سعيد يكلف الحشاني بتمثيل تونس في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع    تأجيل مباراة أنس جابر في ثمن نهائي دورة نوتنغهام للتنس    لا يدخل الجنة قاطع رحم    منها الطاعة والتضحية والتكافل ..أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك    منبر الجمعة .. الاهتمام بحُسْنِ المنظر سُنَّة نبوية    تصل إلى 72 درجة.. الصحة السعودية تحذر الحجاج من خطر ارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    تكليف ربيعة بالفقيرة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    كرة اليد.. لؤي مخلوف يطلق النار على مسؤولي النجم ويوجه لهم اتهامات خطيرة    الوسلاتية.. السيطرة على حريق اندلع بجبل زغدود    اليمين المتطرّف يجتاح أوروبا.. أي تأثير على تونس ؟    يوميات المقاومة..المقاومة تضيّق الخناق على الغزاة    بعد أكثر من 20 ساعة: السيطرة على حريق مصفاة نفط في شمال العراق    الصحة السعودية تحذر الحجاج من أخطار التعرض لارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    فظيع في منوبة.. الاحتفاظ بصاحب " كُتّاب " عشوائي لشبهة الاعتداء الجنسي على طفلة    سهلول.. حجز أكثر من 450 مليونا من العملتين التونسية والأجنبية وكمية هامة من الذهب    أردوغان يدعو الولايات المتحدة ومجلس الأمن إلى الضغط على دولة الاحتلال بشأن هدنة غزة    تونس توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الاوروبي لتعزيز امكانيات الاستثمار في الطاقات المتجددة    الكاف: تقدّم هام في مشروع تعبيد الطريق المؤدية الى مائدة يوغرطة الأثرية وتوقعات بإتمامه خلال شهر جويلية القادم    رهانات الصناعات الثقافية والإبداعية في الفضاء الفرنكفوني وتحدياتها المستقبلية محور مائدة مستديرة    كتاب.. لاهوت التعدّدية الدّينية ل عزالدّين عناية    الرابطة 1 - الترجي الرياضي على بعد نقطة من حصد اللقب والاتحاد المنستيري من اجل تاجيل الحسم للجولة الختامية    كأس أوروبا للأمم 2024: استخدام تقنية الحكم المساعد "الفار" سيكون مرفوقا بالشرح الاني للقرارات    كاس امم افريقيا المغرب 2025: سحب قرعة التصفيات يوم 4 جويلية القادم بجوهانسبورغ    165 حرفيا ومهندسا داوموا على مدى 10 أشهر لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المشرفة    محافظ البنك المركزي: السياسة النقدية المتبعة ستسمح بالتقليص من معدل التضخم    تونس تسجل ارتفاعا في عجز ميزان الطاقة الى 6ر1 مليون طن مكافئ نفط مع موفي افريل 2024..    وزارة التربية تتثبّت من معطيات الأساتذة النواب خلال الفترة من 2008 الى 2023    الشركة الجهوية للنقل بنابل تتسلم 4 حافلات جديدة    تأييد قرار تمديد الاحتفاظ بمحرز الزواري ورفض الإفراج عنه    ارتفاع حركة مرور المسافرين والشاحنات التجارية في معبر الذهيبة    فيديو - منتدى تونس للاستثمار : وزيرة التجهيز تتحدث عن الإتفاقيتين المبرمتين مع البنك الاوروبي للاستثمار    المرسى: بسبب خلاف في العمل...يترصد نزوله من الحافلة ليقتله طعنا    باجة : اعتماد طائرات درون لحماية محاصيل الحبوب    مجلس وزاري يصادق على خارطة الطريق المقترحة لإطلاق خدمات الجيل الخامس    مرضى القصور الكلوي يستغيثون اثر توقف عمل مركز تصفية الدم بمستشفى نابل    تفكيك وفاق اجرامي للاتجار بالمنقولات الأثرية    رابطة المحترفين تقاضي الفيفا بسبب قرار استحداث كاس العالم للاندية 2025    توزر: الجمعية الجهوية لرعاية المسنين تحتفل باليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين    إستعدادا لكوبا أمريكا: التعادل يحسم مواجهة البرازيل وأمريكا    البنوك تفتح شبابيكها يوم السبت    الداخلية: