نقاش متوتّر بين نائبة برلمانية وطارق الكحلاوي حول التعديلات الأورومتوسطية وقواعد المنشأ    نيوزيلندا...أول دولة ترحب بالعام الجديد    استشهاد طفلة فلسطينية في قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة..    غدا.. الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا..    المؤتمر الدولي الثالث "TuniRock 2026" من 9 إلى 12 أفريل 2026 بالحمامات    عاجل/ هكذا سيكون الطقس بداية من أول يوم في السنة الجديدة..    مرصد شاهد يوصي بإيجاد آلية للنظر في مضمون طلب سحب الوكالة تحدد مدى جديته    ياخي علاش ناكلوا الدجاج ليلة راس العام ؟    رئيس الجمهورية يأمر بالتدخل الفوري لرفع النفايات وتنظيف الحلفاوين    تبّون: يُحاولون زرع الفتنة بين الجزائر وتونس    مالي وبوركينا فاسو تفرضان قيود تأشيرة مماثلة على الأمريكيين    تركيا: اعتقال 125 شخصا يُشتبه في انتمائهم ل"داعش"    كيفاش طيّب ''نجمة السهرية ''دجاجة راس العام ؟    إتحاد بن قردان: الإدارة تنجح في غلق النزاع مع لاعبها السابق    محكمة الاستئناف تؤيّد الحكم بسجن الصحبي عتيق 15 عامًا    عاجل/ من بينهم عسكريان: قتلى وجرحى في حادث مرور مروع بسوسة..    في بالك!...إقبال التوانسة على الدجاجة في رأس العام تراجع برشا    4 أفكار تنجم تستعملهم وتزيّن طاولة راس العام    قبلي: تكثيف حملات الرقابة على المحلات المفتوحة للعموم تزامنا مع التظاهرات الثقافية والاحتفالات براس السنة الادارية    عاجل : إصابة هذا اللاعب بالشلل    القصرين: المستشفى الجامعي بدر الدين العلوي يتجه نحو تحقيق الإكتفاء الطاقي مع اقتراب الانتهاء من تركيز محطة شمسية نموذجية    النجمة العالمية مادونا تختار المغرب لقضاء عطلة رأس السنة    مصر تأمل في استضافة كأس أمم إفريقيا في آخر نسخة بالشكل القديم    اليوم: آخر أجل للانتفاع بالعفو الجبائي على العقارات المبنية    مرصد المرور يُحذّر التوانسة: لا تتجاوز حدودك الليلة، حياتك وحياة الآخرين أولوية    مباراة ودية: الإتحاد المنستيري يفوز على نادي حمام الأنف    عاجل/ حجز 1.2 مليون دينار وإدراج مشتبه به في الصرافة بالسوق السوداء بالتفتيش..    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025 ... (الثلاثي الرابع)    بعد تعادل المنتخب مع تنزانيا: حنبعل المجبري يعترف..    مصالح الحماية المدنية تقوم ب 427 تدخلا خلال ال 24 ساعة الماضية    عام 2026: شوف رسائل التهاني بين التوانسة    زهران ممداني يؤدي اليمين الدستورية عمدة لنيويورك    يهمّ التوانسة: المتحوّر ''K'' لا علاقة له بفيروس كورونا    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مباريات اليوم الاربعاء    عاجل : كل ماتحب تعرفوا على ماتش تونس ضد مالي في ثمن نهائي كان 2025    توقيت استثنائي لعمل الهياكل التجارية للبريد التونسي اليوم الاربعاء 31 ديسمبر 2025    البنك المركزي يقرر التخفيض في نسبة الفائدة المديرية إلى 7 بالمائة    لماذا تعلق الأغاني في أذهاننا؟ العلم يفسّر 'دودة الأذن'    وزارة الفلاحة تحذر المسافرين من نقل النباتات أو المنتجات النباتية في الأمتعة... التفاصيل    مجلس الوزراء السعودي: نأمل أن تستجيب الإمارات لطلب اليمن خروج قواتها من البلاد خلال 24 ساعة    نهاية حقبة الرسائل الورقية.. الدنمارك أول دولة أوروبية توقف البريد العام    الترفيع في السعر المرجعي لزيت الزيتون البكر الممتاز    المعهد الوطني للرصد الجوي: خريف 2025 أكثر دفئًا من المعدّل لكنه أقل حرارة مقارنة بالفصول السابقة    الليلة: أمطار مع رياح قوية بهذه الجهات    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    شركة عجيل تنتدب عدّة إختصاصات: سجّل قبل 20 جانفي 2026    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    حادث كارثي في رحلة بني مطير: إنزلاق أم خلل في فرامل الحافلة؟...أم الضحية تكشف التفاصيل    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهرجانات الصيفيّة والمسلسلات الرمضانيّة : بحري العرفاوي
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 08 - 2010

المهرجانات الصيفية تحولت في السنوات الأخيرة إلى ما يشبه " حالات الصرع الجماعي" أو مواسم " الحرب الشاملة" على الذائقة والعقل والأعصاب والمشترك من القيم، ولنا أن نتساءل أي مسؤول ثقافي يعتز بحصول تلك الأنشطة برعايته وتحت إشرافه؟
وإن غياب ما عُرف ب"الأغنية الملتزمة" في مثل هذه المناسبات لا يعود إلى ما يزعمه البعض من انصراف " الجمهور" عن ثقافة الإلتزام ، ولنا أن نذكر بأنه يوم كانت الفضاءات العامة مفتوحة أمام الفرق الملتزمة وشعرائها كانت القاعات والمسارح تعجز عن الإتساع للمتدفقين من الشباب والكهول والشيوخ ، أين "البحث الموسيقي" و"عشاق الوطن" و"الحمائم البيض" وفرقة المرحلة و"أولاد الجنوب" والهادي قلة والأزهر الضاوي والزين الصافي وآخرون؟ لقد ابتلعهم الدخان .
