اثر جلسة تفاوضية دامت 12 ساعة.. اتفاق بين الأطباء الشبان و وزارة الصحة    المانيا.. سباحون يواجهون "وحش البحيرة" بعد تجدد الهجمات    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    بحضور مشعوذ.. زوج يقتلع عين زوجته لإستخراج كنز    رجيم معتوق: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر وتونس    عاجل: التوصل لاتفاق بين وزارة الصحة ومنظمة الأطباء الشبان    عاجل: وزارة الصحة تدعو المقيمين في الطب لاختيار مراكز التربص حسب هذه الرزنامة... التفاصيل    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    عاجل/ ماكرون يهدد ايران..وهذه التفاصيل..    بعد أيام من زفافه .. وفاة نجم ليفربول تَصدم العالم    «شروق» على مونديال الأندية: الهلال لمواصلة الزحف ومواجهة «ثأرية» بين بالميراس وتشلسي    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    برمجة جلستي حوار مع وزيرين    استطلاع البنك الأوروبي للاستثمار: المنافسة المتنامية تؤرق المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس أكثر من نقص التمويل    مستقبل المرسى يتعاقد مع اللاعب حسين منصور    دعا إليها الرئيس خلال استقباله رئيسة الحكومة: حلول جذرية لكلّ القطاعات    انطلاق دورة المتفوّقين الخاصة بالناجحين الجدد في الباكالوريا..    بعد تكرّر حوادث الغرق... مبادرة برلمانية لحماية المصطافين    حلمي ان اكون طبيبة وان اكون في خدمة الانسانية (الاولى وطنيا في مناظرة"النوفيام")    عاجل/ نتنياهو يعلن الموافقة على وقف اطلاق النار في غزة وينتظر رد "حماس"    على خلفية وشاية كاذبة: تمديد الإيقاف التحفّظي للنائب السابق الصحبي صمارة    كاتب عام جامعة الستاغ ل«الشروق».. ديون الشركة بلغت 7 آلاف مليار ولهذه الأسباب سنضرب يوم 17 جويلية    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: فوز المنتخب التونسي على نظيره الجزائري 87-64    اتحاد الفلاحة يطمئن: المنتوجات البحرية المعروضة عالية الجودة وتخضع لكل شروط حفظ الصحّة    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    وزارة التجهيز تعلن غلقًا وقتيًا للطريق المحلية رقم 541 بين جبل الجلود ولاكانيا بسبب أشغال توسعة    ملتقى تشيكيا الدولي - الجائزة الكبرى لبارا ألعاب القوى: ذهبية وفضية لتونس    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    عمرو دياب يفتتح ألبومه بصوت ابنته جانا    63.07 بالمائة نسبة النجاح في "النوفيام" وتلميذة من المنزه 5 تتصدر الترتيب الوطني بمعدل 19.37    بداية من الأحد 6 جويلية: توفير 10 حافلات خاصة بالشواطئ    منوبة: تقدّم موسم الحصاد بنسبة 81% وتجميع قرابة 320 قنطارا    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    بسبب حريق كبير.. إجلاء أكثر من ألف شخص في جزيرة كريت اليونانية    18 سنة سجنا لناقل طرود من الكوكايين من فرنسا إلى تونس    أكثر من 63% من التلاميذ نجحوا في مناظرة النوفيام 2025    لديك أموال في حساب متروك؟.. هذا ما عليك فعله لاسترجاعها..    تنسيقية العمل من أجل فلسطين تدعو إلى "تسليط الضوء على الحصار على غزة وليس على قافلة الصمود في حد ذاتها"    اضطراب في تزويد عين الناظور ببنزرت بماء الشرب بداية من س 14 اليوم الخميس واستئناف تزويدها بداية من س 19    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    تعرف شنوّة تعني الأعلام في البحر؟ رد بالك!    عاجل : طلاق بالتراضي بين فوزي البنزرتي و الاتحاد المنستيري ...تفاصيل    ''فضيحة اللحوم الملوثة'' في فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29    "الزنجبيل".. ينصح به الأطباء ويقي من أخطر الأمراض..    جندوبة: حريقان يأتيان على هكتار من القمح وكوخ من التبن    عزوف على شراء الدلاع للسنة الثانية على التوالي..ما القصة..؟!    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    رد بالك من الماسكارا اللي تقاوم الماء..هاو علاش    برد الكليماتيزور بالليل... خطر صامت؟    بشرى سارة لمرضى السرطان..    مقتل 4 أشخاص وإنقاذ 23 إثر غرق عبارة قبالة بالي    كولومبيا تضبط لأول مرة غواصة مسيّرة لتهريب المخدرات    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال عبد الناصر الحاضر الغائب في مصر:خالد الهواري
نشر في الفجر نيوز يوم 12 - 08 - 2010

