"سندخل المفاوضات حتى لو كانت نسبة النجاح 1% - نسبة الفشل 99% - " .... "حتى لو فشلت المفاوضات لم نخسر شيئاً" تصريحات غير مسبوقة في عالم السياسة والدبلوماسية للدول المستقلة ذات السيادة ، فما بالنا بالدول المحتلة وحركات النضال التي تزعم التحرر والاستقلال وإقامة الدولة ؟! تصريحات تتسم بغياب ليس الوعي السياسي فقط بل غياب الوعي مطلقاً ، تصريحات تؤكد أن السلطة أصبحت جزء عضوي ووظيفي من الاحتلال ، تخضع لضغوطه وتتجاوب مع شروطه بل وتكمل له بعض الأدوار الناقصة ، تصريحات تؤكد أن الدور الوحيد لسلطة عباس ومجموعة أوسلو هو المفاوضات والمفاوضات فقط وبالتالي لا خيارات أخرى أو بمعنى آخر أنه لا دور ولا وظيفة لهذه السلطة في غياب المفاوضات أو توقفها ، لآن هذه الحالة – توقف المفاوضات – معناها تجميد الزخم الإعلامي لنجوم الفضائيات وتجميد الأرصدة والتبرعات والهبات والعطايا ، لأن السلطة شأنها شأن غالبية الأنظمة العربية لا تملك إلا فكراً تجارياً بحتاً تحولت فيه قضايا الوطن لسلع تباع وتشترى بل وتحتكر ، وعقلية أمنية لا تجيد سوى القمع والحبس والتعذيب ! يتوهم عباس ورفاقه أنه لا خسارة في الذهاب للمفاوضات التي لا تتوفر لها مرجعية للانطلاق أو جدول زمني للوصول أو أوراق للضغط أو ضمانات للتنفيذ ، بل تراجع الرجل عما تمسك به من قبل وفي المقابل أصر الصهاينة على شروطهم ، بل أضافوا لها أبعاد إستراتيجية خطيرة تعصف بالملف الفلسطيني برمته حين طرح نيتنياهو يهودية الدولة ، نعم لا خسارة لعباس ورفاقه بل المزيد من المكاسب المادية والإعلامية ، لكن هناك المزيد من المخاطر والتداعيات على القضية برمتها ، مخاطر تلغي حق الشعب في دولته المستقلة وحقوقه العادلة والمشروعة مخاطر وتداعيات ** شغل الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي عن الحقوق العادلة والمشروعة في فك الحصار عن غزة وإعادة الإعمار وتحرير السجناء والمعتقلين"الأسرى" ** هروب الكيان الصهيوني من الملاحقة القانونية للجرائم الإنسانية التي ارتكبها في الحرب الأخيرة على غزة واغتيال المبحوح والهجوم البربري على أسطول الحرية ** تجميل الوجه القبيح للصهاينة بزعم أنهم دعاة سلام ضد العنف والإرهاب "المقاومة" ** المزيد من النزاعات والخلافات بين الفصائل الفلسطينية وتجميد ملف المصالحة ** انفراد الصهاينة بسلطة عباس – الطرف الرخو – التي لا تملك أي أوراق ضغط وبالتالي المزيد من التراجع الفلسطيني والتقدم الصهيوني ** المزيد من إطالة الوقت وبالتالي المزيد من الفرص لمخططات هدم المسجد الأقصى ** البدء من نقطة الصفر – مفاوضات دون شروط فلسطينية – وعدم اعتبار الرصيد السابق رغم عبثيته ما يعني إهدار الوقت والجهد بل ودم الشهداء ** الرضوخ للشروط الصهيونية في ثنائية المفاوضات ما يعني نسف أدوار الدول الداعمة والراعية والشريكة وأخيراً .... ما هو متوقع سيكون .. الانتقال من فشل إلى فشل ... ويبقى الرهان الفائز على المقاومة صاحبة الكلمة الأولى في الصراع القائم والحق المنشود . محمد السروجي مدير المركز المصري للدراسات والتنمية