد    ركلة جزاء متأخرة من صلاح تمنح ليفربول فوزا صعبا في بيرنلي    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    إنتاج الكهرباء في تونس يرتفع 4% بفضل واردات الجزائر    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    سبتمبر مختلف: خريف مبكر يطرق أبواب هذه المناطق    "ماهر الكنزاري سيواصل المشوار وليست هناك اي نية للتخلي عنه" (مصدر صلب هيئة الترجي الرياضي)    22 سبتمبر الجاري: "يوم فرص الأعمال مع تونس" ببوخارست    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    العجز الطاقي لتونس ينخفض مع موفى جويلية الفارط بنسبة 5 بالمائة    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    السبت: حالة الطقس ودرجات الحرارة    وزارة الصحة تحذر    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة المستقبل/حتمية التفاؤل: بحري العرفاوي *
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 05 - 2010

"الحياة" ليست مجرد عيش تحققه المواد الإستهلاكية إنما هي حضور فاعل في التاريخ وقدرة على التجدد والتساؤل باستمرار ...
الإنسان الحي ليس مجرد كتلة بيولوجية تجري عليها قوانين الطبيعة كما تجري على غيرها من بقية الكائنات وليس مجرد رقم في قائمة «الدّابين» على الأرض... تمسك «الدواب» المعاصرة بأدوات صناعة المشهد العام دوليا ، تسفك دماء وتلوي أعناقا وتعلي من شأن حفاري القبور... بل وتجرأ على أعظم «وظيفة» إذ تدعي قدرة على تأهيل الآدميين «للحياة» تمارس عليهم إكراهات «ثقافية» تدمر الأعصاب وتغيظ الصدور وتدوخ النشء تدفع به إلى الهيستيريا الجماعية وإلى التشرد في غير وجهة وغير قرار... تريد له أن يتحول إلى مجرد كائنات استهلاكية يُسهم في تنمية رأس مال «الدابة الكونية» المعاصرة... تريد لهُ الإستفراغ من المعاني الإنسانية ومن القيم المعيارية ومن دفق الحب والشوق والأمل ليظل مسكونا فقط بطاقة التذاذية وشهوانية محمومة ... يُرادُ ل «الإنسان» أن يُدفن في الأجساد المجففة ، أجساد كما القبور المتحركة أو كما الخُشب المُسنّدة أو كما أعجاز نخلٍ خاويةٍ ! «الدواب» المعاصرة تضربُ بأكرُعها في كل مجرى تعكر ماءه وتدق قرونها في كل مرآة تهشيما للصفاء وهروبا من الحقيقة وتخويفا لكل ذي رأي وذي بصيرة ولكل المُنشدين للحياة .
هل أنت متشائمٌ يا أخي؟
سؤال يستله الواقفون على التشريح الموجع للجسد المجفف ... هل أنت متشائمٌ إذ ترى أقداما من صلصال تتعالى كالأبراج في كل منبت زرع أو مهبط ماء ؟ هل أنت متشائم إذ ترى العلماء والمثقفين والأسوياء والمحبين والحالمين يصطفون جميعا على حافة المشهد كما لو أنهم فضوليون غير مرغوب في حضورهم ويشرّدون إذا ما لامسوا المشهد ذاك بفكرة أو نقد أو سؤال.
هل أنت متشائمٌ أمام عروض التجريب السياسي طويلة الأمد في مختبرات الجغرافيا وعلى شعوب ذات حضارة وتاريخ وعقيدة تُساق معصوبة البصائر والأبصار إلى نهايات دموية وإلى ظلمات تدك فيها النجومُ وتمزق السماوات بشواظ من نار؟
هل أنت متشائم إذ ترى الدولار يستطيل على الأفكار والأحذية على الأدمغة والفارغين على العارفين والخاطفين على المتعففين؟
هل أنت متشائم إذ ترى جيلا عالميا من فتيات وفتيان في عمر الماء ينجرفون إلى صحار يشربهم شجر الزقوم وتمورُ فيهم عواصفُ القلق والحيرة؟
وهل أنت متفائلٌ يا أخي رغم المختبرات السرية يتجند فيها «خبراءُ» صناعة اليأس والحمق والأمراض العصبية ورغم كل فنون تدمير الأعصاب وتخليط الطبائع وتعكير الأمزجة وتدويخ العقول وترهيب الأنفس؟
الهزائم ترقد داخل الذوات حين تزين لها الإستقالة والصمت ومجاراة وقع الواقع وحين يستنبط المرءُ لنفسه مبرراتٍ لإسكات ضميره وحين تصبح الواقعية من مشتقات الوقيعة والوقوع وتصبح العقلانية من مشتقات العُقال والعقلة/عقلة على «الحقيقة» وعلى المصلحة!
تبدأ المعركة داخل الذات للتحرر من الوعي الزائف والمبررات الخادعة والتفاؤل الواهم ... تبدأ بطرح الأسئلة الحقيقية الجريئة الهادئة حول طبيعة المشهد وأسراره,
والأيادي التي تحركه وحول مآلاته المرتقبة منطقيا وحول مدى مسؤوليتى أنا الصامتة وأنا الناطقة في صناعته وحول الواجب التاريخي الذي يتحتم علي آداؤه ، تمتد المسؤولية إلى ما حولنا ممن نخاطبهم يوميا ونتعامل معهم حين نتحرر من عيب المجاملة والإستحياء من الحق وحين نقف الموقف الذي يجب وكما يجب وحين لا نزين للخاطئين خطأهم حتى لا يتمادوا فيه ولا يغتروا بما هم عليه من أوهام وأخطاء ، وحين نستجمع إرادتنا وهمتنا فنتحررمن الجبن والطمع والتردد,
والبرود وحين لا ترتخي لنا قامة أمام أقدام الصلصال وأعمدة الدخان وحين لا ينتابنا شك في «جوهر الإنسان» وفي صوابية الذهاب إلى "الحياة" .
الذهاب إلى المستقبل يحتاج طاقة روحانية ووقودا تفاؤليا ودرجة من الشجاعة المتبصرة وقدرا من الإستهزاء بمكر حفاري القبور وصًناع أقبية الظلام، يحتاج قدرة على النسيان حتى لا يسكننا حقد ولا تتداخل روح المنافسة بنوازع الثأر.
* كاتب وشاعر تونسي
الصباح التونسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.