لاول مرة يعيش سكان لندن اجواء انتخابية بلدية مثل انتخابات البلديات. ذلك ان حديث المدينة لا يخلو من الاشارة لمواجهات المرشحين واحاديثهم وسقطاتهم وبحثهم عن عيوب بعضهم البعض. ويتسابق مرشح المحافظين علي كيل الاتهامات للعمدة الحالي كين ليفنغستون الذي يبدو واثقا من نفسه لكنه يعرف انه امام منافسة قوية. فمنذ ان وافق توني بلير، رئيس الوزاء السابق علي انتخابات لعمدة لندن عام 2000 وفوز المرشح المستقل في حينه، كين ليفنغستون المعروف بمواقفه المبدئية والمثيرة للجدل من اقطاب اليمين، اجبر بلير بعد اربعة اعوام لاعتراف محرج بجهود كين الذي لم يوافق عليه بلير كمرشح للحزب، ويذكر ان بلير قال في حينه لعدد من الذين طالبوه بانتخابات لعمدية لندن اعطيتكم عمدة لندن وانظروا ماذا اعطيتموني بالمقابل ... كين . وذلك بعد ثمانية اعوام من العمدية يبدو ان ليفنغستون ليس محصنا من التحدي ومتحديه هو بوريس جونسون، مرشح المحافظين الذي يقف خلفه رجال الاعمال وجماعات محافظة. بوريس جونسون، كان من مؤيدي الحرب علي العراق ومن اوائل من زارها بعد سقوط النظام حيث يذكر انه حمل معه تذكارا من بيت نائب الرئيس العراقي طارق عزيز علبة كان يحتفظ بها بسيجاره الكوبي المعروف. ومن خلال تحريره لمجلة سبكتاتور المحافظة قدم مقالات انتقادية للمسلمين، وفي مقالاته التي نشرها في الصحيفة المحافظة ديلي تلغراف . جونسون معروف بانه غير جدي، يمزح كثيرا ومظهره لا يعطي صورة عن انه مناسب لمنصب العمدية. ويلقي جونسون دعما من زعيم حزبه ديفيد كاميرون، وتضعه استطلاعات الرأي عادة في مرتبة متقدمة بعض الشيء عن ليفنغنستون، ويمثل الاخير للمسلمين والاقليات العرقية عمدة متفهما لطبيعة لندن، العاصمة المتغيرة التي يعيش فيها مهاجرون اكثر من انكليز من ارباب الطبقات المعروفة. وخلال السنوات السابقة تغير وجه لندن كثيرا، واصبحت عاصمة المال العالمية وعاصمة متنوعة في تمثيلها العرقي واللغوي، فبعض مدارس لندن يتحدث بها باكثر من 35 لغة، ليفنغستون ليس معنيا باستطلاعات الرأي ولكن لا يعني هذا ان وضعه آمن، بالنسبة لغالبية المسلمين فقد حزموا امرهم وسيصوتون لصالحه في الانتخابات بداية شهر ايار (مايو) القادم، وقامت المؤسسات الاسلامية بحملة لاقناع المسلمين باهمية دعم ليفنغستون تحت شعار فوت 4 كين اي صوتوا لصالح ليفنغستون. وتهدف الحملة لاظهار الاسباب التي تدعو المسلمين للتصويت له عوضا عن بوريس الذي تصفه الحملة بانه ضد المسلمين وانه دعم حرب العراق وانه لا يؤمن بالتعددية العرقية واشياء من هذا القبيل. وبدأت الصحافة المحافظة من ايفننج ستاندرد الي ديلي تلغراف بشن هجوم علي الحملة واتهمت منظمي الحملة ومنهم عزام التميمي مدير مركز الدراسات السياسية في لندن بانهم من مؤيدو العمليات الانتحارية وان التميمي اعلن في برنامج هارد تولك في بي بي سي في عام 2004 عن استعداده للقيام بعملية انتحارية لو سنحت الفرصة باعتبارها اعلي درجات التضحية وذلك قبل سنوات. وشاركت الصحيفة اليهودية جويش كرونيكل في الحملة في مقال للرأي في عددها يوم الجمعة. واتهم كاتب