أن تكتب عن حاكم شغل الدنيا وخطف الاسماع حيا وميتا وتحول الى كلمة السر لعزة النفس والكرامة للملايين من الشعوب العربية والقوى التحررية التي انطلقت في كل ربوع الامة تقاتل الاحتلال وتقاوم الاستعمار،ونجحت الثورة في ليبيا وتحولت الجزائر الى مقبرة للاستعمار واغتسلت العقلية العربية بأفكار التحرر والنهوض وإزالة الاسلاك الشائكة ورفع الزجاج المكسور من على طريق التلاحم في كيان واحد عنوانه، أمة عربية واحدة ومصير واحد، عندما تسمع دعوات البسطاء في الحضر والريف والبدو تتنزل بالرحمة على الانسان الذي خرج من رحم الامة من أم بسيطة مثل كل الامهات وأب موظف مثل ملايين الاباء، ولكنه كان ليس مثل كل الابناء كان نبتة صالحة وعاش ومات من أجلها، تسمع عنه ولم تكن قد عاصرته في حياته ولم تكن شاهدا على سياساته وكل ما تعرفه عنه تستمده من الذين عاصروه ويكتبون ما يسمح لهم أن يكتب عنه، بعد أن أصبح الحديث عنه من المحرمات، يمنع دخول الجرائد الى الدول التي جعلت من موته حياة لها واستمرارية لسلطتها، عندما تكتشف فجأه أن كل ما قد حققته في حياتك من الحصول على فرصة التعليم المجاني، ان تجد لنفسك مكانا في المستشفى بعد أن كانت الغالبية العظمى من الشعب تعالج قبل الثوره بالاعشاب والوصفات الطبية، أو أن يحبك الاخرون الذين يعيشون في الدول العربية الاخرى الذين لم ترهم ولم يروك يعود الى محبتهم لهذا الرجل، عندما تعرف أن ما تشعر به من اهانة وضياع للكرامة حزنا على فلسطين التي بدون أن تختار،هي قضية قد ترسبت في وجدانك منذ ميلادك أو اختلطت في الحليب الذي أرضعتك أمك، عندما تعرف أن آدميتك قد سحبت منك وضاقت عليك أوطانك وأصبحت نهبا مستباحا للغربة والمنافي والحرمان من الوقوف لتتقبل العزاء في والديك اللذين رحلا ولم تشهد موتهما أو تصلي عليهما صلاه الجنازة، كان هذا بسبب رحيل هذا الرجل، ساعتها ستشعر بأن خسارتك كبرى لانك لم تشاهده أو تشارك في تحقيق حلمه ودعم نضاله بأن يسترد الانسان العربي انسانيته وادميته، لجمال عبد الناصر في حياتي تجربة خاصة، ففي وسط جدار بيتنا البدوي البسيط كنت ارى منذ طفولتي البائسة المتعبة صورتين معلقتين الى جانب بندقية قديمة ورثها أبي عن جدي، الصورة الكبيره لجدي والد أبي يقف بقميصه الابيض ويحمل على يديه صقرا كان قد اصطاده حديثا في ذلك الوقت، والصورة الثانية كانت لجمال عبد الناصر يقف بقامته الشامخة ببذلة سوداء، كبرت وأنا أعتقد بان هذا الرجل الذي تحتل صورته مكانا بارزا الى جوار صورة جدي هو واحد من أفراد العائلة وأحيانا كثيره كنت أظنه واحدا من أعمامي.
وعندما قامت حرب أكتوبر كنت صغيرا، أتذكر أن أبي كان يضع الى جوار أذنيه راديو صغيرا يربط بطاريته بسلك رفيع يسمع ويتهلل وينقل ما يدور للاخرين، وارتبط في ذاكرتي مشهد اخر لازلت لم أنسه عندما قفز أحد الطيارين الاسرائيليين من طائرته قبل أن تنفجر نتيجة لصاروخ أطلق عليها وتحلقت الناس حول هذا الطيار لا تعرف ماذا تفعل معه وبه وهو مقرفص على الارض مرعوب ولم ينقذه من مصيره الذي كان موضع نقاش بين الناس الغاضبة والفلاحين الذين سارعوا من حقولهم يحملون الفؤوس غير مجيء سيارة عسكرية أخذته وانطلقت. تفتحت مداركي السياسية وبدأت أستوعب الامور بعد اتفاقية السلام التي وقعها السادات في كامب ديفيد في ذلك الوقت نشطت حركة غريبة داخل المجتمع المصري من جميع التيارات وحدث أمر نادر لا يتكرر على مر تجارب التاريخ، أوجدته فضاعة الحدث، اتفق الشيوعيون مع الاسلاميين وكانت المنشورات التي تلعن السادات وتتهمه بالخيانه والعمالة توزع سريا ولكن على نطاق واسع، وانتقلت الحالة الى الجامعات وأصبحت مصر في ذلك الوقت وكأنها تعيش على قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في أي وقت، وهو ما حدث يوم اغتيال السادات في حادث المنصة الشهير، مع عهد الرئيس مبارك كان جمال عبد الناصر يتحول الى مجرد ذكرى للحنين الذي يعود اليه الانسان كلما اشتدت عليه الخطوب والمحن، أصبح الاسرائيلي الذي كان مجرد ذكر اسمه يدفع الدماء لتغلي في الرؤوس أراه جالسا الى جواري على المقهى في وسط القاهره ولا تتحرك الاشياء القديمة في داخلي، حالة من حالات الموت وتوقف الذاكرة، كل شيء تغير ليس في مصر وحدها بل في الامة العربية التي من يتابع سقوطها يشعر وكأنها تنتقم من نفسها وكأنها تريد أن تتخلص من عبء كرامتها اكتشفت الامة العربية أن حريتها عبء عليها وتسابقت لتعود مجرد كائن يتغذى على فتات الاخرين.
خالد الهواري - السويد
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.