عقوبة الإعدام تثير جدلا واسعا في مجلس النواب المغربي تواصل محكمة الاستئناف بمدينة سلا القريبة من العاصمة المغربية الرباط النظر في عشرات الملفات المكيفة قانونيا في اطار قانون مكافحة الارهاب وكانت ابرز الملفات التي نظرت بها المحكمة المتخصة في هذه الملفات تلك التي ينحدر المتهمون بها من مدينة تطوان التي تقول تقارير عديدة انها شكلت طوال السنوات الماضية مجالا خصبا لاستقطاب ناشطين اصوليين متشددين. وقررت غرفة الجنايات الدرجة الثانية بالمحكمة إرجاء النظر إلي غاية يوم الاربعاء القادم في قضية الناشط محمد قاسمي الذي سبق أن رحل من إسبانيا إلي المغرب بعد متابعته في إطار قانون مكافحة الإرهاب. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة ذاتها قد قضت في 19 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي في حق المتهم قاسمي بسنتين حبسا نافذا بعد متابعته بتهم تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلي المس الخطير بالنظام العام والانتماء إلي جماعة دينية محظورة وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق . وتم ترحيل قاسمي في شهر اذار (مارس) الماضي بعد إلقاء القبض عليه في إسبانيا للاشتباه في تورطه في أعمال عنف والانتماء إلي الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي أصبحت تسمي فيما بعد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . كما قررت المحكمة إرجاء النظر إلي يومي الاثنين والاربعاء القادمين في ثلاثة ملفات يتابع فيها خمسة متهمين في إطار قانون مكافحة الإرهاب وهم خالد القاسمي من مدينة وزان وعدنان دركول من مدينة طنجة وبدر سبيل من مدينة الفقيه بن صالح وسعيد الفرم ومحمد الأسمري من مدينة الدارالبيضاء. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة ذاتها قد أصدرت في أكتوبر الماضي في حق هؤلاء المتهمين حكما بالحبس النافذ لمدة سنتين بعد إدانتهم بجرائم تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية والانتماء إلي جماعة دينية محظورة وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق . كما قررت غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة نفسها امس الخميس إرجاء النظر إلي يوم 31 كانون الثاني (يناير) المقبل في قضية خلية تطوان المتخصصة في استقطاب متطوعين مغاربة للتوجه نحو العراق والتي تضم 27 عنصرا، من بينهم مواطن سويدي من أصل مغربي (أحمد، ص) يبلغ من العمر 54 سنة أمضي أكثر من 30 عاماً في السويد، قبل أن يعود إلي مسقط رأسه في تطوان ليستقر بها. وجاء قرار التأجيل لعدم حضور بعض المحامين واستجابة لملتمس دفاع بعض المتهمين منحهم مهلة للاطلاع علي الملف. كما جاء قرار الإرجاء من أجل تعيين محامين في إطار المساعدة القضائية لبعض المتهمين الذين لا يتوفرون علي دفاع. ويتابع هؤلاء الناشطون ال27 الذين يوجد من بينهم واحد في حالة سراح مؤقت بتهم تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية تهدف إلي المس الخطير بالنظام العام وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق . وقالت السلطات ان التحقيقات الاولية مع هؤلاء كشفت عن وجود علاقات إيديولوجية ودعم مالي ولوجيستيكي بين هذه الخلية ومجموعات إرهابية دولية من بينها تنظيم القاعدة والجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية والجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية، ومع أشخاص معروفين بتوجههم نحو العمل الإرهابي علي الصعيد الدولي . وقالت الشرطة المغربية في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي انها فككت في مدينة تطوان هذه الخلية الإرهابية التي كشف التحقيق أنها ذات تفرعات دولية متخصصة في استقطاب وإرسال متطوعين إلي العراق، وتنشط في بعض المدن والقري المغربية الا ان اهالي المعتقلين وناشطين في ميدان حقوق الانسان قالوا ان السلطات اعتقلت هؤلاء قبل التاريخ المعلن بعدة اسابيع ومارست عليهم اشكالا مختلفة من التعذيب والضغوط. من جهة اخري أثارت عقوبة الإعدام جدلا واسعا في مجلس النواب المغربي خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالمجلس عقدته الاربعاء وخصصته حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب . وظهر خلال النقاشات تباين في الآراء بين مؤيدين لهذه العقوبة كوسيلة للحد من الجريمة خاصة القتل العمد والتي قادها برلمانيو حزب العدالة والتنمية الاصولي المعارض وبين مطالبين بإلغائها بدعوي أنها تمس بأسمي حق من حقوق الإنسان ألا وهو الحق في الحياة التي دافع عنها نواب الاحزاب اليسارية. ودافع النائب أبو زيد المقرئ الإدريسي من فريق العدالة والتنمية عن ضرورة الإبقاء علي عقوبة الإعدام، وقال ان إلغاءها سيكون بمثابة رسالة خاطئة للمجرمين، قد تساهم في استفحال مظاهر الجريمة، مشيرا إلي أن عددا من البلدان التي لها باع طويل في الديمقراطية وحقوق الإنسان ما زالت متشبثة بتنفيذ عقوبة الإعدام. واعتبرت لطيفة اجبابدي من الفريق الاتحاد الاشتراكي (أغلبية) أنه آن الأوان لإلغاء عقوبة الإعدام وقالت أن فكرة القصاص لم تعد تتلاءم والتطور الذي عرفه مفهوم العقاب في المجتمعات البشرية . وقال الحبيب الشوباني من فريق العدالة والتنمية، أن عقوبة الإعدام تعد إشكالية معقدة لها امتدادات دينية وثقافية ، داعيا إلي فتح نقاش واسع ومنضبط قصد التوصل إلي صيغة توافقية تنسجم وخصوصية المجتمع المغربي. وترفض الحكومة المغربية حتي الان الالتحاق بالدول التي الغت عقوبة الاعدام الا انها تشير الي ان تنفيذ هذه العقوبة لا يزال مجمدا منذ 1993.