تونس:تشهد ولاية سيدي بوزيد، وسط غرب تونس، انتفاضة تقودها عائلات من الفلاحين ينددن بتصرفات بنك يسعى، على حد قولهن، إلى مصادرة أراضيهن. وقد بلغت حركة الاحتجاج أوجها البارحة الخميس 15 يوليو 2010 عندما قمعت قوات الأمن مظاهرة نظمها الفلاحون أمام مقر الولاية.تعود أحداث هذه القضية إلى سنتي 2003-2004 عندما قام عدد من فلاحي دائرة رقاب بولاية سيدي بوزيد باقتراض مبالغ مالية من البنك القومي الفلاحي، وهو البنك الذي يعنى غالبا بشؤون الفلاحين في تونس، بنسب فوائد عالية صعب عليهم تسديدها. ولم تكن نتيجة تراكم الديون سوى أن وجد الفلاحون أنفسهم ضحية إجراءات "تبتيت" –أي بيع بالمزاد العلني- في المحكمة. واحتجاجا على ذلك، دخلت قرابة 20 عائلة من الفلاحين في اعتصام منذ 23 يونيو 2010 اعتراضا على عملية ترحيلهم من أراضيهم. ولقد تفاقمت حركة الاحتجاج منذ ذلك اليوم لتبلغ ذروتها يوم الخميس 15 يوليو حيث اندلعت مظاهرة أمام مبنى الولاية قامت قوات الأمن التونسية بقمعها. حاولنا الاتصال بأحد مسؤولي البنك الوطني الفلاحي لكن لم نتلق أي إجابة، وسننشر تعليقاتهم إن أرادوا التعبير عن أي موقف تجاه هذه القضية. سليمان الرويسي "نعتقد أن في الأمر معاملات احتيالية" سليمان الرويسي رئيس لجنة التضامن مع فلاحي دائرة رقاب، كان متواجدا على عين المكان. تنخرط هذه القضية في إطار سياسة حكومية انطلقت في عام 2001 وتسعى إلى تشجيع الاستثمار الفلاحي، خاصة لدى الشباب. لذلك تجد أن معظم المقترضين من أصحاب الشهادات. لكن سريعا ما شابت هذه العملية بعض التعقيدات ، إذ طلب البنك من الفلاحين اقتناء التجهيزات في انتظار مدهم بالقروض، الأمر الذي جعلهم مدينين قبل حصولهم على المال. وبذلك كان عليهم تسديد أموال لطرفين في الوقت ذاته. إلا أنهم، وبطريقة عفوية، فضلوا أن يمنحوا أصحاب التجهيزات الأولوية في تسديد ديونهم. أقل ما يمكن قوله هو أن البنك الوطني الفلاحي لم يكن نزيها في هذه العملية. فعلاوة على فرضه نسب فوائد خيالية تراوحت نسبها بين 12 و19 في المئة [فيما معدلها عادة 8 في المئة ]، رفض البنك إعادة جدولة الديون. ولما تم تعيين خبير من قبل المحكمة لدراسة ممتلكاتهم وتقييمها بغية تصفيتها لاحقا، تعذر وصول الرسائل إلى أصحابها لورود أخطاء غريبة في العناوين، وبالتالي لم يكن باستطاعتهم الاعتراض على العملية في الوقت المناسب. وأما عن عملية البت، فمن المستغرب أن يتقدم في كل مرة سوى مشتر واحد، زيادة عن قصور في عملية الإشهار، مما سهل بيع الأراضي بأثمان بخسة، وهو أمر يعاقب عليه القانون. إن ما يحاول الفلاحون التنديد به من خلال احتجاجاتهم هو انعدام الشفافية في طريقة تطبيق القانون. نعتقد أن في الأمر معاملات احتيالية تجمع البنك برئيس المحكمة الذي، يا للصدفة، ينتمي لنفس منطقة المشترين. بالنسبة لما حدث البارحة، فقد أرادت مجموعة مهمة من الفلاحين الالتقاء بمسؤولين من ولاية سيدي بوزيد إلا أن قوات الأمن منعتهم من ذلك. وسريعا ما انضمت إلى الفلاحين مجموعة أخرى من المواطنين، الأمر الذي جعل عدد المتظاهرين يرتفع إلى حوالي 400. وهناك، أمام مقر الولاية، قمنا برفع شعارات نناشد فيها السلطة ورئيس الدولة بوضع حد للظلم وتقديم الدعم للفلاحين. لكن سرعان ما تدخلت قوات الشرطة مجددا لتفريق المتظاهرين وذلك بانتزاع لافتاتهم وكاميرات التصوير، مستعملين في ذلك عصيهم والغازات المسيلة للدموع، مما تسبب في إغماء شخص والإسراع بامرأة نحو قسم الاستعجال في المستشفى."