بعد دعوته الى تحويل جربة لهونغ كونغ.. مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد    أبطال إفريقيا: التعادل يحسم الشوط الأول لمواجهة الترجي الرياضي وصن داونز    التعادل يحسم مواجهة المنتخب الوطني ونظيره الليبي    طقس الليلة    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا وجاري العمل على تسهيل النفاذ إلى هذه السوق    سيدي بوزيد: ورشة تكوينية لفائدة المكلفين بالطاقة في عدد من الإدارات والمنشآت العمومية    بودربالة والسفير الإيطالي يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية تعزيزا للاستقرار في المنطقة    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة ويساعد على القيام بمهامهم دون التعرض الى خطايا مالية    بنزرت: ضبط كافة الاستعدادات لإنطلاق اشغال إنجاز الجزء الثاني لجسر بنزرت الجديد مع بداية الصائفة    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    منوبة: الاحتفاظ بصاحب مستودع عشوائي من أجل الاحتكار والمضاربة    وزارة التجارة تقرّر التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    أحدهم حالته خطيرة: 7 جرحى في حادث مرور بالكاف    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    "تيك توك" تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنصير .. في الجزائر يتمدد والفقر والبطالة أهم الأسباب
نشر في الفجر نيوز يوم 19 - 04 - 2008

الجزائر مصطفي فتحي: يتفق أغلب المهتمين بظاهرة التنصير في الجزائر أن الأزمة الوطنية التي تمر بها الجزائر حاليا ساهمت بشكل غير مباشر في تغذية حركة المبشرين المسيحيين لا سيما اتباع المذهب البروتستانتي
لغم سياسي زرعته فرنسا يتغذي من الأزمة الوطنية
الجزائر مصطفي فتحي: يتفق أغلب المهتمين بظاهرة التنصير في الجزائر أن الأزمة الوطنية التي تمر بها الجزائر حاليا ساهمت بشكل غير مباشر في تغذية حركة المبشرين المسيحيين لا سيما اتباع المذهب البروتستانتي خاصة ببلاد القبائل، وذلك من خلال بناء الكنائس التي شرعت في تلقين مباديء المسيحية لشباب المنطقة، ما أسفر عنه اعتناق عدد معتبر منهم للمسيحية، بدوافع مختلفة يمكن أن نذكر منها الفقر، البطالة وانسداد الافاق المستقبلية في أعينهم.
و يتلقي كل مرتد عن اسلامه مباشرة بعد تحوله إلي النصرانية اعانات مالية واحيانا مرتبا شهريا. كما يقوم المبشرون بجمع عناوين سكان المنطقة، حيث يشرعون بعد أسبوع في ارسال الاناجيل والمنشورات التبشيرية للاهالي، بالإضافة إلي دروس في العقيدة المسيحية تستمر لسنوات، إلي جانب قنوات اذاعية تنصيرية موجهّة إلي منطقة القبائل باللهجة الأمازيغية. كما يوزع الانجيل في القبائل جهارا نهارا، وباللغتين الفرنسية والامازيغية.
فحين خرجت فرنسا من الجزائر مهزومة مدحورة علي يد المجاهدين، تركت ورائها عددا قليلا من النصاري لا يتجاوزون اصابع اليدين، وبقيت بعض الكنائس يؤمها بعض المنصرين أو ما يعرف ب"الآباء والأخوات البيض يمارسون طقوسهم فيما بينهم بحرية بموجب اتفاقيات دولية وقعتها الجزائر. غير أن فرنسا وانتقاما لكبريائها الذي مرغته الثورة في التراب، لجأت إلي اساليب أكثر خبثا ومكرا من اجل استرجاع الجزائر عبر بوابة التنصير، حيث تحولت بعض الكهوف والدهاليز والبيوت إلي أديرة وكنائس سرية يؤمها الرهبان يعرضون فيها بضاعتهم سراً علي بعض الجهلة من الشباب والمراهقين والفقراء وذوي الحاجات الخاصة في غفلة من الدولة وأجهزتها، حيث تخلت عن بناء المساجد، وعن وظيفتها في رعاية الإسلام دين الدولة حسب الدستور، وفرضت قيودا علي حركة الدعاة ورقابة صارمة علي المساجد، وكل ذلك بموجب قانون الطواريء وبدافع الخوف من تفريخ الإرهاب من داخل تلك المساجد، لكن للاسف تفرّخ التنصير الإنجيلي بدلا من الارهاب في ظل المأساة الوطنية علي حد تعبير أبو جرة سلطاني رئيس حركة السلم.
