البرازيل عصام عرابي - الفجرنيوز:يواجه اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل منذ وصولهم إلى هذا البلد الذي لم يُلتفت نهائيا فيه إلى وضع من تم جلبهم إليه وإلى ما يعانونه من أي جانب من الجوانب ، هذه الخطوة التي لاقت الترحيب الدولي وحصلت من خلالها البرازيل على مكاسب سياسية واقتصادية بينما حصل اللاجئين على مأساة أكبر من مأساتهم في المخيمات حيث تُركوا لمواجهة الضياع والتشرد بينما تُرك المرضى للموت بأمراضهم وآلامهم ، وعلى الرغم من عمليات التجميل التي يقوم بها البعض ويلهث لإجرائها لتجميل وتزييف الوضع و الحقائق مما يزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين على أرض الواقع ، وتُعد هذه إحدى المشاكل الكُبرى التى عانى و لازال يعاني منها اللاجئين ، لكن مهما بذلت تلك الجهات و الأفراد المتواطئين معهم من تلك المحاولات لتزييف الواقع والتآمر على اللاجئين والمعتصمين على حد سواء إلى أنه لا بد للحقيقة أن تظهر ، ولا سيما و نحن نتحدث عن أوضاع بلد بأسرها ملايين من أبناء شعبها يعانون الفقر و التشرد والضياع وليس خافياً على أحد وضعها ، بينما تعاني من إنفلات قانوني إن جاز التعبير ، حيث يستطيع أي كان من خلال بعض الواسطات والمعارف وخواطر أصحاب المال والنفوذ التجاوز على حقوق الغير وتحريك القانون كما يشاؤون ، بينما تعاني شوارعها من إنفلات أمني فضيع حيث الجرائم و القتل والسرقات إضافة إلى إنتشار اللصوص والسلابة وتجار المخدرات .. وهناك سؤال يطرح نفسه بقوة ما الذي يحتاجه اللاجئ الفار من الاضطهاد و الحرب والقتل ؟ ما الذي يحتاجه مرضى عاشوا في المخيمات والصحراء متحملين آلامهم آملاً بالعلاج يوماً ما ؟ ما الذي يحتاجه طفل عاش سنوات في خيمة في الظلام والحر والبرد وسوء الرعاية ؟ ما الذي يحتاجه كل أُولائك ؟ بالطبع لن تكون بلد لا تتوفر فيها أدنى متطلبات العيش الكريم ، بلد تعاني من البطالة وتدني الأُجور وإنعدام الرعاية الصحية وعدم توفر العلاج لحالات مرضية بحاجة إلى عناية خاصة ، لا يحتاجون إلى بلد فيه فرق موت تقتل على اللون و الوضع المادي والمستوى المعيشي !! لا يحتاج مثل أُولائك اللاجئين إلى بلد تضمن لمرضاهم وأطفالهم مكاناً في شوارعها بين اللصوص والساقطات ومدمنين المخدرات والقتلة .. واليوم نتطرق لهذه المعاناة من خلال هذه التقارير الموثقة بالفيديو. يقول التقرير أن البرازيل لا زالت تعاني حتى اليوم من مشكلة كبيرة هي إنتشار الجريمة في مدنها خاصة بين الأطفال الذين تقذف بهم الظروف المعيشية القاسية إلى الشوارع ، وما أن تغيب شمس البرازيل الساطعة التي تستقطب سنوياً ملايين من السياح حتى تنقلب الصورة إلى ظلام وقتل ينتشر في معظم مدنها ومنها مدينة ريسيفي التي يُقتل فيها يومياً ما يُقارب إثنا عشر شخصاً .... إدواردو ماشادو صحفي برازيلي أنشأ منظمة تسعى للكشف عن ملابسات العمليات الإجرامية ، ويقول ماشادو أنه أنشأ منظمة بالتعاون مع ثلاثة من زملائه الصحفيين هدفها إطلاع الناس على خطورة العنف المنتشر في المجتمع لأن عدداً كبير من الناس يُقتلون هنا وهذا أمر خطير جداً و خصوصاً أن الذين يتعرضون للقتل هم الفقراء والمراهقون والسود .. ويقول التقرير أن الظروف القاسية التي يعيشها الأطفال تقذف بهم