الحشاني يُشرف على اجتماع لجنة القيادة الاستراتيجية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    سواحل قربة: فقدان 23 تونسيا شاركوا في عملية إبحار خلسة    رئيس البعثة الصحية : هذه جملة من النصائح للحجيج    عاجل/ الإطاحة بشابّين يروّجان تذاكر مزيفة لمباراة الترجي والاهلي    «لارتيستو» الممثلة سعيدة الحامي ل«الشروق» التلفزة التونسية تتجنّب تنويع اللهجات !    تقديم وتوقيع رواية «البوبراك» للأديبة خديجة التومي    بسبب الربط العشوائي واستنزاف المائدة المائية .. قفصة تتصدّر خارطة العطش    الليلة الترجي الأهلي في رادس...الانتصار أو الانتصار    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت .. إجراءات لمزيد تعزيز الحركة التجارية للميناء    قانون الفنان والمهن الفنية ...مشروع على ورق... هل يغيّر وضعية الفنان؟    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    خبير في التربية : ''تدريس الأولياء لأبنائهم خطأ ''    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    صفاقس: المناظرة التجريبية لفائدة تلاميذ السنوات السادسة    بنزرت .. مع اقتراب موسم الحصاد ...الفلاّحون يطالبون بفك عزلة المسالك الفلاحية!    سليانة .. انطلاق موسم جني حب الملوك    كأس تونس: النجم الساحلي يفقد خدمات 4 لاعبين في مواجهة الأهلي الصفاقسي    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    ''غرفة المخابز: '' المخابز مهددة بالإفلاس و صارت عاجزة عن الإيفاء بإلتزاماتها    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كبير مستشاري أردوغان:لانستهدف الجيش..لكن عليه أن يعرف حدوده ولا يتدخل في السياسة
نشر في الفجر نيوز يوم 30 - 08 - 2010

إبراهيم قالن:* إسرائيل مسؤولة عن توتر العلاقات وتعرف ما يجب فعله لتصحيحها.. لكن قطعها ليس سهلا
* سنعد دستورا جديدا للبلاد إذا فزنا في الانتخابات البرلمانية المقبلة
كشف البروفسور إبراهيم قالن، كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه الأخير سوف يبدأ في إعداد دستور جديد لتركيا إذا ما فاز في الانتخابات النيابية الصيف المقبل، معتبرا أن التصويت ب«نعم» على الاستفتاء الذي سيقام حول التعديلات الدستورية المقترحة من قبل الحكومة سيؤدي بتركيا إلى مزيد من «التحديث والديمقراطية والشفافية والمدنية»، مؤكدا أن الحزب لا يستهدف الجيش مباشرة، لكنه شدد على أن على هذا الجيش أن «يعرف حدوده» وأن لا يتدخل في السياسة. معتبرا أن «نعم» ستكون رسالة إلى الجميع أن أي محاولة انقلاب أخرى لا يمكن أن تتم من دون عواقب، فالديمقراطية التركية لا يمكن أن تحتمل انقلابا أو احتمال انقلاب كل 10 سنوات، مشددا على أن أي جيش يتدخل في السياسة سيخلق تعقيدات كبيرة.
ورفض قالن في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في أنقرة تحميل حزب العدالة والتنمية مسؤولية تدهور العلاقة مع إسرائيل، مشيرا إلى أن أسبابا كثيرة أدت إلى هذا الوضع تتحملها إسرائيل بسياساتها، موضحا أن تركيا أوضحت للقادة في إسرائيل ما يجب عليهم فعله لإعادة الأمور إلى طبيعتها، مستبعدا أن تصل الأمور إلى حد قطع العلاقات لأن «الأمر ليس بهذه السهولة».