فما هي حقيقة التنصير في الجزائر؟ وهل هناك حقيقة حرب دينية مثلما يزعم البعض؟ وكم هو عدد المسيحيين؟ وهل فعلا هناك مخاوف علي الاسلام من حركات التبشير؟
هذا ما ستحاول أن تجيب عليه هذه الورقة.
التنصير جاء مع الاستعمار الفرنسي وشعاره: يجب أن يندحر الهلال لتعود الجزائر إلي احضان الصليب.
التنصير في الجزائر ليس وليد الاحداث المأساوية التي شهدتها البلاد مطلع التسعينيات عقب الغاء نتائج الانتخابات اتي منحت الفوز للجبهة الإسلامية للانقاذ المحظورة، لكنه ولد في أحضان الحملة الفرنسية علي الجزائر عام 1830م،حين اصطحب قائد الحملة الفرنسية دوبونياك معه 14 راهبا فرنسيًّا جاءوا إلي الجزائر وفق أجندة محددة سلفا من قبل وزراة الخارجية الفرنسية شعارها يجب أن يندحر الهلال (المقصود به الاسلام) حتي تعود الجزائر إلي أحضان الصليب.
فليس غريبا إذا أن يصبح التنصير احد ادوات تنفيذ الاستراتيجية الفرنسية اتجاه الجزائر، لأجل ذلك تم بناء العديد من الأديرة والكنائس في بلاد القبائل.
وأول خطوة نفذها الفرنسيون وهم في الجزائر هي تحويل المساجد إلي كنائس واصطبلات لخيول الجنود، وبالموازاة مع ذلك ألغوا معاهد التعليم الديني واللغوي، وحاربوا الزوايا وحوَّلوها إلي أوكار للشعوذة. كما نجح القساوسة أو "الاباء البيض كما يطلق عليهم في التغلغل في بلاد القبائل، بعد أن أخفوا صفتهم الكهنوتية وعملوا علي نشر سمومهم ومزاعمهم وسط الاميين والبسطاء من سكان القبائل بأن الإسلام هو السبب في القضاء علي البربر أو الامازيغ في الجزائر، وبأنّ جنسهم آري وهو نفس العنصر العرقي الذي تنتمي إليه أوروبا الكاثوليكيّة، وأن العرب الغزاة الذين جاءوا من شبه الجزيرة العربية استولوا علي أراضي البربر وقضوا علي لغتهم الامازيغية. كما حاول هؤلاء القساوسة الربط بين العرب الفاتحين وعرب اليوم في محاولة للإيحاء بأنّ الفاتحين الأوائل كانوا علي نفس فساد عرب اليوم.
غير أن اللافت في الامر، أن نفس هؤلاء الاباء البيض وجدوا صعوبات بالغة في اختراق مناطق أخري من الجزائر كمنطقة الاوراس مثلا التي تضم عروش الشاوية وهم من البربر، أيضا، حيث واجهوا مقاومة شرسة من قبل اهالي هذه المنطقة.
أرقام رسمية حول التنصير في الجزائر
لطالما فنّد المسؤولون الجزائريون أن يكون التنصير في بلادهم بتلك الحدة والضراوة التي تصورها التقارير الاعلامية، وهو حال المستشار الاعلامي السابق لوزير الشؤون الإسلامية والاوقاف عبد الله طمين الذي يري أن ظاهرة التنصير في الجزائر خاصة في بلاد القبائل التي تضم اربع ولايات هي (تيزي وزو، بومرداس، البويرة، وبجاية) مبالغ فيها إلي حد كبير. فالجالية المسيحية لا تتعدي 11 ألف مسيحي، والتنصير، حسبه، ينحصر في أقلية من الجزائريين من الجهلة ومرضي النفوس وذوي الاحتياجات ومدمني المخدرات، هؤلاء انساقوا وراء دعوات المنصرين، مؤكدا أن نسبتهم لا تتعدَّي واحدًا في المليون خلافا لما تروج له وسائل الاعلام الغربية خدمة لاهداف مشبوهة.
