تونس:شهدت العاصمة التونسية الاحد تبادل اطلاق نار كثيفا بين عناصر الشرطة وميليشيات مسلحة بعد يومين من فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الى السعودية، فيما توقع رئيس الوزراء محمد الغنوشي اعلان حكومة الوحدة الوطنية الاثنين. وافاد مراسلو وكالة فرانس برس ان اطلاق النار في العاصمة توقف عند الساعة 17,00 ت غ مساء الاحد. وكان تبادل اطلاق النار بدأ نحو الساعة 15,00 ت غ متقطعا في البداية ثم تكثف شيئا فشيئا بين اشخاص مختبئين في مبان وشرطيين قرب شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة التونسية. وحلقت مروحية فوق المنطقة التي تضم وزارة الداخلية فيما اقفر وسط العاصمة تماما الا من قوات الامن. لكن مصدرا امنيا تحدث لاحقا عن هجوم يشنه الجيش على القصر الرئاسي في تونس العاصمة حيث يتحصن عناصر من الحرس الرئاسي التابع للرئيس المخلوع. وحذر رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي مساء في كلمة عبر التلفزيون من ان السلطات الانتقالية "لن تتسامح مع هؤلاء الذين يريدون اعادة استعبادنا وتركيعنا واستعباد الشعب التونسي ومع كل من يعتدي على الشعب التونسي ايا كان". ويشتبه بان موالين للرئيس التونسي المخلوع يسعون الى زعزعة استقرار البلاد عبر بث مناخ من الرعب في انحاء تونس. واعلن الغنوشي "توقيف عدد كبير من عصابات الاجرام الذين قاموا بعمليات اعتداء على الارواح والممتلكات"، مضيفا ان "قوات الامن من جيش وشرطة وحرس يقومون بعمل بطولي لضمان سلامة الوطن والمواطنين". وقال ان "اهم استنتاج نخرج به من هذه المحنة هو ان شعبنا كبير وعظيم وهو يكتب اليوم صفحة جديدة من تاريخه"، مضيفا "اليوم نحتاج وقفة كبيرة للحفاظ على نسمة الحرية التي بدأت تهب في ربوع البلاد" وسجل في وقت سابق الاحد اطلاق نار امام مقر الحزب الديموقراطي التقدمي المعارض تم اثره توقيف العديد من الاشخاص بينهم اجنبيان، بحسب ما ذكر مسؤولون في الحزب لوكالة فرانس برس. كذلك هاجم جمع من التونسيين الاحد في العاصمة التونسية 12 صيادا سويديا قدموا الى تونس لصيد الخنازير، اشتبهوا في كونهم "ارهابيين اجانب" لدى اكتشاف بنادقهم، وفق ما علم من الصيادين. وكان ضابط في الشرطة التونسية اعلن للتلفزيون الرسمي انه تم اعتقال اربعة المان في حوزتهم اسلحة داخل ثلاث سيارات اجرة في تونس العاصمة مع اجانب اخرين لم تحدد جنسياتهم. وقال اوفي اوبورغ احد السويديين للصحافيين في بهو فندق "وصلنا قبل عشرة ايام الى تونس لصيد الخنازير. واستقلينا ثلاث سيارات اجرة للذهاب الى المطار حين استوقفنا حاجز عشوائي". واضاف "فتشوا السيارات وعثروا على اسلحتنا فاخرجونا بعنف من السيارات واتهمونا باننا ارهابيون اجانب وركلونا واشبعونا ضربا". سياسيا، اعلن الغنوشي ان المشاورات الخاصة بتشكيل حكومة وحدة وطنية "تقدمت بشكل كبير (...) وفي الايام القريبة القادمة، ربما غدا (الاثنين)، سنتمكن من الاعلان عن حكومة وحدة وطنية". وكانت مسؤولة في حزب تونسي معارض اعلنت ان حكومة الوحدة الوطنية التونسية ستعلن الاثنين، مشيرة الى