وفيما يأتي نص الحوار:
* بماذا تفسرون التحولات التركية الجديدة إلى الشرق بدلا من الغرب؟
- البعض يصف الدينامية الجديدة في السياسة التركية والتوسع في سياستها الخارجية بأنه تغيير في المحور الذي كانت فيه، ويدعون أن تركيا تفضل الآن الشرق والعالم الإسلامي على الغرب، أي أوروبا والولايات المتحدة. نحن ننظر إلى الأمر من زاوية مختلفة، فنرى أن ما يجري هو عملية إعادة الأمور إلى طبيعتها فيما يخص تركيا، التي تقوم الآن بترسيخ السلام مع كل جيرانها، وهذه السياسة تدعى «صفر مشكلات» مع كل الجيران كما رسم أطرها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. ونحن نحاول تطبيق هذه الاستراتيجية مع كل جيراننا، وليس مع المسلمين منهم فقط. فقد حسنا علاقاتنا بسورية وإيران، فلو نظرنا إلى العلاقة مع سورية قبل 10 سنوات لوجدنا أننا كنا على حافة الحرب معها لأسباب تتعلق بقضايا المياه وحزب العمال الكردستاني وغيرهما من القضايا الخلافية. أما اليوم فلدينا علاقات ممتازة مع سورية. كذلك حسنا علاقاتنا مع العراق، وتحديدا شماله، بعد عقود تأرجحت فيها هذه العلاقات بسبب قضية حزب العمال الكردستاني الذي اتخذ من شمال العراق مقرا له ومعبرا لضرب القوات التركية والاعتداء على المواطنين الأتراك وقوانا الأمنية والعسكرية. اليوم نحن نحسن علاقاتنا مع هذه الدول، لكن هذا الأمر لا يقتصر عليها فقط، فقد تحسنت علاقتنا مع اليونان بشكل ملحوظ جدا. وعلى الرغم من استمرار وجود بعض القضايا الخلافية والتوترات، فإننا إذا نظرنا إلى ما كانت عليه العلاقات بيننا منذ 10 سنوات، نرى أننا نقيم اليوم نوعا مختلفا جدا من العلاقات مع اليونان. وعندما انتخب أندرياس باباندريو رئيسا للوزراء في اليونان العام الماضي، كانت أول زيارة رسمية يقوم بها هي إلى تركيا، ونحن قمنا بزيارة اليونان بدورنا، ونحن نتباحث معهم اليوم في الكثير من القضايا كالتعاون العسكري والتعاون الإقليمي، بالإضافة إلى قضايا اقتصادية وأخرى تتعلق بالطاقة والاتصالات والتبادل الثقافي وغيرها. والوضع نفسه قائم مع بلغاريا التي تحسنت علاقاتنا معها بشكل ملحوظ، ونحن نحاول اليوم القيام بالشيء نفسه مع أرمينيا، وقد وقعنا العام الماضي برتوكولا لإعادة العلاقات فيما بيننا إلى طبيعتها. لكن للأسف، فإن هذه العملية صعبة، بسبب قضايا أرمينية داخلية وقضايا إقليمية في القوقاز، لكن المهم هو أن تركيا تحاول تحسين علاقاتها مع كل جيرانها، فمع روسيا – جارنا البحري – ومع جورجيا أيضا لدينا علاقات جيدة.
كخلاصة لا نجد أن تطوير علاقاتنا مع دولة ما سيكون على حساب دول أخرى، فإذا ما حسنا علاقاتنا مع جيراننا العرب المسلمين، فهذا لا يعني أننا سنخسر علاقاتنا مع الغرب والولايات المتحدة. هذا أمر نحاول أن نسير فيه بالتوازي بين الطرفين، ولهذا نسميها عملية إعادة الأمور إلى طبيعتها، ونسعى لتطوير منظور مناطقي، فنحن نعيش في هذا الجزء من العالم، وعلينا أن نكون على علاقة جيدة مع جيراننا لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية. تركيا هي دولة يافعة وديناميكية يبلغ عدد سكانها نحو 75 مليون نسمة معظمهم من الشباب بمعدل 60 إلى 65 في المائة من السكان، ولهذا علينا أن نقدم لهؤلاء التعليم والفرص، وإذا خلقنا جوا سلميا في المنطقة، فبالتأكيد يمكن أن نستفيد من ذلك، كما الجميع.