وشدّد علي حقيقة تتجاهلها وسائل الاعلام الغربية كلما تطرقت إلي هذه الظاهرة في الجزائر، علي أنه في مقابل التنصير هناك حركة مكثفة لبناء المساجد والمدارس القرأنية، وضرب مثلا بوجود ما يربو عن 2000 مسجد و50 زاوية تاريخية وعشرات المدارس القرآنية والمعاهد الإسلامية بمنطقة القبائل، فضلا عن تسجيل قرابة 100 حالة اعتناق جديدة للإسلام.
لكن تقريرا رسميا صادر حديثا حذر من خطورة استفحال ظاهرة التبشير التي تقوم بها الكنائس البروتستانتية بمنقطة القبائل مقارنة بالكنيسة الكاثوليكية، حيث لوحظ في الآونة الأخيرة توافد عدد كبير من المبشرين القادمين من أوروبا إلي ولاية تيزي وزو، وتم تسجيل العديد من حالات الردة عن الاسلام خاصة في أوساط الشباب.
وتعتبر بلدة واضيا بتيزي وزو، حسب التقرير، المعقل الرئيسي لنشاط الكنيسة البروتستانتية التي تشرف عليها امرأة من جنسية سويسرية يساعدها في ذلك زوجها الجزائري الذي يرأس كنيسة بعاصمة الشرق ولاية قسنطينة.
وكشفت الوثيقة أن الحركة التبشيرية بالجزائر يقودها رئيس الكنيسة البروتستانتية سابقا جونسون هيوغ ، هذا الاخير صدر في حقه مؤخرا قرار بمغادرة البلاد بسبب خروقه المتكررة لقانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين.
ويقترح اصحاب التقرير، لمواجهة حركة التبشير، مراقبة رجال الدين المسيحيين الذين يزورون الجزائر في إطار برامج ظاهرها ثقافي، وبتوسيع صلاحيات وزارة الاوقاف، واتخاذ إجراءات لتطويق انتشار أنشطة الإنجيليين بالاستعانة بالطرق الصوفية ووضع مخطط ملائم يقضي باعادة فتح المدارس القرآنية والمساجد المهجورة أو المغلقة.
وفي هذا السياق، احصي التقرير وجود ما لا يقل عن 50 مسجدا بتيزي وزو مغلقا أو مهجورا، بسبب غياب التأطير، و20 مسجدا علي مستوي ولاية بجاية.
كما حمّل معدو التقرير وزارة الاوقاف المسؤولية، ولاحظت الوثيقة أن النقص المسجل علي مستوي الوزارة يكمن في غياب الدراسات الميدانية حول مختلف جوانب الحركة التنصيرية، والتي تسمح بوضع خطة تسمح باحتواء الظاهرة وحماية المصالح العليا للامة.
كما شدّد التقرير، انطلاقا من تحريات الاجهزة الامنية، علي ضرورة أن تنسق مختلف القطاعات فيما بينها من أجل إيجاد الوسائل المادية والثقافية القادرة علي الحفاظ علي الوحدة الدينية للشعب الجزائري.
وحسب الوثيقة اياها، فأن تدهور الأوضاع الامنية بالقبائل منذ 2001، مع اتخاذ الدعوة والقتال من المنطقة معقلا لها، شجع المبشرين علي التغلغل وسط السكان. كما أنها ليست المنطقة الوحيدة بالجزائر التي تشهد نشاطا للمبشرين البروتستانت، بل هناك ولايات أخري (الشلف، بجاية، بسكرة، البليدة، تلمسان، الجزائر العاصمة، سطيف، سيدي بلعباس، قسنطينة، المسيلة، مستغانم، خنشلة، عنابة، تمنراست، ووهران).
وأوصي التقرير بضرورة التكفل المادي والثقافي لمواجهة ما أسماه الهجمة الشرسة التي تستهدف المجتمع الجزائري في وحدته وفي دينه ، كما حث السلطات علي الاستعانة بالزوايا والطرق الصوفية وإعادة الاعتبار للمساجد ودعمها ماديا ومعنويا لمواجهة المبشرين.
في غضون ذلك، قررت السلطات المحلية بولاية تيزي وزو (القبائل) وعلي رأسها الوالي أمرت غلق عشرة كنائس بالمنطقة، بطلب من محاميي الكنائس تفاديا للمضايقات والمتابعات القضائية، وبموجب مرسوم حكومي يحمل رقم 06/03 و المؤرخ في فبراير 2006 والمتعلق بممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين.