ان الاحزاب المقربة من النظام السابق ستستبعد منها. وصرحت الامينة العامة للحزب الديموقراطي التقدمي (معارضة) مي الجريبي ان "تشكيلة الحكومة الجديدة ستعلن غدا" وذلك بعد اجتماع للاحزاب السياسية الرئيسية مع الغنوشي. وقالت "اتخذ قرار بالتوافق على استبعاد الاحزاب المناصرة للحكومة. وستتشكل الحكومة الجديدة من ممثلين لحركة التجديد والحزب الديموقراطي التقدمي والجبهة الديموقراطية للعمل والحريات ومن شخصيات مستقلة". وهذه الاحزاب الثلاثة من ضمن المعارضة المعترف بها في البلاد. وتابعت الجريبي "الانتخابات المقبلة ستراقبها لجنة مستقلة ومراقبون دوليون من اجل انتخابات حرة وشفافة" موضحة ان الاحزاب الثلاثة طلبت عفوا عاما عن جميع السجناء السياسيين. وبعد اعمال نهب وتخريب ليل الجمعة السبت، افاقت العاصمة التونسية الاحد هادئة. ونظمت لجان حراسة مدنية دوريات ليلية في الاحياء. وبدأ السكان يتجولون في شارع الحبيب بورقيبة ويتسوقون في السوق المركزية بالعاصمة. كما اعلنت السلطات الموقتة تخفيف حظر التجول "نظرا لتحسن الاوضاع الامنية". لكن الوضع توتر فجاة بعد الظهر وانصرف عناصر الامن الى تفتيش كل السيارات للتاكد خصوصا من عدم وجود اسلحة فيها. وسرت شائعات عن تنقل عناصر ميليشيا مستخدمين سيارات اجرة واخرى عادية. وقتل قناصان اثنان بعد ظهر الاحد بيد الجيش وسط العاصمة، على ما اعلن ضابط في الجيش التونسي للتلفزيون. وتم توقيف الجنرال علي السرياطي المدير السابق لامن بن علي وعدد من مساعديه بتهمة "التآمر على الامن الداخلي" والتعديات التي شهدتها تونس في الايام الاخيرة. واوضح مصدر مسؤول لوكالة الانباء الحكومية التونسية ان السرياطي وهو من اهم مساعدي بن علي يقف وراء الميليشيات المسؤولة عن اعمال الفوضى الاخيرة في العاصمة ومدن تونسية اخرى. وكان العديد من الشهود نسبوا اعمال النهب والاعتداءات في الايام الاخيرة خصوصا في العاصمة وضواحيها الى عناصر تنتمي الى جهاز الامن التابع لبن علي بهدف التسبب بفوضى تؤدي الى عودة الرئيس المخلوع الى الحكم. وكان بن علي الذي تخلى عن السلطة تحت ضغط الشارع التونسي فر الجمعة الى السعودية. واتهم سفير تونس لدى اليونسكو المستقيل المازري الحداد الاحد، في بيان ورد لوكالة فرانس برس، بن علي بانه "دبر عملية احداث الفوضى قبل رحيله" عن السلطة الجمعة وبانه "يوجه عن بعد العمليات". في هذه الاثناء، اوقف الجيش التونسي ليل السبت الاحد في مساكن (وسط) قيس بن علي ابن اخي الرئيس السابق مع عشرة اشخاص آخرين كانوا "يطلقون النار عشوائيا" من سيارات للشرطة. من جانبها، اعلنت القنصلية الفرنسية في تونس ان المصور الفرنسي الالماني العامل في وكالة اي بي ايه لوكا مبروك دوليغا (32 عاما) الذي اصيب بجروح خطيرة الجمعة في تونس، "في حالة حرجة لكنها مستقرة" لكنه لم يتوف نتيجة اصابته، ما ينفي معلومات سابقة اعلنت وفاته. وكان المسؤول في وكالة اي بي ايه في باريس اوراسيو فيلابولوس اعلن في وقت سابق ان "لوكا توفي" صباحا، الامر الذي اكده مصدر قنصلي فرنسي في تونس ومنظمة مراسلون بلا حدود.