فكرة ثمينة ..شوّهها خطاب "كل شي لاباس" وغياب الجرأة في طرح الشواغل إعداد نورالدين المباركي تونس:عندما تم الإعلان عن انطلاق الحوارات التلفزية والإذاعية مع أعضاء الحكومة خلال شهر جوان الفارط قُدمت كالتالي :"...تهدف هذه الحوارات إلى مزيد تعزيز منابر الاتصال بين الهياكل الحكومية والمواطنين وتوفير معلومات شاملة ودقيقة ومواكبة مشاغل المهتمين والمعنيين بكل القطاعات والإجابة عن استفساراتهم. وتجسد مثل هذه البرامج التلفزية والإذاعية، التي تكرس نمطا جديدا ومتينا من التواصل بين الحكومة والرأي العام الوطني بمختلف مكوناته.." و لعل هذا من أسباب تثمين فكرة هذه الحوارات لقناعة الجميع أن التونسي سيجد فيها إجابات واضحة ومحددة عن تساؤلاته وهواجسه وشواغله .. ومما لاشك فيه أن نجاح هذه الحوارات وقدرتها على احترام مضمون الفكرة التي بنيت على أساسها مرتبط بعدة عوامل منها حسن اختيار الضيوف الذين يلعبون دورا أساسيا من حيث تنوع توجهاتهم وارتباطهم بمواضيع المناقشة. فأي مناقشة" ديمقراطية " تبغي الوصول إلى نتائج تقتضي استضافة شخصيات من كل التوجهات.وطرح الأسئلة التي تشغل بال الجميع . لكن هل تمكنت هذه الحوارات من احترام الفكرة التي بُنيت على أساسها ؟..هل ساهمت حقا في توفير "المعلومة الشافية و مواكبة مشاغل المهتمين والمعنيين بكل القطاعات والإجابة عن استفساراتهم". عدد من الإعلاميين أجابوا عن هذه التساؤلات من خلال متابعتهم لمختلف الحلقات التي بُثت إلى حد الآن جمال العرفاوي ( الصحافة) الحوارات تحتاج إلى الحبكة و حدّ أدنى من الجرأة أعتقد أن الفكرة جيدة جدا في منطلقها ولكن بعد تتبع كل الحوارات التي بثت إلى حد الآن فإننا نجد أنفسنا أمام عنوان كبير بلا محتوى من حيث الشكل والمضمون فالكثير من الأسئلة كانت بلا معنى تطغى عليها المجاملة أو أنها مكررة أو خارجة عن النص ليس الا. وقد أتساءل عن جدواها حتى ان المرء قد يضطر إلى التساؤل ان كان متفق عليها مسبقا وأتمنى أن يخبرونا عن طريقة اختيار المدعوين وان كان هذا الخيار يضع لأسس علمية متعارف عليها دوليا في مثل هذه الحوارات المفتوحة سواء من حيث أعمار المشاركين أو الجهة التي يمثلها جغرافيا أو فكريا ومهنيا لأن غالبية من شاركوا كانوا أشبه بذلك الطير الذي يغني وجناحو يرد عليه , الحوارات بكل بساطة لا تشجع على الفرجة لأنها بلا حرارة تذكر أملي أن تتم مراجعة كل هذه الهنات في الوقت المناسب قبل أن يدب فينا اليأس. فالحوارات التلفزيونية تحتاج إلى حبكة وحد أدنى من الجرأة والاختلاف والمحاججة فضلا عن ضرورة تمكن المشاركين من الموضوع الذي يخوضون فيه . وهناك مسالة لا بد من التنبه إليها وهي شائعة في مختلف برامجنا الحوارية فجل القضايا والاشكاليات التي تطرح تحوم حول العاصمة دون انتباه إلى أن قضايا التعليم و النقل والصحة في الشمال الغربي تختلف عن الجنوب الشرقي مثلا. شكري الباصومي ( الشروق) حوار الصمّ ولغة" نقار الخشب" " تعزيز منابر الحوار"وتمتين التواصل بين الحكومة والرأي العام الوطني بمختلف مكوناته تلك هي ابرز ما بشر به باعثو هذه الحوارات على تونس سبعة المقصد شريف والدعوة نبيلة فهل كانت الحوارات السبعة أو الثمانية في مستوى ما بشر به؟ ودون الدخول في متاهة التفاصيل كنت في ريب كبير وشك بل يقين بأن تونس سبعة لا تتحمل الحوار الذي يتطلب تعددية ولا يخضع لمنطق الطير الذي يغني ليرد جناحه عليه. وزاد في حيرتي النص الذي أشار إلى عبارة " مختلف مكوناته" أي مكونات الرأي العام الوطني فهل تتحمل تونس سبعة"حماقات " بعض المكونات المزعجة التي لا يستسيغها الطائر المغرد وجناحه الذي يرد عليه؟؟؟؟؟؟ ومع ذلك ظلت "لعل" تراودني وتدفعني للتلصص ولو على الخفيف كما يقال وبعد بضعة حوارات ازددت يقينا بأني اعرف تلك الشطآن مع الاعتذار لأبي علي رحمه الله فقد مر نقا ر الزهواني من هناك مرات...نقار الخشب استوطن تلك الحوارات وعشش لغة خشبية واسئلة بدت معدة سلفا وحضور منضبط يوحي بأن الميسترو قد أعدهم إعدادا جيدا وأحسن اختيارهم شكرا" للكاستينغ مان"..وشكرا للمايسترو الذي أمن البروفات بما يضمن عدم الوقوع في الأخطاء. يقتضي الحوار أطرافا متعددة كما يتطلب مصارحة ومكاشفة وتشريك كل القوى الفاعلة بشكل مباشر بعيدا عن لغة الجلم وتشطيب القلم والحوار يقتضي أذانا كثيرة...إذن واحدة لا تكفي ضاعت باختصار فرصة الحوار هنيئا لنقار الخشب,,,,,, وليد أحمد الفرشيشي (موقع بزنس نيوز) طغيان خطاب "كل شئ لاباس" الذي يغذي حالة الرضا عن النفس اللقاءات التليفيزيونية التي تضع السادة الوزراء أمام أسئلة عينة منتقاة من المواطنين- و التي لا تمثل في أغلب الأحيان جميع الحساسيات- في الأصل فكرة جيدة لكنها مرت بجانب الحدث. و بعيدا عن أية محاولة للتقييم، لأنه في اعتقادنا من المبكر جدا تقييم تجربة مازالت في حلقتها السابعة، إلا أنه من المهم بمكان التأكيد على جملة الهنات التي تعرفها التجربة سواء على مستوى الشكل أو المضمون. و في الحقيقة، ثمة جملة من الملاحظات الأولية التي نأمل أن يأخذها القائمون على هذه العملية بالجدية المطلوبة حتى تتخلص هذه اللقاءات من الجانب الفرجوي و الاحتفالي بالمنجزات و تتحول إلى "أغورا" (Agora) حقيقية تطرح فيها الأسئلة التي تحرك الجدل العمومي و لا تحتويه. أولا، نتساءل لماذا تحتكر القناة العمومية بث هذه اللقاءات التليفيزيونية؟ تساؤل قد نجاب عليه بالنظر إلى طبيعة القناة و هي حكومية، و لكننا نرى في المسألة إقصاء لجماهير أخرى قد لا تتابع هذه اللقاءات على القناة العمومية(وليست الوطنية كما يروج لها) عدا أنها تعيدنا إلى النقطة الصفر فيما يخص تحرير المشهد الإعلامي و الإنفتاح على بقية الأصوات. ثانيا، المكان الذي يتم فيه تصوير اللقاءات يحيلنا على أجواء الجامعة بمدرجاتها و كأننا بصدد تقديم "دروس" للمتلقي، و هو ما يحصل في الواقع من خلال تعداد المنجزات و كأننا بالسادة الوزراء بصدد تقديم تقارير عن نشاطات وزاراتهم، ليفتح بعد ذالك باب النقاش (حوالي ما نسبته 80 بالمائة من مدة اللقاء) الذي يستغل في إعادة إنتاج الخطاب الرسمي و ان كان بصيغ مختلفة. ثالثا، و إن كنا لا نشك في سلامة نوايا القائم بهذه العملية، فإنه من المربك حقا أن تكون أغلب الأسئلة المطروحة، و نعتقد أنها منتقاة، "وديعة جدا" و غير محرجة في معناها الإيجابي. بمعنى طغيان خطاب "كل شئ لاباس" الذي يغذي حالة الرضا عن النفس في حين أن الأسئلة التي يجب طرحها حقيقة يقع التغافل عنها و لعل أبرز مثال على ذالك اللقاء الذي أمنه وزير الشؤون الإجتماعية و الذي مرر فيه، بطريقة ذكية، مشروع الحكومة حول إصلاح منظومة التقاعد دون أن يحرك ذلك في الحاضرين شهية طرح الأسئلة الحارقة التي تشغل حاليا بال المواطن. رابعا، نعتقد أن عدم الانفتاح على مختلف الحساسيات الوطنية خاصة الأحزاب إضافة إلى عدم تشريك الصحفيين مثل النقطة السوداء التي قلصت للأمانة من فعالية هذه اللقاءات و فوتت على التونسيين فرصة الاستماع إلى أصوات مغايرة بما قد يشكل دافعا لإنشاء فضاء عمومي تونسي قوامه خطاب