وقد أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرا حول ظاهرة التنصير بالجزائر في ظل القانون الجديد، حيث تباهي معدوه بالمذهب البروتستانتي، واشار التقرير إلي انتشار واسع لاتباعه في منطقة القبائل، وهذا ما يعني، حسب اوساط اسلامية، أن التنصير الإنجيلي الذي يجري في الجزائر، لاعلاقة له بعيسي (عليه السلام) ولا بالمسيحية وأناجيلها المختلفة، ولا حتي بالفاتيكان، وإنما هي حملة سياسية مركزة ضد كل ما هو إسلامي الهدف منها تكرار سيناريو دارفور ثان في الجزائر وفتح باب الفتنة الطائفية علي مصراعيه.
ثقافة الجزائريين الشعبية الصخرة التي تكسرت عليها سهام المنصرين
رغم الجهود الجبارة لجحافل المنصرين والارساليات التبشيرية في الجزائر، ورغم الجهود المتواضعة للدولة في التصدي لهؤلاء، لا يسعنا إلا أن نؤكد علي الدور الكبير الذي تلعبه الثقافة الشعبية في احباط محاولات المنصرين وذلك راجع لعاملين اثنين، اولهما أن التحول من الإسلام إلي المسيحية أو إلي أي ملة أخري يعتبر في الثقافة الشعبية الجزائرية ردة عن الاسلام العظيم، والمرتد في نظر الجزائريين مارقٌ عن الأصل وهو منبوذ اجتماعياً من أهله وعشيرته ومحتقر من أفراد المجتمع كافة؛ لأنه بدّل دينه، ومن بدل دينه فقد رجولته وسقطت أخلاقه فهو مستعد أن يبدل أي شيء آخر دون قيود، لأنه خلع ربقة الإسلام من عنقه.
أما العامل الثاني فهو أن المجتمع الجزائري كله مسلم، وعلي مذهب واحد هو مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، وبالتالي فكل من يغيّر هذه القناعة ينظر اليه الجزائريون كمارق عن الاسلام.
والدارس لتاريخ الجزائر يخرج بنتيجة مفادها أن إحساس الجزائريين بولائهم للاسلام هو التطعيم الحضاري الذي أفشل كل مخططات مروّجي التغريب والماركسية والتنصير.
تأسفت جمعية الكنيسة البروتستانتية في الجزائر لرفض السلطات المحلية بولاية تيزي وزو استلام ملف اعتمادها، وصرح رئيس الجمعية مصطفي كريم بأن موظفي الإدارة عاملوه معاملة سيئة خلافا لاصحاب جمعيات بناء المساجد الذين يحظون بمعاملة حسنة واستقبال جيد.
وأكد كريم أن الشرطة أمرتهم الأسبوع الماضي بغلق جميع الكنائس البروتستانتية المتواجدة بولاية تيزي وزو، لافتا انه لا يفهم مبررات هذا القرار.
وقال كريم في تصريح صحافي له نحن شرعيون ولا نسعي اطلاقا إلي الاستفزاز ، موضحا هناك 13 كنيسة بروتستانتية مغلقة منها 11 في تيزي وزو، واحدة في بجاية والاخري في البويرة"، مؤكدا أن هذا الغلق مؤقت لكنه يجهل متي سيعاد فتح هذه الكنائس باعتبار أن الامر يتوقف علي السلطات الجزائرية.
وحول الاثار المحتملة لهذا القرار علي البروتستانت الجزائريين، رأي زعيم هذه الطائفة انه من السابق لاوانه الحديث عن ذلك، مشيرا انه إذا كانت السلطات الجزائرية تهدف من وراء قرار الغلق منعنا من ممارسة شعائرنا فهي مخطئة، مؤكدا بأنهم سيلتقون في البيوت للممارسة طقوسهم، و بدلا من 32 كنيسة سيكون هناك 3200 مكان سري للبروتستانت في الجزائر.
