الجزائر/قسنطينة/علجية عيش الفجرنيوز: أجل أمس الثلاثاء مجلس قضاء قسنطينة قضية الختان الجماعي بالخروب و لثالث مرة إلى السادس من شهر ماي المقبل، حتى يتم إعادة استدعاء البروفيسور حنطلة عن مستشفى بني مسوس بالعاصمة عن طريق برقية.. القضية التي استهلكت من قبل وسائل الإعلام و الجهات القضائية المحلية تتحول اليوم إلى رأي عام محلي و دولي حتى يسمع من فاته السمع و يرى من فاتته الرؤية إلى ما وصل إليه العدل في جزائر الألفية الثالثة، و كيف أصبحت الاستهانة بالصحة العمومية سهلة و في متناول من لا يعرف أبجديات العلاج، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بمصير "أطفال" يعتبرون "رجال" الغد يعتمد عليهم البلد في الدفاع عنه و تنميته.. وكان من المفروض أن يتم استدعاء البروفيسور حنطلة و هو الشاهد العيان على الكارثة الصحية التي آل إليها الأطفال لاسيما الطفلين ياسين و حسين اللذان فقدا "عضويهما التناسليين" و بقيا بدون "رجولة" لكن هذا الأخير لم يتم استدعاءه، لأسباب مجهولة لا يعلمها إلا أصحابها ، خاصة بعدما أكد البروفيسور على التصريح بحالة الأطفال، و تحديد نسبة عجزهم، و هو ما لم يرضي بعض الأطراف التي لها يد في الجريمة البشعة، الهدف منه وضع الملف طي النسيان و إحالة القضية على الأرشيف، أما الضحايا فليذهبوا على الجحيم، و هو ما اثر سلبا على نفسية العائلات التي عجزت عن التعبير فلا تلمح في نظراتها إلا الحزن و الأسف و هي تبحث عن أناس جدد تعزيها في مأساتها في الوقت الذي يُرسل فيه وزير جزائري سابق إلى بلد أجنبي لإجراء عملية جراحية بسيط، لا يوجد شخص أو هيئة خاصة تتكفل بهؤلاء الأطفال.. وقد جددت عائلات الأطفال الضحايا بالخروب مناشدتها السلطات العليا و على رأسها رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم و فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية لترقية و حماية حقوق الإنسان بالتدخل و إنصاف أطفالهم الذين فقدوا رجولتهم و إيجاد حلا لمشكلتهم قبل فوات الأوان، و حملت العائلات البروفيسور بوشاقور رئيس مجلس أخلاقية الطب الذي لزم الصمت و التغاضي على أخطاء طبية مثل هذه.. قصة الطفلين بلعيد ياسين و زويش حسين و أطفال آخرون منهم الأخوين شعوة شكيب و محمد و غيرهم تقشعر منها النفس و قد تذرف لها بدل الدموع دَمًا لما لحقهم من أذى ، كانوا يتوقعون أنه بختانهم يتحولون إلى رجال تعتمد عليهم البلاد، لكن الفرحة تحولت إلى دمعة خاصة و قد بدأوا يعوا حالتهم ووضعيتهم و أصبحوا يتساءلون لماذا يختلفون عن بقية الأطفال ؟ لقد خلقوا بعضو تناسلي؟ ماذا حدث لهم؟ و ماذا فعل بهم الأطباء ذلك؟ و أسئلة أخرى لا جواب لها..
بداية المجزرة تلك هي القصة التي أصبحت حديث العام و الخاص حتى من خارج الجزائر والتي تمت في 27 من شهر رمضان 2005 نظمتها بلدية الخروب، هذه الأخيرة التي اختارت جراحين من القطاع الصحي بمستشفى محمد بوضياف بالخروب، ولكنها تمت في مدرسة ابتدائية، و قد تحولت هذه العملية إلى مجزرة رهيبة كان فيها الأطفال محل تجربة، لأطباء لا يعرفون من فنون المهنة إلا اليسير، راح ضحيتها 17 طفلا، 09 منهم كانوا في حالة جد خطيرة بسبب الخطأ الطبي و الذي أسفر عن بتر العضو التناسلي لطفلين، هما بلعيد ياسين و زويش حسين، و هنا تحرك أولياء الضحايا، أين استلزم الأمر بتحويلهم من مستشفى إلى آخر ، كان آخرها مستشفى بلجيكا، و قد تم توقيف الأطباء المتسببين في هذا العجز الجنسي للأطفال عن ممارسة مهامهم الطبية لمدة لا تتجاوز ال 06 أشهر ثم استأنفوا نشاطهم من جديد و كأن شيئا لم يحدث، مع إصدار الوزارة المعنية تعليمة وزارية في شهر جوان 2006 تحمل رقم 006 تقضي فيها بمنع إجراء مثل هذه العمليات الجراحية الحساسة في المساجد أو المدارس، كونها عملية جراحية لابد وأن يمارسها طبيب جراح مختص، داخل مؤسسة استشفائية عمومية أو خاصة وأن تستوفي كل شروط السلامة اللازمة لإنجاحها..، لكن الأطفال المضرورين ما يزالون إلى يومنا هذا في حالة خطيرة بعد عودتهم من مستشفى بلجيكا الذي لم يتمكن من التكفل بأطفال صغار كون هذا الأخير تقتصر مهامه على علاج الكبار حسب تصريح الأولياء، و قد بقوا في مستشفى بلجيكا سوى 21 يوما فقط، ثم عادوا دون أن يتم الشفاء و هم يعانون اليوم من العجز الكلي.. وأضاف والد أحد الأطفال المبتور عضوه التناسلي قائلا، ماذا يمكنني أن أفعل و أنا أرى طفلي بدون مستقبل و فاقد لرجولته، و ما هي الضمانات لضمان مستقبل هؤلاء الأطفال الضحايا، في حين أوضح بعضهم أن العملية كانت مقصودة بهدف التعلم في أطفال الفقراء و لا يمكن اعتبارها خطأ طبيا كون الضحايا يفوق ال 17 طفل، خاصة و التقارير الطبية تؤكد أن الأطفال قد أصيبوا بحروق بليغة الخطورة على مستوى أعضائهم التناسلية، في الوقت ذاته تأسف أهالي الأطفال عن الوعود الكاذبة التي صرحت بها السلطات المحلية دون الوفاء بها و ترك مجرمين يسوحون و يجولون دون أن تلتزم بالتكفل النفسي و الطبي للأطفال، أمام اختفاء الأجهزة التي مارسوا بها العمليات الجراحية..
