ترامب: الاتحاد الأوروبي وافق على شراء معدات عسكرية أمريكية    ترامب يعلن عن 'أكبر صفقة على الإطلاق' مع الاتحاد الأوروبي    الاتحاد المنستيري الملعب التونسي (0 2) . .«البقلاوة» تقصي المنستيري بثنائية موغيشا والعياري    بطولة إفريقيا للكاراتيه: محمد عياط ووفاء محجوب يُهديان تونس ميداليتين ذهبيتين    صيف المبدعين ..الكاتب سامي النّيفر .. حقول اللّوز الشّاسعة وبيت جدّي العامر بالخيرات    تاريخ الخيانات السياسية (28).. نهاية بابك الخُرّمِي    استراحة صيفية    اعتبرها جريمة وانتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية والانسانية..اتحاد الشغل يندّد باختطاف نشطاء سفينة حنظلة    الحوثيون يعلنون عن خيارات تصعيدية جديدة ردا على ما يجري في غزة من حرب إبادة وتجويع    اليوم: غلق نفق محول بئر القصعة    تحذير    إغلاق منصة التوجيه الجامعي    الزهروني: عصابة تُعنف مواطناً وتفتك دراجته وهاتفه... والأمن يتدخل    ماذا حدث على ركح رباط المنستير؟    في مهرجان الحمامات الدولي .. وائل جسار يبهر الجمهور    جائزة مدينة تونس للفنون التشكيلية    القصرين: صابة قياسية وغير مسبوقة من الفستق    إعادة تشغيل محطّة الضخ الرئيسية غدير القلة في منوبة    يوم 31 جويلية آخر أجل لتقديم البيانات المالية للسنة المالية 2024    دراسة واعدة: علاج جديد يساعد مرضى السكري من النوع الأول على الاستغناء عن الأنسولين    وفاة المطرب أحمد الحجار بعد صراع مع المرض    الترجي الجرجيسي يفوز وديا على النجم الساحلي 3-2    تونس تستعد للمشاركة في بطولة العالم للسباحة بسنغافورة: التفاصيل    بنزرت: إستنفار جهوي مشترك لانتشال جثة شاب غرق في منطقة الجوابي بكاب زبيب    المهدية: "لجنة مختصة تختبر 65 عينة لنحو 20 طن من العسل المشارك في مهرجان العسل بسيدي علوان"    أشغال جديدة على الطريق السيارة A1: توخّوا الحذر بين النقطة 82.5 و85 في اتجاه تونس    الدورة الثامنة للمنتدى العالمي للبحرمن 12 إلى 13 سبتمبر2025    أٌحيل على لجنة المالية: مشروع قانون يمنح التونسيين ولمرة واحدة امتيازا لتوريد سيارة أو اقتنائها من السوق المحلية بسعرها الأصلي    القيروان: :إنطلاق المهرجان المغاربي للفروسية ببوحجلة في دورته الثلاثين بين التقاليد العريقة والروح المتجددة    نادي الخور القطري يضم مدافع الترجي الرياضي قصي السميري لمدة موسم على سبيل الاعارة    مباراة ودية: فوز النادي الافريقي على نجم المتلوي 2-1    تونس – حثّ مستعملي الطريق السريع أ1 على توخي الحذر بسبب أعمال صيانة    مؤشر الشمول المالي 2025: ارتفاع قياسي في عدد مالكي الحسابات المصرفية والمالية    سرّ كلمة ''فريجيدار'' في كلام التوانسة!...في الحقيقة لا تعني ثلاجة    بطولة بورتو للتنس: التونسي معز الشرقي يتاهل الى الدور التمهيدي الاخير    بلاد في عز الصيف... تعيش شتاءً فجأة!    المتحدث باسم الحماية المدنية يحذر من السباحة أثناء هبوب الرياح القوية    مختصة: التغذية المتوازنة تقي من الإصابة بعدد من الأمراض النفسية..    كوكو شانيل: وقت قالت ''الأناقة هي الرفض''...شنوّت تقصد وكيفاش المرأة التونسية تطبّق هذا الشعار؟    3 حالات غرق في يوم واحد بشواطئ المهدية.. من بينها امرأة وطفل    مات القاتل لكن الكراهية حية.. وفاة قاتل الطفل الفلسطيني وديع الفيومي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    بعد اقتحامها من قِبَل جيش الاحتلال.. ما مصير السفينة حنظلة؟    على ركح مسرح قرطاج الأثري : الفنان العالمي إبراهيم معلوف يحتفي بالحياة    ليلة باردة في تالة: 15 درجة في قلب الصيف!    صفاقس : عرض فيلم "صاحبك راجل " ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات - المنتخب النيجيري يحرز اللقب    وزارة التجهيز تدعو الى الالتزام بالتشوير على الطرقات    شاحنات مساعدات بدأت بالتوجه إلى غزة قادمة من مصر    النيابة تأذن بالاحتفاظ بمغني الراب ALA    عاجل/ آخر مستجدات اضراب بطاحات جربة المقرر بداية من يوم 31 جويلية..    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    الدخل من تحويلات التوانسة في الخارج يرتفع بنسبة 2.8%    صادم.. دراسة تكشف كيف سرّعت جائحة كورونا الشيخوخة في أدمغة البشر    فاكهة الموز: قصص حقيقية ومفاجآت لا تُصدّق!    كيفاش نستعملو الفيتامينات؟ الدكتور رضا مكني يوضّح للتونسيين الطريقة الصحيحة    طقس السبت: الحرارة في تراجع    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيب فلسطيني قبل ان يكون امريكيا :عبد الباري عطوان
نشر في الفجر نيوز يوم 08 - 12 - 2010

كنا نتوقع، وبعد اعلان المتحدث الامريكي فيليب كراولي، فشل محاولات ادارته اقناع الحكومة الاسرائيلية بتجميد الاستيطان، وتخليها بالتالي عن رعايتها للمفاوضات المباشرة، ان تنطلق المظاهرات الغاضبة في مدينة رام الله، وان يعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤتمرا صحافيا يعلن فيه فشل رهانه على العملية السلمية، وحل 'السلطة' بالتالي، ولكن يوم امس مر عاديا جدا، واتسمت شوارع رام الله بالهدوء التام وكأن شيئا لم يحدث، والامور تسير على ما يرام، فلا غضب ولا احتجاج ولا مسيرات.
