الجزائر:أكدت مصادر على اطلاع على تطورات أزمة جبهة التحرير الوطني- الحزب الحاكم- في الجزائر، أن شقيق الرئيس بوتفليقة، سعيد بوتفليقة، هو الذي يقف وراء ما اصطلح على تسميتها بالحركة التصحيحية، التي يرفعها بعض القيادات ضد بلخادم.وتضيف تلك المصادر ان الرجل القوي في النظام السياسي بالجزائر، والذي ترشحه بعض الأوساط لخلافة شقيقه، يعد مهندس ترتيب التوازنات داخل الفعاليات المدنية والأحزاب السياسية، لصالح أجندة شقيقه عبد العزيز، كما يعتبر دكتور الفيزياء والمعلوماتية في جامعة باب الزوار سابقا، والذي يشغل الآن منصب مستشار في رئاسة الجمهورية، صاحب الرأي الحسم في العديد من الملفات الحساسة وفي مختلف القطاعات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية، متخطيا بذلك في العديد من الأحيان صلاحيات الوزراء وحتى سلطة الوزير الأول. وترى تلك المصادر أن " تورط" سعيد بوتفليقة في أزمة الحزب الحاكم، هي مقدمة لتشكيل ملامح المشهد السياسي في الجزائر بعد انقضاء عهدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العام 2014، وترجح أن الشك الذي تسرب لدواليب السلطة من وفاء الحزب القوي في طبعة أمينه العام الحالي عبد العزيز بلخادم، هو الذي حرك الرجل لقطع الطريق أمام أي تمرد سياسي يقوده بلخادم، وهو الأمر الذي يعزز فرضية تعكر العلاقات بين الرئيس بوتفليقة وبلخادم في الآونة الأخيرة، حيث تداولت بعض الأوساط الاعلامية المحلية أن بلخادم لم يعد رجل ثقة بوتفليقة وتستدل على ذلك بتراجع مهام التكليف بتمثيله في عدد من المحافل باعتباره وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية، كما لم يعد الرجل يتردد كالعادة على قصر المرادية. على ذلك تتواصل لعبة لي الذراع بين بلخادم ومناوئيه، حيث يعكف الأول على الاستمرار في هيكلة الحزب برؤية فتح أبواب الجبهة أمام ما يسميه بالتشبيب والانفتاح على المجتمع، وهو ما قرأه المعارضون بأنه قطع للطريق عليهم، وفيما قرر المكتب السياسي للحزب احالة من أسماهم بالمتمردين على لجان الانضباط للنظر في مواقفهم الأخيرة، يصف هؤلاء ما يقوم به بلخادم ب "المهاترات". وجاء في بيان حمل توقيع محمد الصغير قارة، وزير سابق، وأحد أبرز القيادات المتمردة، أن إجراء الإحالة على لجنة الانضباط ''غير مسؤول'' ويترجم ''حالة الإفلاس التي يعيشها الحزب في ظل قيادة بلخادم''، مشيرا إلى أن نشر بيان المكتب السياسي في هذا التوقيت، يؤكد للرأي العام حالة الشك وعدم النضج وقلة الوعي، لأنه تزامن مع احتفالات الشعب الجزائري بعيد الثورة، بالإضافة لكونه أتى في وقت يتابع الرأي العام حدثا وطنيا يتمثل في مناقشة بيان السياسة العامة. وحسب محمد الصغير قارة، فإن اختيار مثل هذه المناسبات الوطنية يُعد أيضا ''اعتداء صارخا على أحد بنود الدستور الذي يحمي رموز الثورة ورجالاتها''، لأن ما صدر عن المكتب السياسي من تهديدات واضحة لا تحتمل أي تأويل هي ''تهديد لإطارات مجاهدة ومؤسسة للحزب''. ويبرر صاحب البيان لجوءه وزملاءه في المبادرة وانتفاضتهم ضد بلخادم وأعضاء في مكتبه السياسي، بأنهم ''لم يرتكبوا أي جرم، وإنما يدعون ويسعون لتقويم انحرافات وانتهاكات بلخادم للقانون الأساسي والنظام الداخلي التي لا تعد ولا تحصى''. ويتوعد أصحاب المبادرة ، بالمضي قدما في ''نهج التقويم والتصويب والتغيير ما لم ننته من استئصال كل أنواع الانحراف والفساد وتطهير الحزب من الدخلاء والموسميين والمتاجرين في الذمم''، معتبرين ردود الفعل الآتية من بلخادم ومقربيه والمنتقدة للبيان، أنها ''دليل قاطع على دراية المناضلين واطلاعهم على حجم الانحرافات وعلى إدراكهم لنوايا بلخادم الهادفة إلى ترهيبهم. ويرى مراقبون لتفاصيل أزمة الحزب الحاكم في الجزائر، أن ما تعيشه جبهة التحرير الوطني يشبه الى بعيد أزمة 2004 لما انشطر الحزب الى شطرين، واحد يؤيد الرئيس بوتفليقة وآخر يقف خلف أمينه العام آنذاك ومرشح الرئاسيات، علي بن فليس، وعليه لا يستبعدون تكرار سيناريو هذا الأخير من طرف عبد العزيز بلخادم، الذي قد يتمرد على التحالف المؤيد لبوتفليقة ويقود الحزب الى انتخابات رئاسية في 2014، بعد تأكده من مؤشرات توحي بأن بوتفليقة لا يراهن على شخصه في الاستحقاق المذكور، وهو ما يدفعه للاستقواء بالقواعد الجديدة للحزب من أجل الاحتماء بها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة في ظل منافسة قوية من طرف غريمه أحمد أويحي، الذي يملك في حوزته علاوة على حزبه- التجمع الوطني الديمقراطي- أوراق دعم هامة في يد الجيش والمخابرات ورجال المال.