لا شرعية لإسرائيل! وكل من يخالف هذا الرأي فقد اختلف مع التاريخ العربي، وخالف تعاليم الدين الإسلامي، وفقد شرعيته مهما كان، فلا حق لإسرائيل بالوجود، هذه قاعدة الانطلاق التي يجب أن يستعصم فيها كل عربي يدّعي شرعية وجوده في الحكم، وكل عربي يوافق على شرعية إسرائيل، أو يغض الطرف عن وجودها الغاصب على أرض فلسطين، فإنه يلغي وجوده، ويمحي اسمه من التاريخ. "لا شرعية لإسرائيل" بهذه الجملة البسيطة الواقعية التي تحاكي وجدان ملايين العرب، لخص الرئيس الإيراني أحمدي نجاد زيارته لجمهورية لبنان، البلد العربي الذي يمثل رأس حربة الرفض لوجود الكيان الصهيوني، ويجسد الحضور المتقدم للمقاومة. ولو جاء حديث الرئيس الإيراني عن عدم شرعية إسرائيل من مكان آخر لما كان له المذاق ذاته من الكرامة والمصداقية، لأن لبنان عندما قال: "لا شرعية لإسرائيل" خاض من أجل ذلك الحروب. "لا شرعية لإسرائيل" قلبت الزمن العربي رأساً على عقب، فمنذ زيارة الرئيس المصري "أنور السادات" للكنيست الإسرائيلي 1978، واعترافه بشرعية إسرائيل، وتوقيع الاتفاقيات معها، وإعلانه عن نهاية زمن الحرب مع الكيان الصهيوني، منذ ذاك التاريخ والمزاج العربي يتكسر مثل الزجاج تحت أقدام الصهاينة، حتى صار العرب ألف عرب، وصارت مصالحهم تحركها رياح الأطماع الصهيونية، وبات الوجود الإسرائيلي حقيقة مفروضة بقوة السلاح، وأضحت شرعية الكيان الصهيوني من مسلمات البقاء حياً لبعض الحكومات والمنظمات التي وقعت الاتفاقيات مع الكيان، منذ ذاك التاريخ وحتى الصمود اللبناني الأسطوري في حرب عام 2006، وحتى صمود غزة سنة 2008 في وجه العدوان، بدأت ملامح مرحلة جديدة في التشكل، وبدأ المزاج العربي يلملم شظاياه المبعثرة، وبدأ يستعيد شخصيته العربية الإسلامية، وبدأ يردد بصوت مرتفع جريء: "لا شرعية لإسرائيل". إذن؛ لم يأت الرئيس الإيراني بجديد عندما قال: لا شرعية لإسرائيل. لأنه يؤكد ما قالته المقاومة في فلسطين ولبنان، وما جسدوه عملياً في الميدان، ليهتف مع المقاومة مزاج العرب جميعهم: لا شرعية للكيان، ولا وجود للصهيوني الغاصب الذي يخادع الزمان.