بداية المحاكمة كانت الجلسة الأولى في يوم الأربعاء03 أكتوبر 2007 بمحكمة الخروبقسنطينة لكن المتسببين وهم البروفيسور بومزبر الطبيب الرئيسي الذي قام بالعملية الجراحية، و الممثل القانوني للبلدية المشرفة على حفل الختان الجماعي و الممثل القانوني للمستشفى و كذا شركة التأمين تعمدوا الغياب عن حضور الجلية حيث تم تأجيلها لكنها تأجلت إلى 24 أكتوبر 2007 ثم تأجلت لثاني مرة إلى 24 نوفمبر من السنة ، إلى أن تم الفصل فيها بإدانة المتهمين بأربعة أشهر سجنا غير نافذ بتاريخ 28 نوفمبر 2007 ما جعل أهل الضحايا يثورون عن الحكم الغير عادل بالنسبة لهم، نظرا لفظاعة الجرم الذي لحق بأطفالهم، لاسيما الطفلين ياسين و حسين ، وقد سبق و أن طعنت الأطراف المدنية في الحكم الصادر عن محكمة الخروب أمام مجلس قضاء قسنطينة، لكن هاهي تؤجل إلى يوم آخر، دون أن يتطرق مجلس أخلاقيات المهنة إلى القضية و هذا بسبب تناطح المصالح الشخصية.. ويتواصل المسلسل
أمام هول الجريمة والصدمة النفسية.. لا تسمع سوى كلمات الحسرة و الأسى على ما وصل إليه القانون في الجزائر و هم يرددون:" مَنْ يُعِيدُ "العضوين التناسليين" للطفلين "ياسين" و "حسين" اللذان " بُتِرَا " منهما و أنا أفديه بحياتي..؟ ماذا سأقول لولدي عندما يكبر و يسألني عن "تراجيديا" رجولته التي فقدها ؟ تلك هي الصرخة المدوية التي أطلقها والدا الطفلين ياسين و حسين و هما يناشدان رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم و منظمة "اليونيسيف" و منظمة "حقوق الإنسان" للتدخل السريع و إنصافهما في الوقت الذي التزمت فيه الجهة الوصية بالصمت و الخمول في محاكمة المتسببين في هذه الجريمة البشعة.. حقا لو كان الطفل ابن الوزير أو شخصية مرموقة لها وزن ماذا سيكون رد فعلها إزاء ما يحدث لابنها؟ سؤال وجيه لابد من طرحه؟ لأن ظاهرة اختطاف الأطفال و الاعتداء عليهم جنسيا قد تكون في نظر المجتمع جريمة يعاقب عليها القانون، لكن الإهمال و التلاعب بحياة المريض يعد من أبشع الجرائم خاصة إذا تعلق الأمر بأطفال أبرياء، و ما حدث مع الطفلين "ياسين" و "حسين" اللذان بترا منهما عضويهما التناسليين قد تكون جريمة تستحق التسليط عليها أقصى العقوبة لاسيما و مثل هذه الجرائم لم تحدث في بلد من البلدان سوى في الجزائر المسلمة التي لا تبخس حق المظلومين..لاسيما و القضية في كل مرة تؤجل إلى آجال محدد.. لقد فقد ياسين و حسين أعز ما يملكه الرجل ، و الصورة قد تكون أكثر تعبيرا من الكلمات، لكن المسلسل ما زال متواصلا لحين سماع تقرير البروفيسور حنطلة ، وهو الشاهد العيان على حالة الأطفال.. و قد عبرت عائلات الضحايا أنها لا تريد إعدام المتسببين لكن تريد إنصاف أطفالها ذلك بالتكفل التام المضمون، مناشدة في ذلك منظمة حقوق الإنسان لإنصاف أطفالها الضحايا.. قد تكون الصورة أصدق تعبيرا من الكلمات و هو ما دفع بعائلات الأطفال الضحايا بتوجيه هذه الرسالة المأساوية إلى "عمار تو" وزير الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات تخاطبه فيها : لو كان "ياسين" و "حسين" ابنك يا سيدي "الوزير" فماذا كنت ستفعل؟ .. ماذا سنقول لأبنائنا عندما يكبرون و يجدون أنفسهم فقدوا رجولتهم؟.. أين هي دولة حقوق الإنسان؟ و السؤال يتبعه السؤال دون إيجاد إجابة مقنعة.."