سقوط عون الأمن كان فجئيا    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    الصوناد: هذه الإجراءات التي سيتم اتّخاذها يوم العيد    الكنام تشرع في صرف مبالغ استرجاع مصاريف العلاج لفائدة المضمونين الاجتماعيين    بطولة كرة السلة: تعيينات منافسات الدور النهائي    محمد بن سلمان يعتذر عن عدم حضور قمة مجموعة السبع    الرابطة المحترفة الاولى: الجولة الختامية لمرحلة تفادي النزول    اليوم: طقس مغيم مع ظهور خلايا رعدية بعد الظهر والحرارة بين 25 و46 درجة    عاجل: تفاصيل جديدة في حادثة وفاة أمنيّ اثناء مداهمة بناية تضمّ مهاجرين أفارقة    هكذا سيكون الطقس في أول أيام عيد الأضحى    باجة: تقدم موسم حصاد الحبوب بنسبة 30 بالمائة    بعد استخدامها لإبر التنحيف.. إصابة أوبرا وينفري بمشكلة خطيرة    دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد...و هذه التفاصيل    120 مليونا: رقم قياسي للمهجرين قسراً حول العالم    هذا ما قرره القضاء في حق رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي..#خبر_عاجل    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عراقيون يهربون برمضانهم الى السليمانية بعيداً عن العواصف الترابية والأزمات الأمن
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 08 - 2010

يغمض حسين العلوان عينيه بارتياح وهو يتذوق اللبن والتمر خلال إفطاره للمرة الأولى أمام مكيف تبريد تعمد أن يكون قريباً منه، ويقول أنه قطع وعائلته أكثر من 500 كيلومتر بالسيارة من بابل الى السليمانية، بحثاً عن هذه اللحظة النادرة.وعلى رغم توقعات بتراجع موسم السياحة في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بأجواء بيئية معتدلة ووضع أمني مستقر،
فان شهر رمضان أصبح موسماً سياحياً لعرب العراق الذين تحاصرهم درجات الحرارة المرتفعة (تتجاوز 50 درجة مئوية) والانقطاع الطويل في التيار الكهربائي (16-20 ساعة يومياً) وغياب الخدمات الأساسية والتدهور الأمني والتوترات السياسية، فيهربون نحو إقليم كردستان والى دمشق وعمان بحثاً عن لحظة إفطار هادئة أمام المكيف.
ولا تخلو الأخبار العراقية من أنباء عن حدوث وفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وأفادت دائرة الصحة في واسط أن 12 شخصاً لقوا حتفهم في الأسابيع الماضية بسبب موجة الحر التي رافقها انقطاع شبه مستمر للتيار الكهربائي، فيما تنتشر الأمراض بسبب اضطرار الأهالي الى استخدام قوالب الثلج المصنعة بطريقة غير صحية في الغالب.
بعض العائلات التي تدفقت على السليمانية مع الأيام الأولى لشهر رمضان لا تغادر غرف الفنادق التي أقامت فيها إلا مساء. تقول صحافية قدمت من بغداد: «نريد أن نتشبع بالبرودة. سنعود الى جحيم بغداد خلال أيام».
وكانت الحكومة العراقية قللت ساعات العمل في المؤسسات الرسمية مع بداية تموز (يوليو) الى ست ساعات يومياً بعد تصاعد درجات الحرارة وبروز الاحتجاجات الشعبية على استمرار انقطاع التيار الكهربائي.
والكهرباء التي أثارت تظاهرات واسعة في العراق تثير أسئلة: «كيف نجح الإقليم في توفير 18 ساعة يومياً من الكهرباء و6 ساعات من المولدات الأهلية التي تعمل في شكل مسيطر عليه من الإدارات المحلية، في وقت فشلت المدن الأخرى في تحقيق ربع هذه النتيجة مع انها صرفت 20 بليون دولار على مشاريع الطاقة»؟ هكذا تساءلت الصحافية عائدة الربيعي بحيرة. فأجاب صاحب الفندق أحمد كتاو: «انه التدبير والاعتماد على قدرات القطاع الخاص والاستثمار في مجال الطاقة».
لكن إقليم كردستان يعاني من مشاكل لا تقل أهمية لدى سكانه في رمضان. الأسعار تنفجر في شكل جنوني بوجود «المائدة الرمضانية الباذخة» و«الولائم المتبادلة».