إلى الطرقات وتقودهم إلى البغاء والتسول والسرقة وتجعلهم هدفاً لما يطلق عليه اسم فرق الموت التي تقوم بقتل المجرمين وأطفال الشوارع على حد سواء .. أما ديميتروس ديميتريو و هو رئيس منظمة الأطفال المشردين يقول أن الأمر مؤسف أن فرق الموت لا تتألف من المجرمين فقط بل كذلك من ضباط شرطة محليين يعتبرون أن قتل الأطفال و الفقراء والخارجين عن القانون هو حل لمشكلة اجتماعية تعاني منها معظم مناطق البرازيل .. ويقول مشادو وهو يتحدث عن مدينة واحدة فقط أن هذه المشكلة خطيرة لأن هناك ما يزيد عن مليون ونصف يعيشون في الأحياء الفقيرة وليست لديهم فرص لتحسين حياتهم والمجتمع يغلق الأبواب في وجوههم وعندما يُقتلون لا يهتم أحد لأمرهم .. وفي سياق آخر يقول التقرير ، أصبحت ظاهرة أطفال الشوارع مشكلة كبيرة تؤرق العديد من البلدان و منها البرازيل التي ترتفع فيها نسبة انتشار المشردين إلى درجة عالية .. ويقول ديميتروس ديميتريو ، صحيح أنه توجد في البرازيل طبقة غنية تعيش في رفاه لكن في نفس الوقت يوجد فيها فقراء كثيرون ينتشرون في جميع أنحائها بل وهناك مشردون يعيشون بين أكوم القمامة لا يجدون من يساعدهم .. ويقول التقرير ، أن الأمر الخطير هو استغلال المشردين واستعبادهم في أعمال قاسية وسط ظروف صعبة و خطرة حيث يعاملون كالعبيد و الرقيق في الحقول والمصانع والمناجم مقابل أجر زهيد أو لمجرد غذاء لا يكفي بالإضافة إلى استغلالهم غير الأخلاقي من خلال الانتساب إلى العصابات و المافيات التي تستغل أوضاعهم أبشع استغلال و لازال هناك عدد كبير من المستعبدين يعيشون بظروف قاسية موزعين على جميع أنحاء البلاد.. ويقول التقرير أن ملايين من المواطنين البرازيليين يعيشون تحت خط الفقر المطقع والانقسام الاجتماعي الحاد في تلك البلد بدء يتكرس جغرافياً حيث شرعت الحكومة البرازيلية لبناء جدران إسمنتية حول الأحياء الفقيرة في مدينة ريو دي جانييرو لمنعها من التمدد .. ويتحدث التقرير عن حي في هذه الولاية وقع تحت سيطرة العصابات رغم وجود قوات الشرطة فيه ، ويرى المراقبون أن الجدار الذي سيتم بناؤه لمنع امتداد الأحياء الفقيرة سيكون شبيهاً بالجدار الفاصل الذي بناه الإسرائيليون في فلسطين ويعتبره المنتقدون شكلاً من أشكال التمييز العنصري والاجتماعي يرمز إلى الانقسامات العميقة بين الأغنياء والفقراء في البرازيل ، علماً أن هذا الجدار لم يبنى حول حي واحد فقط فهناك خطط لبناء جدار فاصل حول جميع الأحياء الفقيرة في ولاية ري ودي جانييرو .. وينفي مدير معهد البيئة أن الأحياء تشكل خطراً على الغابات والبيئة ويقول أن السبب الحقيقي هو موقعها المميز الممتد على شواطئ ريو دي جانييرو والخوف من الجريمة والفقراء السود ، هذا هو السبب من بناء الجدار .. وتلقى هذه الخطوة إنتقادات كثيرة من دعاة حماة البيئة وناشطين في حقوق الإنسان الذين يخشون أن يتكرر في الأحياء البرازيلية الفقيرة ما كان يحدث مع الفقراء من تمييز في جنوب أفريقية .. وفي عودة إلى صلب الموضوع ، وهو المأساة التي يعيشها اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل والذي كان لهم نصيب كبير من هذه المعاناة وهذه المأساة الكبيرة فمن الطبيعي أن يتأثر اللاجئون بوضع البلد الذي يعيشون فيه من شتى الجوانب ومع كافة