عمان:يواجه قانون جديد للانتخاب أقرته الحكومة الأردنية مؤخرا تمهيدا لاقتراع نيابي سيجرى في الخريف، انتقادات واسعة اعتبرته «محبطا» ولم يأت بإصلاحات للحياة السياسية. وأقر مجلس الوزراء الأردني الثلاثاء الماضي قانونا مؤقتا رفع عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجلس النواب من 6 إلى 12 وعدد أعضاء المجلس من 110 إلى 120 نائبا.وأبقى القانون على نظام «الصوت الواحد» الذي كان وما زال محط انتقاد منذ بدء تطبيقه منتصف تسعينيات القرن الماضي. ورأى حمزة منصور النائب السابق والقيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للإخوان المسلمين -أبرز أحزاب المعارضة في الأردن- أن «القانون محبط ويصدم مشاعر جميع الأردنيين والأحزاب السياسية والقوى المجتمعية». وقال المتحدث إن هناك من كان يأمل خيرا من حل مجلس النواب السابق، وظن أن ذلك سيكون بداية للإصلاح السياسي في المملكة، لكن يبدو أن قوى الشد العكسي في البلد لا تسمح بإجراء إصلاح حقيقي. وأضاف أن «الحكومة حاولت أن تضفي على القانون نواحي تجميلية، لكنها لم تستطيع إخفاء عيوبه، فهو قانون محبط كرس موضوع الصوت الواحد، ولم يحمل أي بصمات إصلاحية جديدة». وأُقر القانون في غياب مجلس النواب الذي حله العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في نوفمبر 2009 إثر انتقادات لضعف أدائه. وقال الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي إن القانون الذي أقر «يؤكد غياب الرغبة في الإصلاح السياسي». وأضاف مدير مركز القدس للدراسات السياسية أن هذا النص «يؤكد غياب الرغبة السياسية لدى الحكومات بتحقيق تقدم ملموس على طريق الإصلاح السياسي». وزاد الرنتاوي أنه لا يعتقد أن «جديدا سيطرأ على الحياة السياسية الأردنية»، معتبرا أن «القانون الذي جاء بالمجالس السابقة هو نفس القانون الذي سيجيء بمجلس من ذات الشاكلة» وأن «التعديلات التي جرت على القانون هي تعديلات شكلية قد تزيد الأمور سوءا.. وثانوية لا ترقى إلى الطموح». وتابع مدير مركز القدس للدراسات السياسية: «سنكون أمام تمديد للمجالس السابقة التي اشتكينا جميعا من ضعفها وسوء أدائها وهبوط مستوى العمل البرلماني في الأردن إلى مستوى تقديم الخدمات للأقارب والمحسوبين والبحث عن منافع شخصية وانتهازية هنا وهناك» مشيرا في الوقت نفسه إلى «نقطة إيجابية» في القانون الجديد هي زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء، مع أنه كان يأمل «أن يكون تمثيل النساء بنسبة %20 على الأقل من عدد مقاعد المجلس». وقال الرنتاوي إن القانون «ليس صديقا للنساء ولا يساعد على تمكين النخب النسائية المرموقة من الوصول للبرلمان، كما أنه ليس صديقا للأحزاب السياسة، ويعطل عملية بناء حياة حزبية ونظام سياسي حزبي متطور». من جهته، أكد النائب المسيحي السابق عودة قواس أن «القانون الانتخابي الجديد يسيء إلى موضوع الإصلاح السياسي في المملكة إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية في الإصلاح السياسي». وأضاف أن «القانون أبقى على النقطة الخلافية وهي نظام الصوت الواحد وتجزئة الصوت، وفي هذا تكريس للعشائرية والعلاقات العامة والمصالح الشخصية». مشيرا إلى أنه لا يسمح بانتخاب برنامج سياسي حقيقي لأي مرشح مستقبلا. ورأى قواس أن القانون «يحارب الحياة الحزبية ولا يعطي للأحزاب الفرصة والقوة لتنظيم نفسها وبدء حياة سياسية حقيقية» كما أنه «لم يعد للمواطن الثقة بالمؤسسة البرلمانية التي اشتكى من أدائها سابقا». وكان نبيل الشريف وزير الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة قد دافع الأربعاء الماضي عن الإبقاء على الصوت الواحد بقوله: «إن الحكومة توخت تحقيق العدالة والمساواة بين الناخبين في قوة الصوت من خلال تقسيم المملكة إلى دوائر انتخابية ودوائر فرعية يكون لكل دائرة مقعد نيابي واحد، أي دائرة واحدة ومقعد واحد وصوت واحد». ورأى منصور أن «الحكومة حريصة على أن تبقي سيطرتها على مجلس النواب الذي سيفرزه هذا القانون والذي لن يكون أفضل من المجالس التي سبقته». وفي السياق نفسه دافع نايف القاضي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية عن القانون مؤكدا أنه «يعبر عن إرادة معظم الأردنيين أو غالبيتهم، ويمكنهم من المشاركة في اختيار ممثليهم بصورة حقيقية دون تأثير من أي جهة أو أحد». وأضاف: «لن نصغي لمن يدعي أو يتهم، فنحن واثقون من أنفسنا وبأننا نقوم بهذه العملية بطريقتها الصحيحة والقانونية والدستورية»، مؤكدا أنه ليس منزعجا «من بعض الآراء التي كنا نتوقع أن يكون موقفها مخالف». يذكر أن آخر انتخابات نيابية أجريت في الأردن في 20 نوفمبر من 2007، وكان يفترض أن يستمر عمل مجلس النواب المنحل حتى 2011.