تساءلت مجلة ذي إيكونومست البريطانية عن مدى كون التكنولوجيا (التقنية) نعمة للجاسوسية أم نقمة عليها. وقالت إنه بات ممكنا الاستغناء عن الكاميرات المتناهية الصغر والمسجلات لصالح الأجهزة الإلكترونية التي تشبه في حجمها رأس الدبوس ويتم تشغيلها عن بعد.وبينما أشارت المجلة إلى أن المشكلة الكبرى في الأيام الخالية كانت تتمثل في تغيير بطاريات أجهزة التنصت التي يستخدمها الجواسيس، أضافت أن الاتصالات الإلكترونية باتت تشكل هدفا رائعا للحواسيب الضخمة الموجودة في أماكن مثل وكالة الأمن القومي الأميركي. وقالت ذي إيكونومست إن من شأن التقنيات الحديثة والمستقبلية التعامل مع الرسائل المشفرة بدرجة شديدة وفقا لمعايير ومقاييس اليوم، بحيث يمكنها تفكيكها بسهولة مما يثير الفزع في قلوب المسؤولين الأمنيين حول العالم. لكن تلك التطورات تجعل الأمور أصعب بالنسبة للجواسيس الذين يتعاملون مع البشر بدلا من تعاملهم مع المعدات الدقيقة والإلكترونية, حيث إن قواعد مهنة التجسس تقوم على انتهاك القوانين دون أن تتم ملاحظة ذلك، تماما كما حصل مع الجواسيس الروس الذين تم القبض عليهم الشهر الماضي داخل الولاياتالمتحدة وجرى إبعادهم. هواتف نقالة فقد كان الجواسيس الروس يتجولون عادة داخل الولاياتالمتحدة بحرية مستخدمين هويات مزورة، وكانوا يتسلمون ويسلمون الأموال بوسائل لا يمكن اكتشافها.وتضيف المجلة أن المشكلة الكبرى تتمثل في الهواتف النقالة التي تشكل بالنسبة لصيادي الجواسيس ولمن وصفتهم "بالإرهابيين" أجهزة تنصت وتتبع نموذجية ورائعة، وذلك عندما تكون مشحونة. لكن الهواتف النقالة تشكل مصدر إزعاج للجواسيس، حيث إن إزالة بطارياتها ووضع شرائحها داخل ثلاجة أو داخل أي حاوية معدنية من شأنه أن يشل عمل أي جهاز تنصت.وفي المقابل فإن من شأن إطفاء الهواتف النقالة ووضعها داخل حاويات معدنية زيادة نسبة الشك باستمرار, فإذا ما كان هناك شخصان يتم تتبعهما ومراقبتهما ويتخذان الاحتياطات غير العادية, بالقرب من نفس المكان، فإنه يمكن لأي شخص إدراك أو تخمين وجود نوع من الاجتماع السري الوشيك. بطاقات ائتمان وفي حين يعود الفضل إلى الإلكترونيات في تسهيل معرفة وجود زائر مشتبه بأمره أو التحقق من أختام التأشيرات من الدول الأخرى بواسطة حواسيب الهجرة، يمكن أيضا معرفة تاريخ صدور بطاقات الائتمان وعدد مرات استخدامها والتعرف على تاريخ أو سيرة عمل الشخص عن طريق الإنترنت, وأما سجل فواتير الهاتف النقال فيكشف عن اتصالاته السابقة إن كانت حدثت.وبينما كان البحث عن معلومات بشأن مشتبه به يتطلب من فرق مكافحة الجاسوسية في السابق أياما وأسابيع, فإن الأمر لا يستلزم هذه الأيام أكثر من نقرات قليلة على فأرة محرك الإنترنت. وفي حين يمكن بمجهود بسيط عمل هويات سارية المفعول، فإن التكنولوجيا الحديثة يمكنها قراءة جوازات السفر , بحيث يتم الربط بين اسم وبصمات أصابع من يدخل إلى الولاياتالمتحدة داخل حواسيب الحكومة إلى الأبد. سجلات نفوس كما يمكن التأكد من المعلومات بسهولة من جانب العشرات من حلفاء الولاياتالمتحدة, فالحصول على جواز سفر لطفل مع شهادة وفاة للطفل يعتبر على درجة متزايدة من المخاطرة كون سجلات النفوس محوسبة. كما أن سرقة جواز سفر سائح وتغيير الصورة (وهو تكتيك مفضل من قبل الموساد الإسرائيلي) لم يعد أمرا سهلا، ففي المستقبل سيتم فحص المعلومات المثبتة على الشريحة.كما أصبح بإمكان التقنيات الحديثة التأكد بطريقة خفية وعن بعد وبطريقة آلية أو أوتوماتيكية من أي مواد ملقاة في سلة المهملات أو أماكن أخرى، وعلى عكس المجهود الذي كان يبذل سابقا لنفس المهمات. وقالت ذي إيكونومست إن زمن العيش بطريقة غير شرعية لسنوات في دولة أجنبية بواسطة هوية مزورة اقترب من نهايته، حيث إن مسؤولي التجسس يلجؤون بشكل متزايد إلى استخدام "أشخاص حقيقيين".وفي حين أشارت المجلة إلى الجاسوسة الروسية آنا تشابمان التي تمكنت من خلال اسمها البريطاني من الدراسة والزواج والعمل والعيش في مجموعة من الدول المختلفة، أضافت أنه لم يعد من حاجة للتفرغ تماما لمهنة التجسس حيث يمكن مزاولة التجسس أثناء تأدية أعمال أخرى.