* لكنكم تركزون على الشرق الأوسط؟
- كأكاديمي وأستاذ جامعي، عارضت دوما النظر إلى منطقة الشرق الأوسط، كمنطقة صراعات وحروب ومشكلات وفقر. هذه المنطقة أنتجت بعضا من أعظم الحضارات في التاريخ، فإذا كانت هذه الجغرافيا قادرة على إنتاج هذا التاريخ المرموق، فإنها يمكنها أن تفعل ذلك مجددا، وما علينا سوى أن نمتلك الثقة بقدراتنا. نعم، هناك قضايا تحتاج إلى حل في الشرق الأوسط، لكن هناك مشكلات في كل مكان من العالم، في أوروبا والبلقان وشرق وجنوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. والسؤال هو: هل نؤمن بقدرتنا على معالجة هذه المشكلات القائمة بمعالجتها بدلا من ادعاء النظر إليها بعين عمياء؟
نحن مهتمون بكل القضايا في منطقتنا، لأن السلام والاستقرار في المنطقة مهم جدا بالنسبة إلينا، والسلام سيؤثر إيجابا على المنطقة بأكملها، وليس فقط على العرب أو الإسرائيليين، لأن الصراع في الشرق الأوسط وما يحدث للفلسطينيين هو عبارة عن تاريخ من عدم الإنصاف، وهذا الواقع يؤثر على نظرة وتصرفات مئات الملايين من المسلمين في العالم حيال أوروبا والولايات المتحدة. فمعظم الحركات المعادية للأميركيين والأوروبيين في المنطقة أتت كنتيجة للقضية الفلسطينية، ولهذا ندعو إلى التعامل مع هذه القضية، وإيجاد حل عادل وقابل للتطبيق والاستمرار لها، وما يجب القيام به في هذا الشأن واضح جدا وسهل جدا، وليس عملا سحريا. ما نحتاجه هو العودة إلى حدود عام 1967 وإنشاء دولة فلسطينية والمشاركة في القدس، باستثناء القدس الشرقية التي هي عاصمة الدولة الفلسطينية، والتعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين لإعادتهم إلى ديارهم، وهذه هي المبادئ الأساسية للمبادرة العربية للسلام التي ندعمها. نحن نأخذ العملية السلمية في الشرق الأوسط بجدية كاملة، لكن هناك أيضا قضايا أخرى في المنطقة، كالمحادثات الإسرائيلية – السورية والعلاقات السورية – العراقية والوضع في جنوب لبنان ومستقبل العراق وتشكيل الحكومة العراقية واحترام وحدة أراضي العراق. وفي المقابل هناك التوتر في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، وهي مصدر اهتمام بالنسبة إلينا، وكذلك بالنسبة إلى الأوروبيين والأميركيين. ونحن نقول في هذا الإطار بضرورة إيجاد حل لقضية ناغورني كارباخ (المتنازع عليها بين الدولتين) بدلا من التعامي عنها. ومبادرتنا لتطبيع العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان كانت تهدف أيضا إلى الوصول إلى استقرار في المنطقة، ليشعر الجميع بالأمان. وهناك أيضا القضية الأفغانية، فمن المعلوم أن لدينا قوة مشاركة هناك تقدم التسهيلات اللوجيستية والدعم لقوة حلف شمال الأطلسي الموجودة هناك. ونحن نتعاون بالتحديد مع الأميركيين في العراق وأفغانستان. وإذا نظرنا إلى الصورة العامة، نجد أننا اليوم نمتلك علاقات جيدة مع كل جيراننا وحلفائنا، وهذا لا يأتي على حساب علاقتنا مع أوروبا التي نسعى للانضمام إلى اتحادها كعضو كامل، وجهودنا للتوسط بين الأطراف في المنطقة تلقى تقديرا واسعا في أوروبا. بالطبع لدينا بعض القضايا مع فرنسا وألمانيا لمعارضتهما انضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي، لكن علاقاتنا بالإجمال جيدة مع الجميع، فألمانيا هي شريكنا التجاري الثاني بعد روسيا، ولدينا نحو 25 مليون تركي في ألمانيا بعضهم أصبح يحمل الجنسية الألمانية ويتفاعل كمواطن مع القضايا الألمانية الداخلية، بالإضافة إلى نظرته إلى وطنه الأم.
* هل التوجه شرقا هو اعتراف بالخطأ؟
- ما حصل هو أننا – كأتراك – أهملنا العالم العربي لقرون ونحن الآن عائدون مع وجهة نظر مختلفة تقول لماذا نهمل العالم العربي؟ فليس هناك من أسباب اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو دينية أو آيديولوجية لذلك. بل على العكس، لدينا كل الأسباب لإقامة أفضل العلاقات مع العالم العربي، وهذا ما نقوم به الآن.
* ما هو مستقبل العلاقات مع إسرائيل التي يبدو أنها تتدهور منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة؟
- كثيرا أقمنا علاقات مع إسرائيل قائمة على الاهتمامات المشتركة. وعندما كنا نرى أن هذه العلاقات تتلاقى مع اهتماماتنا الوطنية كنا ندعم هذه العلاقات. لكن عندما كنا نحس أن السياسة الإسرائيلية لا تتفاعل مع السلام في المنطقة ولا تسير باتجاه العملية السلمية كنا نواجه الإسرائيليين بهذا، وهذا ما حصل مرات كثيرة في تاريخ العلاقات، ولا يعني هذا أننا كنا على علاقة جيدة بإسرائيل لعشرات السنوات، ثم أتى حزب العدالة ليؤثر عليها سلبا. إذا نظرنا إلى صورة الوضع الحالي وجمدناها ونظرنا إليها يمكن أن نقول إن هناك مشكلة كبيرة هنا، لكن إذا نظرنا إلى الصورة العامة نجد أن الأمور مختلفة.