الادارة الامريكية قالتها صريحة للرئيس عباس: عليك القبول بالشروط الاسرائيلية والعودة الى طاولة المفاوضات، المباشرة منها وغير المباشرة، في ظل استمرار الاستيطان، واذا رفضت فاشرب من ماء البحر الميت، او البحر الاحمر الاقل ملوحة الذي ستكون قريبا منه عند زيارتك لصديقك حسني مبارك في منتجع شرم الشيخ اليوم.
العملية السلمية ماتت منذ عشر سنوات، بل حملت اسباب فنائها قبل ان تبدأ ولسنا مبالغين، ولكن السلطة الفلسطينية، وبدعم من الانظمة العربية 'المعتدلة'، هي التي اجلت عملية الدفن وابقت جثتها في ثلاجة الموتى، مثلما اجلت نصب سرادق العزاء لتقبل التعازي في الفقيدة غير المأسوف عليها، لانها باتت تتبنى وجهة النظر الامريكية كاملة وهي اسرائيلية في الاساس.
قرأنا وثائق 'ويكيليكس' عن اسرار الخارجية الامريكية وسفاراتها، ولقاءات المسؤولين الامريكيين مع نظرائهم العرب، بعضها تحدث عن تشكيل قوات عربية لضرب حزب الله في لبنان بغطاء من حلف الناتو واطّلعنا على اخرى تطالب بقطع رأس الافعى الايرانية، وثالثة تتوسل الادارة الامريكية للتسريع بقصف طهران وتدمير مؤسساتها ومنشآتها قبل انتاج اسلحة نووية لان ذلك ارخص واقل كلفة، ولكننا لم نر وثيقة واحدة، حتى الآن على الاقل، تظهر الغضب الرسمي العربي (من دول الاعتدال خاصة) من الدعم الامريكي لوجهة النظر الاسرائيلية، او اخرى تطالب بتشكيل قوة عسكرية عربية لكسر الحصار الاسرائيلي عن قطاع غزة، او حماية المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة في ظل عمليات التهويد المتسارعة.
الرئيس محمود عباس يلجأ هذه الايام الى اسلوب المماطلة مرة اخرى، لكسب المزيد من الوقت وامتصاص حالة الغضب الراهنة من جراء هذا القرار الامريكي الصاعق، بالذهاب الى القاهرة وعواصم اخرى، بحثا عن النجدة او العطف او الاثنين معا، والدعوة لعقد اجتماع عاجل للجنة متابعة مبادرة السلام العربية اياها، ثم العودة الى رام الله لرئاسة اجتماعات اخرى للجنة المركزية لحركة 'فتح' واللجنة التنفيذية للمنظمة لبحث 'الخيارات الفلسطينية'، وكأن هذه الخيارات غير معروفة وبحاجة الى بحث.
* * *
الرئيس حسني مبارك الذي سيستقبل الرئيس عباس اليوم سيكون اكثر 'امركة' من الامريكيين انفسهم، ولن نستغرب استغلاله وقت اللقاء في تبرير موقف الادارة الامريكية والدفاع عنه، واظهار اوجه صوابيته، والضغط على ضيفه الفلسطيني المستجير به، من اجل المضي قدما في المفاوضات المباشرة دون اي وقف للاستيطان. ألم يصرح، اي الرئيس مبارك، اثناء زيارته الى البحرين قبل ايام معدودة بان اشتراط وقف الاستيطان للعودة الى المفاوضات المباشرة هو خطأ كبير؟ الجملة التي ستتردد حتما على لسانه في هذا اللقاء هي: الم اقل لك ذلك، الم انصحك، انت لا تسمع الكلام!