لا يشك عاقل في كون المسؤولين عن مستقبل الناشئة يدركون جيدا الآثار السلبية لما يروج من من فراغ وهرج على بناء جيل متوازن في وعيه وذائقته وقيمه.
إن ثقافة الحياة قادرة دون حاجة إلى دعاية على بناء حزام ثقافي واق من حالات الإنحدار الشامل الذي يشهده المشهد الثقافي الحالي.
ثمّة من يزعم بأنه لم يعد ثمة اهتمام بالشعر الرسالي والأغنية الملتزمة ، هؤلاء يتمنون ذلك ويحرصون على تحققه ، يزعمون أن الشعر لم يعد له رواد ولم يعد له من دور ... إنه استهداف ماكر ل"النص" ول"الكلمة" بما هي "حقل دلالي ومجال لإنتاج المعنى" كما يقول علي حرب وبما هي فعل في التاريخ ، يجتهد أولائك في إثارة الغبار الثقافي لحجب الكلمة الحرة وصرف الناس عنها ويعملون على اجتذابهم نحو مشهد باهت يتجند له محترفون في صنع الفراغ يجدون الدعاية اللازمة حتى يكونوا " نجوما" لا تضيء ...إن الدعاية قد تصنع " أسماء" ولكنها لا تصنع مبدعين .. تصنع " مشاهير" كان أستر لبعضهم ألا يطلع على الناس وألا يشتهر بخوائه وتبلده الذهني وجرأته على الجمالية والذائقة والقيم.
إن ثقافة لا تتأسس على وعي بدور " الكلمة" في بناء الحضارة وصنع التاريخ لن تكون إلا سرابا يحسبه الظمآن ماء حتى إذا ما انتهى إليه وجده ملحا أجاجا لا ينبت إلا نكدا.
وغير بعيد عن المهرجانات الصيفية وعلى مقربة من أبصارنا وفي بيوتنا تحديدا تمارس "إكراهات ثقافية " على الأغلبية من الناس حين يشاهدون " مسلسلات" ليست أكثر من نقل مُلوّن لمفاعيل الهامش المدني بمفرداته وعقده وحماقاته ولوثاته وأعطابه المتنوعة... تقدم تلك الأعمال مدعومة من المال العام وعلى قنوات عمومية ليست ملكا لخواص ولا لشركات تجارية... أعمال لا تتجاوز "نسخ المسخ" في سطحيتها وشعبويتها وتقعرها وسُخفها وهي من مستجمع الغرائزية غير المهذبة وغير اللائقة وغير المنسجمة مع الحد الأدنى من المشترك القيمي .. يلجأ الكثير من المشاهدين إلى تلك القنوات بدافع الحميمية الوطنية وبحثا عن بعض خصوصية تونسية بأعماقها الروحية والفكرية والتاريخية ولكنهم كثيرا ما يخيبون ويُصدمون ويجدون في أنفسهم غربة عما يظنونه ملكا لهم .
ولنا أن نسأل إن كان الذين يصنعون "الفراغ" يُدركون أنهم إنما يُفرغون الناشئة ل"بدائل" أخرى قد لا تكون من مقتضيات التمدن والتحضر؟ وإن الريح لا تستأذن أحدا حين تعصف بالأوعية الفارغة، وإن خلايا النحل لا تذهب بعيدا إلا حين لا تجد الرحيق بمقربة منها ... هل يُقدر صُناع الفراغ أولائك حجم مسؤوليتهم في صنع حالة " التشريد الثقافي"؟
حين تكون الدوافع الربحية وراء أي منتوج ثقافي لا يمكن أن يحذر فيه مُنتجوه الإنتهاء إلى آثار سلبية على الوعي والذائقة والقيم بل إنهم قد يعمدون إلى إيذاء تلك الأبعاد بدعوى الجرأة والإبداع والإمتاع أو بدعوى الواقعية والوقائعية.
صحيفة الوطن التونسية العدد 151 الصادر بتاريخ 20 أوت 2010
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.