* وكيف هي الصورة الكبرى؟
- عندما انطلقت العملية السلمية في أوسلو في التسعينات دعمناها، وكان هناك تفاؤل كبير يطفو في الهواء في العالم العربي وأوروبا حيال إمكانية الوصول إلى حل للصراع في المنطقة قائم على حل يؤدي إلى نشوء دولتين تعيشان بسلام جنبا إلى جنب، وبالتالي فإن الدول العربية الأخرى ستقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل. لكن بعد نحو 20 عاما لم يحصل الفلسطينيون عمليا على أي شيء، بل كانت هناك المزيد من المستوطنات والغزوات وسرقة أراضي الفلسطينيين والمزيد من اللاجئين وغيرها وصولا إلى الوضع الإنساني القائم في غزة الذي وصفه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنه أشبه بسجن كبير. وآخر جولة من التوتر بين إسرائيل وتركيا حصلت بسبب السياسة الإسرائيلية، ولم يكن خيارنا على الإطلاق. فتركيا سهلت محادثات بين إسرائيل وسورية لنحو سنة في أنقرة بين العامين 2007 و2008، وخلال هذه المحادثات كان رئيس الوزراء التركي مشاركا شخصيا في هذا الموضوع، وفي الجولة السادسة كان أمضى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ساعات مع الرئيس أردوغان في مقر رئاسة الحكومة يتحدثان عن التفاصيل النهائية، قبل الانطلاق إلى المحادثات المباشرة بين الطرفين، وكان هذا يشكل تطورا نوعيا ويخلق دينامية جديدة في المنطقة. لكن ما حدث أن أولمرت ترك أنقرة يوم الاثنين وشن حربا على غزة يوم الجمعة، وكان الجميع هنا مصدوما، ولم تفعل حكومة أولمرت أي شيء لتشرح لنا أو تعتذر على ما حصل من كذب على رئيس الوزراء التركي الذي أحس شخصيا بأنه خدع. كما أن ما حصل في غزة آنذاك لم يكن مقبولا على الإطلاق لجهة استهداف المدنيين وقتل الأبرياء. كما أن الحصار الذي فرض على غزة لم يكن مقبولا بالنسبة إلينا من الناحية الإنسانية، بالإضافة إلى عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات الفلسطينية التي أدت إلى فوز «حماس»، كمن يقول للفلسطينيين إنه إذا لم تعجبنا نتائج الانتخابات فلن ندع الفائز يحكم، فأي نوع من الديمقراطية هذا؟ هل يمكننا القول للأميركيين إنكم انتخبتم جورج بوش رئيسا ونحن لا نعترف به، فلن نتعامل معكم.. هذا بالضبط ما قام به الإسرائيليون والأميركيون وبعض أوروبا ما أدى إلى الانقسام بين غزة والضفة، وهذا يسأل عنه هؤلاء، بالإضافة إلى بعض العرب الذين دعموا هذا الانقسام للأسف. وكنتيجة لهذا هناك حكومتان في الأراضي الفلسطينية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس سيذهب إلى المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين مكبلا ولن يحصل على أي نتيجة على الأرجح. وما أريد قوله هنا هو أن كل هذه السياسات لن تؤدي إلى نتائج إيجابية، وهذا ما قلناه للإسرائيليين، وأكدنا لهم أن هذه السياسات لن تجعل إسرائيل أكثر أمنا. نحن نأمل أن الإسرائيليين سوف يغيرون سياساتهم ويبدأون بإزالة الحصار والمقاطعة ويبدأون محادثات سلام جدية، وليس محادثات من أجل المحادثات، تؤدي إلى وقف الاستيطان والعودة إلى حدود عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة والتعامل مع قضية اللاجئين، وعندها أنا متأكد من أن إسرائيل سوف تحظى بالسلام، وسوف يبدأ الجميع في المنطقة – حتى إيران – النظر إلى إسرائيل من وجهة نظر مختلفة.