ونفي زعيم البروتستانت أن تكون الكنيسة توزع المال علي معتنقي مذهبها، مؤكدا أن الاتباع الجدد يدفعون اشتراكات، والكنائس بدورها تدفع اشتراكا إلي الكنيسة الأم حتي يتسني لها تسيير هذه المقرات ودفع مستحقات الايجار، مضيفا بأنه بفضل تبرعات ومساهمات الاتباع لما أمكن فتح أزيد من 20 كنيسة بولاية تيزي وزو، و32 أخري علي المستوي الوطني في انتظار اعتماد 20 كنيسة أخري قريبا.
وبخصوص قضية الوثائق الرسمية والاعتماد من طرف السلطات الجزائرية، أكد السيد مصطفي كريم أن الكنائس تنشط حاليا بدون اعتماد من طرف الإدارة . ويري بأنه ليس في حاجة إلي اعتماد الإدارة كون الكنيسة البروتستانتية الجزائرية معتمدة من طرف وزارة الداخلية . وبرأيه فإن فتح فروع في مختلف الولايات لا يستدعي طلب اعتماد .
وبخصوص ما يشاع حاليا حول الانتشار القوي للتنصير بمنطقة القبائل، أوضح مسؤول الكنيسة أن العديد من الجزائريين حاليا اعتنقوا المسيحية في ولايات مختلفة، لكن أكبر عدد من الكنائس يوجد بمنطقة القبائل، وأرجع ذلك إلي وعي سكان المنطقة، وتسامحهم واحترامهم للحريات الفردية وحرية المعتقد، فلم يسبق أن شهدت القبائل نشوب أي نزاع بين المسيحيين والمسلمين.
وكشف زعيم البروتستانت الجزائريين أن مطاردة اتباع هذه الطائفة بدأت منذ شهرين، حيث كثفت الشرطة والدرك من مضايقاتهم واستفزازتهم ضد الطائفة البروتستانتية لا سيما بتيزي وزو وبجاية. وذكر توقيف عضوين من الكنيسة البروتستانتية علي الطريق الرابط بين بجاية وتيزي وزو. وفي بلدة تيغزيرت، أكد مصطفي كريم أن الدرك طلب من البروتستانت وقف اجتماعاتهم، مضيفا أن الصحف الناطقة بالعربية تتهجم علي المسيحيين، وكل هذا، برأيه، عبارة عن مضايقات معنوية تستهدف اتباع هذه الطائفة في الجزائر بدواع تبقي مجهولة حسبه، ونفي أن تكون هناك أي تجاوزات خطيرة، لكن الوضع، حسبه، أصبح لا يطاق. فحتي لقائه بوزير الاوقاف بوعلام الله غلام الله لم يتمخض عنه أي شيء، وكل ما قام به الوزير هو أن طلب منهم رفع مطالبهم إلي السلطات الادارية لعّل من أبرزها السماح لهم باستيراد الانجيل.
وجزم رئيس جمعية الكنائس البروتستانتية أن مثل هذه التصرفات تؤكد وجود تمييز ليس فقط ضد طائفة البروتستانت بل ضد المسيحيين في الجزائر ككل، متسائلا ألسنا مواطنين لنا حقوق وعلينا واجبات؟ مضيفا بأن والي تيزي وزو رفض استقبالهم ووزارة الاوقاف الإسلامية تجاهلت مطالبهم، رغم امتلامهم لكل الوثائق الضرورية التي تثبت أنهم يمارسون شعائرهم في اطار شرعي. وقال "نحن نريد الاحترام ونطالب بحقنا في ممارسة شعارنا بكل حرية.
وقد انتهز مصطفي كريم فرصة تواجده بفرنسا لمقابلة كبار المسؤولين في الخارجية الفرنسية، حيث قدم لهم عرضا شاملا لما أسماه "معاناة المسيحيين في الجزائر"، مضيفا بأنهم اخبروه بأنهم ليس في مقدورهم مساعدتهم، باعتبار أن ذلك هو من صميم الشؤون الداخلية للجزائر، ورغم ذلك لا يزال الامل يحدوه في أن تلعب القنوات الدبلوماسية دورا في هذا الاتجاه.
كما عبرت فيدرالية المسيحيين البروتستانت في فرنسا عن قلقها العميق إزاء وضع المسيحيين في الجزائر، واصدرت مؤخرا بيانا حاولت من خلاله لفت الانتباه إلي انعدام حرية المعتقد الديني والعبادة لغير المسلمين في الجزائر، وزعمت الفدرالية أن السلطات الجزائرية تطبق القوانين المنظمة لاماكن العبادة بصرامة شديدة، ما عقّد من أوضاع المسيحيين بالجزائر.