الحرية و الشفافية و الصراحة. و يقينا أنّ التجربة تستحق الاهتمام غير أنها بحاجة إلى جملة من التعديلات التي نراها ضرورية حتى يقع الالتزام بالهدف الأصلي الذي أنشئت من أجله. توفيق العياشي (الطريق الجديد) غياب صبغة تفاعلية حية وجادة بين الوزراء والمواطنين فكرة إجراء حوارات وزاريّة في وسائل الإعلام في حد ذاتها فكرة ايجابيّة كان يمكن فعلا أن تقرّب الهياكل الحكومية من شواغل المواطن وتمكن الوزراء من تحسس مواطن الخلل في سياسات هياكلهم والتفاعل بشكل مباشر مع تطلعات المواطنين وانتظارات القطاعات التي تعود لهم بالنظر . لكن ومن خلال ما تم عرضه إلى حد الآن من حوارات بدا واضحا أن الأهداف الكبيرة للفكرة قد طمست وتوارت خلف المنحى الدعائي التقليدي الذي يميز ظهور المسؤولين الرسميين في وسائل الإعلام عادة وقد برز ذلك من خلال الآتي: - غياب صبغة تفاعلية حية وجادة بين الوزراء والمواطنين إذ تعرض الحوارات بعد تسجيلها، وهو ما فوّت إمكانيّة تقبل نسبة من استفسارات المواطنين وتطلعاتهم بواسطة الهاتف مباشرة إلى جانب اقتصار التدخلات على بعض المسؤولين على القطاعات والهياكل التابعة للوزارات الذين طبعت تدخلاتهم بالكثير من التحفظات وعدم الوضوح والعمل قدر الإمكان على عدم إحراج الوزراء المستجوبين. - جنوح الحوارات مع الوزراء إلى شكل النقاش الذي يقوم على الاستفسارات حول خطابات الوزراء وما يعرضونه من بيانات ومعطيات، وهو ما فوت فرصة إجراء حوارات متكافئة وتفاعلية بين جميع المشاركين بما يتيح تطارح عدد أكثر من القضايا المتعلقة بكل قطاع بكل جرأة وحريّة وعمق دون التقيد بما تم عرضه من محاور في مداخلة الوزير. - عدم قدرة الوزراء على تجاوز صيغ الخطابات الدعائية التقليدية التي تتسم بالمبالغة في استعراض الانجازات وتذليل المصاعب والإخفاقات، وهو ما يفوت فرصة تحسس مواطن الخلل في كل قطاع، وبالتالي العمل على معالجتها وتجاوزها. وقد امتد هذا النفس الدعائي الاستعراضي إلى تدخلات عدد كبير من المسؤولين على الهياكل والقطاعات التي تعود بالنظر للوزراء. - عدم انفتاح الحوارات التلفزية والإذاعية للوزراء على أغلب مكونات المجتمع المدني من منظمات وأحزاب وصحافة وشخصيات، واقتصار المشاركة على السلطة ومحيطها المقرّب، وبالتالي فقد تدنت بذلك جدية هذه الحوارات التي انصبت على محاور ثانوية لم تمس السياسات العميقة للوزارات والهياكل التي تستوجب النقد والإصلاح. لكن جدير بالملاحظة أن الحوار الوحيد الذي نجح في تجاوز ما تردت فيه أغلبية تدخلات الوزراء هو تدخّل وزير الصحة العمومية الذي اتّسمت تدخلاته بقدر من الصراحة والجرأة مما مكن من تطارح عديد الملفات الملحة التي تهم قطاع الصحّة، وتجيب بقدر كبير على تساؤلات المواطنين، وهذا قد يعود الى تقاليد الانفتاح التي تتميز بها وزارة الصحة العمومية على وسائل الإعلام مقارنة بغيرها من الوزارات. ثامر الزغلامي ( إذاعة الكاف) تقليد جديد في التلفزة التونسية يجب المحافظة عليه و استثماره نحو تطوير الخطاب الإعلامي إن هذا التقليد الجديد في التلفزة التونسية يجب المحافظة عليه و استثماره نحو تطوير الخطاب الإعلامي بما يخدم مصالح المواطن و التجربة في بداياتها مازالت تحتاج إلى مزيد التصحيح على مستوى الشكل و المضمون استجابة لمقتضيات الإعلام المهني الذي تتوفر فيه شروط الموضوعية و الحرية، يجب التفكير في تشريك عدد اكبر من الصحفيين الذين يمثلون مختلف وسائل الإعلام و الانفتاح أكثر على كل مكونات المجتمع المدني حتى يكون الحوار أكثر جرأة و حرية يضع الاصبع على الانشغالات الحقيقية للمواطن ......