وبالإضافة إلى الوضع الفلسطيني إثر ما حدث للسفينة مرمرة على العلاقات بين البلدين، والتي كانت – لسوء الحظ – لحظات مرة جديدة في علاقاتنا مع إسرائيل. فقد تمت مهاجمة السفن التي تضم عشرات من دعاة السلام وقتل 8 أشخاص في المياه الدولية. وقد طالبنا على الفور بإطلاق المحتجزين من أعضاء الأسطول الذي كان يحمل مساعدات إنسانية وبإطلاق السفن وتأليف لجنة تحقيق دولية ورفع الحصار عن غزة واعتذار إسرائيلي لتركيا التي فقدت عددا من مواطنيها في الاعتداء. وإذا نظرنا إلى التطورات التي تلت، نجد أن هذه المطالب تتحقق تباعا، فالمشاركين أطلقوا وكذلك السفن، كما تم تخفيف الحصار على غزة، وتم تشكيل لجنة بمشاركة الأمم المتحدة، والأمر يعود إلى الإسرائيليين لإعادة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها، نحن منفتحون لهذه الغاية، لكن لن يتم إلا إذا اتخذ الإسرائيليون خطوات فعلية لتغيير هذه السياسات.
* هل تعتقد أنهم سيعتذرون في نهاية المطاف؟
- لا أريد أن أتكهن. إنه قرارهم الخاص، لكني أعتقد أنه بعد أن تعلن لجنة التحقيق قرارها في هذا الشأن، فإننا سنرى ما سيحصل ونحدد خطواتنا المقبلة على ضوئها.
* هل يمكن أن نرى يوما في المدى المنظور تقطع فيه العلاقات مع إسرائيل؟
- ليس في المدى المنظور. قلنا للإسرائيليين بوضوح ما يجب أن يحصل لتحسين العلاقات. لكن لا يمكن أن نصل إلى هذه النقطة (قطع العلاقات) بهذه السهولة.
* لكن يبدو أن الإسرائيليين الآن يبحثون عن أصدقاء جدد بديلا لتركيا؟
- الأمر عائد إليهم، يمكنهم القيام بما يريدونه، وبما يرونه مناسبا ويتوافق مع مصلحتهم. هذه كانت سياسة إسرائيلية منذ أيام بن غوريون والتي تقضي بأنه بدلا من تحسين العلاقات مع الجيران، يبحثون عن توثيق علاقاتهم بمن هم أبعد في الخطوط الخلفية، فهكذا كانت إيران بالنسبة إليهم وكذلك إثيوبيا وتركيا. هم يبحثون عن «خيارات» كما هو واضح، لكن المنطقي هو أن تحسن علاقاتها بجيرانها الذين تعيش في محيطهم، فمن المنطقي أكثر السعي للسلام معهم، ثم الانطلاق إلى ما هو أبعد. ولهذا عليهم إعادة النظر بسياسات الفصل المتعمدة.
* كيف سيؤثر التطور الجديد في العلاقات مع اليونان على الجهود الرامية إلى إعادة توحيد قبرص؟
- سيؤثر إيجابا بالتأكيد. فنحن نسعى منذ عام 2004 إلى إعادة توحيد الجزيرة، وبذلنا جهودا حثيثة من أجل ذلك ودعمنا خطة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لإعادة التوحيد على أمل أن تصبح الجزيرة بأكملها عضوا كاملا في الاتحاد الأوروبي، وهذا من شأنه أن يسهل عضويتنا أيضا. وقد كانت الأجواء إيجابية مع اليونانيين الذين دعموا طلبنا للعضوية الدائمة في الاتحاد الأوروبي، لكن للأسف، فإن قضايا محلية قبرصية أعاقت العملية، ما جعل القرار صعبا للطرفين. فالحل يجب أن يكون عادلا ومقبولا من الطرفين، وقد صوت الجانب التركي من الجزيرة بالإيجاب على خطة أنان في الاستفتاء الذي جرى، لكن الجانب الآخر صوت بالرفض. وللأسف، فإنه بعد ذلك، دعم الأوروبيون دخول قبرص اليونانية في الاتحاد الأوروبي، مكافئين اليونانيين ومعاقبين الأتراك، وهذا غير مقبول. والجميع يعترفون الآن أن ما حصل كان صحيحا تقنيا لكنه خاطئ أخلاقيا. وبدخول قبرص أصبح هناك من يمتلك قوة ال«فيتو» على دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهم يستطيعون منع الكثير من القرارات التي تكون لصالحنا، فكيف يتم إعطاء هذا النوع من القوة لفريق دون الآخر؟ المحادثات قائمة بين الطرفين على الجزيرة واليونان وتركيا تواكبان الأمور وسنرى إلى أين تصل الأمور.