المتغيرات فيه ، وبالأخص عندما يلاقون التآمر والإهمال في كل شيء ومن شتى الجوانب المعيشية والصحية ، فكما قرأنا عن واقع الحال الذي يعيشه أبناء البلد أنفسهم ، فكيف سيكون على اللاجئ كغريب في هذه البلاد من مجتمع وأُمة وعادات وتقاليد وديانة تختلف اختلافا شاسعاً وتبعد كل البعد عن أرض الواقع في البرازيل .. ويقول المحامي آسيليو ريبيريو ، وهو أحد المتابعين لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، والذي تم إتهامه بالإرهاب لإبعاده عن القضية ، يقول أن القضية سياسية بإمتياز وحكومتا الولاياتالمتحدة وإسرائيل تمارسان ضغوطاً شديدة كي لا يحصل الفلسطينيون على حقوقهم والمفوضية غررت بالفلسطينيين و صورت لهم البرازيل على أنها جنة الخلد وحينما وصلوا إلى هنا عينة يهوداً صهاينة للإشراف على إعادة توطينهم وهذا أمر غير مقبول .. أما في وزارة العدل البرازيلية وهي الجهة المعنية بقضية اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل يعترف وكيل الوزارة الذي يرأس اللجنة الوطنية لشؤون اللجوء ، بأن للسياسة دور في تعقيد أُمور اللاجئين الفلسطينيين ، ويقول بتصريحات ساذجة للغاية : هناك من قال لنا لا تستقبلوا الفلسطينيين لأن عليهم البقاء في غزة لمحاربة إسرائيل والبعض قال أنهم سينقلون إليكم الإرهاب ، نحن لا نريد الدخول بهذه المهاترات السياسية ، وهذه مجموعة صغيرة تم التغرير بها .. وبعودة لآسيليو يقول : إكتشفنا أجهزة تنصت للتجسس في بعض بيوت اللاجئين ولما كشفنا ذلك أُتهمنا بوجود صلات مع حماس وحزب الله ، تخيل لقد قالوا لنا أننا نتلقى التعليمات من قِبل فتح والتمويل من قِبل حماس وهذا دليل واضح على جهلهم بالواقع السياسي .. أعتقد أن مجموعة هذه التقارير وما تحمله من معلومات هي خير دليل واضح على المعاناة وسوء الأوضاع المعيشية والأمنية والصحية وعلى التآمر وتضييق الخناق على اللاجئين والمعتصمين الفلسطينيين ، ولا عجب أن آخر تهمة نُسبة للمعتصمين أمام السفارة الفلسطينية هي الإرهاب ، طبعاً بضلوع أطراف وشخصيات فلسطينية من البرازيل ليس لقمع اعتصامهم فقط بل للتخلص منهم نهائياً بالأطفال والمرضى والمسنين لأننا نعلم عواقب مثل ذلك الاتهام .. والتساؤلات التي تطرح نفسها بقوة هنا ، أين هم اللاجئين الفلسطينيين من هذا كله ؟ أين موقعهم في هذا كله ؟ و ما ذنبهم بهذا كله ؟ وما ذنب أطفالهم ومرضاهم ومسنيهم بهذا كله ؟ وهل تركوا فرق موت لتحتضنهم فرق موت أُخرى ؟ وما هو التغيير بما تركوه وما قدموا إليه ؟ وهل هم لاجئين أم لا ؟ فمن حيث المستمسكات الرسمية التي سيضلون يحملونها لمدة تقارب خمسة عشرة عاماً تثبت أنهم لاجئين ، وعندما يتم قمعهم بذريعة أنكم معتبرون مواطنين برازيليين ، وعندما مراجعة الدوائر يقولون أنتم أجانب إذهبوا إلى سفارة بلدكم ، يعني المسألة غير واضحة نهائياً ، و كأن اللاجئين الفلسطينيين دخلوا البرازيل خلسة . ولو حصرنا مفردات هذا التقرير سنجد الآتي : ظلام وقتل ، انتشار الجريمة ، عمليات إجرامية ، عنف ، فرق موت ، عصابات ومافيات ، الفقراء ، السود ، الأطفال ، البغاء ، التسول ، السرقة ، استعباد ، أُناس تنام بين أكوام القمامة ، أُناس تعامل كالعبيد والرقيق ، انقسام اجتماعي ، جدار فاصل ، إرهاب ، تجسس .. أين نحن في