على مستوى الشكل و بالنسبة لطريقة طرح الأسئلة أرى انه يجب الاعتماد على المكرفون المتنقل -micr baladeur- حتى تستجيب الحصة لشروط البث الإذاعي كما أن الإخراج في حاجة إلى حركية أكثر بتنويع زوايا التصوير و مراجعة شكل الديكور هذا البرنامج هو خطوة تنتظرها خطوات أخرى لتحقيق الأهداف المرجوة منه و لا يتحقق ذلك الا بفسح المجال للرّأي المخالف ليكون حاضرا في الأسئلة التي تطرح على أعضاء الحكومة نجلاء بن صالح ( مجلة حقائق) حتى لا تكون هذه الحوارات شبيه بركن "على باب مسؤول" في الصحافة المكتوبة لقاءات الوزراء على شاشة التلفزة مع المواطنين هي خطوة استبشر بها كثيرون ومنّوا أنفسهم بلقاءات ثرية قد تخرج التلفزة من النسق الروتيني القاتل خاصة أن اغلب المواطنين يرون أنها تلفزة ناطقة باسم مواطني المريخ او الموزمبيق كما قال بعض الحانقين على تونس 7.وبعد سلسلة من لقاءات جمعت بعض الوزراء مع مواطنين خفّت حدّة الحماس خاصة ان اغلب الحوارات كانت "مسيّرة" حيث شكّك في الأسئلة المطروحة والتي يبدو انّها اعدّت سلفا. ولا ندري هل ان فتور" الحوار" ان صح التعبير سببه " فبركة "من التلفزة أم أن التونسي لم يتعود على طرح مشاكله أمام مسؤول بحجم وزير ؟ تجربة الحوارات او اللقاءات المباشرة مع الوزراء يمكن ان تخرج التلفزة الوطنية من غرفة الإنعاش إذا أعطي للعفوية مكان في هذه اللقاءات "التفاعلية" لان هدفها الأول هو إيصال مشاغل المواطن الذي اتعبته" الحواجز" المفروضة على باب المسؤول.فهل ان المواطن "قاصر" عن الحوار أم أن التلفزة الوطنية هي القاصرة عن استيعاب هذا المفهوم ؟ ما نتمناه هو ان تخرج الحوارات من فتورها "المفروض" لتكون أكثر حرارة حتى لا تكون شبيه بركن "على باب مسؤول" . عايدة الهيشري ( صحيفة المستقبل) ننتظر أن تكون هذه الحوارات فرصة للوقوف على النقائص والإشكاليات عند الإعلان عن انطلاق بث الحوارات التلفزية المباشرة بين السادة الوزراء وعموم المواطنين، تفاءل الرأي العام وانتظر نفسا جديدا في مثل هذه الحوارات عساها تكون منابر لحوار عميق وجدي يتطرق الى مجمل القضايا الوطنيه التي تشغل المجتمع التونسي بعيدا عن اللغة التسويقية التي تعتمد الأرقام واستعراض الانجازات. وكنا ننتظر أن تكون منابر الحوار هذه فرصا للوقوف على النقائص والإشكاليات قصد العمل على إصلاحها وتجاوز مكامن الخلل وكل ما يقف أمام النجاح الحقيقي في مختلف قضايا الشأن الوطني. إلا إننا لاحظنا أن السمة الغالبة على هذه الحوارات اقتصارها على عروض مطولة من السادة الوزراء لم تخرج في شكلها ومضمونها عما تعودناه منهم في مناسبات حواريه أخرى او لقاءات إعلاميه مما جعلها تصنف في خانة التقارير الجاهزة . ولم ترتق عموم التدخلات من خلال الأسئلة المطروحة إلى المستوى المأمول فبدت كأنها مفبركة أو معده مسبقا مع غياب أو تغييب واضح لأطراف هامة وفاعله منها ممثلي الأحزاب الوطنية ومكونات المجتمع المدني ومختلف الأسماء والنخب الفاعلة من أهل الثقافة والإعلام والتخصصات ذات الصلة بمواضيع الحوار مع الوزير. وحتى تتمكن هذه الحوارات من الخروج من شكلها الحالي الذي فشل في استقطاب اهتمام الرأي العام بها؟، يكون من الأجدر على سبيل المثال بالإضافة إلى تشريك أهل الرأي والاختصاص، تخصيص فقرة مصورة يتوجه عبرها المواطن بأسئلته وملاحظاته مباشرة إلى الوزير دون أدنى تغيير في محتواها. صحيفة "الوطن" العدد 156 الصادر في 24 سبتمبر 2010