* هل نستطيع أن نصف الاستفتاء المقبل على أنه «تاريخي» بالنسبة إلى تركيا؟
- إنه أشمل تعديل للدستور القائم منذ العام 1982. وهو يحمل الكثير من التحديثات التي سوف تحسن من العملية الديمقراطية في البلاد، ومن سيادة القانون فيها. فهذه التعديلات سوف تلغي التمييز القائم ضد المرأة وبعض فئات المجتمع الأخرى، وهي تتضمن نوعا من نظام التدقيق داخل الدولة التي ستراقب الدولة نفسها، وهي ستعطي العاملين المدنيين، وكذلك في القطاعات الأخرى غير المدنية حق تشكيل النقابات والانتماء إليها، كما أنها سوف تعيد تشكيل المحكمة الدستورية بزيادة عدد أعضائها من 11 إلى 17 كما هو حاصل في أوروبا، كما أنه سوف يضيف تعديلات على نظام توزيع القضاة والمدعين العامين، وقضايا أخرى، وهي جميعها تقدم تحسينات للنظام الديمقراطي والقضائي في تركيا. وهذه التعديلات ضرورية لتحسين عمل المؤسسات، وللتوائم مع متطلبات الاتحاد الأوروبي.
* يصف بعض المحللين هذه التعديلات بأنها «الضربة القاضية» لنفوذ الجيش والمحكمة الدستورية في السياسة التركية!
- هذا النوع من التوصيف الذي يحاول البعض تقديمه هو أكثر دراماتيكيا من الواقع. الواقع ليس أن حزب العدالة والتنمية يريد توجيه الضربات إلى الجيش والمحكمة الدستورية، لكنها جزء من إعادة العملية الديمقراطية إلى الوضع الطبيعي. في عام 1980 قام العسكريون بانقلاب، هو غير شرعي بالنسبة إلى الدستور. لكنهم قدموا التبريرات بأنه من أجل مصلحة الشعب وما إلى ذلك، لكن هؤلاء الضباط أنفسهم أعطوا لأنفسهم المناعة من الملاحقة القضائية جراء ما فعلوه وهذا أمر غير مقبول في أي نظام ديمقراطي. التعديل الدستوري الجديد سيمكن المتضررين من مقاضاة هؤلاء أمام المحاكم المدنية، لكن هذا لا يعني أنه ستتم ملاحقتهم في اليوم التالي للاستفتاء. قد يرفع البعض دعاوى، هذا لا يهم. المهم أننا بهذا نقدم رسالة إلى الجميع أن أي محاولة انقلاب أخرى لا يمكن أن تتم من دون عواقب. فالديمقراطية التركية لا يمكن أن تحتمل انقلابا أو احتمال انقلاب كل 10 سنوات. ما كان غير طبيعي ستتم إعادته إلى طبيعته من خلال هذا التعديل. وفي المقابل، فإن الجيش يجب أن يعرف حدوده، فهو ليس حزبا سياسيا، أو نظاما قضائيا أو برلمانا، الجيش هو الجيش. ويجب عليه حماية الحدود، وأي جيش يتدخل في السياسة سيخلق تعقيدات كبيرة.
* ماذا لو أتى الاستفتاء ب«لا» للتعديلات؟
- لن تكون نهاية العالم، لكنها ستكون بالتأكيد سيئة لتركيا لأن ال«نعم» ستعني أن تركيا جاهزة للمزيد من التحديث. وأعتقد أنه بعد الانتخابات المقبلة سنبدأ بإعداد دستور جديد للبلاد، لأن البلاد بحاجة ماسة إليه، فحتى لو أقرت التعديلات، فإن الأمر ليس كافيا.
* ماذا سيحمل؟
- المزيد من التحديث والديمقراطية والشفافية والمدنية.
* يقال إن السيد أردوغان يريد من خلال هذا التعديل إقامة نظام جمهوري والترشح لرئاسة البلاد بعد ذلك؟
- لا أعرف، إنها توقعات حتى الساعة. لم أسمع من رئيس الوزراء شيئا بهذا الخصوص. هناك الآن رئيس ورئيس وزراء سيبقى في منصبه حتى الانتخابات المقبلة، وإذا فاز الحزب في الانتخابات فهو سيكون رئيسا للوزراء من جديد، مما يعني أنه أمامنا نحو 5 سنوات، وأعتقد أنه في ذلك الحين سيتخذ قرارا بهذا الخصوص.
ثائر عباس الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.