بضغط صهيوني وتجاوب أمريكي وغطاء عربي - أو بمعنى أدق هروب عربي من المسئوليات الشرعية والقومية – يدخل محمود عباس جولة جديدة فاشلة من المفاوضات المباشرة ، الرجل لا يملك أوراق ضغط للتفاوض ولا ضمانات للتنفيذ ولا جدول زمني للوصول ولا مرجعية للانطلاق وبالتالي فهو يقفز في الفضاء لا يعلم أين المصير؟!، ومع ذلك سيجلس على مائدة التفاوض لأنه لا يملك خياراً آخر ، لا يملك إلا تنفيذ ما اتفق عليه أمريكياً وصهيونياً وعربياً، الجميع يعلم أن المفاوضات لن تحقق للشعب الفلسطيني جديد ، لكنها تحقق لأوباما إنجازاً سياسياً قبل الانتخابات النصفية في نوفمبر القادم ولحكومة نيتنياهو غطاءً أخلاقياً للهروب من الحصار الدولي بسبب الجرائم المتكررة خاصة مجزرة أسطول الحرية ، كما تحقق لأنظمة مربع الاعتدال دعماً خارجياً في ظل تآكل شرعيتها وانهيار شعبيتها ، مجموعة من المصالح لكن للأسف الشديد على حساب القضية الفلسطينية وشعبها خاصة في غزة الجريحة المحاصرة، المفاوضات في ظل هذه الأجواء لن تكون إلا بضاعة قديمة ومعيبة يعاد تدويرها كلما نفذت الخامات الأصيلة وبالتالي فمن المتوقع أن يكون المنتج المستهدف أقل جودة وأكثر تشوهاً ، المفاوضات مكافأة للكيان الصهيوني على جرائمه المتتالية بداية من الاحتلال وانتهاءً بالتهويد وهي طوق نجاة عربي دون مقابل ما يؤكد أن بعض الأنظمة أصبحت جزء من المشروع الصهيوأمريكي ، وان السلطة أصبحت هي الأخرى جزء عضوي ووظيفي من الاحتلال الصهيوني وما النضال السياسي المزعوم أو المقاومة السياسية إلا وهم كبير ، بل أن المفاوضات أصبحت تشكل التفافاً مقصوداً على الاستحقاقات الفلسطينية خاصة لشعب غزة المحاصر والمقاومة البطلة في فك الحصار وإعادة الإعمار وتحرير الأسرى والرهائن والمعتقلين ومحاسبة الكيان وإقامة الدولة وحق العودة ، فضلاً عن أنها محاولة يائسة وفاشلة في استدعاء الطرف الرخو المسالم وإقصاء الطرف الأصيل المقاوم ، خلاصة الأمر .. مكاسب وقتية للمشروع الصهيوأمريكي وأدواته في المنطقة و خسائر مضافة لمجموعة السلطة التي فرطت في الإرث النضالي والجهادي لحركة فتح التاريخية والتأكيد على القاعدة الجديدة انه لا حل دون المقاومة . *مدير المركز المصري للدراسات والتنمية