و أبدت استياءها من الأحكام والقرارات التي اتخذتها السلطات مؤخرا كالاحكام بالسجن النافذ مثلما حصل مع القس الكاثوليكي الفرنسي بيار واليز في وهران، إثر اتهامه بالقيام بنشاطات تبشيرية بين مهاجرين أفارقة يوجد في وضعية غير شرعية في الجزائر، أو الطرد كما حصل مع القس هيوغ جونسون الامريكي الاصل الذي امرت السلطات الجزائرية بطرده من البلاد بسبب ضبطه متلبسا بخرق قانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين، حيث كان ينشط إطار جمعية تبشيرية غير معتمدة، وهو ما يعرّضه للترحيل مباشرة بموجب القانون الجديد، بالإضافة إلي قيامه بإدخال نسخ من الأناجيل إلي الجزائر من دون ترخيص من وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف.
وقدم جونسون إلي الجزائر غداة استقلالها، ويعتبر أول شيّد كنيسة في ولاية تيزي وزو بالقبائل في 1963، بعد أن منحته السلطات الاعتماد الرسمي. كما لعب دورا كبيرا في نشر الانجيل والأشرطة السمعيّة والبصريّة باللغة العربية والقبائليّة في العديد من الولايات الجزائرية، وكل هذا بهدف خلق أقلية مسيحية في الجزائر وذلك في اطار مخططات تهدف إلي ضرب وحدة البلاد.
وتقوم خطة هذا الراهب البروتستانتي، حسب العديد من المهتمين بالتنصير في الجزائر، علي تنصير الشباب وتكليفهم بمهمة الإشراف علي الكنائس كما حدث مع نائبه كريم مصطفي وهو جزائري ينحدر من منطقة بجاية (القبائل) تنصر في 1970 وأصبح يشرف علي الكنيسة المسيحية في منطقة تيزي وزو القبائليّة.
ومن أنشط الجمعيات التنصيريّة، أيضا، نذكر الكنيسة الكاثوليكيّة برئاسة القسّ هنري تسيي والكنيسة بالإضافة إلي جمعيّة نشيطة تدعي جمعية القلب المقدّسSACRE COUR يترأسها كاميف بيار وهو من مواليد مدينة وجدة بالمغرب، ويقع مقرها بشارع ديدوش مراد بالعاصمة.
و تشير العديد من التقارير حول التنصير أن المنصرّين الغربيين والجزائريين يترددون علي مرجعياتهم الكنسيّة في أمريكا وفرنسا وسويسرا، حيث يتلقون اعانات التمويل اللازم للتبشير وتنصير الفقراء والاميين والناقمين علي اوضاع البلاد من سكان القبائل.
فنّد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان ما أوردته الفيدرالية الفرنسية للبروتستانت حول تعرض اتباع هذه الطائفة إلي مضايقات من قبل السلطات الجزائرية. وأكد أن الجزائر لا تضيّق علي ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين باعتبار ذلك حقا يكفله الدستور الجزائري، مشدّدا علي حقيقة تاريخية تتمثل في التعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود بالجزائر لقرون طويلة، مؤكدا أن جمعية العلماء المسلمين لن تسمح للمبشرين بالمسيحية بأن يحولوا أبناءها وبناتها إلي مسيحيين.
وناشد شيبان من بيده الامر التصدي لحملة التنصير التي تقودها الكنيسة البروتستانتية في القبائل وقال ،إنها انتقلت إلي مرحلة الاعتداء علي الجزائريين، حيث كشف تقرير رفع اليه بأن الكنيسة البروتستانتية تعهدت بمنح خمسة آلاف أورو لكل من يدخل جزائريا في المسيحية، بالإضافة إلي مغريات كثيرة تعرض علي سكان المنطقة من أجل اعتناق المسيحية، ووعود لطلبة جامعات بارسالهم إلي اروبا للدراسة.
كما استنكر رئيس العلماء المسلمين لتصريحات قس كنيسة تافات بتيزي وزو الذي شكّك في شرعية اضحية العيد، مشيرا أن كلامه يعكس إنكارا لما جاء في القرآن الكريم حينما أكرم الله نبيه إبراهيم الخليل، في قصة فدية ابنه إسماعيل بالأضحية.