زمن الجاهلية أم العبودية ، مفردات إذ دلت فإنها تدل على أبشع أوجه العنصرية والتمييز والإجرام والامتهان من كرامة الفرد وآدميته ، وإننا لا نسمع مثل هذه المفردات إلا على أفلام الرعب والجريمة ولا نعلم إذا كان اللاجئين يعيشون فيلم الوحش البرازيلي الذي يعذبهم ليقضي عليهم ببطيء شديد ليتلذذ ويشبع غريزته الدموية ، وخير دليل على ذلك ترك أطفال ومرضى ومسنين وأحدهم بحالة خطرة يواجهون مصيراً مجهولاً في بلد كأنه ليس فيها حكومة إلا من قوات الشرطة التي تلفق التهم لأُناس يعتصمون للمطالبة بحقوقهم .. ولو نظرنا إلى تصريحات وكيل وزارة العدل بالفعل سنجدها لا تعبر إلا عن الجهل والسذاجة ، فإذا كانت سياسة البرازيل ليس فيه قانون للاجئين وسيكون للسياسة دور في تعقيد أُمور اللاجئين ، فما الذي أجبر البرازيل على طلب اللاجئين الفلسطينيين على أرضها ، و كيف تهتم لمصالح مادية وسياسية مقابل أرواح بشر لهم الحق بالعيش الكريم الآمن والعلاج ، وهذه التصريحات خير دليل أن البرازيل قامت بقبول اللاجئين وهي لا تعلم ماذا ستفعل بهم ، وتركت أمرهم لسياسة تعقيد الأمور وهذا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وجريمة كبرى ترتكب بحق من أُجرم بحقهم على مدى أعوام وأعوام ، ولاحظنا ذلك من خلال الرد البرازيلي على الإعتصامات المتكررة فلم يبقى إلا استخدام المدافع والدبابات والطائرات ، و لا أعلم إن كانت البرازيل تعلم شيئاً عن اللاجئين الذين على أراضيها أو من أين جُلبوا ، لأنني ما أعرفه أننا من فلسطينيو العراق وهو يقول أن عليهم البقاء في غزة لمحاربة إسرائيل ، و هنا نضع الكثير من إشارات الاستفهام ولا يعقل أن وكيل الوزارة لا يعرف من أين جلبت حكومته اللاجئين الفلسطينيين ، والمصيبة الكبرى عندما يقول سينقلون لكم الإرهاب ، و لا أعلم إن كان يعرف أن من تم جلبهم للبرازيل غالبيتهم من العوائل والمرضى والأطفال والمسنين ، وبكل وقاحة يقول أن هذه المجموعة الصغيرة التي تحتج اليوم تم التغرير بها ، وهو لا يعلم أن من غرر بهم و ألقى بهم للاعتصام في الشوارع وضع بلده المأساوي السيئ من الفقر والإهمال و إنعدام الرعاية الصحية ، لأنه لو كان يعلم ذلك لأيقن أن هذه الأسباب هي التي تقف وراء الإعتصامات و احتجاجات اللاجئين .. إن هذه المعضلة وهذه المعاناة أصبحت مسألة شائكة والسكوت عليها يطيل من أمد معاناة مسنين وأطفال ومرضى منذ ما يزيد عن تسعة أشهر يعتصمون في الشوارع وقبلهم اعتصمت مجموعة أُخرى لما يزيد عن أربعة عشر شهراً وتؤكد الحكومة البرازيلية ليومنا هذا أنها ليس لها علاقة باللاجئين ولا يترتب عليها شيء وليس لها علاقة بالموضوع ، وتبقى هذه المعاناة وأرواح من يعانون معلقة بين يدي المسئولين عسى أن تجد عندهم العين التي ترى والأُذن التي تصغي للنظر فيما يعانيه أبناء شعبهم ..
ولمشاهدة التقرير على هذه الروابط : http://www.youtube.com/watch?v=VWFJIgSH7gk http://www.youtube.com/watch?v=iK-qxgqAujo وللذين لا يتمكنون من مشاهدتها يمكنهم تحميلها من أحد الروابط التالية : http://rapidshare.com/files/419097241/report.rar http://www.4shared.com/file/J29Q0BS3/report.html http://www.megaupload.com/?d=FJP2VZB8 http://www.mediafire.com/?9cvy0feetfxwu9f