المقال الجمعية الاسلامية البريطانية ماب بانها فرع من الاخوان المسلمين الجماعة التي وصفها الكاتب بالارهابية. ودافع كين ليفنغستون عن استقباله للشيخ القرضاوي الذي وصفه بالعالم المعتدل، في الزيارة التي تحرك فيها اليمين البريطاني وكال كل اشكال التشويه للقرضاوي حيث وصف بانه ضد الشاذين جنسيا وانه يحلل استخدام الاطفال في عمليات انتحارية، وانه اعتبر تسونامي الذي ضرب جنوب شرق آسيا عام 2006 عقابا إلهيا علي الفساد المنتشر في هذه البلدان. ووصف ليفنغستون القرضاوي في جلسة انتخابية جمعته وجونسون بانه رجل مستعد لشجب القاعدة واخطائها ، وقالت صحيفة ديلي تلغراف ان موقف ليفنغستون الليبرالي من القرضاوي جعل له اصدقاء مثل عزام التميمي الذي قالت انه جزء من حملة فوت 4 كين . وقالت ان جونسون وصف في الحملة بانه كاره للمسلمين فقد كتب مقالا بعد تفجيرات لندن في 7/ 7/ 2005 عنوانه الاسلام هو المشكلة . وكان جونسون قد قال ان احد اجداده كان مسلما من تركيا واخر كان يهوديا ودافع عن موقفه من الاسلام وان المشكلة تنبع من المتطرفين الذين يفهمون القرآن خارج سياقه اي فهما خاطئا. وفي تقرير نشرته الصحيفة الاسبوع الماضي ركزت فيه كثيرا علي التميمي، الناشط الفلسطيني وقالت انه من مؤيدي حماس، ويكرس نفسه لتدمير اسرائيل. واشارت لموقع علي الانترنت اعد من اجل حشد دعم آلاف المسلمين لاعادة انتخاب ليفنغستون كعمدة للندن، وحسب ملصق يوزع لهذا الغرض، فالاسباب التي تدعو المسلمين لعدم التصويت لجونسون هي انه اسلاموفوبي اي معاد للاسلام. ويقول الملصق ان انتخاب جونسون سيكون كارثة يجب ان لا نقف متفرجين ونسمح بانتخاب بوريس جونسون لكي يصبح عمدة لندن ويثير الكراهية ضد الاسلام والمسلمين، ويجب ان لا نسلم مدينتنا لهذا الانتهازي ، كما وزعت الحملة رسالة الكترونية، تحدثت عن ماضي جونسون وعدائه للمسلمين ودعمه لاسرائيل، كما اشارت الرسالة الي ان الحزب المتطرف الحزب القومي البريطاني دعا اتباعه للتصويت لجونسون. وتقوم الحملة بالاتصال مع القادة المسلمين وائمة المساجد والمنظمات الاسلامية وتدعوهم لدعم ليفنغستون. ونقلت عن انس التكريتي من الحملة الداعمة للعمدة الحالي قوله ان فوز جونسون سيكون اخبارا سيئة. واشار الي ان الفرق بين موقف ليفنغستون الذي اعتبر تفجيرات لندن عام 2005 عملا اجراميا ومقارنة مع هذا شجب جونسون الاسلام، ونفي ان تكون الحملة لديها اجندة سرية مشيرا الي انهم يقومون بزيارة البيوت من اجل حشد الدعم لليفنغنستون. وفي مقال كتبه ديفيد توب في جويش كرونيكل الصحيفة اليهودية هاجم فيه علاقة ليفنغستون ب ماب وقال ان المنظمة الاخيرة هي اخت شقيقة لجماعة الاخوان المسلمين المصرية واشار الي ان بوريس جونسون عندما علم ان الحزب القومي دعا اتباعه لدعمه كان واضحا في شجب ما ورد من الحزب، وبالمقارنة فان عمدة لندن اثني علي القرضاوي ورفض التبرؤ منه مع ان القرضاوي اصدر كما يزعم الكاتب فتوي لحركة حماس كي تقوم بعمليات انتحارية لقتل المدنيين الاسرائيليين. ووصف ماب بانها منظمة فاشية ومقاله مليء بالاتهامات والتحريض الواضح.