فلسطين،القدس:منذ عام 1948 دأبت الحركة الصهيونية على تدمير مئات المساجد في فلسطين ضمن مخططاتها لمحو الهوية العربية الإسلامية، ولم تنج منها سوى العشرات من بيوت الله، لكنها ظلت بأغلبيتها الساحقة موصدة أمام المصلين ومحرومة من الترميم . هذه المساجد الشواهد نجت ربما بجسدها فقط، فيما سلبت روحها بتحويلها إلى ملاهٍ ليلية وحظائر ومخازن وبعضها حول لكنس كما حصل في بلدتي طيرة الكرمل قضاء حيفا والعباسية قضاء يافا . أما مسجد السويقة التاريخي مسجد الشيخ عيسى في مدينة صفد، فيندرج في قائمة المساجد المهّجرة والمهجورة للبوم والغربان منذ نكبتها عام ،48 فأصابته الصهيونية بشلل نصفي بعدما هدمته ونجت مئذنته الشامخة يتيمة في حي الجورة المأهول بالمستوطنين . طوال ستة عقود ظلت المئذنة المتداعية عرضة للهجران والإهمال ويد العبث والتخريب، بل أقدم بعض اللصوص قبل أربع سنوات على سرقة الهلال المصنوع من البرونز المثبت في قبتها . وبعد مداولات مضنية وافقت بلدية صفد على طلب مؤسسة “الأقصى” التي انتهت من ترميمها هذا الأسبوع وإنقاذها من الموت المحتوم . وتمكنت المؤسسة من ترميم المئذنة بطريقة تحفظ بناءها المعماري التاريخي الذي يعود للعهد العثماني . ويعتبر المهندس زكي اغبارية هذا الترميم خطوة في مشوار طويل للحفاظ على المقدسات والأوقاف في الداخل والقدس . ورافق العمل المختص في الترميمات الأثرية عضو لجنة المقدسات في “مؤسسة الأقصى” مروان حماد، وقام بتنفيذ العمل المقاول أحمد بدران وطاقمه المتخصص بالترميمات الأثرية، وبلغ حجم تكلفة المشروع نحو 25 ألف دولار . وقال المؤرخ د . مصطفى عباسي، ابن مدينة صفد والمهجر في قرية الجش، إن مسجد الشيخ عيسى (السويقة) شيد في أوائل العهد العثماني على مساحة دونمين . وأوضح أن الرحالة التركي أوليا شلبي زار المسجد عام 1648م وكتب في مذكراته أن شيخاً يدعى الشيخ عيسى دفن بجوار المسجد ومنه اكتسب المسجد هذا الاسم . وتابع “في كل مرة كنت أزور فيها بلدي صفد يفجعني بشكل خاص المشهد المحزن للمئذنة اليتيمة بعد هدم مسجدها” . وفي صفد هناك خمسة مساجد يمنع المسلمون من أداء الصلاة فيها، بينها المسجد الأحمر وهو مسجد من العصر المملوكي، وقد حوله الصهاينة لملهى ليلي، فيما حوّل المسجد اليونسي لمعرض رسوم .