ثم ماذا ستفعل لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي ستجتمع الاثنين المقبل غير اصدار بيان غامض، يلوح للمرة الالف، بالذهاب بالقضية الفلسطينية الى مجلس الامن الدولي مجددا لاستصدار قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على اساس حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967؟
انها لحظة الحقيقة بالنسبة الى السلطة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني معا، ولا بد من مواجهتها برجولة وشجاعة، والتخلي عن اساليب التهرب بالقاء اللوم على الآخرين، علينا ان نعترف بأن الرهان على المفاوضات قد فشل بطريقة مخزية. ووضع البيض كله في السلة الامريكية جاء بنتائج عكسية تماماً، ليس لأن هذا البيض قد تعفن، وانما لان هذه الادارة لا تحترم غير القوي الذي يؤثر على مصالحها بشكل مباشر.
الفلسطينيون يجب ان لا يذهبوا الى حكومات عربية تغيرت اولوياتها واصبح الاسرائيلي هو الصديق بالنسبة اليها، ومن يقاومه هو العدو الذي يجب ان تجيش الجيوش لتحطيمه بالتواطؤ مع امريكا وحلف الناتو وحمايتهما.
التذرع بالضعف، وانعدام البدائل، ذريعة المتخاذلين الخانعين الذين استمرأوا الهوان، واستجداء فتات المساعدات، وحولوا المشروع الوطني التحرري الفلسطيني الى مؤسسة خيرية ريعية، وبات كل همهم الحفاظ على امتيازاتهم، وألقابهم، وهم، او بعضهم، كان في يوم من الايام يتطلع الى الشهادة ويتغنى بالمقاومة ويخوّن كل من يفكر بغيرها.
مهرجانات الفرح التي نراها حالياً ترحيباً باعتراف برازيلي، او ارجنتيني، بدولة 'وهمية' هي عنوان مرحلة الافلاس التي تعيشها السلطة حالياً، فهل نسي هؤلاء ان منظمة التحرير اعلنت الدولة الفلسطينية المستقلة، وسط تطبيل وتزمير قبل 22 عاماً في الجزائر وحظيت باعتراف 126 دولة، فهل قامت هذه الدولة، وماذا استفاد الشعب الفلسطيني من هذه الاعترافات، واين يمكن ان يصرف صكوكها؟ من حقنا ان نسأل وان نذكّر من ضعفت ذاكرتهم او اضعفوها عمداً.
***
ولا يقل سوءاً عن كل هذا ان نسمع السيد اسماعيل هنية يعلن قبول حركته (حماس) بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 ونتائج اي استفتاء يدعو اليه الرئيس عباس حول اي تسوية يتوصل اليها مع الاسرائيليين، حتى لو جاءت مخالفه لقناعات الحركة وثوابتها، فلماذا يتطوع السيد هنية بمثل هذا التنازل، ولمجموعة من الصحافيين، وليس حتى لمسؤولين امريكيين سابقين، انه كمن يذهب الى الحج والناس راجعة حتى لو جاء هذا التنازل بحجة التكتيك.
ندرك جيداً ان المقارنة بين رام الله وغزة غير جائزة، فحكومة غزة تعيش حصاراً ظالماً وعزلة، ولم يسمح لها بالدخول في اي عملية سلمية حتى لو ارادت. ولكن لا بد من الاعتراف بان هناك حالة خلل في الوسط الفلسطيني المعارض منه والسلطوي بحاجة الى علاج سريع اولى خطواته العودة الى الوحدة الوطنية على ارضية المقاومة باشكالها كافة، بعد ان استفحل الاستيطان، وانهارت جميع الرهانات على الحلول السلمية، والوسيط الامريكي.
الاوطان لا تتحرر بالاستجداء والتذلل وانما بالتضحيات، والخيارات الفلسطينية يجب ان تكون خيارات كل شعوب العالم الاخرى التي نالت الاستقلال والسيادة. واولها وقف التنسيق الامني وحماية مستوطنات الاسرائيليين، والنزول الى الشوارع في انتفاضة تزلزل اركان الاحتلال وتجعله اكثر كلفة.
فمن العيب والعار ان نرى مئات الآلاف من المتظاهرين في مختلف عواصم العالم ضد الحصار على قطاع غزة، او مجزرة سفن الحرية في عرض المتوسط، بينما نرى مدن السلطة تنعم بالهدوء والراحة والاستمتاع ببطاقات V.I.P ورواتب 'التنبلة' آخر الشهر.
نحتاج الى 'صحوة فلسطينية' عاجلة وسريعة، والتخلي عن استراتيجية الهروب من المواجهة باللجوء الى شرم الشيخ او لجنة المتابعة العربية واجتماعاتها في القاهرة.
القدس العربي
2010-12-09


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.