كان ثلاثة شباب، قالوا انهم زملاء في كلية واحدة، ويتحدرون من أحياء مختلفة في بغداد يتجولون في ساعة متأخرة في شارع سرجنار السياحي في السليمانية. قال زيد ربيع: «ليل بغداد تحسن عما كان عليه في الأعوام السابقة، لكنه أصبح ليلاً مناطقياً. أصبح بإمكاننا السهر حتى الساعة الحادية عشرة لكن ذلك لا يتجاوز حي العامرية الذي أسكن فيه. اجتمعت مع أصدقائي هنا لأعوض ليلنا الذي يسرقه حظر التجول والمخاوف الأمنية».
وبغداد حيث أعلنت الحكومة ارتياحها إلى أجواء انسحاب القوات القتالية الأميركية الخميس، تستعيد في شكل لافت أجواء العنف، ما ينعكس قلقاً في أحاديث الأهالي الذين عاشوا الأحداث الأمنية والحرب الأهلية عامي 2006 و 2007.
يقول لؤي سمير، مدرس التاريخ في الكاظمية وقد احتشد وعائلته في غرفة في فندق في السليمانية لقضاء أيام من رمضان: نعرف كيف ولدت الحرب الأهلية. كان السياسيون عام 2005 يطالبون الأهالي بعدم القلق من تحول مسار الهجمات الى طابع طائفي وبروز بوادر هجمات انتقامية. كنت أقول لطلابي حينها إن العراقيين أقوى من محاولات زرع الفتنة. لكن الفتنة حصلت وحصدت مئات الآلاف».
سمير يستمتع يومياً بجلسة ليلية مع عائلته في حديقة السليمانية العامة قال: «كمختصين في التاريخ نعرف جيداً أن بغداد شهدت على امتداد تاريخها فتناً كبيرة ومتكررة معظمها كان مذهبي الطابع، ويبدو أن سياسة إهمال دراستها وعدم التطرق إليها في كتب التاريخ المنهجية لم تجد نفعاً».
وعلى رغم أن العائلات العربية التي تبحث عن فسحة موقتة للتنفس في إقليم كردستان تحاول نقل الجدل السياسي حول الحكومة ومكابداتها الى عطلاتها القصيرة أمام المكيفات، فان الجدل يلاحقها أينما حلت. وأكراد العراق لا يقلون قلقاً فما أن يلحظوا عربياً حتى يبادروه بالسؤال عن أحوال بغداد وصراع علاوي والمالكي والحكومة.
يدرك الأكراد أن انفجار الأوضاع في العراق ستكون له آثار وخيمة عليهم، فأجواء الأمن والبناء والاستثمار التي يحاولون تجذيرها ستكون في مهب عواصف بغداد الخطيرة.
«العواصف الترابية وصلت الى السليمانية». يقول ازاد كلاري «المدينة التي تحيطها الجبال من كل اتجاه كانت حتى قبل عامين بعيدة عن العواصف الترابية الصحراوية التي حولت مدن العراق الى قرى صحراوية».
لا يثق العراقيون كثيراً بدراسات الانحباس الحراري وتوقعات الجفاف في ارض الرافدين والتي أشار بعضها الى احتمال جفاف النهرين في 50 عاماً فهم يعتقدون أن المتغيرات المناخية والأمنية قدمت مع الاحتلال الأميركي عام 2003. وأن الأميركيين مسؤولون عن دفع العراق الى التصحر.
يعلق أحد المصطافين: «انهم مسؤولون عن كل شيء. إيقاظ الفتن، وقتل الناس وتدمير البنى التحتية وجلب الإرهابيين والمليشيات والأمراض المستوطنة. وها هم يغادرون تاركين خلفهم عقابيل الجرائم».
المائدة الرمضانية التي يهرب إليها بعض الأهالي تستحق في رأيهم المجازفة بصرف مدخرات عام كامل على سفرة لا تتجاوز في الغالب أسبوعين.
تعلو ملامح الاسى وجه حسين العلوان الذي يتأمل مكيف الهواء كصديق قديم غائب: «عائلات أقاربي وأصدقائي وجيراني في بابل في هذا الوقت تفطر على لبن كثيراً ما يمتزج بالعرق المتصبب من الوجوه والأتربة المقبلة مع العواصف الدائمة، وفي أحسن الأحوال يعلو صوت مولد الكهرباء الذي يستهلك مبالغ طائلة لتحريك مروحة السقف على صوت مدفع الإفطار وأذان المسجد القريب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.