من جهة أخري، أثني شيبان علي المسيحيين الكاثوليك بالجزائر، وعلي رأسهم الأب هنري تيسيي وقال إنهم لا يشاركون في العبث الذي يقوم به البروتستانت، حيث قاموا بشراء مستودعات في منطقة القبائل لتحويلها إلي فضاءات للتعبد والتنصير.
أما رئيس المجلس الإسلامي الاعلي الدكتور الشيخ بوعمران فقد أكد أن ظاهرة التنصير في الجزائر أخذت شكلا سافرا ومتبجحا في السنوات الأخيرة، مضيفا بأنها باتت أكثر جلاء مما كانت عليه إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر.
وذكّر الشيخ بوعمران بالاتفاقات القديمة المبرمة بين الجزائر وبابا الكنيسة الكاثولوكية الراحل يوحنا بولس الثاني حول المسألة، مؤكدا أن المبشرين الجدد في الجزائر يلعبون ورقة الفقر والأوضاع الاجتماعية الصعبة للجزائريين بهدف تنصيرهم، متصورا أن حالات التنصير الجديدة لم تتم عن قناعة بل بدافع المصلحة علي اعتبار أن رواد التنصير يستغلون بعض المغريات كتيسير ذهاب المتنصرين إلي الخارج وحصولهم علي شغل خارج الجزائر، موضحا أن هذه التنصير يرتكز في دعوته علي تجريح الإسلام .
قللّ رئيس حركة السلم أبو جرة سلطاني من الارقام المقدمة حول ظاهرة التنصير في الجزائر، لكنه ي مقابل ذلك لم ينفي خطورته السياسية، مؤكدا بأن التنصير في بلاده له أجندته السياسية مرتبطة بمصالح قوي قوي داخلية وخارجية وجماعات ضغط وقوي انفصالية في أشارة إلي حركة انفصال القبائل التي يتزعمها المتطرف فرحات مهني.
ويري أبو جرة أن مسألة التنصير في الجزائر ليست مسألة دينية أو إيديولوجية، وإنما هي موجة سياسية برزت مع اندلاع الأزمة الوطنية، مؤكدا بأن ما تتداوله وسائل الاعلام من ارقام حول هذه الظاهرة مبالغ فيه وله سياسية تندرج في اطار خدمة بعض الأهداف المستقبلية التي لا علاقة لها بالإسلام ولا بالنصرانية، حددها في أربعة أهداف إستراتيجية هي:
1- تلبيس مصالح أوروبية أمريكية بلباس التنصير وإدراجها ضمن الخدمات الإنسانية.
2- تبني بعض المطالب الجهوية لمنطقة القبائل تحديداً وإدراجها في مسوح كهنوتية.
3- السعي إلي إيجاد أقلية مسيحية في الجزائر قد يصبح من حقها مستقبلاً المطالبة بالاستقلال الذاتي.
4- محاولة عزل بعض المناطق بالجزائر جغرافيا عن البلاد.
و في نظر أبو جرة فأن الهدف الرئيس من وراء هذه الموجة هو إرباك السياسة الخارجية للجزائر عن طريق جماعات ضغط وأطراف داخلية لها مصلحة من وراء هذا الارباك.
وجزم أن كل هذه الاطراف تعمل علي ايجاد أنصار ومتعاطفون معها في الخارج يتحدثون باسمهم ويدافعون عنهم باسم حرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد، وتحريضهم علي طلب التدخل الخارجي لحمايتهم في حال كثر عددهم، وهو ما يفسر ربما الترويج لعدد عشرة آلاف مرتد في الجزائر.
ولمواجهة مخططات التنصير في الجزائر يقترح أبو جرة سلطاني مخططا من ثلاثة مراحل:
احترام حرية الأديان والمعتقدات بضوابطها وحدودها وآدابها.
تقوية حركة بناء المساجد (خاصة في منطقة القبائل) وتكثيف نشاط الدعوة لنشر الإسلام الصحيح في الناس، فمن عرف الإسلام الحق فلا خوف عليه من تنصير أو تهويد.
حماية الأطفال والمراهقين من مخططات التهويد أو التنصير.


السبت19/4/2008 م، الساعة 12:44 مساءً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.